حقيقة أصبحت شبه ثابتة ومؤكدة لكل المتابعين في العالم وهي أنه كلما توفر مناخ ديموقراطي في أي بلد عربي أو مسلم واحتكم فيه الناس إلى صناديق الإقتراع إلا وصوت الشعب للإسلاميين ورفض ولفظ أعداء الأمة من العلمانيين والليبيراليين الجدد والقدامى ورمى بهم وبمشاريعهم التغريبية في مزبلة التاريخ .
تختار الشعوب الإسلاميين لاعتقادها أنهم الأكثر استقامة على طريق الحق ، والأكثرنظافة لليد ، والأكثر كفاءة وجدية في رعاية وخدمة شؤون الناس ، والأكثر حفاظا وغيرة على مقدرات وثروات الأمة ، والاكثر حزما في التصدي للهجمة الإستعمارية على العالم الإسلامي.
وترفض وتلفظ أدعياء العلمانية وغيرهم ( الذين جربتهم كثيرا في السلطة ) بسبب ارتباطهم بالأجنبي وتنفيذهم لأجند ة خارجية تتعارض مع هوية ومصالح الشعوب وبسبب فسادهم الذي نخر في كل مؤسسات المجتمع واستشرى في كل شبر من تراب الأوطان وبسبب رعايتهم للظلم والإستبداد.
ترفض الشعوب هؤلاء لاعتقادها أنهم وراء معاناتها المستديمة و فقرها و تخلفها وأنهم أكبر عقبة أمام تحررها وانعتاقها وتقدمها وأنهم وراء كل هزائم هذه الأمة.
- حدث هذا في الجزائر حين اكتسحت جبهة الإنقاذ الإنتخابات البلدية والتشريعية سنة 91 وحققت فوزا تاريخيا كان بمثابة زلزال هز العالم الشيء الذي أدى وبإيعاز من فرنسا وأمريكا إلى انقلاب الجيش على الديموقراطية مما أدخل البلاد في حرب أهلية خلفت إلى حد الآن أكثر من مائتي ألف قتيل. هذه الحرب وما رافقها من مآسي ما كانت لتقع لو سمح للجبهة بتولي السلطة.
- حدث هذا في فلسطين حين فازت حماس بالأغلبية في أنزه انتخابات عرفتها المنطقة مما حدا بكل قوى الإستكبار إلى التآمر عليها ومحاصرتها سياسيا واقتصاديا ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) ومعاقبة الشعب الفلسطيني على اختياره. هذا العداء تآزر فيه الداخل مع الخارج وارتمى محمود عباس وزمرته في أحضان أولمرت وبوش بغية الإستقواء على إخوانهم في غزة.
- وحدث ويحدث هذا في تركيا العلمانية التي أنجز فيها حزب أردوغان من الإصلاحات السياسية والإقتصادية ما لم تنجزه الأحزاب العلمانية مجتمعة خلال حكمها لتركيا.
هذه الإنجازات جعلت أغلبية شرائح المجتمع التركي تمنح أصواتها لأردوغان بما في ذلك اليهود وألأكراد والمسيحيين والعقلاء من العلمانيين.
لقد انتصر الإسلام في تركيا على جميع أعداءه وهزم الحجاب دعاة السفور والتبرج وقضى على المستقبل السياسي لدينيز بايكال أحد عتاة العلمانية الذي أصبح أتباعه ينادون باستقالته بعد هزيمة حزبه النكراء و قضى على المستقبل السياسي لمحمد آغار رئيس الحزب الديموقراطي ومن قبلهما مسعود يلماظ وتنسو تشيلر في انتخابات 2002.
وحدث هذا في ماليزيا وفي اليمن وفي الكويت وفي المغرب وفي الاردن وفي موريتانيا وفي مصر التي ابتكر نظامها طريقة جديدة للتصدي لمرشحي الإخوان وهي اعتقالهم قبل إجراء أي انتخابات لمنعهم من المشاركة وتجنب مفاجآت صناديق الإقتراع.
حتى تونس التي يحكمها منذ ما يقارب العشرين سنة حاكم جاهل وفاسد وظالم ومجرم وسفيه ومرتد والتي اشتهرت في عهده بالحرب على الإسلام عامة وعلى الحجاب خاصة وبتفشي ظواهر التعذيب والإنحطاط الاخلاقي والجريمة المنظمة ونهب عائلته وعائلة زوجته لكل خيرات البلاد لو يسمح فيها بانتخابات حرة فلن يختار الشعب التونسي إلا الإسلام دين الفطرة و الرحمة والعدل والسمو والطهر.
فهل وعى العلمانيون في بلادنا هذه الحقيقة ؟
هل فهم العلمانيون العرب أنه لا مكان لهم ولبضاعتهم المغشوشة في بلادنا الإسلامية؟
( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )