إنهم ما زالوا يُدِّرسون تلك الفكرة في ويست بوينت ضمن مدونة قواعد الشرف التي تحكم سلوك المجندين الجدد. تقول هذه المدونة: «أنا لن أكذب أو أغش أو أسرق أو أتسامح مع أي شخص يقوم بهذا». وأي نوع من المراوغة وأي نوع من تجنب قول الحقيقة يمكن أن يؤدي إلى طرد المجند من الأكاديمية. \r\n \r\n \r\n وقبل غزو العراق، عندما كان التخطيط جار، أوضحت الإدارة المدنية أن الحرب ستتم في هذا الإطار، وأن أي شخص يخالف هذا السلوك سيندم على فعلته.وإذا احتاج أي شخص يرتدي الزي العسكري لأن يتعلم درساً في هذا الشأن فإن ما عليه سوى أن ينظر إلى ما جرى إلى جندي محترم ومخلص يُدعى الجنرال إيريك كي شينسكي، رئيس هيئة أركان الجيش السابق، عندما أجاب بتردد على سؤال من أحد أعضاء مجلس الشيوخ كان قد طلب منه رأيه في عدد القوات الذي تحتاجه أميركا لاحتلال العراق. وقد كان ذلك في فبراير 2003. \r\n \r\n \r\n وفي إجابته التي جاءت من واقع خبرته التي اكتسبها من خدمته كقائد أول للقوات في البوسنة، قال شينسكي: «عدة مئات من الآلاف من الجنود يلزمون لاحتلال العراق ذي ال 25 مليون نسمة».وقال لي أحد القادة العسكريين في ذلك اليوم إنه عندما قال شينسكي ذلك وُضعت خطة تدعو إلى تشكيل قوة قوامها 280 ألف جندي لإتمام عملية الغزو وما يليها من احتلال. \r\n \r\n \r\n وفي اليوم التالي تم تقليص ذلك العدد ب 60 ألف جندي. وبعد ذلك أخذت القوة المزمع إرسالها في الانخفاض إلى أقل من 200 ألف. بل ووصلت في الحقيقة إلى 150 ألف جندي.وسيعمل المدنيون على برهنة أن شينسكي كان مخطئا لا محالة مهما كلفهم الأمر، وسيفعلون كل ما في وسعهم لمعاقبته ومعاقبة أي فرد أحبه وأيده. \r\n \r\n \r\n لقد وبخ بول وولفويتز، نائب رامسفيلد، شينسكي علنا وقال إن «تقديره كان يجانبه الصواب بشكل كبير». كما أنهم جعلوا منه ما هو أشبه بالبطة العرجاء عندما سربوا أكثر من مرة اسم الشخص المقترح أن يحل محله وذلك قبل عام كامل من التاريخ الذي من المفترض أن يبلغ فيه شينسكي سن التقاعد. \r\n \r\n \r\n وعندما حمل توم هوايت، أمين سر الجيش، لواء الدفاع عن شينسكي، تمت إقالته.وفي تلك الأثناء كان رامسفيلد ودائرته الداخلية يواصلان عزف اللحن نفسه: أي شيء يطلبه القادة هناك يُؤتى به. وكما يقول أبناء الجيل الأصغر: نعم، حسنا. ولكن إذا طلبوا قوات أخرى، فإنهم سيواجهون الإقالة. \r\n \r\n \r\n ويمكن سؤال الليفتنانت جنرال جون ريغس في هذا الصدد. ففي سبتمبر 2004، وبينما كان رامسفيلد والليفتنانت جنرال بيتر شوميكر، قائد أركان الجيش، يبذلان قصارى جهودهما لإثناء الكونغرس عن إرسال قوات إضافية إلى الجيش في العراق، نُقل عن ريغس قوله في إحدى الصحف ( وهي صحيفة بالتيمور صن في عددها الصادر في 13 سبتمبر 2004) إنه حتى إضافة 10 آلاف جندي لن يكون كافيا. \r\n \r\n \r\n و قال ريغس للصحيفة : «في أغلب الظن أنت تحتاج فعليا إلى أكثر من 10 آلاف جندي. لقد خدمت في الجيش لمدة 39 عاما ولم أر طوال تلك الفترة الجيش وهو في مثل تلك الحالة من الإجهاد وتعدد المهام المناطة به الآن».وكان ريغس قد تقدم بالفعل قبل إدلائه بهذا التصريح بطلب للتقاعد. وفي العادة تحتاج إجراءات التقاعد إلى نحو 60 يوما . \r\n \r\n \r\n وقبل انقضاء فترة الستين يوما تلك بيومين، أُخبر ريغس بأنه تم تنزيل رتبته في الجيش إلى قائد بنجمتين فقط وأنه سيتقاعد وهو يحمل تلك الرتبة وبما تقتضيه من مقابل مالي. وقد تقدم ريغس بطلب استغاثة للنظر فيما حدث له.وفي الوقت نفسه تواصل قيادة البنتاغون الإجابة على أي أسئلة متعلقة بقوام القوة الأميركية في العراق بترديد الأغنية نفسها: أي شيء يطلبه القادة هناك يتم تلبيته على الفور. \r\n \r\n \r\n وتأتي الإجابة بهذا الشكل حتى على الرغم من أن هؤلاء القادة أنفسهم ليس لديهم ما يكفي من القوات لوضعها بشكل دائم على امتداد المعابر السورية المفتوحة على الحدود مع العراق، والتي يتدفق منها مئات من الإرهابيين إلى داخل العراق حيث يتحولون إلى انتحاريين يقتلون الأميركيين والعراقيين على حد السواء. \r\n \r\n \r\n تلك هي الإجابة على الرغم من أن هؤلاء القادة أنفسهم ليس لديهم ما يكفي من القوات لتأمين مخازن الأسلحة المتناثرة على امتداد العراق والتي تحتوي على أكثر من مليون طن من القنابل وقذائف المدفعية والرصاص والصواريخ ومنصات الإطلاق.لا ريب أن تلك ستكون الإجابة أيضا عندما يتم تدمير الجيش وفيلق البحرية بالكامل في ظل ذلك الانتشار العسكري الذي لا ينتهي والذي يقضي على الجنود والمعدات على حد سواء. \r\n \r\n \r\n لا شك بأن تلك ستكون الإجابة أيضا عندما لا يستطيع الجيش تجنيد ما يكفي من العناصر التي يمكن أن تحل محل هؤلاء الذين يتركون شيئا يحبونه لأنهم يحبون عائلاتهم أكثر.سوف تعلم الحقيقة، ولكن إذا كنت جنرالا في الجيش فإنه يتعين عليك أن تصمت. حاولوا أن تدرّسوا هذا في أكاديمية ويست بوينت. \r\n \r\n \r\n خدمة: «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل: «البيان» \r\n \r\n \r\n