\r\n تظهر إحصائيات حول الدوريات الأميركية والعراقية أن أعمال العنف في بغداد ازدادت بعد أن سلم الأميركيون المسؤوليات الأمنية إلى العراقيين. فحسب إحصائيات كشف عنها الجيش الأميركي، قام الأميركيون في منتصف شهر يونيو من العام الماضي بما متوسطه 360 دورية في اليوم. في حين بلغ عدد الدوريات بحلول فبراير من هذه السنة 92 دورية في اليوم، وهو ما يمثل انخفاضاً بأكثر من 70 في المئة. ولئن كانت أول كتيبة عراقية تتسلم المهام الأمنية ببغداد قد كلفت بتوفير الأمن بجزء صغير منها في أوائل العام الماضي، فإن الجنود وأفراد الشرطة العراقيين باتوا يتزعمون اليوم جهود توفير الأمن في أكثر من 70 في المئة من المدينة، بما في ذلك الأحياء العنيفة. كما أضحوا يراقبون جميع نقاط التفتيش في بغداد، والبالغ عددها نحو 6000. \r\n الواقع أن عدد الدوريات الأميركية ظل في مستوى أدنى مما كان عليه في الماضي حتى بعد أن فجر الهجوم على أحد المزارات الشيعية بسامراء في الثاني والعشرين من فبراير الماضي موجة من أعمال العنف الطائفي. وفي نهاية شهر يوليو المنصرم، كان الأميركيون يقومون ب89 دورية يومية في بغداد، وهو ما يعادل ربع الدوريات التي كانوا يقومون بها في منتصف شهر يونيو من العام الماضي. \r\n وعلاوة على ذلك، كانت تُسجل ببغداد قبل نحو ثلاثة عشر شهراً من اليوم حوالي 19 حالة عنف في اليوم من قبيل القتل. أما اليوم، فالمتوسط اليومي يبلغ 25 حالة عنف، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 30 في المئة. والجدير بالذكر هنا أن الكثير من هذه الهجمات تتسبب في مقتل أكثر من شخص واحد، ومثال ذلك أعمال العنف التي كان وراءها مسلحون شيعة بغرب بغداد الشهر المنصرم والتي أودت بحياة ما لا يقل عن 40 شخصاً. ونتيجة لذلك، حذر قادة عسكريون أميركيون كبار بواشنطن الخميس الماضي من أن يكون العراق في طريقه نحو حرب أهلية. \r\n ولوقف هذا الانزلاق، قررت الولاياتالمتحدة مضاعفة عدد قواتها بالمدينة من 7200 جندي إلى نحو 14200 جندي، حيث وصف المسؤولون الأميركيون بغداد ب\"مركز الثقل\" في العراق، أو حلبة ينبغي أن يفوزوا فيها إن هم أرادوا النجاح. كما أعلن الأميركيون والعراقيون أنهم يستعدون أيضا لاستدعاء المزيد من القوات العراقية وإنفاق ما لا يقل عن 50 مليون دولار في خلق وظائف وتأمين خدمات عمومية مثل الكهرباء. \r\n ويعكس قرار زيادة عدد القوات الأميركية بالمدينة اقتناعاً بأن الأميركيين وحدهم هم القادرون على إعادة الاستقرار إلى المدينة، إذ صرح الجنرال \"ويليام كالدويل\"، المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق، قائلاً: \"لو أننا كنا نريد تقبل العدد المرتفع من الإصابات التي تحدث بالمدينة كل شهر، لكنا تركنا القوات العراقية تواصل التعاطي مع الوضع لوحدها\"، مضيفا \"إننا نريد تقليص أعمال العنف الحالية، ولذلك جلبنا مزيداً من القوات إلى المدينة\". \r\n غير أن القادة الأميركيين يرون أن الجزء الأكبر من أعمال العنف ليس مؤشراً بالضرورة على فشل القوات العراقية، حيث يقول الأميركون إن قوات الجيش وأفراد الشرطة العراقيين أكفاء ومؤهلون، غير أن اندلاع العنف الطائفي هو من القوة والحجم بحيث يمكنه أن يهزم أي جيش. وعن تكليف العراقيين بالمهام الأمنية في بغداد، يقول الجنرال كالدويل \"لا أعتقد أننا قد تحركنا بشكل متسرع، ولا أعتقد أن أي واحد كان بإمكانه استشراف العنف الطائفي\". \r\n يقول بعض المراقبين المستقلين إن الأميركيين محقون في اعتبار توفير الأمن بمدينة يناهز عدد سكانها سبعة ملايين نسمة ويعصف بها الإرهاب والجريمة والعنف الطائفي مهمة صعبة ومن حجم لم يعهده أي جيش عصري. بل إن البعض يتساءل ما إن كان الجنود الأميركيون السبعة آلاف الذين سيرسلون للمدينة يفون بالغرض. \r\n ويقول \"أنتوني كوردسمان، المحلل العسكري ب\"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن\"، \"أعتقد أن الهدف من العملية هو وقف الحرب الأهلية\". ومن جهتهم، يقول القادة الأميركيون إن تفويض مهمة تزعم المسؤوليات الأمنية في مناطق مختلفة من المدينة يحرر القوات الأميركية ويُمكّنها من دعم القوات العراقية في الأحياء الأكثر عنفاً. \r\n والواقع أن عدد الجنود وأفراد الشرطة العراقيين ارتفع بشكل مضطرد منذ مطلع 2005، حيث يقوم اليوم نحو 42000 من قوات الشرطة والجيش والقوات شبه العسكرية بدوريات في مختلف أرجاء العاصمة. وعلاوة على ال7200 جندي أميركي، يتوزع أكثر من ألف مدرب أميركي على أجهزة الشرطة والجيش العراقيين. \r\n ومن جهة أخرى، أعلن القادة الأميركيون أنهم يعتزمون الانكباب على مخطط يروم تأمين الأحياء ببغداد، مضيفين أنهم متفائلون لأن المخطط لا يقتصر على القوة العسكرية فقط، حيث يستعد العراقيون والأميركيون لإنفاق نحو 50 مليون دولار في خلق وظائف للعراقيين وتوفير الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء اللذين تفتقر إليهما مناطق واسعة من بغداد. \r\n المخطط الجديد هو من بنات أفكار الجنرال \"بيتر تشياريلي\"، نائب قائد القوات الأميركية في العراق، الذي طالما دافع عن أهمية الجانبين السياسي والاقتصادي في التغلب على حركة التمرد باعتبارهما لا يقلان أهمية عن القوة العسكرية. وفي هذا السياق، يقول الجنرال \"كالدويل\" \"إننا نعتزم العمل بتوصيات المدرب تشياريلي، فقد قررنا أخيراً تطبيقها\". ويقول الأميركيون والعراقيون إنهم يأملون في رؤية النتائج في غضون تسعين يوماً. \r\n \r\n ديكستار فيلكينز \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في بغداد \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n