ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، من سائل يقول، ما حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع؟ فهناك رجلٌ يعمل في تجارة الأجهزة الكهربائية، واعتاد بعضُ الناس معاملتَه بدَفْع عربونٍ غير مُستَرَد عند شراء السلعةِ على ذمَّة إتمام البيع وسداد باقي الثمن، مع استلامِ مُستندٍ تِجَاريٍّ (فاتورةٍ) بذلك، فهل يجوز له التصرف فيما يقبضه منهم كعربونٍ على بعض السلع قبل إتمام البيع وتسليم تلك السِّلَع؟ أجاب على ذلك فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، موضحا الرأي الشرعي في تلك المسألة. وقال فضيلة المفتي، أن العُربون المدفوع للبائع مِن قِبَل المشتري من حين إبرام عقد البيع بينهما تنتقل مِلكيته إلى البائع بمجرد استحقاقِه إياه وقبضِه من المشتري بأصل العقد المشتمل على شرط العُربون، سواءٌ أكان جزءًا مِن ثمن السلعةِ إذا تم البيع، أم مقابِلًا لعُدُول المشتري عن الشراء. وأضاف عياد، في بيان فتواه عبر بوابة دار الإفتاء المصرية، يجوز للبائِع التصرف في ذلك العُربون بكافة أنواع التصرف كسائر أملاكه. واوضح المفتي، الغَرَض من العُربون المُضمَّن في الصورة التعاقدية -محل السؤال- إمَّا حفظُ الحقِّ لكلٍّ مِن المتعاقدَين في العُدُولِ عن العَقدِ، وذلك بأن يَدفع مَنْ يُريد العُدُول قدرَ هذا العُربون للطَّرفِ الآخر، وإمَّا تأكيد العقد والبتُّ فيه عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العُربون، كما أفاده العلامة عبد الرزاق السَّنْهُورِي في "مصادر الحق" (ص: 93، ط. معهد الدراسات العربية العالية). وبيع العُربون على النَّحو المذكورِ جائزٌ شرعًا على ما ذهب إليه الحنابلة في المعتمد -خلافًا للإمام أبي الخَطَّاب الكَلْوَذَانِي-، وَهوَ مِن مُفرَدَاتِ المَذهَب دونًا عن المذاهب الثلاثة الأخرى، كما في "الإنصاف" للإمام علاء الدين المَرْدَاوِي (4/ 357-358، ط. دار إحياء التراث)، وممن أجازه مِن الصحابة الكرام وأمضاه: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وابنُه عبد الله رضي الله عنهما، وأجازه من التابعين: سعيد بن المُسَيِّب، ومحمد بن سِيرِين، ومجاهِد بن جَبْر، كما في "المصنف" للإمام ابن أبي شَيْبَة، وهو المختار للفتوى. واستشهد بدليل ما ذكره الإمام البخاري في "صحيحه" معلَّقًا -ووصله الحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي في "تغليق التعليق" (3/ 326، ط. المكتب الإسلامي) - قال: "وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنْ رَضِيَ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ". فهو بيع عُربُونٍ تُوقِّفَ في إمضائه على إذنِ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصفته الحاكم وولي الأمر، وهو ما لم يَخْفَ عن مَرأى ومَسمَعِ الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يَثبُت أنه أَنكَر عليه ذلك منهم أحدٌ. قال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 175): [العُربون في البيع.. قال أحمد: لا بأس به، وفَعَلَه عُمر رضي الله عنه، وعن ابن عُمر أنَّه أجازه، وقال ابن سيرين: لا بأس به، وقال سعيد بن المُسَيِّب وابن سِيرِين: لا بأس إذا كَرِهَ السلعةَ أن يرُدَّها يَرُد معها شيئًا، وقال أحمد: هذا في معناه، واختار أبو الخَطَّاب أنه لا يَصِح] اه. اقرأ ايضًا هل امتناع الزوجة عن إعطاء الزوج حقه الشرعي يبيح له اغتصابها؟.. علي جمعة يرد فيديو- علي جمعة يوضح حكم إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية تحصين قرآني يكفيك من كل شيء.. ينصح به عالم بالأزهر