أنظار العالم كله تتجه صوب دار القضاء العالي وتحديداً الدائرة 71 بمحكمة جنايات الجيزة التي يترأسها المستشار المحمدي قنصوه وهو القاضي الشهير والذي أصدر حكماً بإعدام هشام طلعت مصطفي رجل الأعمال في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.. نفس القاضي ينظر في 5 مارس القادم قضية أكثر إثارة وتشويق للرأي العام العالمي والعربي وهي محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية السابق بتهمة التربح وغسل الأموال. بعيدا عن الاتهامات التي تلاحق حبيب العادلي.. كيف كانت حياة هذا الرجل الذي كان يحكم مصر من لاظوغلي؟!.. ولكي نجيب عن هذا السؤال كان لابد من عمل مغامرة نذهب فيها الي حيث يسكن في شارع لبنان وفيلته بالسادس من أكتوبر.. وبقدر ما كانت الرحلة مثيرة كانت المعلومات أكثر اثارة.. فتخيلوا أن حبيب العادلي وزير الداخلية السابق - المحبوس حاليا بمزرعة طرة - أو كما كان البعض يلقبه بالرجل الثاني في مصر.. كان يضع التعليمات لجيرانه.. متي يمرون ومتي لا يمرون.. أكثر من هذا.. ممنوع أن يرفع المؤذن أذان الصلاة أثناء فترة نومه! حقائق مرعبة حكاها لنا جيران هذا الرجل.. فماذا قالوا لنا؟! قبل رحلتنا إلي شارع لبنان الذي يقطن به وزير الداخلية السابق نشير إلي أن تحقيقات النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود مازالت تجري حتي الآن مع الوزير السابق علي خلفية تهم القتل والشروع في قتل والإهمال وإتلاف المال العام، وإصدار أوامره لضباطه بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين مما تسبب في قتل عدد كبير منهم وأنه أصدر أوامره للضباط بالانسحاب من مواقعهم مما أدي إلي حدوق فراغ أمني وانفلات في الشارع المصري تسبب في أعمال الشغب والنهب. شارع لبنان! هنا يسكن الوزير السابق حبيب العادلي في العمارة رقم 05 بشارع لبنان بالمهندسين أحد الاحياء الراقية بمحافظة الجيزة.. العمارة مختلفة فقط عليك أن تقف أمامها ستجد الجميع ينظر اليك متسائلا عن سبب وقوفك في هذا المكان ولماذا النظر الي هذه العمارة؟!.. الاجابة جاءت سريعة ووجدنا من يقف أمامنا ويبادرنا بالسؤال من أنت؟ ولماذا تقف هنا؟.. بادرته قائلا انا صحفي في »أخبار الحوادث« وسألته لماذا كل هذه الاسئلة فأجابني بانه يعمل حارس أمن علي عمارة الوزير حبيب العادلي واشهر لي بطاقته ووجدت فيها انه أمين شرطة بأمن الدولة وطلبت منه ان يساعدني في عملي وقال لا مانع من عملك في الشارع لكنه اكد انه يمنع التصوير لان ابنة الوزير موجودة الآن والحراسة مستمرة علي عمارة الوزير وانه - أي الحارس - مازال في الخدمة ومنعني ايضا من دخول العمارة لان السكان يرفضون الحديث مع أحد بعد رحيل العادلي عنها وقال لي: لا مانع من التحدث مع الجيران في الشارع تحدثت مع وحيد يسري مندوب أدوية الذي قال لي في البداية: »الآن سوف اتكلم ولن اخاف بعد اليوم.. انا اعمل بشركة أدوية واقوم بتوزيع الادوية علي الصيدليات.. معاناتي تبدأ بشكل يومي عند دخولي شارع لبنان وتحديدا في منتصف الشارع عند العمارة التي يسكن فيها الوزير السابق حبيب العادلي.. فأنت لا تستطيع أن تتحرك دون أن تجد من يستوقفك بشكل يستفزك ويطلب منك بطاقتك ويبدأ في استجوابك لماذا دخلت الشارع وجاي لمين هنا وكم تقضي من الوقت أسئلة كثيرة بعد أن تكون اضعت الكثير من الوقت وان تقف أمامهم وهو حال يستمر كل يوم لان الأشخاص يتغيرون ولا يتوقف الحال عند هذا الحد؟.. بل يتم منعي من الوقوف بالموتوسيكل الخاص بعملي وهو ما يجعلني اتركه في أي شارع جانبي واقوم بالمشي طوال ساعتين لاقوم بتوزيع الادوية علي الصيدليات وهي معاناة يومية! أنا حر! ويضيف وحيد انه الآن بعد غياب الوزير عن الشارع يستطيع أن يدخل بالموتوسيكل ويتحرك في أمان.. مؤكدا انه من هذه اللحظة حر في تحركاته! مصطفي أبواليزيد يري أن الشارع كان يملؤه رجال الامن الذين ينتشرون في كل مكان الآن هو خالي بعد رحيل وزير الداخلية وان كنا نشعر في الماضي بالقيد لكن كانت هناك فائدة من حراسة الوزير السابق وهي حماية محالتنا من النهب والسرقة من جانب البلطجية الذين لم يتجرأوا علي التفكير في المرور في الشارع الذي كان يتم فيه تفتيش كل الناس فيه! محمد سيد ابراهيم عامل ديلفري أكد انه يعمل في المطعم المجاور لعمارة الوزير السابق قال من يشاهد موكب الوزير عندما يصحوا من نومه ويخرج في الفجر يكتشف ان الحياة تتوقف تماما في شارع لبنان هو يخرج من سيارته السوداء بالاضافة الي خمس سيارات أخري بجوار بيته وموتوسيكلين لحراسته أثناء ذهابه الي نادي الجزيرة الذي يمارس فيه بشكل يومي لعبة التنس والاسكواش ويبدأ في الرجوع مرة أخري الي الشارع الذي يتم غلقه من لحظة خروجه حتي عودته مرة أخري وخروجه الي عمله في وزارة الداخلية بلاظوغلي وعودته مرة أخري في الساعة الرابعة عصرا وتزداد الحراسة بوجود قناصة علي العمارة رقم 35 المقابلة للوزير والعمارة رقم 45 المجاورة للوزير وهي تأخذ مكان في أعلي اسطح العمارات بالاضافة الي تأمين العمارة التي يسكن بها الوزير وبها عربة اسعاف ومطافيء. يضيف محمد سيد ان الشارع في ميدان لبنان يتم غلقه من الساعة 21 مساء الي الساعة الخامسة فجرا وهو ميعاد خروج الوزير ويمنع تحرك السيارات أو وقوف المارة.. ويتم وضع متاريس في الشارع تمنع تحرك السيارات ويتم تفتيشها بشكل مستمر لعدم اعتراض موكب الوزير الذي يتم اخلاء الطريق له بداية من خروجه من منزله بشارع لبنان ووصولا الي عمله في لاظوغلي. ويأخذ محمد نفسا عميقا ويخرجه مرة أخري ليكمل قائلا: هي حالة من التوتر والقلق الدائم والمستمر تصيب كل من يعمل في الشارع أو يفكر في المرور فيه نتيجة وجود وزير الداخلية في الشارع وكان يتسبب لنا في حالة من القلق والفزع والتوتر الذي كنا نشاهده بشكل يومي ولم يكن أحد من العاملين يستطيع أن يتحرك بحرية أو يترك سيارته تعمل أو يقف في تجمعات الكل يعلم هذه التعليمات والقواعد الصارمة لانه يعلم انه موجود في شارع وزير الداخلية الجميع يتم تفتيشه لكن أصبحنا الآن وجها مألوفا ومعروفين لحراس الامن! الاقرب ان الوزير منع مؤذن جامع ابن مسعود من استخدام مكبرات صوت للاعلان عن اذان الفجر والاعلان عن وفاة أي أحد. ويكشف محمد سيد عن انه كان يقوم بتوصيل طلبات فطير حلو »وحادق« الي الوزير وأثناء دخوله العمارة كان يتم تفتيشه من الحرس بعد مروره علي بوابة الكترونية وهو يعيش في ثلاثة طوابق بالعمارة وهي الخامس والسادس والسابع. كلاب الحراسة! محمد سيد محمود من العاملين أحد المطاعم بالشارع يقول ان الكل يتم تفتيشه بواسطة كلاب الحراسة التي تبدأ في الالتفاف حولنا دون مراعاة لأدميتنا ولا أحد يستطيع أن يفتح فمه بكلمة الكل يسمع ويلتزم بالتعليمات التي نعرفها جيدا.. فهناك قواعد يجب الالتزام بها والا تعرضنا للاهانة والضرب من الحراس أوتطولنا كلاب الحراسة التي تصيبنا بالفزع والخوف الدائم والمستمر بالاضافة الي انه يتم منع التجمعات في الشارع ويتم القبض عليهم في حالة الاشتباه فيهم أو محاولتهم الحديث مع الحرس. الآن فقط استطيع أن اقول لك أن الامن عاد الي الشارع بعد غياب الوزير لمدة شهر عن الشارع ولم نشاهد فيه موكبة الذي عادت اليه الحياة مرة أخري ولم يعد هناك من يستوقفنا ليل نهار وبشكل يستفز الجميع وكأننا اشبه بالمجرمين وقطاع الطرق.