«السلاح لا يزال على طاولة النقاش».. خليل الحية: نقبل القوات الأممية لمراقبة الحدود    سلوت: خسارة ليفربول أمام برينتفورد هى الأسوأ هذا الموسم    بسبب إعلان ريجان، ترامب يعلن زيادة الرسوم الجمركية على كندا بنسبة 10%    مباحثات «سودانية- أمريكية» .. ومعارك محتدمة في «الفاشر»    عبد الجليل ساخرًا: بيزيرا أفضل لاعب في الدوري أمام المحلة وانبي فقط    محمد الغزاوي: فخور بالانضمام لقائمة الخطيب.. وشعار المرحلة المقبلة "التنمية والاستثمار"    بتروجت يكشف كواليس عودة حامد حمدان لمباريات الفريق وموقفه من الزمالك    مصرع شخص وإصابة 5 آخرين إثر حادث تصادم سيارتين فى إمبابة    صابر الرباعي يشعل مسرح الأوبرا بأمسية طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية (صور)    الصحة: مصرع شخصين وإصابة 41 آخرين في حادث مروري على طريق (القاهرة - السويس)    لتفادي النوبات القلبية.. علامات الذبحة الصدرية المبكرة    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    أشرف صبحي: هدفنا الوصول لنهائي كأس أمم إفريقيا    هيئة سلامة الغذاء تُكرّم 10 مصانع لدخولها القائمة البيضاء لتصدير التمور    الصحة: نقل مصابي حادث طريق "القاهرة - السويس" إلى مستشفيات بدر الجامعي والشروق    مصرع شاب وإصابة شقيقه فى حادث تصادم سيارة نقل بدارجة نارية بالمنوفية    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    بعد الظهور في حفل "وطن السلام"، محمد سلام يعلن عن مسلسله الجديد    الاحتفاء بالكاتب سعيد الشحات في أولى فعاليات منتدى أدباء وكتاب القليوبية الثقافى    وزيرة التضامن تتابع إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    استعدادات مكثفة لافتتاح «المتحف المصرى الكبير».. والحكومة: السبت المقبل إجازة رسمية    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    محمد عبد الجليل: قطاع الناشئين بالأهلى أكبر من وليد سليمان    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم بعطلة الصاغة الأحد 26 أكتوبر 2025    أسعار الموز (بلدي و مستود) والتفاح بالأسواق اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    أحمد الجنايني يغازل زوجته منة شلبي: بالنسبة للعالم نجمة.. وبالنسبة لي كل شيء (صور)    عليك الموازنة بين الحزم والمرونة.. حظ برج العقرب اليوم 26 أكتوبر    بنغازي تتلألأ بانطلاق المهرجان الثقافي الدولي للفنون والإبداع تحت شعار "من بنغازي... الإبداع يوحدنا والإعمار يجمعنا"    مفاجأة.. اعتذار الدكتور محمد ربيع ناصر مالك جامعة الدلتا عن الترشح بالقائمة الوطنية ممثلًا عن حزب الجبهة بالدقهلية    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    «الداخلية» تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة على سائق أجرة بمدينة نصر    معاينة حادث طريق السويس: تهشم كامل ل10 سيارات و«تريلا» السبب.. وضبط السائق المتورط    «افتحوا نوافذ السيارات».. تحذير عاجل بشأن حالة الطقس: 5 ساعات حرِجة    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    الطفل آدم وهدان: فخور بوقوفى أمام الرئيس ومحمد سلام شخص متواضع    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    ترامب: لن ألتقي بوتين ما لم أتأكد من وجود اتفاق بشأن أوكرانيا    ترامب يؤكد استعداده لخفض الرسوم الجمركية على البرازيل فى ظل الظروف المناسبة    انقلاب سيارة نقل محملة بالفحم على طريق حدائق أكتوبر    الهلال الأحمر الفلسطينى: أكثر من 15 ألف حالة مرضية بحاجة للعلاج خارج قطاع غزة    بالصور.. محافظ الجيزة يشارك في افتتاح معرض الوادي الجديد الزراعي الثاني    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    امتحانات أكتوبر.. تعليم القاهرة تشدد على الالتزام بالنماذج الامتحانية المعدة من قِبل الموجهين    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    غدا..مؤتمر جماهيري للجبهة الوطنية بالبحيرة دعمًا لشعراوي وعماد الدين حسين في انتخابات النواب    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المَنبَع
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 10 - 2025

لم تكُن المشاعر الحادَّة التى اندلعت أمام الشاشة؛ سوى انعكاس طبيعيّ للمشاهد المتوالية. منبع السُّخط الذى لفَّ الجَّمعَ المُتلهف على تلقِّى الجديد؛ هو الأداءُ العجيب لمسئول دولى كبير.
• • •
المَنبَع اسمُ مكان من الفعل نَبَع؛ مَنبَع الشيء هو مَصدره الأول ومَنشأه، وعادة ما يُقال إن العقلَ مَنبع الحِكمَة فيما القلبُ مَنبع الأحاسيس، أما منابع النهر فهى الجداول الصغيرة التى تتكون من تسرُّب مياه الأمطار وتتحد فيما بعد سويًا، وتُعرِّف معاجم اللغة العربية الينبوع بأنه عينُ ماء مُتفجّرة فى الأرض.
• • •
قد تمثل الثروةُ منبعًا لحقد من يشتهونها ويفتقرون إليها، بينما يمثل الجَّمالُ منبعًا للغِيرة والحَسد عند من يُعلون من شأن الظاهرِ على الباطن، أما النجاح والشُّهرة؛ فمتى اجتمعا باتا منبعًا دائمًا للقيل والقال، ومقصدًا للنمائم والشائعات؛ خاصة فى المجتمعات الخاوية التى لا تتمتع بالقدرة على مناقشةِ مشاكلها الحقيقية، ولا تتمكَّن من المُشارَكة فى صُنع المستقبل.
• • •
النيلُ الأبيض والأزرق هما المَنبعان الرئيسان لنهر النيل، يلتقيان قرب الخُرطوم فى السُّودان، ويمضيان ضِمن مَجرى واحد ينتهى إلى البحر المتوسط. يمثلُ النيلُ الأزرق المَصدرَ الأكبرَ للمياه، وينبع من بحيرة تانا فى إثيوبيا؛ حيث الأزمة الناشبة بشأن سدّ تمَّ بالفعل إنشاؤه.
• • •
زُرت دَهب ونُويبع منذ عقود طويلة ولم أكن قد جاوزت بعد فترةَ الطفولة، اقتصر المكانُ حينذاك على بعض المنشآت الصغيرة المَحدودة، القائمة وسط طبيعة خلابة، خالية من أسباب الصَخْب والضجَّة. صَمتٌ شاملٌ وبحرٌ واسعٌ مُمتد؛ لا حبالٌ تخططه وتحدُّ من حريَّة السَّابحين كما فى سواحل ومناطق أخرى، لا مَمَرات لقوارب أو ألعاب مائية مُزعجة تنفثُ عادمَها فى الوُجوه، لا أصوات لمُغنيين ولا أضواء زائدة عن الحد. سماءٌ رحبة تلمع فى الليل بالنجوم وراحةٌ كبرى للنفس. كرَّرت الزيارةَ قبل أعوام، امتلأ المُخيَّم الذى قصدت بالناسِ وفَقدت الطبيعة عزلتها لصالح الاستثمارات المُتوقَّعة، ولم يعد الأمر فى طزاجة المرة الأولى.
• • •
غنى محمد منير "علمونى عنيكى أسافر" وبين مقاطع الأغنية تنويعات حول نبع الحبِّ الصافي؛ تارة هو مصدر الارتواء وتارة أخرى هو وَصف مباشر للمعشوقة. الأغنية من كلمات عبد الرحيم منصور وألحان هانى شنودة وقد صدرت عام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين. عن نفسى أحببت أعمال منير الأقدم، ولم أرتح كثيرًا للأعمال الحديثة، والحال أنه يبقى صاحب لون متفرد على امتداد رحلته، وأحد هؤلاء الذين وضعوا بصمتهم الخاصة على السَّاحة.
• • •
بعضُ التصرُّفات مُفتعلٌ وبعضها نابع من الأعماق. ناتج الافتعال سطحيٌّ غير مؤثر؛ إذ لا يستوى أبدًا فعل منشأه الاهتمام الحقيقى، وآخر يؤديه الشَّخصُ كواجب أو حتى بُناءً على طلب وسؤال، شتان الفارق ما بينهما إذ الأول يحمل الدفءَ وتتوفَّر له الرغبة الخالصة، أما الثانى فباردٌ وبعيد عن القلب.
• • •
تطرُق الضُّغوط النفسية النابعة من زمرة الأحداث المفجعة أبوابنا ليل نهار، لا مَهرَب منها ولا مَنجى، ولا شكَّ أنها تترك فى النفوس أثرًا عميقًا ولو لم يظهر فى حينه. تتوالى الكوارث تباعًا، تتنامى إلى أسماعنا وتتجسَّد أمام أعيننا دون فواصل؛ تتراوح ما بين غرق واشتعال وانفجار، واصطدامات على الطرق السريعة تسفر عن عشرات الضحايا، وقد صارت جميعها أنباء يومية لا يتعرض لها أحد بسوء وكأنها أحداث عادية.
• • •
"مكتوب لى أغنى لك وأغزل مواويلك.. وإن جفّ نبع الحب يرويه عسل نيلك" أغنية لإيمان البحر درويش، كلماتها مُوجَّهة للوطن، والشَّجن الذى يملؤها ليس غريبًا على أعمال المطرب صاحب التاريخ المتميِّز؛ فرحلته هى الأخرى عامرة بالأحزان والخطوب، ويكفى إحساسه الطاغى فى كلمات أغنيته "نِفسي" التى ينعى فيها حالًا مرعبة من القهر والطغيان: "يا بلدنا يا بلد هو من إمتى الولد بيخاف من أمه لما فى الضلمه تضمه صدقينى خفت منك صدقيني".
• • •
المَنبَع أصلٌ لا فرع، والأنانية المُطلقة من مَنابع الشرور الكبرى؛ لا يرى صاحبها سوى ذاته، ولا يفكر إلا فى مصلحته، ولا يكاد يدرك وجود آخرين غيره فى الحياة؛ إن آلمه أصبع توقفت الأرض عن الدوران وإن واجه مشكلة بات على المحيطين به جميعهم أن يسارعوا لغوثه، وإن تقاعس أحدهم صار فى حكم العدو. الأنانى لا يعرف من معانى التضحية والإيثار إلا ما يُصنَع لأجله، ولا يبذل جهدًا إلا لصالح نفسه، ولا يجد مُتعة إلا فى خدمتها.
• • •
سباقاتُ التسَلُّح مَنبع قلقٍ دائم؛ خاصة حين تتحكَّم فى مصير العالم زُمرةٌ من المُختلين الذين يرون فى القتل سلامًا، وفى التدمير فرصًا للاستثمار والبناء، وفى اختلاق الأكاذيب سبيلًا لكَسب التأييد والاحتفاظ بالسُّلطة. ابتليت الأرض فى الآونة الأخيرة بمن لا يستحون من فجاجة أفعالهم، ولا يحاولون حتى تجميلها؛ إنما يرتكبون مأساة تلو أخرى ويجدون من يهلل لهم، ويعدُّهم من المنقذين الذين يستحقون الجوائز والتماثيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.