انتقد خبراء في القانون الدستوري بتونس مسودة الدستور الجديد، وخصوصًا فيما يتعلق بالمرجعيات الفكرية الإسلامية والعلمانية المعتمدة في مسودة الدستور المرتقب. جاءت هذه الانتقادات خلال مائدة مستديرة نظّمتها الجمعية التونسية للقانون الدستوري والمعهد الدولي للديمقراطية الثلاثاء للقيام بقراءة أولية للمبادئ العامة للدستور المرتقب. وانتقد العميد السابق لكلية العلوم القانونية والسياسية عياض بن عاشور مسودة الدستور، وقال إن "لم يقع تعديل هذه المسودة في الجلسات العامة للمجلس التأسيسي فمن شأن الدستور الجديد أن يغتال الحريات في تونس ويهدد مكتسبات الحرية التي جاءت بها الثورة". واعتبر بن عاشور أن "الدستور يمثّل الثورة المضادة ويمهّد لديكتاتورية الدولة الدينية التي تمثل أسوأ أشكال الديكتاتوريات" على حد تعبيره. وقال بن عاشور إن مسودة الدستور الجديد "تتعارض مع ما طالبت به الثورة من دولة مدنية". وانتقد بن عاشور أداء المجلس التأسيسي في صياغة للدستور، معتبرًا أن أعضاءه "تنقصهم الخبرة القانونية والمعرفة الدستورية". وقدّم المجلس التأسيسي منذ 3 أسابيع مشروع مسودة أولية للدستور الجديد دون أن تحسم اللجان التأسيسية النقاش في عدد من المسائل الخلافية حول طبيعة النظام السياسي والمبادئ العامة للحريات. من جانبه، استحسن غازي الغرايري، عضو بالأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، بعض الفصول في مسودة الدستور الجديد، دون أن يسميها، واعتبر ذلك "جزءًا مشرفًا"، لكنه انتقد المقدمة العامة للدستور التي اعتبرها طويلة. وأشار الغرايري إلى أن عددًا من الفصول ضمن أبواب مختلفة حملت مفاهيم "غير دقيقة" خاصة ما تعلّق منها بالنص على المرجعية الإسلامية للدولة واحترام المقدسات، معتبرًا أن ذلك "يشكّل خطرًا حقيقيًا على حرية التعبير والإبداع والتفكير "تحت حجة احترام الهوية الإسلامية وعدم التعدي على المقدسات". وفي مداخلة بخصوص حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية دعا المختص في القانون الدولي سليم اللغماني إلى تغليب المعاهدات الدولية على الدستور الجديد، معتبرًا أن هذا "يحفظ لتونس مكانة مميزة بين مكونات المجتمع الدولي". ودعا اللغماني في نفس السياق إلى اعتماد الفصل 18 من الميثاق الدولي للحقوق السياسية والمدنية، الذي صادقت عليه تونس والذي يحافظ على الحريات، بدلاً من الفصل الذي ينص حسب صياغته في مسودة الدستور الجديد على حرية المعتقد والشعائر الدينية وهي صياغة "غير كفيلة بضمان حريات العلمانيين والملحدين في تونس" على حد تعبيره.