الخطة لا تتجاوز ان تكون »خطة عاصفة« الصحراء الثانية معدلة اي انها ليست سوى النسخة المعدلة لقوة الغزو الكاسجة الضخمة التي استخدمها والد بوش عام 1991 في حرب الخليج. \r\n واضاف وزير الدفاع يقول: »انا قلق بشأن خططنا الحربية كلها« وطفق يعدد الكثير من النقاط التي تثير احباطه وقلقه. ثم اخبر الرئيس بأنه يقوم منذ شهور بمراجعة جميع الخطط الحربية وخطط الطوارئ العائدة لوزارته والبالغ عددها 68 خطة والتي كانت قد اعدت لجميع المناطق المهيأة للاشتعال في العالم. \r\n بلغة المحترف, شرح رامسفيلد لبوش ان عملية وضع الخطط الحربية عملية معقدة تستدعي سنوات عدة. وقال له: ان الخطط الحربية المتوفرة تقوم على فرضيات تجاوزها الزمن. اضافة الى انها لا تأخذ بنظر الاعتبار . \r\n مجيء ادارة جديدة لها اهداف مختلفة. واوضح ان عملية التخطيط للحرب في وزارته تثير الجنون ولهذا السبب فإنه عاكف على اصلاحها. \r\n »فلنبدأ بذلك على التو«, قال بوش قبل ان يستطرد مخاطبا وزير دفاعه: »وبلغ تومي فرانكس بأن ينظر فيما يتطلبه تحقيق الحماية لامريكا عن طريق ازاحة صدام حسين ادا ما اضطررنا الى ذلك«. ثم سأله عما اذا كان بالامكان القيام بذلك بطريقة غير ملحوظة? \r\n »بالتأكيد, فأنا اقوم حاليا بمراجعة جميع الخطط, وليس هناك قائد حربي ليس على علم بموقفي من تلك الخطط وعزمي على تجديدها«. وكان رامسفيلد قد تحدث بالامر مع جميع آمري الاقاليم ومع اميرالات المحيط الهادي, والجنرالات المسؤولين عن قطاعات اوروبا وامريكا اللاتينية اضافة الى القيادة المركزية التابعة للجنرال فرانكس والتي تتولى قطاعات الشرق الاوسط وآسيا الوسطى والجنوبية والقرن الافريقي, وهكذا وفر اهتمامه المسبق بالخطط الامريكية على امتداد العالم الغطاء الامثل لاهتمامه اللاحق بخطة حرب العراق بالذات. \r\n بقي لدى الرئيس طلب آخر. لا تحدث الآخرين بما سوف تفعله. \r\n نعم, سيدي. قال رامسفيلد وهو يفكر بأن من المفيد له ان يعلم ان كان هناك من يمكن ان يتحدث معه حول هذا الامر. »ان من الاهمية بمكان ان احدث جورج تينيت« فمدير وكالة الاستخبارات المركزية سيكون مهما جدا في مجال جمع المعلومات وفي اي نوع من المجهود السري المنسق في العراق. \r\n »ممتاز« قال الرئيس, لكنه اشار الى ان تينيت وآخرين يمكن ان يشركوا في الامر لاحقا. ولكن ليس في الوقت الحاضر. \r\n في مقابلات اجريت معه بعد عامين من ذلك التاريخ, قال بوش انه لم يرغب باطلاع الآخرين على السر لان اي تسريب كان سيطلق »توقعات محلية وقلقا دوليا هائلا لقد كنت اعرف ما كان سيحدث لو ان الناس شعروا بأننا نعد خطة للحرب على العراق«. \r\n ظل العمل الذي كان الثلاثي بوش - رامسفيلد- فرانكس يقوم به طي الكتمان على مدى شهور عدة. وحين وجدت بعض الحزئيات طريقها الى الصحافة في العام التالي, سعى الرئيس ورامسفيلد واشخاص آخرون في الادارة الى تبديد اي احساس بوجود خطر داهم مشيرين الى ان الامر لا يتعدى التخطيط للطوارئ ومؤكدين على عدم وجود خطط حربية على طاولة الرئيس. \r\n كان الرئيس يدرك بأن الاطلاع على هذا الامر كان سيطلق عاصفة نارية. »كانت لحظة مشحونة. ولو استشعر الناس وجود هذا الاستعداد للحرب في اعقاب القرار بشأن افغانستان, لاستنتجوا بأني متلهف للاندفاع الى الحرب. وانا لست متلهفا للاندفاع الى الحرب فالحرب هي خياري الاخير«. \r\n لكن بوش قال, في الوقت نفسه. انه ادرك ان مجرد الايعاز لرامسفيلد بوضع الخطط الحربية الخاصة بالعراق كان الخطوة الاولى لتبني فكرة الحرب على صدام حسين. وحين يسترجع الرئيس تلك البداية لاحقا, يقول مؤيدا: نعم, بالتأكيد«. \r\n ادرك رامسفيلد من المحاورة التي ادت في ذلك المكتب الفرعي الملحق بغرفة »الموقف« درجة تركيز بوش على موضوع العراق. لاحقا يعلق بوش على هذا الامر قائلا: »كان لا بد ان يدرك ذلك لانه يعرف مدى جديتي«. \r\n ترك بوش لدى رامسفيلد الانطباع بأنه لم يكلم بالامر سواه. لكن ذلك لم يكن صحيحا. ففي صباح اليوم نفسه كان الرئيس قد اخبر مستشارته لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس بأنه يخطط للايعاز لرامسفيلد بالعمل على الموضوع العراقي. كانت رايس قد اعتقدت بأن احداث الحادي عشر من ايلول قد دفعت بالموضوع العراقي الى الصفوف الخلفية. \r\n ولم يوضح لها الرئيس السبب الذي يجعله يعود الى هذا الموضوع الآن, او الدوافع التي دفعته الى اصدار اوامره لرامسفيلد في ذلك اليوم. \r\n في المقابلات التي اجريت معه فيما بعد, قال الرئيس انه لا يتذكر ما اذا كان قد تحدث الى نائب الرئيس ديك تشيني قبل الانفراد برامسفيلد. لكنه كان على وعي تام بطبيعة موقف تشيني نفسه. يقول الرئيس: »بعد الحادي عشر من ايلول, كان نائب الرئيس يرى بوضوح ان صدام حسين يشكل تهديدا للسلام. وكان راسخا في اعتقاده بأن صدام يمثل خطرا حقيقيا«. \r\n على امتداد المسيرة الطويلة التي قادت الى شن الحرب على العراق, شكل ديك تشيني قوة دفع جبارة. فمنذ وقوع الهجمات الارهابية, اصبح تشيني اسير انهماك مفرط بالاخطار التي يمثلها كل من صدام حسين ومنظمة »القاعدة« التابعة لاسامة بن لادن التي نفذت هجمات الحادي عشر من ايلول. \r\n وكان بعض زملائه ينظرون الى ذلك الانهماك على انه نوع من »الحمى« التي نزلت بنائب الرئيس, في حين رأى فيه آخرون هوسا مثيرا للقلق. \r\n اما في نظر تشيني نفسه, فإن التركيز على خطر صدام كان ضرورة قصوى. \r\n * * * \r\n كان الشعب الامريكي يعيش على اعصابه في شهر تشرين الثاني عام ,2001 حيث انه ما زال تحت تأثير صدمة هجمات الحادي عشر من ايلول, وكانت التحذيرات من هجمات ارهابية مقبلة تتتابع عليه الواحدة اثر الاخرى. وكانت المغلفات التي تحمل مادة الانثراكس السامة تصل عبر البريد الى مواقع مختلفة في فلوريدا ونيويورك وواشنطن متسببة في وفاة خمس ضحايا. \r\n من جانب آخر, كان الهجوم المشترك الذي يشنه الجيش الامريكي ووكالة الاستخبارات المركزية CIA على نظام طالبان الحاكم في افغانستان وارهابيي »القاعدة« يحقق نجاحا استثنائيا غير متوقع. \r\n فها هي القوات المدعومة من قبل الولاياتالمتحدة تسيطر على نصف البلاد, وها هم الناس يهجرون العاصمة كابول بعد ان فر منها الالوف من اتباع طالبان والقاعدة ميممين صوب الحدود الباكستانية. \r\n في استعراض مؤتمر للتكنولوجيا الامريكية, ومع وكالة الاستخبارات المركزية CIA المزودة بملايين الدولارات وسنوات من الاتصالات السرية مع القبائل الافغانية, اضافة الى القنابل الذكية التي تصبها القوات العسكرية الخاصة في حملات قصف واسعة النطاق, استطاعت الولاياتالمتحدة ان تسيطر على دفة الحرب وتختصر امدها الى بضعة اسابيع. وكان بوش يعيش حالة من الترقب والنشوة يشاركه فيها جنرالاته, وافراد حكومته, والشعب الامريكي برمته. \r\n عند عودته الى مبنى البنتاغون على مسافة ميلين من البيت الابيض, اوعز رامسفيلد الى هيئة الاركان المشتركة على الفور بكتابة رسالة سرية للغاية الى الجنرال تومي فرانكس تطالبه فيها بتقديم »تقييم قيادي« للخطة الحربية الخاصة بالعراق مع بيان ما يراه مناسبا لتطويرها. واضافت الرسالة بأن امام الجنرال اسبوعا واحدا لكي يقوم بتقديم مطالعته الرسمية الى رامسفيلد. \r\n في مقر قيادته في تمبا بولاية فلوريدا, تلقى الجنرال تومي فرانكس الرسالة بعدم تصديق تام. انهم يخوضون حربا في افغانستان, وها هم يطلبون خططا تفصيلية لحرب اخرى في العراق! »اللعنة« قال فرانكس »ما هذا الذي يتحدثون عنه?«.0 \r\n \r\n \r\n