رئيس المنتدى الزراعي العربي: التغير المناخي ظاهرة عالمية مرعبة    هشام نصر يوجه الشكر إلى اللجنة المنظمة لبطولة إفريقيا للأندية أبطال الكؤوس    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    بالمخالفة للدستور…حكومة الانقلاب تقترض 59 مليار دولار في العام المالي الجديد بزيادة 33%    بالصور.. نائب محافظ البحيرة تلتقي الصيادين وتجار الأسماك برشيد    عباس كامل في مهمة قذرة بتل أبيب لترتيب اجتياح رفح الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    قناة الحياة تحتفل بعيد تحرير سيناء بإذاعة احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    مباشر الدوري الإنجليزي - برايتون (0)-(3) مانشستر سيتي.. فودين يسجل الثالث    «ترشيدًا للكهرباء».. خطاب من وزارة الشباب ل اتحاد الكرة بشأن مباريات الدوري الممتاز    "انخفاض 12 درجة".. الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة الحالية    أحمد عبد الوهاب يستعرض كواليس دوره في مسلسل الحشاشين مع منى الشاذلى غداً    محمد الباز: لا أقبل بتوجيه الشتائم للصحفيين أثناء جنازات المشاهير    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    دعاء قبل صلاة الفجر يوم الجمعة.. اغتنم ساعاته من بداية الليل    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    افتتاح مبهر للبطولة الإفريقية للجودو بالقاهرة    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    عودة ثنائي الإسماعيلي أمام الأهلي في الدوري    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    تأمين امتحانات الترم الثاني 2024.. تشديدات عاجلة من المديريات التعليمية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 42 مليون جنيه خلال 24 ساعة    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    مدحت العدل يكشف مفاجأة سارة لنادي الزمالك    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موقف مذهل من المؤسسات الدولية، تحول جذري في السياسة الأميركية مع بدء رئاسة بوش
نشر في التغيير يوم 14 - 02 - 2005


\r\n
\r\n
\r\n
ومنظمة الدول الأميركية. وجاءت عقيدة بوش الجديدة مختلفة تماما عن ذلك كله، وأصبح جوهر الاستراتيجية الأميركية الجديدة يقوم على أساس عسكري، توجيه ضربات ضد عدو محتمل، بصورة منفردة.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن دون تحالفات إذا لزم الأمر، وذلك قبل أن تتاح لمثل هذا العدو الفرصة لضرب أميركا. وأصبحت الحروب، التي تمثل تقليديا الخيار الأخير الذي يتم اللجوء إليه، مسألة تخضع لاختيار مؤسسة الرئاسة.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى الكاتب أن هذا التغير في الاستراتيجية يمثل تحولا ثوريا. فقد استبدل بوش سياسة كانت تهدف إلى تحقيق السلام من خلال منع نشوب الحرب، بسياسة تهدف إلى السلام من خلال شن حرب وقائية.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد قام بإحداث هذا التغيير بهدوء ونعومة ومهارة، من دون أن يلفت الانتباه إلى أن هناك تعديلا جوهريا بالسياسة الخارجية ومن دون أن يثير نقاشا قوميا حول التغيير الجذري الذي أحدثه.
\r\n
\r\n
\r\n
وكانت استراتيجية الاحتواء والردع قد بدأ تنفيذها الرئيس ترومان قبل أكثر من نصف قرن مضى. واعتمدها من بعد، الرئيس ايزنهاور كسياسة تمثل الحزبين، ثم عززها الرؤساء كيندي، جونسون، ونيكسون (مع بعض التعديلات) ثم كارتر وريجان (مع بعض التغييرات)، وجورج بوش الأب وكلينتون. وطوال سنوات الحرب الباردة، لم يتم مطلقا ذكر عبارة الحرب الوقائية، وكان الكثيرون يعتبرون مؤيديها مجرد معتوهين.
\r\n
\r\n
\r\n
فخلال فترة إدارة ترومان، دعا فرانسيس ماثيوس، أحد كبار مسؤولي سلاح البحرية إلى شن حرب على الاتحاد السوفييتي كوسيلة لاجباره على التعاون من أجل السلام، ولكن سرعان ما وبخه الرئيس وكتب ترومان في مذكراته: «لقد كنت دائما معارضا لمجرد فكرة شن حرب مثل هذه، ليس هناك أمر أكثر غباء من الاعتقاد بأن حربا يمكن وقفها بشن حرب. فليس بالامكان «منع» أي شيء بالحرب سوى السلام».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي 1954 سأل الصحافي جيمس ريستون من صحيفة «نيويورك تايمز» الرئيس دوايت ايزنهاور خلال مؤتمر صحافي عما يعتقده بشأن حرب وقائية. فأجاب ايزنهاور: «بالنسبة لي، فإنني أرى استحالة شن حرب وقائية. انني لا أعتقد بمثل هذه الحرب، وصراحة فإني لن أستمع لأي شخص بجدية عندما يحدثني في هذا الموضوع».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي 1962، عندما كانت إدارة كيندي في خضم أزمة الصواريخ النووية السوفييتية في كوبا، أوصت هيئة الأركان المشتركة بازالة الصواريخ من خلال شن هجوم وقائي. فوصف روبرت كيندي فكرة هيئة الأركان بأنها: «بيرل هاربور بطريقة عكسية». وأضاف: «لقد دأبنا على مدار 75 سنة على ألا نكون دولة تلجأ إلى مثل هذا النوع من الحروب». لكن يبدو ان الرئيس بوش قد تبنى موقفا مختلفا.
\r\n
\r\n
وقال المؤلف انه اذا نظرنا إلى الأربعين عاما من الحرب الباردة، فسوف نجد ان المعتوهين على الجانبين كانوا بدون صلاحيات أو سلطات لتنفيذ أفكارهم. ومع ذلك فإنه في 2003 أصبح هؤلاء يتحكمون في وزارة الدفاع الأميركية، وأصبحت الحرب الوقائية عقيدة بوش هي السياسة الرسمية الآن.
\r\n
\r\n
\r\n
وإذا كان اليابانيون قد لجأوا قبل ستين عاماً الى هذه السياسة بشن هجوم على البحرية الاميركية في بيرل هاربور، فان مثل تلك السياسة كانت بمثابة وصمة عار بالنسبة لليابانيين، لكن الولايات المتحدة تطبق السياسة نفسها الآن من دون ان ترى فيها أي خزي او عار.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف انه على ضوء السمعة السيئة التي تلازم فكرة «الحرب الوقائية» فان ادارة بوش تفضل عبارة الحرب الاحترازية، وقد اقتفى اثرها الكثيرون.
\r\n
\r\n
\r\n
والاختلاف بين الحرب الوقائية والحرب الاحترازية اختلاف كبير، يصل الى حد الاختلاف بين الشرعية واللاشرعية، فالحرب الاحترازية تشير الى تهديد مباشر، فوري، ومحدد ويجب سحقه في الحال، وكما يعبر مؤلفو كتيب وزارة الدفاع: «هو هجوم» اما الحرب الوقائية فتشير الى تهديدات مستقبلية محتملة لكنها غير مؤكدة.
\r\n
\r\n
\r\n
وابلغت كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس بوش للأمن القومي المكتب الصحافي بالبيت الابيض ان «دانييل وبستر كتب بالفعل دفاعاً شهيراً جداً عن الدفاع الذاتي الاحترازي». ولكن من الواضح ان الدكتورة رايس، العميدة السابقة لجامعة ستانفورد، لا تعرف شيئا عن التاريخ الاميركي، فالتصريح الشهير لوزير الخارجية .
\r\n
\r\n
\r\n
وبستر في عام 1841 جاء فيه ان الحرب الاحترازية يمكن ان يكون لها ما يبررها فقط اذا ما اظهر «المهاجم ضرورة لحالة من الدفاع عن النفس بشكل فوري وشامل ولا تتيح أي وقت للتفكير او استخدام وسائل اخرى». ولكن الحرب الوقائية ليس لها مثل هذه الامور التي تعطيها مشروعيتها، فهي تقوم على اساس تنبؤات وعلى معلومات من مصادر مشكوك فيها.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف ان تصاعد حدة الارهاب الدولي يؤكد تحول ادارة بوش من سياسة الاحتواء والردع الى الحرب الوقائية كأساس للسياسة الاميركية، وعلاوة على كل ذلك، فان الحرب الباردة كانت منافسة قديمة الطراز بين دول تتمتع بالسيادة، وكيانات مرئية ذات حكومات يمكن محاسبتها على قراراتها لكن الارهابيين الدوليين هم اشخاص غير مرئيين، ولا يمكن محاسبتهم، وبالتالي فان الارهاب الدولي يستدعي وضع استراتيجيات جديدة.
\r\n
\r\n
وفي خطابه في وست بوينت في اول يونيو 2002 رفض بوش بشكل ضمني استراتيجية الاحتواء والردع كأسلحة كافية في الحرب ضد الارهاب، وقال بالحرف الواحد: «انه يجب علينا ان ننقل ساحة القتال الى العدو.. وان نواجه اسوأ التهديدات قبل ان تلوح امامنا، انه في العالم الذي ندخله فان الطريق الوحيد لسلامتنا هو طريق الحركة وسوف تتحرك هذه الامة».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي 19 يوليو من العام نفسه قال بوش في خطاب في فورت درم بنيويورك: «انه يجب على اميركا ان تتحرك في مواجهة هذه التهديدات الرهيبة قبل ان تتشكل بصورة كاملة».
\r\n
\r\n
ومثل هذه الخطابات مهدت الطريق امام صياغة بيان رسمي، في اطار استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة الاميركية، التي اصدرها البيت الابيض في سبتمبر 2002.
\r\n
\r\n
\r\n
تقول هذه الوثيقة انه على ضوء اهداف الدول المارقة والارهابيين فان «الولايات المتحدة لم تعد تستطيع الاعتماد فقط على رد الفعل كما كانت تفعل في الماضي، ففي ظل عدم القدرة على ردع مهاجم محتمل.
\r\n
\r\n
\r\n
والطابع الفوري للتهديدات الراهنة وجسامة الضرر المحتمل الذي يمكن ان يتسبب فيه اختيار اعدائنا للأسلحة، فانه يتعين علينا ألا نسمح باعطائهم هذا الاختيار ويجب علينا ألا نترك اعداءنا بأن يبادروا بالهجوم علينا».
\r\n
\r\n
أساليب مختلفة
\r\n
\r\n
\r\n
بالاضافة الى الأساليب البوليسية والمخابراتية لمكافحة الارهاب الدولي، تدعو استراتيجية الامن القومي الى المبادرة بالقيام بعمل عسكري يقوم على اساس مستويات اكثر غموضاً من تلك المستويات التي ارساها دانييل وبستر وفعليا فان التطبيق الوحيد الجاد للقوة الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
والذي تم تنفيذه حتى الآن كان مجرد هجوم تقليدي على دولة ذات سيادة، لم تكن الحرب على العراق حرباً احترازية، او حربا تم شنها على أساس دليل دامغ بأن الهجوم من جانب عدو أصبح وشيكاً.
\r\n
\r\n
\r\n
ووفقاً لما قاله جورج تينت مدير المخابرات المركزية الأميركية «سي.آي.إيه» فإن تحليلات المخابرات لم تذكر مطلقاً أي شيء عن تهديد وشيك. لقد كانت الحرب على العراق حرباً وقائية.فمن أين جاء بوش بهذه الفكرة الثورية ليجعل من الحرب الوقائية أساساً للسياسة الخارجية الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
يبدو من الواضح أن بوش رأى أن الوضع الفريد للولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة على المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية يتيح فرصة غير مسبوقة لأميركا لفرض قيمها على الدول الأخرى، وبالتالي ينقذ هذه الدول من نفسها. كما اقتنع بأن الهيمنة سوف تعطي للولايات المتحدة القدرة على الترويج لمبادئ الديمقراطية والأسواق الحرة والمشروعات الخاصة وبالتالي السيطرة على المستقبل.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف إن حالة الهيمنة العالمية من خلال الفعل الأحادي الجانب طرحت للمرة الأولى في 1992 في تقرير غامض العبارات وقعته وزارة الدفاع الأميركية، وحاز على موافقة بول ولفوويتز وديك تشيني، إلا أن إدارة بوش الأب رفضته جملة وتفصيلاً.
\r\n
\r\n
\r\n
وعارض ولفوويتز قرار الرئيس بوش في 1991 بعدم مواصلة الضغط على بغداد والتخلص من صدام حسين إلى الأبد. وفي 1996 دعت وثيقة أعدها ريتشارد بيرل ودوغلاس فيث وآخرون لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى «ضرورة التركيز على الاطاحة بحكم صدام حسين في العراق». وهي رؤية اعتبرها المتشددون تخدم المصالح الإسرائيلية.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عام 1998 كان دونالد رامسفيلد وولفوويتز وبيرل من بين 18 شخصاً وقعوا على خطاب مفتوح إلى الرئيس كلينتون يحثونه على أن تصبح عملية تغيير النظام في العراق هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ويمثل كتاب «أميركا بلا قيود» الصادر في العام الماضي لمؤلفيه آيفو دالدر وجيمس ليندساي، وهما عالمان سياسيان بمعهد بروكينغز، تحليلاً مفيداً للغاية لما وصفه المؤلفان ب «ثورة بوش في السياسة الخارجية». ويرى المؤلفان أن هناك مجموعتين من مستشاري مؤسسة الرئاسة توحدهما رؤية سياسية مشتركة، لكنهما منقسمان حول الهدف النهائي.
\r\n
\r\n
\r\n
تضم المجموعة الأولى التي تُعرف الآن باسم «المحافظين الجدد» بول ولفوويتز، ريتشارد بيرل، دوغلاس فيث، لويس ليبي، اليوت ابرامز، ومن خارج الحكومة وليام كريستول، روبرت كاجان، تشارلز كروثامر وجوشوا مورافيشيك. والمجموعة الثانية يتزعمها «القوميون» وعلى رأسهم نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
\r\n
\r\n
\r\n
ويتبنى المحافظون الجدد رؤية محددة، ويريدون إعادة تشكيل العالم وفقاً للتصور الأميركي، بينما يعد القوميون من السياسيين المتشددين الذين يريدون أن تستخدم أميركا قوتها لإرهاب الدول المنافسة وسحق التهديدات المحتملة للأمن الأميركي. ويجمع بين المجموعتين احتقارهما للمؤسسات الدولية ومناصرتهما للحرب الوقائية.
\r\n
\r\n
\r\n
كما اتفقت المجموعتان على ضرورة منع إحداث تغيير بالنظام العراقي أولوية قصوى بالسياسة الخارجية الأميركية. وبعد عشرة أيام من تولي بوش منصب الرئاسة، ركز الاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي مناقشاته على العراق. وقال وزير الخزانة بول أونيل: «لقد أصبح تركيز إدارة بوش منصباً الآن على العراق، بعد مداولات المجلس».
\r\n
\r\n
\r\n
وبعد سبعة شهور شن إرهابيو القاعدة هجماتهم على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون. وكان رد الفعل المنطقي هو غزو افغانستان والقضاء على اسامة بن لادن ومن يحتمي بهم، اي نظام طالبان. وتم بالفعل تنفيذ هذه الخطة، الا ان الاهتمام عاد مرة اخرى ليتركز على صدام حسين والعراق. وكانت هذه هي اللحظة التي ينتظرها المحافظون الجدد والقوميون منذ اكثر من عقد من الزمان.
\r\n
\r\n
\r\n
وسارع رامسفيلد ولفوويتز، اللذان كانا على اقتناع بأن ادارة بوش الاولى لم تقم بالمهمة في العراق على اكمل وجه، بوضع العراق على رأس اولويات جدول مؤسسة الرئاسة.
\r\n
\r\n
\r\n
كان رامسفيلد يؤيد فكرة شن حرب على العراق لأنه كان قد اقنع نفسه بأن صدام حسين ينشط في امتلاك اسلحة دمار شامل، وينشط في التحالف مع اسامة بن لادن، وان عملية نقل القاعدة العسكرية الاميركية في المنطقة الى عراق جديد خاضع للسياسة الاميركية امر مرغوب فيه.
\r\n
\r\n
\r\n
اما ولفوويتز فقد اقتنع هو الآخر بهذه الامور الثلاثة، بالاضافة الى ميله لتصورات المحافظين الجدد الخيالية القائلة ان اقامة ديمقراطية في العراق يمكن ان تؤدي الى اضفاء صبغة الحداثة والديمقراطية على العالم الاسلامي برمته، وبالتالي يصبح اقل عداء لاسرائيل.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي مقابلة مع مجلة «فانيتي فير» نشرت في يونيو 2003 حدد ولفوويتز اسلحة الدمار الشامل التي تخيلتها اذهان المحافظين الجدد وكذلك الشراكة مع القاعدة كسببين رئيسيين للذهاب الى الحرب ضد العراق. واضاف سببا ثالثا وهو تحرير الشعب العراقي الذي عانى طويلا من طاغية مستبد، الا انه قال «ان هذا في حد ذاته ليس سبباً يجعلنا نضحي بارواح ابنائنا».
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن بعد فشل الجهود المبذولة لايجاد دليل على اسلحة الدمار الشامل، او دليل على التعاون بين صدام حسين واسامة بن لادن، فانه لم يتبق للادارة الاميركية سوى السبب الاخير لشن الحرب، وهو تحرير الشعب العراقي، وهو السبب الذي كان يعتبر تبريراً غير كاف لتعريض حياة الجنود الاميركيين للخطر.
\r\n
\r\n
\r\n
ومع ذلك فان ذلك يمثل حجة قوية. فلو ان الحكومة الاميركية انتهجت السياسة التي يؤيدها الكثير من الاميركيين، ومن بينهم مؤلف هذا الكتاب، اي سياسة الاحتواء والردع، ووضعت سياسة تهدف الى تشديد الحصار على صدام حسين ووضعه «داخل صندوق» وفقاً للتعبير الاميركي، فان هناك احتمالاً في ان يظل في السلطة رغم مثل هذا الحصار المشدد.
\r\n
\r\n
\r\n
وهي الحجة التي يسوقها مؤيدو الحرب. ولكن هناك الكثير من الاشرار في هذا العالم، فهل الولايات المتحدة مضطرة لاستئصالهم جميعا؟
\r\n
\r\n
\r\n
ضغوط المحافظين الجدد
\r\n
\r\n
\r\n
يظل السؤال الرئيسي قائما من دون اجابة وهو: لماذا قرر بوش ومستشاروه المقربون شن حرب ضد العراق؟
\r\n
\r\n
\r\n
كانت الذريعة هي ان صدام يشكل خطراً على السلام. ورسمت الادارة الاميركية صورة مروعة لعراق مدجج بأسلحة الدمار الشامل وانه على وشك امتلاك قنابل نووية، كما انه على علاقة وثيقة باسامة بن لادن وتنظيم القاعدة.
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف انه ليس هناك شك في ان الادارة آمنت بهذه التصورات، وساعدت في ذلك مؤسسة المحافظين الجدد الذين شعروا بالاستياء تجاه التقويمات الحذرة الصادرة من الخارجية الاميركية والمخابرات المركزية، مما دفعهم الى انشاء مكتب للخطط الخاصة داخل البنتاغون قام باصدار معلومات استخباراتية ترضيهم وتقوم في معظمها على اساس معلومات يقدمها لاجئون سياسيون عراقيون في أميركا والغرب بصورة عامة.
\r\n
\r\n
كما مارس المحافظون الجدد ضغوطاً هائلة على المحللين داخل ال «سي.آي.ايه» ويتجلى ذلك بوضوح في زيارات تشيني المتكررة لمقر ال «سي.آي.ايه» ومطالبة مسؤولي المحافظين الجدد للمحللين تقديم المعلومات الاستخبارية في شكلها الخام ودون تقييمها.
\r\n
\r\n
\r\n
وأصبحت عبارة «من دون شك» تتصدر أي تصريحات يدلي بها المسؤولون الأميركيون. فقد قال نائب الرئيس ديك تشيني «ليس هناك شك في أن صدام حسين يمتلك الآن أسلحة دمار شامل»، بينما قال الرئيس بوش «إن المعلومات الاستخبارية التي جمعتها هذه الحكومة وحكومات أخرى لا تدع مجالاً للشك بأن النظام العراقي يواصل جهوده لامتلاك واخفاء أخطر الأسلحة التي تم تطويرها حتى الآن».
\r\n
\r\n
وعندما سأل أحد الصحافيين رامسفيلد عن المكان الذي يخبيء فيه النظام العراقي أسلحة الدمار الشامل، أجاب بكل ثقة: «إننا نعرف المكان الذي يخفي فيه صدام هذه الأسلحة».
\r\n
\r\n
\r\n
لكن كيف يمكن لصدام أن يستخدم هذه الأسلحة المميتة ضد جيرانه (بالاضافة الى أنه يفتقر إلى الصواريخ التي يصل مداها الى الولايات المتحدة) وذلك من دون أن يتلقى عقاباً مشروعاً من المجتمع الدولي؟ وإذا ما حاول صدام الاعتداء على دولة مجاورة، فإنه سيصبح صيداً سهلاً لبوش، كما انه لم يرتكب مثل هذا العدوان على مدى عشر سنوات. إذن فمن المؤكد انه لا يمثل خطراً صريحاً وراهناً للولايات المتحدة أو لأي دولة أخرى.
\r\n
\r\n
ويعود المؤلف لطرح السؤال الصعب: إذن لماذا الحرب على العراق؟ انها لم تكن لوقف الإرهاب الدولي، إذ انها تمثل تحولاً بعيداً عن ساحات الحرب ضد الإرهاب، بل انها أدت في الواقع الى ظهور مزيد من الإرهابيين. ولم تكن تهدف إلى انقاذ السلام من صدام حسين، فهو كان موضوعاً داخل الصندوق.
\r\n
\r\n
\r\n
أهداف كبرى
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف انه لا يعتقد أن بوش ذهب إلى الحرب من أجل مكافأة شركة هاليبرتون أو ارضاء اسرائيل أو الانتقام من محاولة اغتيال والده. وقد تكون هذه مجرد مكاسب هامشية للحرب، ولكنه رئيس يركز على الأفكار الكبيرة.
\r\n
\r\n
وربما يكون قد رأى أن أباه قد ارتكب خطأين قاتلين أديا إلى هزيمته، عند إعادة انتخابه في عام 1992، وان الابن مصمم على عدم تكرار ذلك الخطأ الأول هو أن بوش الأب نأى بنفسه عن اليمين الايديولوجي، والخطأ الثاني رفضه القيام بأمور كبرى.
\r\n
\r\n
والأمر الذي يجسد ذلك هو ما قاله الابن للصحافي المرموق بوب وودوارد: «إنني سأنتهز الفرصة لانجاز أهداف كبرى». لكن المؤلف أعرب عن تشككه في أن بوش يحلم بأن يصنع مكاناً له في التاريخ من خلال تحويل العالم العربي إلى ممثل ديمقراطي للولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان بوش قد قال في فبراير 2003: «إن قيام نظام جديد في العراق سوف يكون مثلاً ملهماً للحرية في الدول الأخرى بالمنطقة».
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى المؤلف أن الولايات المتحدة شنت حربين منفصلتين تمام الانفصال، حرباً ضد الإرهاب مجسداً في أسامة بن لادن، وحرباً ضد العراق مجسداً في صدام حسين. ويقول المؤلف انني لو كنت رئيساً لكنت قد أعطيت الحرب في أفغانستان الأولوية القصوى، حتى يتحقق الهدف الأكبر وهو تحطيم القاعدة وأسر أسامة.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن بوش اختار الحرب على العراق، وهو الاختيار الذي يعني تحويل التركيز والاهتمام والقوة العسكرية بعيداً عن الحرب ضد الإرهاب، بل والأهم من ذلك ان انتصار بوش على صدام أدى إلى ظهور جيل جديد من الإرهابيين، لتصدق مقولة السيناتور بوب جراهام الذي عارض مع 20 عضواً بمجلس الشيوخ قرار تفويض بوش شن الهجوم على العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان جراهام، الذي يرأس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، قد أشار إلى عدم وجود دليل على قيام تعاون بين صدام وابن لادن نظراً لاختلاف التوجهات بين الرجلين.
\r\n
\r\n
والآن وبعد تلاشي رؤية المحافظين الجدد في تحويل العالم الإسلامي إلى طريقة الحياة الأميركية، نرى أن رؤية جورج بوش الأب كانت صائبة إلى حد بعيد. فقد كان بوش الأب معتدلاً كرئيس، ولم يتسبب في إلحاق الضرر بالجمهورية.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الكتاب الذي ألفه مع الجنرال برنت سكوكروفت «عالم يتحول» الصادر في 1998، دافع بوش الأب عن قراره بعدم التقدم نحو بغداد في حرب الخليج 1991 قائلا:
\r\n
\r\n
\r\n
«ان محاولة التخلص من صدام كانت ستتضمن تكاليف إنسانية وسياسية غير محسوبة» وقال بوش الأب «لو أننا اخترنا طريق الغزو، لكانت الولايات المتحدة قد أصبحت قوة احتلال في أرض معادية تماماً لنا». أما وزير الدفاع في عهد بوش الأب فقد قال في 1991:
\r\n
\r\n
\r\n
«لن يكون من الواضح في حالة دخول بغداد ما الذي يمكننا أن نفعله. وما نوع الحكومة التي نضعها في السلطة، ومدى المصداقية التي يمكن ان تحصل عليها مثل هذه الحكومة إذا ما شكلتها القوات العسكرية الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
وتورط الجيش الأميركي في حرب أهلية داخل العراق سوف يجعلنا وسط مستنقع، وليست لدينا الرغبة في التورط في مثل هذا المستنقع» لقد كان ديك تشيني بنفسه هو الذي قال هذا الكلام ولكنه قاله وهو أصغر سناً وقبل تطورات شركة هاليبورتون.
\r\n
\r\n
غياب النقد
\r\n
\r\n
\r\n
يرى المؤلف أن قرار بوش بتحويل دفة السياسة الخارجية الأميركية لم يواجه سوى القليل من المعارضة والمناقشة. فقد كان الشعب الأميركي في حالة الهلع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، واعتقد الديمقراطيون ان انتقاد سياسات الرئيس سيتم تفسيرها بشكل خاطيء على أنه قصور في الوطنية. كما لعبت الصحافة والتلفزيون دوراً في تغييب الانتقاد والمناقشة.
\r\n
\r\n
\r\n
وخلت صفحات الرأي بكبرى الصحف الأميركية من الإشارة للأهمية الخطيرة في التحول إلى أسلوب الحرب الوقائية ليشكل أساساً للسياسة الخارجية الأميركية، فيما تم الترويج لتعليقات تشيني ورامسفيلد لتحتل العناوين البارزة في معظم الصحف الأميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم يجد المعارضون للحرب على العراق نافذة مفتوحة يعرضون فيها موقفهم بل أن أحد الأميركيين اضطر لأن يدفع لصحيفة «نيويورك تايمز» لنشر صفحة في صورة إعلان يشتمل على خطاب السيناتور روبرت بيرد القوي الذي ألقاه يوم 12 فبراير 2003، والذي يعارض فيه الحرب على العراق. وقد نشرت الصحيفة الإعلان يوم 9 مارس.
\r\n
\r\n
\r\n
وراحت صحيفة «نيويورك تايمز» وصحف أخرى تنشر تقارير إخبارية تتضمن روايات لمنفيين عراقيين، وهي الروايات التي لاقت قبولاً لدى وزارة الدفاع ورفضتها ال «سي آي أيه» ووزارة الخارجية عن أسلحة الدمار الشامل. وشأن السياسيين فقد عمدت وسائل الإعلام الأميركية إلى السير مع التيار خشية ان توصم بعدم الوطنية.
\r\n
\r\n
\r\n
وخلال عملية الاستعداد للحرب نشرت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» النص الكامل لخطاب وزير الخارجية الأميركي كولن باول أمام الأمم المتحدة، بينما أعطت مساحة ضئيلة للمتشككين في أسلحة الدمار الشامل العراقية. وأدى كل ذلك إلى إحباط مناهضي الحرب الوقائية وعدم الدخول في أية مناقشات قومية حول عقيدة بوش الجديدة.
\r\n
\r\n
\r\n
والأكثر من ذلك ان واشنطن بوست أجرت استطلاعاً في أغسطس 2003 جاء فيه أن 69% من الأميركيين لا يزالون يعتقدون ان صدام حسين، متورط شخصياً في الهجوم على المركز التجاري العالمي. من أين جاءوا بهذه الفكرة؟
\r\n
\r\n
ربما من الكلمات الرنانة لمسؤولي الإدارة الأميركية التي تسربت من خلال الصحافة. قد يكون صدام شخصية كريهة، لكنه ليست له يد في الهجوم على البرجين، وقد اعترف بوش بذلك يوم 17 سبتمبر 2003.
\r\n
\r\n
\r\n
كما لا ينبغي لنا التقليل من قدرة الرئيس بوش في شق طريقه. فهو رئيس اقلية فقد التصويت الشعبي بمعدل يزيد عن نصف مليون صوت. وكان اول رئيس اقلية وهو جون كوينسي آدمز.
\r\n
\r\n
وهو ابن لرئيس اميركي سابق، قد اعتذر في خطاب تولي ا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.