أثارت دعوة منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، سلطات ميانمار والعالم التدخل لحماية مسلمي الروهينجا، الذين يتعرضون ل"هجمات وحشية"، المخاوف على حياة ملايين المسلمين هناك، وسط حديث عن استشهاد الآلاف جراء المجازر الدائرة ضدهم من قبل السكان البوذيين، حيث تستمر معاناة نحو 9 ملايين مسلم في ميانمار، يعيش معظمهم في ولاية أراكان غربي البلاد، التي تشهد مواجهات خلفت مئات القتلى وعشرات الآلاف من المشردين. وعبرت المنظمة الحقوقية عن قلقها على مصير آلاف المسلمين في ولاية أراكان، داعية إلى حمايتهم وتوفير المساعدات للنازحين والمتضررين من الاضطهاد ، فبعد عقود من التمييز العرقي والديني ، أصبح الروهينجا مسلوبي الهوية ، مشردين في أصقاع الأرض ، ومصنفين حسب الأممالمتحدة على أنهم الأقلية الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. ولطالما واجه الروهينجا سياسة الإقصاء ، وعاملتهم الحكومات المتعاقبة على بلادهم على أنهم أجانب ، وامتدت تلك النظرة إلى السكان البوذيين المحليين، الأمر الذي أدى إلى تكريس الشعور العام في الدولة بأن يعتبروا الروهينجا غرباء عن الوطن. واسترعى العالم منظر أبناء الروهينجا وهم هاربون في زوارق متهالكة طلبا للنجاة إلى بلدان أخرى، في مشاهد تذكر بأفلام هوليود التاريخية لحروب التتار وفرار الشعوب المستضعفة من المذابح الدامية. وطبقا لتقرير مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين، فإن من بين القيود والإجراءات الجائرة المفروضة على الروهينجا في بلادهم هي : العمل بالسخرة ، والقيود على حرية الانتقال ، والمنع من تملك أراض زراعية ، أما التعليم والخدمات العامة ، فتقدم إليهم بحدودها الدنيا. وقال التقرير "إن الروهينجا لا يتمتعون بأي تعاطف من قبل المجموعات العرقية واللغوية والدينية الأخرى في ميانمار". ونظرا لتحدث أبناء الروهينجا بلكنة تشبه تلك التي يتحدث بها أبناء "شيتاجونج" جنوبي شرقي بنجلاديش فإن هذه الجماعة المسلمة السنية المذهب ، يُنظر لأبنائها على أنهم مهاجرون بنجلاديشيون غير شرعيين ، وغالبا ما يكونون في ولاية أراكان التي يعيشون بها ب"البنغال". وتمتد حالة التوتر لتخرج خارج حدود ولاية أراكان لتصل للمجموعات السياسية وبالذات إلى الحركة الديمقراطية المعارضة التي طالما تمتعت بدعم الغرب ، والتي حذرت من أن التوتر الذي يسود البلاد قد يهدد حركة الإصلاح. وخرجت في الآونة الأخيرة مسيرات احتجاجية عديدة نظمها البوذيون ، وبعضها قادها رهبان بوذيون ادعوا أن الروهينجا يشكلون خطرا على الديانة البوذية -ديانة أغلبية المايانماريين - كما اتهموا الروهينجا بوجود حركة تشدد دينىي بينهم ، الأمر الذي ينفيه أبناء الروهينجا. ولجأ حوالي 230 ألف لاجيء من الروهينجا إلى بنجلاديش طلبا للنجاة ، ولكن السلطات غير قادرة على تحمل أعبائهم المالية ، خاصة في ظل وضع بنجلاديش الاقتصادي الهش. وقامت بنجلاديش بتكثيف دورياتها على الحدود النهرية بينها وبين ميانمار ، وقامت بإعادة قوارب محملة بالنساء والأطفال من الروهينجا إلى ميانمار ، ورفضت دخولهم لأراضيها بعد تفجر الاضطرابات في يونيو الماضي. وأدت الاحتجاجات البوذية ضد مسلمي ميانمار والاضطرابات التي نتجت عنها إلى لجوء أبناء الروهينجا إلى أنحاء متفرقة من العالم ، كدول الخليج وماليزيا. وتعود معضلة الروهينجا لقانون صدر في ميانمار عام 1982 ينص على أن أي أقلية في البلاد لا تستحق الجنسية الميانمارية إلا إذا ثبت أنها كانت موجودة في البلاد قبل عام 1823 أي قبل الحرب الأنجلو -بورمية الأولى ، ويصر زعماء الروهينجا على أنهم موجودون في البلاد قبل ذلك التاريخ بكثير ، لكن السلطات تنفي ذلك ورفضت أن تعطيهم الجنسية.