كان من المفترض أن يحصل الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء علي راحة يوم الجمعة الماضي، بعد عشرة أيام شاقة قضاها في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة حتي أداء اليمين الدستورية مساء الخميس الماضي، نفس الراحة كان يحتاجها اللواء أحمد جمال وزير الداخلية الجديد لالتقاط الأنفاس والاستمتاع بكشك الحراسة الذي انتقل إلي مدخل منزله بعد نقله من الدقي، حيث كان يسكن الوزير السابق اللواء محمد ابراهيم، كنت اسير امام منزل «ابراهيم» بعد ساعات من اداء الوزارة الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس مرسي، واكتشفت ان الكشك غير موجود، ولا السيارة الزرقاء ولا الحراسة ولا أقماع إدارة المرور التي تمنع وقوف السيارات المارة من الشارع، شاهدت في مدخل العمارة بعض الافراد العاديين يجلسون علي كراسي خشبية، تكسو وجوههم مسحة حزن لانهم أصبحوا حراس وزير سابق! حراسة وزير ما بعد الثورة تختلف عما كانت قبل الثورة، مثلا حراسة «العادلي» كانت تكفي لتأمين دولة صغيرة من حيث عدد السكان.. حراسة راكبة وحراسة مترجلة وسيارات مصفحة وموتوسيكلات، منطقة المهندسين بالكامل و6 اكتوبر ووسط البلد كانت تشعر بأن العادلي قادم من ميدان لبنان إلي مكتبه في شارع ريحان، كان المواطنون ينبهون بعضهم: حاسب انت ماشي في ميدان لبنان.. هنا يسكن العادلي! كان العادلي يفرك عينيه وهو يتقلب فوق سريره في مسكنه بالمهندسين فتتوقف حركة السير في شارع قصر العيني إيذانا بقرب وصول موكبه، وزير ما بعد الثورة مختلف تماماً، لا تشعر بتحركاته.. وفي شارع نبيل الوقاد بالدقي كان يسكن محمد إبراهيم لن تتأكد بسهولة ان في هذا المكان يقيم وزير الداخلية إلا إذا سألت عن اسباب وقوف السيارة الزرقاء وعدد قليل من الضباط في شكل غير ظاهر وغير مستفز للمارة، وقد لا يجيبك أحد لم تتوقف حركة السيارات في الدقي، ولا في شارع قصر العيني لان الوزير قادم لكن المستفز كانت السرعة المذهلة في ازالة الكشك ورفع الحراسة والذي كشف ان هنا كان يقيم مسئول كبير وكأن المنصب الوزاري عبارة عن كشك وطاقم مخبرين حول منزله. كان الشارع الذي يتم اختيار وزير من بين سكانه يتحول إلي شارع شهير تكسوه الخضرة وتدخله جميع المرافق، ويتم غسله بالمياه، ودهن أرصفته، وتتحول المنطقة الواقعة حوله إلي منطقة حضارية، وكان سكان الشارع يعتبرون أنفسهم من المحظوظين علي طريقة من جاور السعيد يسعد، لانهم يستمتعون بجميع الخدمات التي كانوا محرومين منها قبل ان يشرف معالي الوزير وكنا نقول إذا اردت ان تنهض بمنطقة او شارع عين منها وزيراً. الآن الوضع اختلف بعد الثورة.. وزير ما قبل الثورة ليس هو وزير ما بعد الثورة وشوارع وزراء اليوم ليست هي شوارع وزراء زمان، جيران الرئيس محمد مرسي شخصياً يشتكون من انقطاع المياه، ويقولون إنهم كانوا يعتقدون ان طاقة القدر انفتحت لهم لأنهم أصبحوا جيران الرئيس، الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية لم يحصلا علي الراحة التي كانا يحلمان بها يوم الجمعة الماضي، وقع حادث جبان ارتكبه بلطجي في ابراج نايل سيتي وهرع رئيس الوزراء ووزير الداخلية تقريبا بملابس حلف اليمين، من الدار إلي النار. رئيس الوزراء قال إن الحادث مؤسف لكنه عابر، ولن نسمح بتكراره وسنتصدي بكل حزم لاي تعدٍ علي المنشآت.. ووزير الداخلية قال لن يفلت أي مجرم، لكن نحتاج إلي تضافر جهود المواطنين مع الشرطة، وسأكون في ظهر وأمام كل ضابط شغال، وأنزل الحملات الكبيرة بنفسي، لازم ننهض بالبلد.. لازم!