\r\n أما إحراز التقدم في العراق بالنسبة للجنرال \"بيتراوس\"، فيمر عبر التخلي عن مركزية العمليات العسكرية هناك. إنه مخطط يقوم على وضع مجموعات من الجنود الأميركيين إلى جانب القوات العراقية في بغداد، وهو ما يمثل استراتيجية تنطوي على مخاطر كبرى، إذ تضع المزيد من الأميركيين في اتصال يومي ومباشر مع العراقيين، موفرة بذلك فرصاً للفوز بالعقول والقلوب، وفرصاً أخرى أكثر للإصابات. \r\n ويقول \"بيتراوس\" إنه متفائل رغم أنه يتوفر على عدد أقل من القوات للاضطلاع بالمهمة مما يوصي به دليل الجيش الأميركي الجديد لمحاربة التمرد، والذي أمضى \"بيتراوس\" الجزء الأكبر من العام الماضي في المشاركة في إعادة تحريره. في حال نجاحه، فإن الجنرال \"بيتراوس\"، المعروف بقدرته على كسب ود الصحافيين والرجال الذين تحت إمرته، سيرتقي إلى مرتبة البطل التي كان آخر من بلغها هو الجنرال \"نورمان شوارزكوف\" بعد قيادته لحرب الخليج عام 1991. \r\n والحال أن خبراء محاربة التمرد، وبعض العسكريين الأميركيين، يرون أن الظروف غير مساعدة. وفي هذا السياق، يقول \"توماس هامز\"، الكولونيل المتقاعد من سلاح البحرية، والخبير في محاربة التمرد: \"إن الاستراتيجية جيدة، ولمقاربة بيتراوس حظوظ كبيرة في الفوز؛ غير أن المشكلة تكمن في أنك إذا كنت لا تتوفر على الإمكانيات التي تحتاجها، فلا يهم كثيراً مدى إجادتك لإدارة العمليات\". \r\n ويقول \"هامز\" إن الجنرال لا يتوفر على العدد الكافي من الجنود للنهوض بالمهمة التي أُرسل من أجلها. أما بخصوص الإطار الزمني المحدد للاستراتيجية الجديدة، فلا يخفي \"هامز\" تشككه في حظوظ النجاح، ولاسيما بالنظر إلى تطلع واشنطن إلى خفض عدد القوات الأميركية مرة أخرى في غضون ستة أشهر. \r\n يرى الخبراء أن المبدأ العام لعمليات محاربة التمرد، ولاسيما العمليات الرامية إلى فرض الأمن وكسب ثقة السكان، يتمثل في ضرورة التوفر على نحو 20 جندياً على الميدان لكل ألف نسمة من السكان. وفي هذا الإطار، يشير الدليل إلى أن هذا المعدل \"يعد الحد الأدنى للكثافة اللازمة من القوات من أجل نجاح عمليات محاربة التمرد\". وكان \"بيتراوس\" أوضح أثناء الإفادة التي أدلى بها أمام الكونجرس أن ذلك يعني ضرورة توفير 120000 من قوات الأمن على الأقل لمراقبة سكان بغداد لوحدها والبالغ عددهم 6 ملايين نسمة. وقدّر \"بيتراوس\" أن القوات الأميركية -إضافة إلى الجنود وأفراد الشرطة العراقيين- ستشكل ما مجموعه 85000 فرد خلال الزيادة الحالية في عدد القوات في بغداد. \r\n وإذا كان \"بيتراوس\" قد أبدى قلقاً لأنه لن يتوفر على المزيد من القوات، فإنه أوضح أنه سيعول على الشركات المتعاقدة مع الجيش والحرس الذين توظفهم الوزارات العراقية لتعويض النقص والمساهمة في توفير الأمن، \"وهو ما يمنحني سبباً للاعتقاد بأننا نستطيع إنجاز المهمة\". وفي هذا السياق، يقول \"هامز\": \"أعتقد أن السبب الذي جعله يحجم عن المطالبة بالمزيد من القوات هو عِلمه بأنه لن ينال مراده؛ كما أنه يعلم أن المرء إذا ذهب إلى الكونجرس وطلب ذلك، فإنما يقلل بذلك من شأن نفسه وقدراته\". \r\n ولد \"بيتراوس\" في نيويورك، ولمع نجمه مع فريق مدرسة \"ويست بوينت\" العسكرية لكرة القدم. واليوم، ورغم أن سنه 55 عاماً، فإنه يعد عداء ماراثون يحظى بتقدير منافسيه. وكان \"بيتراوس\" استدعي في وقت سابق من هذا الشهر لجلسة استماع بمجلس \"الشيوخ\"؛ وهو مطالَب اليوم بفهم الواقع الجديد في العراق والتعاطي معه، وهو بلد لم يزره منذ أكتوبر 2005. \r\n وإذا كان \"بيتراوس\" يُعطي الانطباع بالثقة في النفس، فإنه يعترف بأن المهمة صعبة والنجاح فيها غير مضمون. وفي هذا السياق، قال \"بيتراوس\" في جلسة الاستماع \"إننا نواجه عدواً متوحشاً وقوي التصميم وقادراً على التكيف\"، مضيفاً \"إنه سيحاول إجهادنا إلى أن نرحل. وبالتالي، فإن أي محاولة من هذا النوع إنما هي اختبار لإرادتنا. والحقيقة أنه ليست ثمة أي ضمانات\". \r\n يجري العمل حالياً على تعزيز قوام القوات الأميركية في العراق ب21500 جندي، يُرتقب أن يُنشروا جميعهم في بغداد، ما عدا 4000 جندي. ومن المرتقب أن يتم توزيع الجنود الأميركيين على مراكز الشرطة في مناطق المدينة التسع، والعمل جنباً إلى جنب مع الجيش والشرطة العراقيين، بدلاً من المرابطة في القواعد العسكرية. \r\n وينظر \"بيتراوس\" إلى جهود محاربة التمرد عبر التاريخ في مناطق متنوعة مثل الجزائر وفيتنام وماليزيا للتدليل على أن التخلي عن تركيز الجيش على \"حماية القوات\"، أي إبقاء الجنود بعيداً عن المناطق الخطرة قدر الإمكان، إنما يمثل مفتاح السلامة والنجاح. وهو ما يصفه الدليل الذي ساهم في تحريره بإحدى \"مفارقات محاربة التمرد\" ويلخصه تحت عنوان \"كلما عملت على حماية قواتك، كلما كنت أقل أمناً\"؛ ويجادل بالقول \"إذا مكثت القوات العسكرية في قواعدها، فإنها تفقد الاتصال مع الناس، وتبدو كما لو أنها تجري خائفة مذعورة، وتترك المبادرة للمتمردين\". \r\n وفي هذا الإطار، كتب \"ديفيد كيلكالن\"، العسكري الأسترالي السابق ومستشار \"بيتراوس\" في محاربة التمرد، يقول في مقال له في دورية \"سمول وورز\" الإلكترونية: \"إن المخطط يقوم على تركيز قوات الأمن داخل بغداد من أجل تأمين السكان في مناطق سكناهم\"، مضيفاً \"إن القوات ستعمل ضمن مجموعات صغيرة محلية إلى جانب الجيش والشرطة العراقيين. وهذا لا يشبه الحرب التقليدية، بقدر ما يشبه القيام بدوريات الشرطة\". \r\n \r\n دان مورفي \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في القاهرة \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n