ما زالت المبانى المخالفة صداعاً فى رأس المصريين، بعدما صارت سبباً رئيسياً فى قصف عمر العديد من الأبرياء.. وحسب إحصائيات الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، فإن عدد مخالفات المبانى فى جميع المحافظات بلغ 317 ألفًا و948 عقارًا، صدر لها 356 ألفًا و507 قرارات إزالة من المحافظين، ولم يتم تنفيذ أى منها. أما وزارة التنمية المحلية، فأكدت فى أحدث تقرير صدر عنها، أن عدد المبانى المخالفة فى جميع المحافظات، عن الفترة من يناير 2000 حتى شهر سبتمبر 2017 الماضى، على مستوى محافظات الجمهورية، بلغ 2 مليون و878 ألفًا و808 مبانٍ، وأكد التقرير أن هناك قرارات إزالة صادرة بحق 2 مليون و644 ألفًا و222 قراراً، وأوضح التقرير ذاته أن القرارات التى تم تنفيذها تبلغ 633406. وأوضح التقرير أن عدد الحالات المتبقية والتى يجب إزالتها تبلغ مليوناً و923 ألفًا و766، كما أن عدد المبانى التى تشكل خطورة ولم تنفذ قرارات الإزالة بشأنها تبلغ 43 ألفًا و797 حالة، وأوضح التقرير أن محافظة الدقهلية فى صدارة المحافظات التى بها مبانٍ تشكل خطورة ولم تنفذ قرارات الإزالة بشأنها وعددها 6272 مبنى. وتتنوع المخالفات الصادر بشأنها قرارات إزالة، منها «بناء دون ترخيص» وعددها مليون و764 ألفًا و838 حالة، ومخالفات الأدوار المخالفة تبلغ 396 ألفًا و87 حالة، ومخالفة شروط الترخيص 114 ألفًا و921 حالة، ومخالفة خط التنظيم 45 ألفًا و313 حالة، فضلًا عن مخالفات لأسباب أخرى. وفيما يتعلق بأسباب عدم تنفيذ قرارات الإزالة فهى تتنوع، منها دراسات أمنية وتبلغ 809 آلاف و989 حالة، و«نزاع قضائى» تبلغ 115 ألفًا و35 حالة، و«مشغول بالسكان» تبلغ 687 ألفًا و856 حالة. واحتلت محافظة الشرقية الترتيب الأول فى مخالفات البناء، حيث بلغ عدد المبانى المخالفة 529024، وعدد قرارات الإزالة الصادرة بشأنها 337717، وعدد قرارات الإزالة التى تم تنفيذها 168807، وعدد الحالات المتبقية 135344، وعدد المبانى التى تمثل خطورة ولم يتم تنفيذ قرارات الإزالة بشأنها 28285. وقال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وخبير استشارى شئون البلديات الدولية، إن هناك ارتفاعاً ملحوظاً فى بناء أدوار مخالفة فى العديد من العقارات، محملاً قيادات الإدارات المحلية زيادة بناء الأدوار المخافة فى العديد من العقارات، وزيادة المبانى العشوائية، كما أن قانون الإدارة المحلية وقانون البناء الموحد الذى لم يتم تعديله حتى الآن، كان له سبب فى زيادة نسب تلك المبانى. وأكد أنه لا يوجد أى رؤية واضحة ومحددة من قبل بعض المسئولين فى الإدارات المحلية، تجاه ملف البناء والعشوائيات، مؤكداً عدم وجود استراتيجيات أو حل جذرى لهذه المشكلة، مطالباً بضرورة تعديل قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008م البيروقراطى والذى يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة، فضلاً على أن القانون يؤدى إلى تدهور التخطيط العمرانى فى البلاد، وهو ما لم يتم تعديله حتى الآن لأسباب غير مفهومة وغير معلنة. وقال: لا بد من إعادة هيكلة جهاز التفتيش على البناء التابع لوزارة الإسكان من الناحية المالية والادارية من خلال مخاطبة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بذلك وإعادة التوصيف الوظيفى للعاملين به، حيث لا يوجد أى فروع للجهاز فى المحافظات ويوجد به حاليا 70 موظفاً وتوصياته غير ملزمة وموظفيه لم يتم منح صفة الضبطية القضائية لهم، فضلاً على عدم فعاليته اتجاه مخالفات للبناء. وأوضح أن إجمالى المبانى المخالفة وصل إلى 3 ملايين و184 ألف عقار مخالف فى 27 محافظة بعد ثورة 25 يناير، فيما وصل عدد العقارات المخالفة وصل عدد المبانى المخالفة من قبل ذلك إلى أن 7 ملايين و380 ألف عقار مخالف، مطالباً المحافظين بتطهير الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية من الفاسدين فى الإدارات الهندسية وإلغاء ندب الحاصلين على المؤهلات المتوسطة كمرحلة مؤقتة إلى حين نقل الإدارات الهندسية إلى وزارة الإسكان. وطالب «عرفة» بضرورة تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979م لوجود مواد مشتركة بين وزارة التنمية المحلية، ووزارة الإسكان تتعلق بصفة مباشرة بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف، ولا بد من سرعة نقل جميع الإدارات الهندسية التابعة ل184 مركزاً و92 حياً و1211 وحدة محلية قروية، و214 مدينة تتبع الإدارة المحلية إلى مديريات الإسكان المنتشرة فى المحافظات، لكونها المختصة، حيث إن عدد المهندسين فى تلك الإدارات لا يتعدى 8%، والباقى من حملة دبلومات تجارة وصنايع ولا بد من اهتمام المحافظين بمحدودى الدخل، من حيث توفير المساكن بأسعار رمزية. وأكد أن قانون البناء الموحد به ثغرات عديدة تؤدى إلى وجود فساد من جميع الأطراف سواء من بعض العاملين فى الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية المختلفة هذا من جانب، ومن بعض المواطنين الذين يعجزون على الحصول على تراخيص البناء المختلفة نظراً لصعوبة الإجراءات من جانب آخر. وقال الدكتور عبدالمعطى عبدالحميد، مدير مركز الدراسات والبحوث بأكاديمية السادات، إن هناك زيادة فى المبانى المخالفة بقوة عقب ثورة 25 يناير 2011، إثر الغياب الأمنى، وغياب الرقابة من المجالس المحلية التى لم تشهد انتخابات منذ عام 2008، مضيفًا أن الكثير من المقاولين، استغلوا عدم وجود رقابة، للتربح السريع، عن طريق عدم إعطاء المبانى حقها من مواد البناء (حديد- أسمنت)، ما جعل تكلفة بنائها أقل، وبالتالى، بيعها بأسعار أقل من الأسواق، مؤكدًا أن غياب الوعى لدى المواطنين، جعلهم يقبلون على شراء تلك الوحدات السكنية، مؤكدًا أن الدولة تحتاج إلى جهود كبرى، لإزالة تلك المبانى المخالفة، والتى اعتبر من الصعب تنفيذ إزالتها، نتيجة الأزمة السكانية التى تمر بها مصر. .. والمحافظات تبدأ الإزالة مسئولو الجيزة يحذرون المواطنين من شراء وحدات سكنية فى العقارات الجديدة بدأت جميع المحافظات فى شن حملات قوية لإزالة جميع المبانى المخالفة، بعد صدور تعليمات مشددة من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، بإزالة جميع المبانى المخالفة، وشدد «مدبولى» خلال أول اجتماع لمجلس المحافظين بتشكيله الجديد، على منع البناء العشوائى، خاصة على الأراضى الزراعية، مؤكداً مسئولية المحافظين عن هذا الملف، قائلاً: «اهدموا المبانى المخالفة على الفور.. هذه مسئوليتكم». وجاءت تكليفات رئيس الوزراء للمحافظين بإزالة جميع المبانى المخالفة، بعدما شهدت العديد من المحافظات انهيارات متكررة لعقارات نتيجة البناء العشوائى وعدم الالتزام بقوانين البناء أو تعلية المبانى بلا تراخيص قانونية، حيث سجل خلال السنوات الأخيرة بناء كثير من الطوابق بشكل غير قانونى فى مختلف مدن المحافظات، عقب ثورة 25 يناير 2011. وأعلنت محافظة الجيزة فى بيان لها، بدء تنفيذ حملات متكررة لتنفيذ قرارات إزالة المبانى المُخالفة خاصة الحالات الصارخة، على مستوى كافة الأحياء والمراكز والمدن، حيث جرى تنفيذ 97 قراراً بالمراكز والمدن، و45 قراراً بالأحياء فى أيام قليلة. وأشارت محافظة الجيزة إلى أن حى العجوزة قام بتنفيذ حملة بشارع أبناء سوهاج يمين محور 26 يوليو ل3 عقارات، ونفذ حى الهرم حملة أخرى بشارع الشيشينى متفرع من كعبيش، إضافة إلى تنفيذ حملة بشارع محمد مرسى من سيدى عمار بحى جنوبالجيزة. وأكدت المحافظة أنه على مستوى المراكز والمدن نفذت حملات بمراكز ومدن الصف وأطفيح والبدرشين وأوسيم وكرداسة والحوامدية والعياط وأبوالنمرس، وتتمثل المخالفات فى بناء حجرات ومبانى أسوار وتشوينات. وناشد المحافظة مواطنى الجيزة بتوخى الحذر قبل شراء وحدة سكنية فى العقارات الجديدة، والتوجه إلى الحى المختص للاستعلام عن موقف العقار، وما إذا كان صادراً له قرار إزالة من عدمه؛ حفاظاً على أرواحهم وممتلكاتهم. فيما طالب اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، رؤساء الأحياء، بضرورة تنفيذ قرارات إزالة العقارات المخالفة بأقصى سرعة ممكنة وبكل حزم وقوة قبل بيعها للمواطنين واستفادة المخالف من مخالفته، مهيبًا بالمواطنين ضرورة الرجوع للأحياء للتأكد من سلامة وقانونية الوحدات السكنية ومطابقتها لاشتراطات التراخيص قبل التعامل عليها بالشراء أو الإيجار أو البدل أو بأى شكل حتى لا يواجه مشاكل مستقبلية فى إدخال المرافق أو الإزالة وخسارة أمواله، وعلى المتضررين التوجه للنائب العام وتقديم بلاغ ضد المالك لاحتياله عليهم، حفاظاً على حقوقهم، مؤكداً على توفير الدعم الكامل لرؤساء الأحياء سواء مادياً أو أمنياً وتوفير كافة المعدات واللوادر والعمالة اللازمة. وأكد أنه لا تهاون فى إزالة العقارات المخالفة مهما كان حجمها أو موقعها، وأن أجهزة المحافظة ملتزمة باستمرار إزالة المبانى المخالفة فى كل أحياء القاهرة دون استثناء لتنفيذ القانون وترسيخ هيبة الدولة، مضيفاً أن أجهزة المحافظة سترصد وتتعقب كل من تسول له نفسه بمخالفة القانون والاستيلاء على أراضى الدولة أو البناء عشوائياً بدون ترخيص أو بناء مخالف للاشتراطات البنائية أو غير مطابقة للأكواد المصرية فى البناء حفاظاً على المواطنين وأرواحهم فى المقام الأول، وجاء ذلك خلال تفقد محافظ القاهرة، أعمال الإزالة الجارية لعقار مخالف على مساحة 300م2 والكائن ب23 شارع ساعى البحر بكورنيش مصر القديمة. وكلف اللواء قاسم حسين، محافظ المنيا، ورؤساء المراكز والمدن التسع بمتابعة وتنفيذ قرارات الإزالة الفورية الصادرة لمخالفات البناء، سواء على الأرض الزراعية أو أملاك الدولة أو أرض حماية النيل، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المخالفين من أجل الحفاظ على أملاك الدولة لتحقيق المصلحة العليا للوطن والمواطنين. وشدد المحافظ على التعامل الفورى والحاسم مع أى حالة تعد وإزالتها فى المهد، بالتنسيق مع قوات الأمن وشرطة المرافق لتنفيذ قرارات الإزالة للمخالفات والتعديات التى يتم رصدها وتنفيذ القانون بكل حزم ومنع ظهور أى مبانٍ عشوائية مخالفة بالمدن والحفاظ على المظهر الجمالى والعمرانى للمراكز. وكلف المحافظ مدير مركز المعلومات بإعداد تقارير يومية عن نسب تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة على مستوى المراكز التسعة والإجراءات التى تم اتخاذها حيالهم. خبير اقتصادى: مافيا البناء المخالف قوية.. وعدم تنفيذ القانون كارثة قال رضا عيسى، الخبير الاقتصادى، إنه قبل الحديث عن إزالة المبانى المخالفة، يجب فتح تحقيق ومعرفة من الذى سمح لهذه المبانى أن يتم إنشاؤها، ولماذا هناك قوانين تسمح بتصالح مع المخالفين، موضحاً أن مطالب رئيس الوزراء، للمحافظين بإنهاء وإزالة المبانى المخالفة، لن تأتى بنتيجة لكون أن سلطة منظومة الفساد أكبر من سلطة المحافظين، متسائلاً من الذى بنى تلك المبانى هم بعض المستثمرين الفاسدين، لافتاً أنه مع بدء هدم تلك المبانى سوف تخرج منظومة الفساد بصوتها العالى، وتقول إن الدولة تهدم الاستثمار. وأكد أن محافظ الإسكندرية أمر بإزالة التعديات والمبانى المخالفة على كورنيش البحر، ولكن ذلك لن يتم، موضحاً أن رئيس الوزراء أدرى من أى شخص آخر بالمبانى المخالفة لكونه هو وزير الإسكان أيضاً. وأوضح أن قانون البناء الموحد يحتوى على العديد من الثغرات، التى تؤدى إلى وجود فساد فى الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية المختلفة، كما أن المبانى المخالفة تنقسم إلى نوعين: الأول شيدت بشكل سليم، ولا تسبب أى أضرار للمواطنين، والنوع الآخر من المبانى المخالفة، وهى التى شيدت بشكل سيئ وتهدد أرواح المواطنين، وتنذر بكارثة، مهما طالت مدتها. مؤكدًا أن هناك قوانين كافية لردع المخالفين ولكن المشكلة تكمن فى عدم تنفيذها، لافتاً إلى أن المجالس المحلية أساءت الإدارة، بالإضافة إلى عدم امتلاكها رؤية واضحة أو استراتيجية أو حلاً تجاه ملف البناء والعشوائيات.