من ذلك ما تردد مراراً على لسان الميجور جنرال المتقاعد جون باتست –عبر عدة لقاءات صحفية أجريت معه- من أن وزارة الدفاع الأميركية أضحت بحاجة لبداية جديدة. والذي ينقصها الآن قائد يعرف كيف يدير العمل بروح الفريق والعمل الجماعي, أي قائد يستطيع أن يفعل ذلك دون أن يهدد أحداً, أو يبذر الخوف والرعب في قلوب معاونيه وموظفيه. كان ذلك بعض الذي قاله لشبكة \"سي إن إن\" الإخبارية يوم الخميس, أول من أمس. يذكر أن الجنرال باتست, الذي قاد وحدة المشاة الأولى في العراق حتى لحظة تقاعده العام الماضي, يعد آخر وأقوى أصوات كبار الجنرالات المتقاعدين المعارضين لرامسفيلد. \r\n وقد بلغ النقد حداً ومدى, اضطر البعض من أمثال الجنرال بيتر بيس, قائد سلاح البحرية, ورئيس أركان الحرب الموحدة، لأن ينفي علناً يوم الثلاثاء الماضي, تلك الانتقادات, لاسيما القائلة منها بصلف دونالد رامسفيلد, وقدرته على إخراس أصوات الجنرالات وقادة البحرية المعارضين له في الرأي. وقال في معرض رده على تلك الاتهامات: \"لقد تمتعنا ولا نزال بكامل الحرية والحق في إبداء آرائنا بكل صراحة. وإن لم نفعل, فيا له من عار وأي عار\"! وأكد الجنرال أن التخطيط للحرب على العراق, إنما كان نتيجة لعمل جماعي, شارك فيه الضباط العسكريون, ثم عرض على المدنيين الذين أيدوه, ثم أعاد مراجعة الخطة الضباط العسكريون ثانية, قبل أن توافق عليها القيادة العسكرية العليا بوزارة الدفاع. \r\n غير أن الجنرال السابق أنتوني زيني, قائد سلاح البحرية والقائد الأعلى السابق للقوات الأميركية في كل من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى, ينتقد بدوره دونالد رامسفيلد, ويلقي عليه باللائمة على ما وصفه بأنه سلسلة من الأخطاء الكارثية على حد تعبيره. وفي الاتجاه نفسه كتب الجنرال السابق بول إيتون مقالاً في صحيفة \"نيويورك تايمز\" اتهم فيه دونالد رامسفيلد بارتكاب عدد من الأخطاء الاستراتيجية الرئيسية, في مقدمتها تجاهله للنصائح العسكرية التي قدمها له خيرة ضباط وزارته, وقال إنه صادر حق مرؤوسيه في الإدلاء بأي رأي مخالف لرأي القيادة العليا للوزارة. وبعباراته هو قال: \"لقد رأيت كيف ساد مناخ الإكراه والانتزاع القسري لموافقة الآخرين على ما يطرح من آراء, وكيف عم الخوف والتردد في أوساط خيرة الكفاءات العسكرية والمدنية في الوزارة, وكيف تقاعس هؤلاء في التصدي لآراء ووجهة نظر القيادة العليا\". بقي أن نقول إن الجنرال \"إيتون\" تولى مهام تدريب القوات العراقية, خلال الفترة من 2003-2004. \r\n وفي مقال آخر نشره الجنرال البحري جريج نيوبولد –مدير العمليات السابق لقيادة أركان الحرب الموحدة- في مجلة \"تايم\" الأسبوع الماضي, قال فيه إن السياسات العسكرية الأميركية المطبقة في العراق, قد وسمتها سلسلة من مظاهر فشل السياسات الحربية, من بينها وعلى رأسها: تحريف المعلومات الاستخبارية, وضيق النطاق الإداري للحرب, الذي حال دون توفر ما يكفي من الموارد للجنود الأميركيين, علاوة على الفشل في الحفاظ على الجيش الوطني العراقي وإعادة بنائه. إلى ذلك انتقد عدد من الجنرالات وقدامى المحاربين, استراتيجية الحرب على العراق, دون التعرض المباشر لدونالد رامسفيلد. من ذلك قول وزير الخارجية السابق ورئيس الأركان السابق أيضاً كولن باول, في حديث أدلى به الأسبوع الماضي: لقد ارتكبت أخطاء كبيرة وخطيرة عقب سقوط بغداد مباشرة. فلم يكن لدينا ما يكفي من القوات هناك, كما لم نتمكن من فرض إرادتنا على الأرض. وبالنتيجة فقد برز التمرد العراقي إلى السطح, وخرج الآن عن السيطرة. وفي سياق ذلك الحديث تذكر كولن باول ما أدلى به الجنرال إريك شينسكي رئيس أركان الحرب السابق, أمام الكونجرس, قبل عدة أسابيع فحسب من شن الحرب على العراق بقوله: \"سوف يكون ضرورياً وجود بضعة مئات من آلاف الجنود الأميركيين في العراق, لضمان أمنه واستقراره عقب الغزو مباشرة\". وقال باول إن ذلك هو ما اعترض عليه بول وولفوفيتز نائب وزير الدفاع وقتئذ. ليس ذلك فحسب, بل أرغم وولفوفيتز الجنرال شينسكي على التقاعد بعام كامل قبل موعده المقرر, واستبدله بقائد آخر حل محله, بينما غاب عن مراسم تقاعده, على غير العادة والمألوف في تقاليد التقاعد العسكري السارية في البنتاجون! \r\n وتعليقاً على ذلك تساءلت المحللة العسكرية لورين تومبسون –من معهد ليكسنجتون بمدينة أرلينجتون بولاية فرجينيا- عن المدة التي استغرقها بروز هذه النقمة العسكرية على رامسفيلد إلى السطح. وقالت الدكتورة تومبسون: من الواضح أن رامسفيلد قد تمكن من إقناع الرئيس بأن كل النقد الموجه لأداء وزارة الدفاع في حربها على العراق, إنما هو عائد بالدرجة الأولى, إلى آراء أولئك الذين يعترضون على التغيير, ويقفون حجر عثرة أمامه. وعلى الرغم من أن في تأويل هذا النقد ما قد يحمل وجهاً من وجوه الصحة, إلا أن ما يراه الجنرالات والضباط العسكريون في رامسفيلد, أنه ليس عميقاً بما يكفي في فهمه للتكنولوجيا وللعمليات الحربية, وبالتالي فهو ليس عميق الفهم لما تسفر عنه نتائج سياساته العسكرية المطبقة في العراق. والأدهى والأمر, أنه لا يستمع مطلقاً لمن يخالفونه الرأي! فهل يصمد رامسفيلد أمام هذه الموجة العاتية من المعارضة والانتقادات؟ \r\n \r\n براد نيكربوكر \r\n \r\n محرر الشؤون العسكرية بصحيفة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"