ظهرت قضية هيكلة الداخلية بعد أن صعد الاخوان الى الحكم وحصلوا على اغلبية البرلمان ، وأوكلت الجماعة الى النائب الدكتور محمد البلتاجى القيادى بالجماعة ملف هذه القضية وكان الظاهر هو مسمى الهيكلة ، أما الباطن فهو أخونة الوزارة والسيطرة عليها فى اطار خطة الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة ، خاصة أن جهاز الأمن طالما كان القط الذى يطارد فئران الجماعة ويلقى بهم فى السجون باعتباره عصا النظام ، لذلك سعى الاخوان الى تجنيد عدد من الضباط والدفع بهم الى مناصب قيادية بعد الإطاحة بالقيادات الموالية للنظام السابق وحبيب العادلى ، وبدأت الخطة بحل جهاز امن الدولة بعبع الجماعة ، واحالة عدد كبير من القيادات الى التقاعد ، ومحاولة تشكيل طابور خامس فى صفوف ضباط الشرطة يساند الجماعة فى الخفاء حتى تتم أخونته بالكامل ليدين بالولاء التام للجماعة . ولكن يبدو ان قوة الجهاز الأمنى ومصريته وقفت حائلا دون تحقيق خطة الجماعة ، ولم تستطع استقطاب سوى عدد قليل جدا من ضعاف النفوس المشتاقين للمناصب ، وبدأت وزارة الداخلية فى الكشف عن خلايا نائمة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة داخل بعض المديريات والقطاعات، وكان آخرها الكشف عن ضابط بمديرية أمن الغربية أكدت التحريات انتماءه للتنظيم، بل مشاركته فى إحدى مسيراتها بمركز كفر الزيات، مما دفع الوزارة لإيقافه عن العمل. و بدأت الوزارة فحص ملفات عدد آخر من الضباط والأمناء لمعرفة مدى صلتهم بالجماعة ، ولعل أبرز من طالتهم الشبهات بانتمائهم للإخوان فى وزارة الداخلية، هما اللواءان عبد الموجود لطفى مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء أحمد عبد الجواد، نائب مدير قطاع الأمن الوطنى السابق، وتم نقلهما إلى ديوان عام الوزارة، وكان القرار أشبه بإقالتهما من منصبيهما، بعدما رفعت أجهزة سيادية تقريرا إلى مكتب الوزير جاء فيه رصد مكالمات بين لطفى وعدد من قيادات الإخوان، كان ذلك سببا فى تأخر تدخله فى مذبحة بين السرايات التى قادتها ميليشيات الجماعة وحلفاؤها ضد الأهالى ، وتبين ان اللواء عبد الموجود لطفى فتح مكتبه لقيادات الاخوان فى الجيزة خاصة جمال عشرى الذى كان يقيم فى مكتب مدير الأمن واستطاع ان يحصل من « عبدالموجود «على العديد من رخص السلاح . أما اللواء أحمد عبد الجواد نائب مدير قطاع الأمن الوطنى السابق فجاء قرار نقله بعدما أشارت التحريات إلى وجود علاقة بينه وبين قيادات الجماعة الإسلامية، فضلا عن علاقته بالتنظيم الدولى للإخوان، والتى كانت السبب فى استبعاده من الجهاز ونقله لديوان الوزارة. وهو الأمر الذى تكرر مع اللواء محمد شكرى الذى كان يشغل منصب مدير الإدارة العامة لمباحث الضرائب والرسوم وتم نقله أيضا ، وكان اللواء عبد الجواد يعمل بقطاع الأمن العام ثم بجهاز أمن الدولة المنحل، إلا أنه تم إبعاده عن الجهاز منذ قرابة 12 سنة، وعندما وصل الإخوان إلى قصر الاتحادية وتوج محمد مرسى رئيسا للجمهورية، بدأ كل من المهندس خيرت الشاطر النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور محمد البلتاجى القيادى الإخوانى فى وضع خطة سريعة للسيطرة على الجهاز الأهم فى وزارة الداخلية وهو قطاع الأمن الوطنى، ونجح الشاطر فى رسم سيناريو اختراق الجهاز عن طريق الاستعانة ب»عبد الجواد» وغرسه داخل الجهاز، لمتابعة ملفات النشطاء السياسيين والثوار المناهضين للدكتور محمد مرسى، والتسجيل للقيادات والمشاهير ورموز المجتمع والصحافة والإعلام، واشترى الشاطر من أمواله أجهزة حديثة بحجة تدعيم جهاز الأمن الوطنى وتحديثه من خلال هذه الأجهزة، و تبين بعد ذلك أنه تم تسريب أجهزة تسجيل تنقل للشاطر كواليس ما يجرى داخل هذا الجهاز . وتم بالفعل تسريب العديد من المعلومات الخطيرة من قطاع الأمن الوطنى إلى مكتب الإرشاد خلال سنة من حكم الدكتور محمد مرسى للبلاد، كان أبرزها تسريب سفر الضابط محمد أبو شقرا بالأمن الوطنى إلى سيناء للتحقيق فى الأحداث الملتهبة بسيناء، حيث تمكن مكتب الإرشاد من الحصول على معلومات دقيقة عن مكان أبو شقرا والمهام المكلف بها، والمعلومات التى وصل إليها وكان معظمها يدين الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية فى التورط بالعديد من الوقائع الإجرامية، وبناءً على هذه المعلومات توجهت جماعات إرهابية لتنهى حياة أبو شقرا قبل أن يكشف أسرار الجماعة. كما تم تسريب المكالمة التى جرت بين الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر فى الانتخابات الرئاسية واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الحالى، والتى أكد من خلالها الأخير ل»شفيق» أنه ليس إخوانيا ولا يسعى لأخونة الوزارة ويتعاطف مع الشعب ، وفى نهاية المكالمة أكد شفيق لوزير الداخلية أنه لن يفصح عن هذه المكالمة لأحد، إلا أنه فوجئ بالإخوان يعلنون عنها، وتبين أنه تم تسجيلها داخل قطاع الأمن الوطنى وتسريبها لمكتب الإرشاد ومنه لمؤسسة الرئاسة. ويبدو ان وزارة الداخلية لم تكشف كافة العناصر التى جندتها الإخوان وظل بعضهم يساعد الجماعة فى الخفاء بعد سقوط نظام الاخوان عن طريق إمدادهم بمعلومات عن مأموريات ضبط القيادات ومنهم ذلك الضابط الذى قيل انه وراء تهريب عاصم عبد الماجد القيادى بالجماعة الاسلامية ، قبل القبض عليه بدقائق، وتم نقل الضابط الى مديرية امن سوهاج بتعليمات من اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية. وتمادت خلايا الاخوان النائمة فى الداخلية فى افساد عمليات ضبط قيادات الاخوان وكان آخرهم الدكتور عصام العريان الذى افلت من السقوط عدة مرات وصدرت تعليمات سرية بعدم الافصاح عن خطوط سير المأموريات الا لعدد قليل من الضباط الموثوق بهم ، ولم تكتف الجماعة بالسعى لأخونة فئة الضباط فقط بل شملت خطة الإخوان زرع خلايا نائمة بوزارة الداخلية بتعيين 20 ألف محام، فى الوظائف المدنية الشاغرة بالوزارة، لكى تسيطر الجماعة على جهاز الشرطة بالكامل . وتبقى قضية طلاب الإخوان الذين التحقوا بكلية الشرطة خلال العام الماضى بتوصيات من قيادات الجماعة وبدعم من اللواء عماد الدين حسين رئيس اكاديمية الشرطة فى ذلك الوقت والذى تمت مكافأته على ذلك باختياره ممثلا لوزارة الداخلية فى لجنة الدستور ، وهؤلاء الطلاب من الممكن ان يكونوا نواة لخلايا نائمة فى المستقبل وبعد تخرجهم . وعن هذه القضية يقول الخبير الأمنى اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق ان الشرطة المصرية حفظت نفسها من الأخونة لأنه جهاز وطنى يتم اختيار افراده بعد تحريات مكثفة يتم خلالها جمع معلومات شاملة عن المتقدمين للإلتحاق بكلية الشرطة كالأعمام والأخوال وجدود الجدود ، ويتم تربيتهم فى الكلية بطريقة معينة يتم خلالها تشكيل عقولهم لخدمة الوطن والشعب ويكبرون على هذه القواعد ولذلك يصعب السيطرة عليهم وتغيير مفاهيم مغروسة فى عقولهم عند الكبر ، اللهم الا من ضعاف النفوس المشتاقين للمناصب الذين سقطوا فريسة لوعود قيادات الاخوان بتصعيدهم وتم استقطابهم للعمل فى خدمة الاخوان وهم قلة ، واضاف ان جهاز الشرطة كان عصيا على الإخوان وفشلوا فى اختراقه ، ولعلنا نذكر اجتماع مجلس ادارة النادى العام لضباط الشرطة قبل شهرين من 30 يونية عندما هتفوا فى الاجتماع «يسقط .. يسقط حكم المرشد « وكان هذا تحذيرا علنيا برفض الأخونة لأن ضباط الشرطة على يقين تام بأن الاخوان يعملون ضد مصر ، و أشار اللواء محمد نو الدين الى أن شباب الضباط هم من قادوا تغيير الاستراتيجية والعقيدة الشرطية تجاه الشعب لذلك رفعهم الناس فوق الأعناق فى الشوارع والميادين و رأينا أعظم صور التلاحم بين الشرطة والشعب ، وهذا التعاطف الجماهيرى بمثابة دعم كامل لجهاز الأمن ولا أبالغ اذا قلت إنه سبب رئيسى فى نجاح الضربات الأمنية . وعن طلاب الاخوان الذين التحقوا بكلية الشرطة فى عهد مرسى يقول اللواء نورالدين تجب مراجعة ملفاتهم والتخلص ممن ينتمى الى عائلات اخوانية فورا لأنهم يشكلون خطرا على الجهاز ومن الممكن أن يصبحوا طابورا خامسا فى المستقبل .