\r\n حصل الجلبي على موافقة الرئيس كلينتون وكذلك حصل على اموال لتنفيذ خطته. وفي اكتوبر 1994 تم تأسيس مكتب لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية في شمال العراق، اي في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الاكراد. \r\n \r\n وكان البند الاساسي في تلك الخطة ينص على قيام ثورة في وقت واحد في البصرة كبرى مدن جنوب العراق. وفي الموصل وكركوك، اي المدينتين الكرديتين في شمال العراق، وتكون المرحلة الثانية هي انضمام عدد من ضباط الجيش العراقي وجنوده إلى «الثورة» الشعبية بعد اندلاعها. ولم يكن هناك اي وجود للاستخبارات الاميركية لا في العراق ولا في البلدان المجاورة، مثل ايران والاردن وتركيا. \r\n \r\n وفي مارس 1995 قامت تلك «الثورة» وكان مصيرها الفشل الذريع، اذ لم يترك سوى زعيم كردي واحد، وانتهى الامر باعوام 130 عضواً من حزب الجلبي الذي استمر بفرض سيطرته على تنظيمه على الرغم من اتهامه من قبل الكثيرين بالفساد والعمل لحسابه الشخصي. \r\n \r\n \r\n وبسبب ذلك الفشل استبعدت الادارة الاميركية خطته بشكل كامل، فانتقل إلى لندن، حيث بدأ يمارس نشاطاته، وحاول ان يجمع حوله عدداً من المعارضين والمنفيين العراقيين. في الوقت الذي فضلت الادارة الاميركية انتهاج خطة جديدة للتخلص من صدام حسين تقوم على اساس القيام بانقلاب عسكري او سياسي، وليس عن طريق «الثورة» الشعبية او العصيان والتمرد. \r\n \r\n \r\n بالمقابل استمر احمد الجلبي بحملته ضد صدام حسين ونظامه في وسائل الاعلام المختلفة وكذلك بواسطة اعضاء في الكونغرس الاميركي بعد شعوره بأن الادارة الاميركية قد تخلت عنه في شمال العراق، في الوقت نفسه برز حزبه وكأنه نقطة تجمع للمحافظين ولكبار المسئولين السابقين الذين كانوا قد ساهموا في ادارة حرب الخليج لعام 1991 إلى جانب الرئيس جورج بوش الاب. \r\n \r\n \r\n وفي فبراير 1998 قام اربعون من كبار الشخصيات الاميركية بتوقيع مذكرة وجهوها للرئيس الاميركي بيل كلينتون وحذروا فيها من ان صدام حسين يمثل تهديداً للسلام في المنطقة وفي العالم بسبب امتلاكه لاسلحة كيماوية وبيولوجية. \r\n \r\n \r\n وكان من بين الموقعين كاسبار واينبرغر ودونالد رامسفيلد وغيرهما ممن طالبوا بضرورة ان تدعم الادارة الاميركية انتفاضة شعبية ضد الحكم العراقي القائم على اساس ان نقطة ضعف صدام حسين الاساسية تكمن في فقدانه لاية شعبية، اذ انه يقيم سلطته على القمع، كما اشار الموقعون ايضاً إلى ان اللحظة مناسبة للثورة. \r\n \r\n \r\n ولقد احتوت تلك المذكرة على توصيتين اساسيتين تقول الاولى بضرورة الاعتراف بالمؤتمر الوطني العراقي كحكومة مؤقتة مقرها شمال العراق، وتطالب التوصية الثانية بالافراج عن الاموال العراقية المجمدة منذ حرب الخليج عام 1991 والتي تصل إلى 1.5 مليار دولار اميركي، بحيث يتم استخدام هذا المبلغ لتمويل نشاطات الحكومة المؤقتة. لكن هذه المذكرة وسواها من الطلبات التي تقدم بها الاعضاء الجمهوريون في الكونغرس الاميركي لم تفلح في اقناع الادارة الديمقراطية. \r\n \r\n \r\n لكن تحت ضغوط الكونغرس وقع الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بعد ثمانية شهور ما عرف ب «ميثاق تحرير العراق» والذي تم بموجبه تخصيص مبلغ 97 مليون دولار لتدريب المعارضة العراقية وتسليحها. \r\n \r\n \r\n أولويات متضاربة \r\n \r\n \r\n حتى نهاية عام 2001 لم يتسلم المؤتمر الوطني العراقي سوى مليون دولار من المبلغ المخصص بسبب ارتياب الادارة الاميركية فيه، غير ان وزارة الخارجية الاميركية منحت المؤتمر مبلغ 10 ملايين دولار كاجراء روتيني مستقل. هذا وقد شكل الموقف من صدام حسين جزءاً من الحملة الانتخابية لجورج دبليو بوش وآل غور اثناء المنافسة بينهما للفوز في انتخابات الرئاسة عام 2000 . \r\n \r\n \r\n حيث ان كلا منهما وعد بتقديم الدعم الكبير للمعارضة العراقية. واكد بوش انه سوف يقصي صدام تماماً عن السلطة في حال مواصلته لانتاج اسلحة الدمار الشامل وبعد انتهاء الانتخابات اكدت كوندوليزا رايس ان العراق لا يشكل أولوية بالنسبة للادارة الاميركية الجديدة، حيث كانت ترى ان مشكلة صدام حسين انما هي مشكلة صغيرة، في حين ان هناك مشكلات اكثر خطورة، مثل روسيا والصين وتوسيع حلف شمال الاطلسي والعلاقات الجديدة التي ينبغي سحبها مع الهند والقارة الافريقية. \r\n \r\n \r\n لكن آخرين في ادارة الرئيس بوش لم يكونوا يشاطرون رايس الرأى، بل كانوا يرون ان التخلص من صدام حسين يشكل اولوية منذ حرب الخليج عام 1991. ثم ان العديد من اولئك الذين كانوا قد وقعوا العريضة التي تم تقديمها للرئيس الاميركي بيل كلينتون وطالبوه فيها بضرورة القضاء على صدام قد انضموا إلى الادارة الاميركية الجديدة. \r\n \r\n \r\n ومن بينهم دونالد رامسفيلد وبول ولفويتز احد المتشددين في معسكر المحافظين الجدد، والذي كان قد جمع حوله كبار المحافظين من المدنيين العاملين في البنتاغون والذين تعاظم نفوذهم بعد تفجيرات 11 سبتمبر بشكل خاص. وقد كان هؤلاء من الاكثر تحمساً للقيام بعمل عسكري ضد صدام حسين وكذلك القيام بأعمال وقائية ضد الارهاب الدولي.. من هنا اصبح المفهوم الوقائي بمثابة الاطروحة السائدة في السياسة الخارجية لادارة بوش. \r\n \r\n \r\n وكان من بين الموقعين على العريضة المقدمة للرئيس بيل كلينتون ريتشارد بيرل الذي عمل لفترة طويلة كمساعد لوزير الدفاع الاميركي في ظل ادارة رونالد ريغان والذي اصبح فيما بعد رئيس مجلس سياسات الدفاع في عهد الرئيس جورج دبليو بوش. وهذه الادارة هي الجهة التي تقدم المشورة لوزارة الدفاع الاميركية في القضايا الاستراتيجية، وكان بيرل قد استغلها من اجل الترويج لفكرة التخلص من صدام حسين. \r\n \r\n \r\n ولقد كانت هناك علاقة قديمة ربطت بين احمد الجلبي وكل من بيرل وبول وولفويتز. كذلك وطد الجلبي علاقاته مع آخرين من بينهم رامسفيلد ومع شخصية ديمقراطية هي وولسي الذي كان في فترة سابقة على رأس وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وفي آواخر عام 2001 نشرت الصحافة الاميركية عدة مقالات كان وراءها بيرل وولسي تمت فيها الدعوة إلى مد الحرب من افغانستان إلى العراق. \r\n \r\n \r\n وكانت تلك المقالات وراء اثارة نقاشات طويلة حول الخطر الذي يمكن للعراق ان يمثله. وتعالت اصوات المحافظين الجدد المتشددين التي تحذر من مغبة الانتظار على صدام الذي يمكن برأيهم ان يزود الارهابيين بأسلحة الدمار الشامل. وظهر في الاطار نفسه خلاف واضح بين الخارجية ممثلة بكولن باول ومساعده ارميتاج وبين وزارة الدفاع. \r\n \r\n \r\n وتجدر الاشارة إلى ان ارميتاج كان من بين الموقعين على المذكرة الموجهة لكلينتون لكنه كان معارضاً للخطة التي تقدم بها الجلبي من اجل الاطاحة بنظام صدام حسين. \r\n \r\n كان ارميتاج يرى في الخطة المقدمة لضرب صدام حسين بعض التهور وعدم التعقل اذ قال لاحد اصدقائه «نحن لا نعلم كيف ستسير الامور في العراق اذا استولى هؤلاء المجانين على البلد. ثم ان الشيطان الذي نعرفه افضل من الشيطان الذي لا نعرفه». وقد كان ارميتاج يبدو واثقاً من القدرة على عرقلة خطة الجلبي. لكنه كان يردد في الوقت نفسه بان ديك تشيني مصمم في المضي بتنفيذها، وهو يعلم انها سوف تنتهي إلى كارثة. \r\n \r\n \r\n اما كولن باول، الذي كانت تعتريه الريبة حيال نوايا المؤتمر الوطني العراقي، فقد ابتعد عن المسرح تاركاً لمساعده ارميتاج الذي يوليه ثقته التامة العمل على تأخير تلك الخطة اربعة او خمسة اشهر لان هناك طرقاً اخرى غير القوة العسكرية للتخلص من صدام حسين. \r\n \r\n \r\n ان النجاح المبكر الذي حققته القوات الاميركية في طرد طالبان من السلطة في افغانستان حسن من موقف جلبي.. وفي شهر ديسمبر 2001 قدم خطة جديدة تقوم على قصف القوات العراقية ونشر عدة آلاف من القوات الاميركية الخاصة. كذلك طالب الجلبي باشراك ايران في الحرب ضد صدام،. \r\n \r\n \r\n \r\n حيث كان يعتقد بإن الحكومة الايرانية الجديدة وحليفة واشنطن في الحرب ضد طالبان في افغانستان سوف تسمح لقواته بالعبور من الحدود الايرانية إلى جنوب العراق. ثم بعد استقرار هذه القوات يتم الاعلان عن حكومة مؤقتة. \r\n \r\n تعترف بها واشنطن على الفور، ويعطي الاكراد في الوقت نفسه الانطباع بأنهم يستعدون للهجوم من الشمال، وفي هذه الحالة يكون امام صدام حسين احد خيارين، فإما ان يرسل قواته جنوباً لملاقاة القوات الاميركية او يحتفظ بها حيث هي موجودة لحمايته من هجوم سينطلق في الشمال. \r\n \r\n \r\n تم عرض هذه الخطة الجديدة على البنتاغون التي عدلت فيها، ولكن العسكريين لم يكونوا مقتنعين بها بشكل كامل. ذلك ان اولئك الذين اعدوا الخطة ارادوا ان يعيدوا تطبيق ما جرى في افغانستان، لكنهم نسوا انه كانت هناك قوات تحالف الشمال، ومثل هذه القوات غير موجودة في العراق، كما ان قيام ثورة شعبية ضد صدام لم يكن مضمون النتائج. \r\n \r\n \r\n بشكل عام كان هناك شبه رفض كامل لخطة احمد الجلبي من قبل العسكريين بشكل خاص. كما اثيرت تساؤلات كثيرة حول فترة ما بعد صدام، خاصة انه كانت هناك الخشية من قيام حرب اهلية. بل كان هناك من يردد: «نعم صدام انسان سييء، ولكن عراق مستقر خير من عراق يفتقر إلى الاستقرار». \r\n \r\n \r\n ومع انتهاء عام عام 2001 لم تكن قد توضحت بعد نوايا جورج دبليو بوش تجاه صدام، وان كانت وزارة الخارجية قد استمرت في تزويد المعارضة العراقية بالاموال. \r\n \r\n \r\n الاقتراب \r\n \r\n \r\n ظلت ادارة جورج دبليو بوش منشقة على نفسها، حتى ربيع 2002 فيما يتعلق بالعراق. وكان هناك اجماع حول ضرورة الاطاحة بصدام حسين، ولكن كان هناك خلاف حول وسيلة الوصول إلى ذلك. وقد اعطى الرئيس بوش مهلة للمسئولين حتى 15 ابريل لعرض مقترحاتهم. \r\n \r\n \r\n كان السؤال الأساسي ينحصر بمعرفة عدد القوات المطلوب مشاركتها في الهجوم وهل ينبغي قصف بغداد منذ البداية؟ من هو زعيم المعارضة الذي يمكن تنصيبه بصورة مؤقتة خلفاً لصدام حسين؟ هل سيرد الجيش العراقي على الهجوم؟ وكيف؟ هل بالانسحاب أم بالانقضاض على صدام أو بالتصدي للهجوم. \r\n \r\n \r\n في هذا السياق تزايد التوتر بين وزارة الخارجية والبنتاغون، بل تحول الى عداء شخصي، وكان المفروض في مثل هذه الحالات ان تتدخل مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس للتوفيق بين الاطراف المتنازعة، غير ان الأمور ازدادت تعقيداً بعد سلسلة من الاستقالات بحيث انه لم يكن هناك في مارس 2002 خبير بشئون العراق في مجلس الأمن القومي. \r\n \r\n \r\n لقد انشغل صقور الدعوة للحرب ضد خصومهم بالنزاع حول جدوى الاستفادة من احمد الجلبي، فالقيادة المدنية في البنتاغون كانت تصر على ان المؤتمر الوطني العراقي هو الوحيد القادر على رئاسة المعارضة. وقد كانت البنتاغون ومكتب ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي هما الوحيدان اللذان يؤيدان ذلك الموقف. \r\n \r\n \r\n وفق ما أكده أحد المطلعين. وكان الانتقاد الموجه للجلبي من مناوئي مثل هذا الموقف هو انه على الرغم من السنوات الطويلة والأموال التي تلقاها فإنه لا يتمتع بأي شعبية في العراق وإنما الاعتماد عليه لن يفيد الأميركيين بأي شكل. \r\n \r\n \r\n وقد عملت الخارجية الأميركية مع وكالة الاستخبارات المركزية من أجل محاولة ايجاد ائتلاف من المعارضة ثم يتم استثناء جلبي منه مع محاولة اقناعه هو وحزبه بأن ذلك قد يؤدي الى نتيجة إيجابية. وبدا ان أجنحة المعارضة تتألف بالفعل، وبدأ في الوقت نفسه الحديث عن عدد القوات التي ينبغي إعدادها لغزو العراق. \r\n \r\n \r\n لكن بدا أيضاً أن توفير العدد المطلوب سوف يطرح مشكلة لكن الصقور في الإدارة الأميركية روّجوا لفكرة مفادها ان مجرد إظهار القوة سيشعل نار الثورة ضد صدام وان هذه الثورة سوف تمتد سريعاً إلى عموم أنحاء البلاد. كما خفف هؤلاء من حدة المخاوف التي أبدتها بعض الدول العربية من التداعيات التي قد تحدث في العراق, وهذا ما رد عليه ريتشارد بيرل بالقول: «إن العرب شأن كل الشعوب في العالم يحبون المنتصر وسوف يؤيدونه». \r\n \r\n \r\n ومن المهم هنا فتح قوسين لمعرفة هوية المسئول العسكري الذي سيقود الحملة ضد العراق. انه الجنرال تومي فرانكس وقد أكد هذا الجنرال انه يجب الإعداد الجيد للقوات التي سوف تشارك في الحرب قبل البدء بأي هجوم، وقد كان شديد الإصرار على هذا الرأي على الرغم من الضغوط الكبيرة التي مارسها المدنيون في البنتاغون. \r\n \r\n \r\n وفيما يتعلق بموعد بدء تلك الحرب كان أحمد الجلبي وأنصاره ومؤيدوه في البنتاغون يروجون منذ الأشهر الأولى لعام 2002 انها سوف تكون في الربيع. أما عن امكانية معارضة فرنساوروسيا للغزو فقد كان الجلبي ومن معه يعتقدون انه من الممكن اقناعهما على أساس انهما ستستفيدان من حقول النفط الموجودة في جنوب العراق. \r\n \r\n \r\n كما ان الجلبي يواصل الاتصال بشركات النفط الأميركية للتأكد من انها ستسارع للعمل في حقول النفط حين يمكن الحصول على عائداته لتسيير أمور الحكومة العراقية المؤقتة. \r\n \r\n \r\n وكان موقف إسرائيل من المسائل الحساسة جداً بالنسبة للإدارة الأميركية، إذ كانت من أشد المتحمسين لضرب العراق، لذلك كان ينبغي اتخاذ عدة اجراءات أمنية تمّت سراً. وإذا كانت زيارة رئيس وزرائها لواشنطن في فبراير 2002 من أجل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن الأهم كان اطلاع شارون على نوايا الرئيس بوش تجاه صدام حسين واقناعه بعدم الرد على أي استفزاز، كما حدث في حرب الخليج عام 1991. \r\n \r\n \r\n وقد تم الاتفاق بين الجانبين على ابلاغ اسرائيل مقدماً بموعد بدء الهجوم على العراق وايضاً بخصوص نشر قوات أميركية في غرب العراق حيث يمكن اطلاق صواريخ من هذا الجانب تصل إلى إسرائيل. \r\n \r\n \r\n غير أن المسئولين الإسرائيليين رفضوا اعطاء تأكيدهم بعدم الرد على إطلاق صواريخ تطالهم، بل صرح أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي بأن شارون أكد ان اسرائيل ستسارع بالرد إذا ما ضُربت. فالوضع عام 1991 كان مختلفاً، إذ كانت الدولة العبرية لا تريد يومها الاساءة الى العلاقات العربية الأميركية. \r\n \r\n \r\n أما هذه المرة فالوضع لا يحتمل السكوت. ففي حين اعتبر الغرب ان عدم رد اسرائيل عام 1991 كان أمراً حكيماً، فإن العرب لم ينظروا له بالصورة نفسها، وقد جاء على لسان المسئول الاسرائيلي: «على الجميع العلم بأن ردنا سوف يكون اضعاف قوة الضربة التي قد تلحق بنا، ولا أحد يجرؤ على مطالبتنا بعدم الرد. \r\n \r\n كذلك حذرت إدارة بوش إسرائيل من امكانية تزويد صواريخ «سكود» العراقية بمواد كيماوية غير أن اسرائيل كانت تعتقد بأن صدام حسين قد يفضل القيام بذلك عن طريق الطائرات وليس بواسطة الصواريخ وان هذا سيكون أكثر سهولة بالنسبة لإسرائيل. \r\n \r\n \r\n في هذا الشأن قال أحد مساعدي ارميتاج بأن تهديد اسرائيل وإمكانية ردها إذا ما تعرضت للقصف ينبغي أخذهما بعين الاعتبار ذلك «ان وقوفها الى جانب الولاياتالمتحدة في حربها ضد العراق سيجعل العالم العربي كله وليس عناصر الارهاب فقط ضدنا». \r\n \r\n \r\n بيرل ودعوة للغداء \r\n \r\n \r\n في أحد أيام يناير 2003 قام المليونير عدنان خاشقجي بدعوة ريتشارد بيرل لتناول الغداء في فرنسا.كان بيرل قد نشط في اطار الحملة الانتخابية الرئاسية لجورج دبليو بوش لكنه رفض مع ذلك قبول أي منصب في الإدارة الأميركية الجمهورية، إلا انه في منتصف عام 2001 قبل العرض الذي قدمه رامسفيلد له بأن يتولى رئاسة مجلس سياسات الدفاع الذي يضم حوالي ثلاثين من كبار الخبراء والباحثين الأكاديميين والضباط المتقاعدين والرؤساء السابقين لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. \r\n \r\n \r\n وكان هؤلاء يجتمعون في إطار المجلس المذكور عدة مرات كل سنة في وزارة الدفاع الأميركية من أجل تقويم الأوضاع الاستراتيجية وبحث الشئون الدفاعية للبلاد، وتجدر الاشارة إلى أن معظم أعمال هذا المجلس تحاط بالسرية التامة. \r\n \r\n \r\n ومن المعروف ايضاً عن بيرل انه من أكثر المعادين للدول العربية ضراوة، إذ سبق له ان أدلى بتصريحات قال فيها إن السعودية تشكل جزءاً من مشكلة الإرهاب، وكان بالاضافة الى عمله في البنتاغون أحد كبار المسئولين في شركة تعمل في ميدان الصناعات الدفاعية. \r\n \r\n \r\n هكذا إذن التقت مصالح الجميع، فالمليونير عدنان خاشقجي يريد الاستثمار في تلك الشركة التي يعمل فيها بيرل والذي كان يهمه أيضاً زيادة الاستثمارات في «شركته» لاسيما وان خاشقجي قد وعد باستثمارات أخرى بحيث تصل قيمة مجموع الاستثمارات إلى 100 مليون دولار. \r\n \r\n \r\n مع الاشارة الى ان خاشقجي سيستفيد من عمولة الوساطة, لكن لم يكن الاستثمار وحده هو هدف خاشقجي، بل كان هناك هدف آخر، فهو عراقي المولد، وكان يحاول أن يكون له دور لمنع الحرب من خلال توصله الى رجل مثل بيرل. \r\n \r\n \r\n لقد تم اللقاء بين الرجلين في مدينة مرسيليا أكبر ميناء فرنسي مطل على البحر الأبيض المتوسط في 3 يناير 2003، أما الغرض الحقيقي من ذلك اللقاء فقد اختلفت حوله الآراء، إذ وفقاً لعدنان خاشقجي ورجل أعمال آخر كان برفقته اثناء اللقاء، فإنه كان هناك موضوعان أساسيان. \r\n \r\n \r\n الموضوع الأول هو محاولة البحث عن بديل للحرب على الرغم من أن خاشقجي وبيرل كانا على دراية بأن مثل هذا المطلب كان بعيد المنال، أما الموضوع الثاني فقد كان يخص مشاركة عشرة من رجال الأعمال السعوديين في الاستثمارات بالشركة التي كان بيرل أحد كبار مسئوليها. \r\n \r\n \r\n لكن ما تبدّى من ذلك اللقاء يدل على انه لم يتحقق أي من هذين المطلبين، حيث أكد بيرل صراحة أن اهتماماته السياسية تفوق كثيراً اهتماماته المالية، وان مسألة الاستثمار تمر حصراً من خلال الشركة التي يعمل بها. \r\n \r\n \r\n إن أنباء هذا اللقاء تسربت إلى الصحافة ووصفته بأنه يندرج في إطار اللقاءات الرامية لمحاولة البحث عن مخرج للأزمة العراقية وتفادي وقوع الحرب، لكن بيرل رد على ذلك بنفيه القاطع أنه كانت للقاء مرسيليا أي خلفية سياسية، وان ما نشرته الصحافة لا أساس له من الصحة. \r\n \r\n