ولكن فكرة شينسكي للتغيير اختلفت بشكل جوهري عن فكرة رامسفيلد. بالنسبة لوزير الدفاع الجديد كانت تعني عملية التغيير الاعتماد بدرجة كبيرة على التقنيات وليس على الجنود لتحقيق الأهداف اما بالنسبة لشينسكي فكان الأمر يعني تدريباً اكثر كثافة وتخريج كتائب مشاة ميكانيكية قادرة على تنفيذ العديد من المهام. \r\n \r\n واصبح صراعهما الفلسفي امراً معروفاً لدى الجميع عندما ذهبت الولاياتالمتحدة الى الحرب ضد العراق. واعتمد الهجوم الاستباقي على تنفيذ هجوم جوي مكثف ونشر حد ادنى من القوات الأرضية. وعند سؤاله من قبل لجنة مجلس الشيوخ عن تحديد عدد القوات المطلوبة للعملية قال شينسكي: عدة مئات من الآلاف. ورفض على الفور مكتب رامسفيلد الفكرة واعتبر الرقم المذكور مبالغاً فيه. ولكن التجارب الكارثية في مرحلة ما بعد الحرب على العراق اثبتت ان الجنرال كان محقاً في فكرته: ومازالت السيطرة الأمنية يصعب تحقيقها حتى الآن وذلك لأن عدد القوات الأميركية على الأرض ليس بالقدر الكافي. \r\n \r\n ومنذ تقاعده في شهر يونيو عام 2003 قصر شينسكي ظهوره فقط على الجماهير المعنية بالسياسة الخارجية وطلاب الجامعات. وفي وقت مبكر من هذا الشهر في جامعة بومونا رسم الإطار العام لسياسته الخاصة بالجيش في مرحلة مابعد الحرب الباردة حيث تحدث عن جيش مجهز للقيام بعدد من المهام. واليكم جزء من المقتطفات التي ذكرها : \r\n \r\n وظيفة الجيش : خلال التسعينيات استخدمنا الجيش للقيام بعدد من المهام غير التقليدية فتارة من اجل المساعدات الإنسانية وتارة اخرى من اجل عمليات الإغاثة بعد حدوث الكوارث او لحماية الحياة البرية وحفظ السلام ولكن من المعروف ان تعاقد الجيش مع الشعب الأميركي والذي لايقبل التفاوض هو القيام بالمعارك الحربية وكسب تلك المعارك. وقد طورنا قيادتنا من خلال تدريب شامل لقواتنا ولكننا نحتاج 180.000 شخص جديد سنوياً ولذلك فإن عملية التجنيد تعد من المهام الحيوية. وبالنسبة للجيش المتمرس يجب ألا تغيب هذه الفكرة عن الوعي ابداً. \r\n \r\n حدود القوة : خلال الفترة التي قضيتها في الجيش كان استخدام القوة في الغالب ليس هو الحل المفضل ولم يكن كذلك الخيار الأول الذي يوضع في الاعتبار وعندما يتم البدء في استخدام القوة لايكون هناك تراجع اطلاقاً. ان القوة المهلكة تتضمن صدمة قوية وضربات موجعة والتي قد تؤثر بشكل افضل بكثير مما تحدثه القوات على الأرض. يمكننا تحديد الأهداف بكل دقة مادامت ثابتة لا تتحرك. \r\n \r\n الاحتلال العسكري: اذا كانت قواتك في بغداد فأنت تتمتع بحرية التصرف هناك. وهذا يعني انك تتحكم في الماء والكهرباء والمباني العامة والنظام العام في الدولة. واذا كانت المهمة هي توفير بيئة آمنة فهناك إذن حاجة الى القوات الأرضية. \r\n \r\n التعددية: ان اتخاذ المواقف الفردية يعد من اسوأ السياسات. فالأمم المتحدة كانت مختلفة معنا في هذا الأمر ولكننا كنا في حاجة الى تعاونها ودعمها. والتخلي عن فكرة التعددية كادت ان تحدث كارثة لنا. \r\n \r\n ادارة الأزمات: لقد اشتركت شخصياً في التعامل مع ازمات متفجرة في كل من تيمور الشرقية والبوسنة. ومن المعروف ان الولاياتالمتحدة كانت بحاجة ماسة الى ان تربط ما حدث في اندونيسيا باستراتيجية شاملة على المدى البعيد للمنطقة. وفي البوسنة استغرقت جهود حفظ السلام وقتاً طويلاً ولكن بعد تسع سنوات تقلصت القوات الموجودة هناك من 20.000 الى 8.500 فكم المدة التي نحتاج اليها إذن لإعادة الاستقرار الى العراق؟ \r\n \r\n التهديدات والأسباب التي تضخم هذه التهديدات: خلال التقييم الأول للاحتياجات الدفاعية الخاصة بإدارة بوش كانت المخاوف فيها تتعلق بالمنظمات الإجرامية وتجار المخدرات الدوليين والانتشار المستمر لأسلحة الدمار الشامل وتقنياتها. والسؤال المزعج الذي لم يجد له الجيش اجابة ماذا سيكون الحال اذا اندمجت كل هذه التهديدات في تهديد دولي اكبر؟ من سيكون المسؤول وقتها عن التعامل مع هذا الخطر؟ \r\n \r\n مستوى القوة: اننا في حاجة الى قوات كافية على الأرض للردع ولتقويض الأزمات في مكانها قبل ان تتفاقم. ولايمكن ان تقع في شرك تنظيم مهمات محددة ثم بعد ذلك تصبح غير قادر على اداء مهام اخرى عندما تتغير الظروف بسرعة وبخاصة في مناطق مثل كوسوفا يمكن ان تتغير الأمور بشكل سريع للغاية قد يصل لعشرين دقيقة. وقتها تجد نفسك مضطراً للذهاب بسرعة كبيرة عقلياً وجسمانياً وتغير من وضعك فبدلاً من ان تكون مرسلاً في مهمة حفظ سلام تذهب للقتال في حرب وتعد القوات وقتها لهذا التحول. ومع كثرة الجبهات لايمكن ان تذهب للقتال في حرب تحتاج الى 12 فرقة عسكرية وانت لا تملك الا 10 فرق فقط. \r\n \r\n ومن الأمور التي حيرت الكثير منا حينما استمعنا الى شينسكي كان التناقض بين تأكيده على الدقة في التخطيط العسكري وقصر نظر الإدارة في اعدادها لغزو العراق ومرحلة ما بعد الغزو. وقبل الحرب لم تتم استشارة المخططين في جيش شينسكي من قبل مكتب رامسفيلد. ولم تكتف بذلك بل تجاهلت الإدارة ايضاً الخطة المقدمة من وزارة الخارجية لمرحلة ما بعد الحرب. \r\n \r\n لقد تولى مسؤولية الجيش برمته مجموعة خارجية من «المحافظين الجدد» غير العسكريين الذين يتسمون بالغطرسة. وبسبب غفلته وتهوره المعهود نفذ رامسفيلد ضربته التي عرفت بالصدمة والرعب والتي حققت نصراً سريعاً على حساب استراتيجية مابعد الحرب. وبعد مرور 20 شهراً من سقوط بغداد مازالت العراق ممزقة ومازالت صورتنا مشوهة رغم النصر العسكري الذي تحقق من جراء الممارسات الوحشية والانتهاكات في كل من سجن ابو غريب ومعتقل غوانتانامو. \r\n \r\n واخيراً اذا كانت فكرة رامسفيلد عن اجراء تحولات في الجيش هي التي ادت بنا الى هذه النتائج المخجلة فياليتنا جربنا فكرة شينسكي. \r\n