\r\n غير أن ارتفاع عدد القوات العراقية وازاه بالمقابل ارتفاع في أعمال العنف أيضاً؛ حيث كان فصل الصيف هو الأسوأ على الإطلاق من الناحية الأمنية، وكان يوليو الماضي الشهر الأكثر دموية، حسب بيانات الجيش الأميركي، منذ ثلاث سنوات. \r\n وفي ظل استمرار أعمال التمرد بوتيرتها الحالية، وما يبدو عجزاً من القوات العراقية على مواجهتها، يقول القادة العسكريون الأميركيون إنهم يتوقعون أن يحافظوا على العدد الحالي من القوات الأميركية– نحو 140000– إلى غاية الربيع المقبل على الأقل، وهو ما يضع ضغوطاً جديدة على أفراد الجيش الأميركي الذين يغادرون العراق ويتعين عليهم الاستعداد للعودة بعد بضعة أشهر. \r\n هل توقف العمل بسياسة \"الوقوف والانسحاب\"؟ كلا، حسب إدارة بوش. غير أن معنى العبارة قد تغير على ما يبدو، في وقت بدأ فيه الزعماء يبعدون فيه مسؤولية مشاكل العراق عن الجيش الأميركي ويُحملونها لمؤسسات البلاد الحكومية والاجتماعية. \r\n عندما بدأ بوش الإشارة إلى \"الوقوف، والانسحاب\" في 2005، أشار مراراً إلى أنه كان يقصد تدريب القوات العراقية وإعدادها لتأدية مهامها. وقد شدد بوش مؤخرا على أن سياسة \"الوقوف والانسحاب\" ما زالت قائمة. غير أنه أضاف المزيد من الشروط، قائلاً يمكن للقوات العودة إلى أرض الوطن \"حينما يعلن قادتنا العسكريون أن الحكومة العراقية باتت قادرة على حماية نفسها ودعم نفسها وحكم نفسها\". \r\n كما قال عدد من الضباط العسكريين والخبراء الآخرين الذين تم استجوابهم في الأيام الأخيرة إن برنامج التدريب العراقي نجح، إلا أنه نجاحٌ ناقص بسبب الافتقار إلى زعامة سياسية عراقية قوية. وفي هذا السياق، قال قائد إحدى الكتائب العسكرية الذي شهد قتالاً طاحنا بالقرب من بغداد هذا الصيف \"إذا تصالحت الحكومة، فقد أصلحتم المشكلة\". \r\n وقد تبنى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد هذا الموقف مؤخراً، إذ قال لأحد الصحافيين، \"إذا نظرت إلى الأمر من زاوية واحدة\"، في إشارة إلى أعداد القوات العراقية المدربة، \"فليس ثمة جواب على السؤال لأن المشكلة ليست مشكلة عسكرية. فالحقيقة أنها مشكلة حكم، ومشكلة سياسية، ومشكلة مصالحة\". \r\n وبهذا المعنى، فلا يهم عدد القوات العراقية التي تلقت تدريبات عسكرية، إذا لم تكن ثمة حكومة تقودها. وفي هذا السياق، يقول أحد الضباط الذين عادوا مؤخرا من العراق \"أعتقد أنه حتى في حال كانت ثمة قوات أمن عراقية تتألف من مليون جندي، فإنها لن تكون فعالة في مواجهة المتمردين\". ذلك أنه إلى جانب الأسلحة والتدريب، فإن أي جيش يحتاج إلى سبب للقتال– وحتى الآن لم تكن الحكومة العراقية مقنعة مثلما نجح المتمردون والمليشيات في توفير هذا العنصر الرئيسي. وفي هذا الإطار، يقول \"توماس دونيلي\"، الخبير في شؤون الدفاع بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية \"ليس ثمة بعد عراق للدفاع عنه\"، مضيفا \"ينبغي أن تقف الدولة والجيش على أقدامهما\". \r\n وفي معرض جوابه على سؤال بخصوص موضوع تدريب العراقيين، تحدث الجنرال \"جون أبي زيد\"، القائد العسكري في العراق وبقية الشرق الأوسط، عن فترة أطول قائلاً \"إنه مستوى من العمل يمتد على مدى جيل، وليس ثمة شيء يمكن القيام به بين عشية وضحاها\" مضيفاً \"والواقع أننا نحرز تقدماً ملحوظاً\". \r\n يشدد هذا التوجه على أن \"الانسحاب\" لن يشمل سوى قوات المعارك. والواقع أنه حتى في حال تمكنت القوات العراقية من أن تقف على أقدامها بالأعداد المرجوة والمستوى القتالي المطلوب، إلا أنها ما زالت تحتاج– حسب ضابط أميركي عمل في العراق- إلى المساعدة الأميركية في ما يخص \"اللوجيستيك\" والاستخبارات والصيانة ومهام الدعم الأخرى، مضيفاً أنه سمع من بعض رفقائه أن توفير مثل هذا الدعم قد يتطلب حضوراً عسكرياً في العراق لفترة عقد إضافي. \r\n إلى ذلك، يرى بعض الخبراء أن برنامج التدريب الأميركي تعتريه جملةٌ من النواقص والاختلالات، ويفتقر إلى التمويل وأعداد كافية من المستشارين والمدربين الأميركيين. وفي هذا السياق، يقول الجنرال المتقاعد \"بول إيتون\"، الذي أشرف على البرنامج في 2003 و2004، إن الجهد المخصص للتدريب \"غير كاف إجمالاً، ومركز في مقار الكتائب والألوية فقط\". \r\n ومن جانبه، يضيف العقيد المتقاعد \"كول هامز\"، وهو ممن عملوا في العراق أيضاً، إن الولاياتالمتحدة فشلت في إرسال ما يكفي من المستشارين والمدربين الأكفاء ممن يتوفرون على مهارات لغوية للعمل في برامج التدريب. وهو ما يجعلهم غير قادرين على بلوغ الهدف الحقيقي المتمثل في توفير الأمن للعراق، مضيفا \"ولعل الأسوأ من ذلك أنه نظراً للافتقار إلى إشراف أميركي، فإنهم يصبحون جزءاً من المشكلة\". هذا في حين يقول خبراء آخرون إن صيغة \"الوقوف والانسحاب\" لم تنجح لأن العدد المستهدف غير كافً، أو لأن العدد ليس هو القياس الصحيح. وفي هذا الإطار، يقول \"بروس هوفمان\"، الخبير في شؤون الدفاع بجامعة \"جورج تاون\"، إن هدف 325000 من قوات الأمن \"ليس كافياً\". فنظراً لمجموع السكان في الأجزاء غير المستقرة من العراق ومعدل عشرين مواطنا مقابل رجل أمن واحد، فيمكن القول إن \"العراق يحتاج في الواقع إلى 500000 من أفراد الجنود والشرطة\". \r\n \r\n توماس ريكس \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"الواشنطن بوست\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \" لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n