عقارات شاهقة الارتفاع وضحايا يتساقطون بين لحظة وأخرى.. والمسئولون «نايمين فى العسل»، هذا هو حال المبانى التى أصبحت على كف عفريت، فبعضها قديم وآيل للسقوط، والبعض الآخر مخالف، والكثير منها صدر له قرارات إزالة ولم تنفذ، فأكثر من مليون عقار فى مصر آيل للسقوط، حتى أصبح سقوط العقارات، وكأنه أمر ليس بغريب على أسماعنا، طالما أن فساد المحليات هو المسئول الأول عن تعطيل قرارات الإزالة ليستمر مسلسل انهيار المبانى يتكرر بين الحين والآخر، ويظل المواطن ضحية سواء خرج حيًا أو ميتاً. جاء انهيار ثلاثة عقارات بمنطقة روض الفرج، ليكون بمثابة جرس إنذار للمسئولين، ينذر بوقوع مزيد من الضحايا، فالواقع يؤكد أن الباب الخلفى لإتمام المصالح ما زال مفتوحاً، فمنذ أيام انهار عقار مكون من 5 طوابق، بمنطقة جزيرة بدران بروض الفرج، ما أدى إلى انهيار عقارين آخرين مجاورين له، وسقوط عدد من الضحايا هذا الحادث لن يكون الأخير، فهناك الكثير من العقارات فى انتظار نفس المصير. فتحقيقات النيابة أكدت أن المنازل المنهارة قديمة جداً، وتم ترميمها منذ 30 عاماً، وكان يوجد بها العديد من التصدعات، وتبين أنه لم يصدر أى قرارات إزالة للعقار المنهار، والمتسبب فى انهيار العقارين الآخرين، على الرغم من أن الجهة الإدارية، متمثلة فى الحى، هى المسئولة عن تنفيذ قرار الإخلاء أو الإزالة، عقب صدوره، ويصاحبها فى ذلك قوة من القسم التابع للحى، لتأمين عملية التنفيذ، إلا أن أغلب تلك القرارات تظل حبيسة الأدراج فى ظل انتشار الفساد والرشوة. هذا الوضع المؤسف جعل محافظ القاهرة الدكتور عاطف عبدالحميد يتوعد فى تصريحاته باستبعاد أى موظف تحوم حوله شبهات أو سوء سمعة ونقله لوظيفة إدارية، وأنه لا تستر على الفساد وفقًا لإحصائيات وزارة الإسكان، فإن هناك 13 مليوناً و441 ألفاً و68 مبنى فى مصر، منها 3 ملايين و231 ألفاً و852 مبنى تحتاج للترميم، و97 ألفاً و609 مبنى يحتاج للهدم، واستمرارها بالشكل الحالى تهديد حقيقى لأرواح المواطنين، إما بسبب تقادم هذه المبانى أو بسبب التلاعب فى تراخيص البناء. تشير الإحصائيات إلى أن إجمالى العقارات المخالفة بدون ترخيص بلغ 317984 صدر لها 356507 قرارات إزالة معتمدة من السادة المحافظين، ويعانى سكان العقارات المخالفة من مشاكل فى المرافق العامة، مثل الكهرباء والغاز، وذلك بسبب عدم قانونية العقار، الإسكان ورؤساء الأحياء محاولة حل مشاكل القطاع العقارى بأسلوب علمى. وتؤكد الإحصائية أن محافظتى القاهرةوالجيزة من أكثر المناطق التى بها عقارات آيلة للسقوط تقدر بنسبة 60 %. وتشير الإحصائيات التى أعدتها الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، إلى أن نسبة مخالفات المبانى فى مصر بلغت حوالى 90% من إجمالى العقارات الموجودة، والتى قدرتها إحصائيات وزارة الإسكان ب4.9 مليون مبنى. ووصل إجمالى العقارات المقامة بدون تراخيص 317 ألفًا و948 عقاراً، وصدر لها 356 ألفًا و507 قرارات إزالة من المحافظين، ولم يتم تنفيذ أى منها، ويبلغ عدد العقارات الآيلة للسقوط مليون عقار فى محافظات الجمهورية، صدر بشأنها 132 ألف قرار إزالة لم ينفذ منها شىء. وتشير البيانات إلى أن أحياء وسط القاهرة احتلت النصيب الأكبر من قرارات الإزالة بعدد 2700 عقار، فيما بلغ إجمالى القرارات بالمحافظة 8800 عقار تليها المنطقة الجنوبية 2500 عقار. بينما تحتل الجيزة المرتبة الثانية فى مخالفات البناء، حيث وصل عدد العقارات المخالفة 60 ألف عقار، وبلع عدد قرارات الإزالة بالمحافظة 588 و52 ألف قرار، تم تنفيذ حوالى 2859 قرارًا بنسبة 5.4 ولم يتم تنفيذ 49729 قراراً، وعلى الرغم من تضارب الأرقام بشان عدد قرارات الإزالة، فإن الأرقام تؤكد زيادة عددها مؤخراً. ذكرت دراسة أجرتها كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وأن العقارات الآيلة للسقوط تبلغ نحو مليون عقار فى جميع المحافظات، وصدر بشأنها 132 ألف قرار إزالة لم ينفذ منها شىء، كما تعد منطقة وسط القاهرة الأكثر خطورة من حيث العقارات الآيلة للسقوط، وتضم مناطقها 38 ألف عقار مهدد بالانهيار، منها عقارات أثرية يقع أسفلها 55 ألف محل، وصنف منها 433 عقارًا تحت بند شديدة الخطورة. وتشير التقارير الرسمية إلى أن أحياء وسط القاهرة احتلت النصيب الأكبر من قرارات الإزالة بعدد 2700 عقار، فيما بلغ إجمالى القرارات بالمحافظة 8800 عقار، تليها المنطقة الجنوبية 2500 عقار. بينما إحصاءات وزارة التنمية المحلية تؤكد أن قرارات الإزالة للمبانى والمنشآت الآيلة للسقوط على مستوى محافظات مصر تصل إلى 111.8 ألف وحدة سكنية، يتركز عدد كبير منها فى محافظة الغربية بواقع 21.8 ألف وحدة، تليها القاهرة 19.7 ألف وحدة، والدقهلية بواقع 15.9 ألف وحدة سكنية، وصل إجمالى عدد القرارات المنفذة نحو 69.6 ألف وحدة بنسبة 62 % من إجمالى الوحدات الصادر بشأنها قرارات إزالة كلية أو جزئية، مضيفًا أن عدد القرارات التى تمثل خطورة داهمة تصل إلى نحو 18.3 ألف وحدة سكنية. وقد حدد قانون البناء رقم 119، لسنة 2008، طرق تنفيذ القرارات الخاصة بالإزالة، حيث ينص القانون فى المادة 90 على أن الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدة المحلية، أو الحى، مسئولة عن تشكيل لجنة، وتقديم تقرير بشأن ترميم العقار أو هدمه، بعدها تقدم اللجنة تقريرها إلى الجهة الإدارية المختصة، على أن يتم اعتماد القرار من المحافظ المختص خلال أسبوع من تاريخ تقديم التقرير، وبعدها خلال التعاون الكامل مع الأجهزة الرقابية ويتم إبلاغ ملاك العقار بقرار الإزالة الكلى أو الجزئى، ولهم الحق فى الطعن على القرار، خلال 15 يومًا من تسلمه. ورغم تشديد القانون على العقوبات الخاصة بموظفى الحى والجهة التنفيذية، لكل من قام بالتقصير فى عمله، بشأن إصدار قرارات الترميم، أو الإزالة، بفرض غرامة تتراوح ما بين 10 إلى 100 ألف جنيه، فضلًا على العزل من الوظيفة، فإن القانون لم يقم بتحديد موعد للتنفيذ. من جانبه، يرى النائب عمر الغنيمى، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن غياب الرقابة وفساد المحليات هما السبب الرئيسى وراء انتشار المبانى المخالفة وعدم تنفيذ العديد من قرارات الإزالة، فما زلنا نعانى من انتشار الرشاوى، فنجد مسئولى الأحياء يتركون العقارات الحديثة حتى تصل إلى 12 دوراً وأكثر، ثم يقومون بإصدار قرارات إزالة لها، رغم كونهم على علم ببنائها منذ البداية، فالمسئولية تقع على مسئولى الأحياء. ويقول: أغلب ملاك العقارات يلجأون لدفع الرشاوى لتسهيل إجراءات التراخيص، لذا نجد أن هناك العديد من قرارات الإزالة لا تنفذ، ويرى أن المواطن أصبح ضحية تلك المخالفات، فالكثير من الناس يرفضون تنفيذ قرارات الإزالة لعدم وجود مساكن بديلة لهم، بعد أن دفعوا شقا عمرهم لامتلاك الشقة، التى وجدوها كاملة المرافق، ليفاجئوا بالشرطة تطالبهم بإخلاء الشقق لإزالتها، رغم أنه من المعروف أن وجود المرافق يعنى أن الدولة معترفة بالعقار، ويرى أننا أصبحنا بحاجة إلى قوانين جديدة لتواكب الأوضاع الحالية. وأضاف: لا بد من وجود قوانين وعقوبات رادعة تطبق على المخالفين، مع ضرورة تسهيل إجراءات إصدار التراخيص التى ما زالت صعبة ومجحفة، وتفتح باب الرشاوى.