تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيدين للقديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية: أولهما عيد استشهاده يوم 30 برمودة، الذي يوافق 8 مايو، والثاني يوم 30 بابه، الذي يوافق 9 نوفمبر، وهو تذكار تكريس كنيسته وظهور رأسه المقدسة بمدينة الإسكندرية. ويُعدّ مؤسس الكنيسة القبطية وأول بطريرك لها، ويُعرف بكاروز الديار المصرية. والقديس مرقس الرسول هو أحد رسل الرب يسوع المسيح السبعين، وبعد أن حل الروح القدس على التلاميذ، صار من نصيبه أن يُبشر في بلاد مصر وشمال أفريقيا، فأسس الكنيسة القبطية التي تُعرف بكنيسة الإسكندرية، وهو أول بطريرك لها. وقد سُمي جميع البابوات من بعده خلفاء القديس مرقس، ويُعرف كُرسي البطريركية باسم الكرسي المرقسي نسبة إلى القديس مرقس، أو الكرسي الإسكندري. وسُمِّي البابوات من بعده "بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية"، إذ حملوا اسم المدينة التي تأسس فيها الكرسي البابوي. ولا يزال المقر البابوي التقليدي موجودًا في الإسكندرية حتى الآن. وهذا القديس هو أحد الإنجيليين الأربعة: متى ومرقس ولوقا ويوحنا، الذين بشّروا العالم أجمع بإنجيلهم. وهو كاتب إنجيل مرقس، كما أنه وضع القداس الذي عُرف فيما بعد باسم القداس الكيرلسي، ويُنسب إليه أيضًا تأسيس المدرسة اللاهوتية في الإسكندرية. وتحتفظ الكنيسة القبطية الارثوذكسية برفاته في القاهرة، وبرأسه المقدس في الإسكندرية. وُلد القديس مارمرقس في ترنابوليس، وهي إحدى المدن الخمس الغربية بشمال أفريقيا. وفي بيته أكل التلاميذ الفصح، لذا يُعتبر بيته أول كنيسة، وفيه اختبأ التلاميذ بعد موت المسيح، وفي عليّته حلّ الروح القدس عليهم. وبعد صعود المسيح، استصحبه بولس وبرنابا للتبشير بالإنجيل في بعض المدن، ثم تركهما وعاد إلى أورشليم. وبعد انتهاء المجمع الرسولي بأورشليم، اصطحبه برنابا معه إلى قبرص. وبعد نياحة برنابا ذهب مرقس بأمر السيد المسيح إلى أفريقية وبرقة والخمس المدن الغربية. ونادي في تلك الجهات بالإنجيل فآمن علي يده أكثر أهلها. ومن هناك ذهب إلى الإسكندرية في أول بشنس سنة 61 م. وعندما دخل المدينة انقطع حذاؤه وكان عند الباب إسكافي أسمه إنيانوس، فقدم له الحذاء وفيما هو قائم بتصليحه جرح المخراز إصبعه فصاح من الألم وقال باليونانية "اس ثيؤس" (يا الله الواحد) فقال له القديس مرقس: "هل تعرفون الله؟" فقال "لا، وإنما ندعو باسمه ولا نعرفه". فتفل علي التراب ووضع علي الجرح فشفي للحال، ثم أخذ يشرح له من بدء ما خلق الله السماء والأرض فمخالفة آدم ومجيء الطوفان إلى إرسال موسى وإخراج بني إسرائيل من مصر وإعطائهم الشريعة وسبي بابل ثم سرد له نبوات الأنبياء الشاهدة بمجيء المسيح فدعاه إلى بيته وأحضر له أولاده فوعظهم جميعا وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس. ولما كثر المؤمنون باسم المسيح وسمع أهل المدينة بهذا الأمر جدوا في طلبه لقتله. فرسم انيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة ثم سافر إلى الخمس مدن الغربية وأقام هناك سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوسًا وشمامسة. وعاد إلى الإسكندرية فوجد المؤمنين قد ازدادوا وبنوا لهم كنيسة في الموضع المعروف ببوكوليا (دار البقر) شرقي الإسكندرية علي شاطئ البحر وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 م. وكان الوثنيون في اليوم نفسه يعيدون لألههم سرابيس، أنهم خرجوا من معبدهم إلى حيث القديس قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون "جروا الثور في دار البقر" فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس وفي المساء أودعوه السجن فظهر له ملاك الرب وقال له: "افرح يا مرقس عبد الإله، هو ذا اسمك قد كتب في سفر الحياة، وقد حُسِبت ضمن جماعة القديسين". وتواري عنه الملاك ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام فابتهجت نفسه وتهللت. وفي اليوم التالي (30 برمودة) أخرجوه من السجن وأعادوا سحبه في المدينة حتى أسلم روحه الطاهرة ولما أضرموا نارًا عظيمة لحرقه حدثت زلازل ورعود وبروق وهطلت أمطار غزيرة فارتاع الوثنيون وولوا مذعورين. وأخذ المؤمنون جسده المقدس إلى الكنيسة التي شيدوها وكفنوه وصلوا عليه وجعلوه في تابوت ووضعوه في مكان خفي من هذه الكنيسة.