هل تذكرون المنطق الذي استخدمته قيادتنا المدنية لتبرير شن حرب استباقية ضد صدام حسين؟ لقد اخبر الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني وزير الخارجية السابق كولن باول العالم بأنه ليس امام الولاياتالمتحدة خيار آخر سوى غزو العراق.وقالوا إن صدام حسين يخبيء اسلحة كيماوية وبيولوجية وأن علماءه سيصبحون قادرين على انتاج سلاح نووي في غضون بضع سنوات. \r\n \r\n \r\n هل تذكرون اولئك الذين تنبأوا بأن جزءاً كبيراً من تمويل العملية سيأتي من مبيعات النفط العراقي؟ كان من المفترض، وفقاً لهؤلاء، ان تكون العملية رخيصة التكلفة وسهلة وسريعة لدرجة ان الزعماء المدنيين في الكونغرس امروا القوات المسلحة بوضع خطط للبدء بالانسحاب من العراق في موعد اقصاه صيف 2003. \r\n \r\n \r\n لم يكن هنا حاجة لكثير من التخطيط لفترة ما بعد الحرب، لانه ما كان من المفترض ان تكون هناك مرحلة ما بعد الحرب اصلاً. وأميركا كانت ستأتي لتنتصر وتخرج على الفور.وإذا انهار الوضع في العراق، فإن حكومته الجديدة بقيادة الابن المدلل للمحافظين الجدد أحمد الجلبي سوف تتولى اصلاحه. ولذلك لن تحتاج أميركا لبناء البلد وإنما يمكن ان تكتفي ببعض المساعدات الانسانية المتواضعة. \r\n \r\n \r\n وكان لدى مكتب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد تصورات حالمة عن تكرار سيناريو التدمير السهل لنظام طالبان المكروه في افغانستان باستخدام ذخائر دقيقة التوجيه، وقوات خاصة عالية التجهيز وحلفاء أفغان. وفي العراق، كما في افغانستان، كان من المفترض ان تنجز المهمة بعدد قليل من الجنود والآليات الخفيفة وبسرعة فائقة. \r\n \r\n \r\n اذ يمكن اسقاط أي نظام في العالم الثالث ببضع وحدات خاصة وبضع طائرات حربية. اما فرق الجيش الثقيلة فهي ليست سوى آثار بالية من زمن الحرب الباردة. وعندما اجاب قائد الأركان في حينه الجنرال اريك شينسكي على مضض عن الاسئلة الملحة من قبل أحد اعضاء مجلس الشيوخ، مشيراً الى ان احتلال العراق وترسيخ السلم فيه، ربما يحتاج الى قوة قوامها «مئات الألوف»، سارع اتباع رامسفيلد الى مهاجمته وتصويره كرجل مغفل. \r\n \r\n \r\n وفي اليوم التالي، توجه نائب وزير الدفاع بول وولفويتز على عجالة الى الكونغرس وأخبر اعضاء مجلس الشيوخ بأن تقديرات شينسكي «مبالغ بها الى حد بعيد» ولا تمت بصلة الى الواقع، وبأن المهمة في العراق لن تكون بصعوبة المهمة في افغانستان، لان العراق لا تعتريه انقسامات اثنية خطيرة كما هو الوضع في افغانستان. \r\n \r\n \r\n وعند تلك النقطة في أواخر فبراير 2003، وعشية الهجوم، بدأت قوة الغزو الاميركية المكونة من 280 الف شخص تتضاءل فيما كان البعض يحاول اثبات ان المهمة يمكن ان تنجز بعدد اقل بكثير من ال 200 الف جندي كما اقترح شينسكي. وهكذا تسكعت سفينة تحمل الدبابات وعربات برادلي المقاتلة التابعة لاحدى الفرق في البحر طيلة اسابيع ووصلت متأخرة عن موعد الهجوم، وتم الغاء مهمة فرقة ثانية من الدبابات وعربات برادلي المدرعة كان مقرراً ان تدخل العراق بعد الغزو لدعم قواتنا هناك. \r\n \r\n \r\n كما تم تأجيل نشر فرقة ثالثة في العراق لعدة اشهر. واختفى من خطة الحرب ايضاً بند ارسال وحدات الشرطة العسكرية الضرورية لحماية أمن مئات الاميال من خطوط الامداد المحفوفة بالمخاطر وترسيخ القانون والنظام بالبلد. وشقت طريقها الى بغداد خلال ثلاثة اسابيع قوة ضاربة مكونة من فرقة من الجيش وقوة من البحرية الى جانب مقاتلات قاذفات من سلاح الجو والبحرية. \r\n \r\n \r\n لكن اثناء عملية اعادة تجميع قوات التحالف شهد العالم انغماساً غوغائياً مفرطاً في عمليات نهب وحرق المباني الوزارية الحكومية وحتى محطات الطاقة التي تغذي مدينة يسكنها 11 مليون نسمة. ولم يكن هناك احد لمنع هذه الاعمال.وقال رامسفيلد في حينها ان ولادة الديمقراطية يمكن ان تقترن ببعض الفوضى. \r\n \r\n \r\n وبعد حوالي 18 شهراً، أقر البنتاغون بأن فريقاً من حوالي الف عالم ومسؤول استخباراتي قاموا بتمشيط العراق بحثاً عن دلائل على وجود اسلحة كيماوية وبيولوجية أو أي اشارة لوجود برنامج اسلحة نووية، ولم يجدوا شيئاً. وهذه الحرب الذي كان يفترض ان تكون مجرد نزهة قتل فيها اكثر من 1500 جندي اميركي وعاد آلاف آخرون الى الوطن مبتوري الاعضاء بفعل العبوات المتفجرة التي تبتر الاطراف. \r\n \r\n \r\n ودافعو الضرائب الاميركيون دفعوا اكثر من 200 مليار دولار خلال عامين لتغطية تكاليف حرب اخبرتنا الادارة انها لن تكلف الكثير وربما لن تكلف شيئاً، وسترتفع هذه التكلفة بواقع 70 مليار دولار على الاقل خلال السنة المالية 2006. والآن تخبرنا الادارة بأنه كان لابد لنا من مهاجمة العراق، وليس لان صدام حسين كان يملك اسلحة دمار شامل أو كان على صلة بتنظيم القاعدة، بل لانه لم يكن ديمقراطياً، ومهما يكن من أمر، فمن المؤسف ان تكاليف محاولات جلب الديمقراطية الى العراق كان تكون افضل بكثير لو لم نذهب الى الحرب بأدلة واهية وتفكير حالم. \r\n \r\n \r\n خدمة: لوس انجلوس تايمز \r\n \r\n \r\n خاص ل«البيان» \r\n \r\n