أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    الدولار يواصل الانخفاض متأثرًا ببيانات الوظائف الضعيفة    البصل يبدأ من 5 جنيهات.. ننشر أسعار الخضروات اليوم 10 مايو في سوق العبور    التنمية المحلية: تلقينا 9 آلاف طلب تصالح في مخالفات البناء خلال أول 48 ساعة    فصل متمرد.. تغير المناخ تكشف تأثير تقلبات الطقس على الزراعات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 مايو 2024.. الكومي ب38 ألف جنيه    «القابضة للمياه»: ندوة لتوعية السيدات بأهمية الترشيد وتأثيره على المجتمع    «القاهرة الإخبارية»: العدوان الإسرائيلي يتصاعد بعنف في غزة    الخارجية الفلسطينية: اعتداء المستوطنين على مقرات الأونروا في القدس المحتلة جريمة ممنهجة    «دعم منتظر».. الأمم المتحدة تصوت على عضوية فلسطين اليوم    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    إصابة شخصين وإحراق منازل في الهجوم الروسي على خاركيف أوكرانيا    "تخطى صلاح".. أيوب الكعبي يحقق رقما قياسيا في المسابقات الأوروبية    "اعتلاء منصات التتويج".. هاني العتال يوجه رسالة للزمالك قبل مباراة نهضة بركان    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة بلدية المحلة.. اليوم    أشرف عبد العزيز: ما فعله محامي الشيبي «جريمة»    نشوب حريق داخل ميناء الشركة القومية للأسمنت بالقاهرة    التعليم: 30% من أسئلة امتحانات الثانوية العامة للمستويات البسيطة    طعنها بالشارع.. حبس المتهم بالشروع في قتل زوجته بالعمرانية    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بالقليوبية    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 11 مايو 2024 | إنفوجراف    بالتفاصيل، تشغيل قطارات جديدة بدءا من هذا الموعد    ضبط وتحرير 24 محضرًا تموينيًا في شمال سيناء    إلهام شاهين: مهرجان ايزيس فرصة للانفتاح على العالم والترويج الثقافي لبلدنا    تشييع جثمان والدة الفنانة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم ظهر اليوم    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    حفل زفافها على البلوجر محمد فرج أشعل السوشيال ميديا.. من هي لينا الطهطاوي؟ (صور)    بكاء المنتج أحمد السبكي بسبب ابنه كريم.. ما السبب؟    صابر الرباعي يكشف حقيقة دخوله مجال التمثيل وتقديم مسلسل 30 حلقة    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    الصحة: أضرار كارثية على الأسنان نتيجة التدخين    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    ملف رياضة مصراوي.. زيارة ممدوح عباس لعائلة زيزو.. وتعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    أشرف صبحي يناقش استعدادات منتخب مصر لأولمبياد باريس 2024    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر بين الفتنة الطائفية وجحيم العلمانية!! (12)
نشر في الشعب يوم 13 - 01 - 2007


أد : يحيى هاشم حسن فرغل
yehia_hashem@ hotmail .com
http://www.yehia-hashem.netfirms.com



هل أصبح من الضروري - في هذا الزمن النكد - أن يختار المسلم المهزوم اليوم بين جحيم العلمانية وفتنة التشيع ! وهل يدرك أن تحريك الفتنة إنما يتم بأيد علمانية أو صليبية { و قد شرحنا ذلك في مقال سابق في جريدة الشعب الألكترونية بتاريخ 15102006 } وكان من هذا التحريك إعدام صدام أو الطريقة التي تم بها ذلك مهما تظاهر المحتل - وهو في واقع الأمر المحرك الآمر - بأن ليس له يد فيما تم ؟
وإذا كان على المسلم أن يختار بين خطيئة الخوض في الفتنة أو اعتزالها أليس من الأقضل له في موقفه يوم الحساب أن يكون مخطئا باختيار الاعتزال عن ان يكون مخطئا بخوض الفتنة ليجد نفسه في النهاية مجرد عميل غبي مضروب على قفاه في الغزو الصليبي الإسرائيلي؟
اللهم إلا أن تكون مقاربته من الفتنة تناولا علميا دقيقا متخصصا وفي هذا السياق أصدر العبد الفقيرإلى الله كتابه " الفرق الإسلامية في الميزان " ؟ ويعاد طبعه الآن ؟

&& وهل يمكن أن نصدق النافخين في نار الفتنة قما يروجونه من أن الخلاف بين الشيعة والسنة ليس خلافا داخل الدائرة الإسلامية وإنما هو وفق تصوراتهم محض رجوع إلى بداية معركة الكفر والإيمان : بين الفرس والإسلام منذ أربعة عشر قرنا مهما أعلنت المراجع الشيعية إسلامها ؟
وهل يصح القياس على ذلك بأن المعركة الدائرة بين العلمانية والإسلام في بلد كمصر على سبيل المثال هي كذلك محض استرجاع للحظة التاريخية في بداية فتح الإسلام لمصر الكافرة الفرعونية الرومانية ؟
وألم يكن من الحق والإصلاح والإنصاف والتعالي فوق العنصرية وشوائب القومية أن نرجع إلى ما لا خلاص لنا بغيره من إعمال فريضة الوحدة " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " : فنضرب المثل بالاعتزاز بدخول الفرس في الإسلام قديما لا أن نشكك فيه أو نعايرهم بما كان فيهم من قبله ، ولقد كان لكل منا :" قبل" إن صح هذا التعبير فرسا وعربا وروما وفراعنة حضرا وبادية ، بيضا وصفرا وسودا !!
أم هل نحن اليوم أمام مؤامرة متعددة الأطراف لإلغاء التاريخ وإعادة الإسلام في وضع الحصار بيد مشركي قريش ثم في لحظة بداية ظهوره بين خندق الفرس ( إيران ) ومنجنيق الروم ( الناتو ) وكيد السامري ( إسرائيل ) وسحرة فرعون (مصر ) ... ولمن يكون النصر !

&&& وهل يدرك " المُلغوصون " ... أبعادَ الفتنة التي يخوضون فيها ومدى تحالفهم موضوعيا مع أهداف السياسة الأمريكة الصهونية الصليبية في شيوع " الفوضى الخلاقة " !! في الشرق الأوسط الكبير لإعادة تقسيمه لحساب الأمبراطورية الأمريكية الإسرائيلية بعد انتهاء فترة سايكس بيكو التي تمت سابقا لحساب الإمبراطورية البريطانية الفرنسية ؟ !!
وهل يدري " المجاهدون الجدد " ضد التشيع الصفوي !! الإيراني { وخليها إسرائيل} أنهم يعيدون اليوم إنتاج الدور " الصدامي العربي الأمريكي " الذي تولاه العراق ضد إيران في بداية الثورة الخومينية وسقط على يده في بداية الحقبة البوشية ، أم أنهم ارتضوا هذه المرة لأنفسهم أن يكونوا محض حشرات ذيلية للغزوة الإسرائيلية الأمريكية الصليبية ؟ وهاهو أبو جهل العصر يدعو مهددا أصحابه إلى الالتحاق بفيالقه الملعونة ؟

وإذا كان لأحد ممن يتصنعون العمى أمام هاوية الفتنة بين أقدامه أن يستشعر الخوف من مؤامرة مزعومة يتعرض لها الأزهر حديثا ممن ينافسونه على الجبهة الإسلامية مما سماه معالي السيد وزيرالأوقاف " الوباء الإخواني " ، أو سماه الأستاذ الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر : " اختطاف الجماعة المحظورة " الإخوان المسلمون " أو سماه بعضهم عسكرة " حماس " أو سماه آخرون " الوهابية المدعومة بالمال فإنه يصب في حقيقة الأمر – مع الأسف - فى خانة المؤامرة الكبرى الناشطة نحو اجتثاث الأزهر من جذوره تلك التي يتعرض لها الأزهر منذ عشرات السنين من العلمانية المدعومة بسلطان المال والسياسة والثقافة والإعلام والمواقف الدولية والمسيصهيونية متذرعين بنفوذ الولاة العلمانيين المحليين الذين يتنفسون سم الكراهية ضد الإسلام والذين ما يزالون يترددون على السلطان الأمريكي ليزيدوه اقتناعا بتثبيت سياسته في الدفاع عن الديموقراطية في البلاد الإسلامية (!!) بقتلها اليوم ،-- وفي أحضانها الأزهر وفي أذياله الإخوان و حماس - خوفا من أن يذبحها الإسلاميون غدا ..

يقتلون الديموقراطية وفي أعطافها من يلوذ بها من أبناء الأزهر أو من يلف لفهم حرصا على حياتها ؟!
أليست نكتة
يذبحونها في البكور خوفا من وهم أن يذبحها غيرهم في الغداة ؟!
لكن أليست نكتة دامية أراقوا من أجلها دماء مئات الآلاف من المسلمين المتمسكين بدينهم
أليست نكتة لغوية سفسطائية حيث أصروا على أن يغتصبوا من المسلمين اسمهم فسموهم إسلاميين تارة ، و متأسلمين تارة وأصوليين تارة ومتطرفين تارة ووبائيين تارة ومخترقين تارة وإرهابيين تارات ؟
أليست نكتة تحريفية حيث أصروا على أن يغتصبوا منهم عقيدتهم – بتغطية من اللاأدرية من بعض شيوخهم – وأن يتركوها بغير شخصية وسط طوفان العقائد المناوئة ؟
وأن يغتصبوا منهم شريعتهم بمعونة من بعض شيوخهم ويجعلوا منها طعمة لتقلبات الزمان ونكران البيئات ؟
أم هي في الوقت نفسه نكتة مشوهة بمقدار تشوه القائمين على تنفيذها ؟ العلمانيين بأصولهم : بأصولهم من الإلحاديين والطبيعيين والحداثيين والماديين الوضعيين والوضعيين المنطقيين والماديين التطوريين والشيوعيين والماسونيين ، والأمريكيين والمتأمركين ، والإنجيليين والمحافظين الجدد والمسيصهيونيين والاستعمار والاستعماريين والتطبيعيين وعملاء أولئك جميعا ؟
فأين المشكلة ؟ أهي في الإسلام أم في أبناء الأزهر" المختطفين " الموبوئين أم في العلمانية ؟
أهي في الإسلام وهو العقيدة الضامنة للحرية بأجلى معانيها في التوحيد دون أولئك جميعا ؟ ثم في ( لا إكراه في الدين ) ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ؟
أم هي في الديموقراطية التي لم يشم المسلمون ريحها منذ أن رأوا شعارها مرفوعا على أعلام العلمانية في تركيا ومصر والشام والعراق وفلسطين وأفغانستان والباكستان وبنجلاديش ؟ أم هي في العلمانيين الذين حكموا المنطقة بالحديد والنار منذ بشروا المنطقة باسم الديموقراطية ؟!
يقينا : إنها العلمانية المشكلة
وابتداء يجب أن نصرح بأن المؤامرة واقع لاينكر وجوده غير من يسهم فيه
وهي في مقالنا : العلمانية المتآمرة مع طلائع العدو لتتستر عليه ، كتآمر الذيل مع مؤخرة الجذع !!
وهي العلمانية المتآمرة مع العدو انطلاقا من وحدة الكيان ووحدة المنطلق ووحدة المصير .
وهي العلمانية المحلية : بما أنها الأكثر تقليدا والأفقر إبداعا والأكثر فشلا
يفسرون نجاح التيار الإسلامي بفشل التيارات العلمانية ، وهم أشبه بمن يفسر الإقبال على سماع القرآن بتدهور فن الغناء الحديث !!!
إنهم الذين يتبعون سنن من سبقهم في العلمانية الأوربية حذوك القذة بالقذة والنعل بالنعل ، وكثيرا ما يلهثون وراءها متخلفين عن أسيادهم
ومن هنا كانت هي الأكثر تحجرا وغباء وتشنجا وفشلا وحقدا على الإسلام .
وهي التي تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الخطر سوف يأتينا من ناحيتها بأكثر مما يأتينا من الأعداء الخارجيين
يكفي أن تنظر اليوم إلى خريطة الحروب التي يتخبط فيها العالم الإسلامي ما بين حرب طائفية بين الشيعة والسنة ، ، أو دينية بين المسلين والمسيحيين ، أوعقدية بين العلمانيين والمسلمين ، أوحرب على السلطة وحرب مع الخونة و العملاء : في مصر وفلسطين والعراق ولبنان و أفغانستان والصومال والسودان إلخ في جميع ذلك تجد فصيلا من أبناء البلد وهو يحارب إخوانه من أهلها مستعينا بالعدو الخارجي ، وها نحن نجد النيران مشتعلة على هذا النحو في اللحظة الراهنة في أربع أقطار على الأقل : في العراق ، ولبنان ، وفلسطين وأفغانستان والصومال والسودان .
لا يختلف اثنان في أنه لو لا ثورة الوهابية ومحمد علي ما تسارعت الدولة الإسلامية نحو السقوط ولولا حزب أتاتورك ما سقطت الخلافة ، ولولا خدعة الدولة العربية الهاشمية ما تفكك الشام وما سقطت فلسطين ، ولولا صدام الطائفتين ما سالت الدماء أنهارا بين العراق وإيران ، ولولا الخليج ومصر وسوريا ما تحطم العراق ، ولولا تضارب الزعماء في السودان لما ظهر عليهم جارانج ، ولولا متفرنسة الجزائر لما أفلت الدولة الجزائرية الإسلامية بعد بزوغ ، ولولا شلبي وعلاوي ونوري وجلال طالباني وبرزاني وحزب الثورة الإسلامي ما وضعت أمريكا قدمها في العراق ولولا دموية ميليشيات بدر ما قتل الأئمة والمصلون في مساجد السنة في العراق وفقا لتصريح الأمين العام لهيئة علماء المسلمين الشيخ المجاهد حارث الضاري بتاريخ 1852005
، ولولا " حراسة " بعض رجال الأمن ما انتهكت أعراض أخواتنا على قارعة الطريق أو على سلم النقابة ! ، ولو لا استبداد السلطات ووحشيتها التاريخية ما استشهد من المواطنين على أرصفة الشوارع والسجون والمعتقلات والصحاري أضعاف ما استشهد بيد الفرنجة الغزاة ، ولولا علمانية العسكر ما انحرف تطوير الأزهر ولولا تبعية قادة الأزهر لقرار توظيفهم ما تشوهت معالمه ، ولولا وصولية فقهاء السلطة ما تحرفت الفتاوى ، ولولا التجارة بالدين ما أصبح الأزهر على شفير الهاوية وهاوية الإلغاء .
لولا العلمانية لما تهيأ المناخ لهذه الكوارث والانهيارات ‍‍‍‍‍. ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
العلمانية المحلية إنها هي المشكلة
إنها العلمانية المحلية بالذات
ولأهمية المشكلة وما يكتنفها من التباس وتضليل حول المؤامرة على الإسلام تحت غطاء إنكار فكرة المؤامرة في حد ذاتها ...نقررمرة أخرى أن إنكار المؤامرة هو أحد صور ما يشيعه العلمانيون – من محاولات ساذجة - للتغطية على المؤامرة ، إنه - وبخاصة عندما تكون المؤامرة كالهواء نتنفسه في كل حين - هو في ذاته عين المؤامرة
ولقد تعرض الإسلام منذ بزوغه لحلقات متواترة من المؤامرة : مؤامرة المشركين في عزل الرسول وأصحابه في شِعب مكة للقضاء عليهم جميعا
مؤامرة المشركين في وفدهم الذي أرسلوه إلى ملك الحبشة ليسلمهم من لجأوا إليه من المسلمين
مؤامرة المشركين في وفدهم الذي أرسلوه إلى هرقل ملك الروم ليسهم معهم في القضاء على المسلمين
مؤامرة المشركين لقتل الرسول في مرقده في بيته عشية هجرته إلى المدينة
مؤامرة اليهود على المسلمين في المدينة في غزوة الخندق
وفي نقلة سريعة إلى العصر الحديث :
مؤامرة أوربا في إسقاط مشروع محمد علي
مؤامرة أوربا في مؤامرتها فيما أطلق عليه " مشكلة الرجل المريض " لإسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية
ومؤامرة أوربا في سايكس بيكو لتقسيم ميراث الرجل المريض
ومؤامرة الصهيونية العالمية وأوربا بدءا من نابليون إلى بلفور إلى بوش إلى هيئة الأمم ومجلس الأمن في حلقات متواصلة من " وعود بلفور" لإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين ثم لإنشاء دولة إسرائيل على حساب تشريد الشعب الفلسطيني وتعذيبه وتقتيله ثم إبادته ، وهي وعود وليست وعدا ، في سلسلة طويلة من مؤامرة خبيثة ، كما أثبت ذلك الدكتور إبراهيم حمامي في بحثه العلمي القيم بجريدة الشعب بتاريخ 19112004
ومؤامرة إنجلترا وفرنسا وإسرائيل في غزو مصر عام 1956
ومؤامرة الولايات المتحدة في جر الجيش المصري لحرب لم يستعد لها في هزيمة 1967
ومؤامرة الولايات المتحدة لإنقاذ الجيش الصهيوني بعد هزيمته في حرب العاشر من رمضان
ومؤامرة المسيحية الصهيونية للقضاء على المسلمين في تحقيق نبوءة هرمجدون
ومؤامرة العالم الغربي المعاصر ضد العالم الإسلامي بإدخاله جميعا في ثوب ما سموه الإرهاب لإطلاق النار عليه في معارك متوالية متفرقة حسب خريطة المؤامرة ، كلما انتهوا من ضرب فريق من المسلمين ، دبروا أمرهم للكشف عن فريق جديد .
ومؤامرة الحكام الولاة مع " السلطان" الافرنجي ضد الشعب المقهور، بهدف حرمانه من ممارسة حقه في الديموقراطية لخوف كل منهما منها : الولاة لخوفهم من التغيير أن تندك قوائمهم وتنشر أسرارهم ، وتفتح حساباتهم ، وتقتص جرائمهم ، ، والسلطان " الإفرنجي " ! لخوفه من التحرير : أن تذوب قواعده ، وتضرب خططه ، وتندثر تحالفاته .

وينكر المؤامرة بعض من ينكر أصالة الدافع البشري في حركة التاريخ أو يجعله ظاهرة فوقية للبنية التحتية المادية ، كما ينكرها كل متآمر أو عميل أو خؤون أو غبي أو جهول ، فهؤلاء أعمدتها ، وإلا لما كانت المؤامرة مؤامرة .
ويستخف بالمؤامرة صنفان : كل متآمر يرغب في تمريرها بعد تنويم الضحية ، أو مخدوع يسوق – على سبيل التهدئة - حجة " استمرار الإسلام " بالرغم من كل مؤامرات الماضي ، وعلى النائمين أن يستمتعوا بأحلامهم فإن لم تعجبهم عليهم أن يلتصقوا بكوابيسهم .
إن إنكار المؤامرة – وهي عصب التاريخ السياسي عموما – تحت غطاء ما أطلقوا عليه تهكما " نظرية المؤامرة " هو عين المؤامرة ، وعلينا أن نصرخ في جرأة في وجه كل متهكم من هؤلاء : إمسك متآمر

إنها المؤامرة ؛ وفي العالم الإسلامي الحديث تقوم العلمانية الديموقراطية !! - المشكلة العصية بصورها المختلفة – بدورها الخبيث بالتغطية العصرية للمؤامرة على الإسلام !!
وجوهر مقاومة المؤامرة - أيا كانت - يكمن في كشف أطرافها ، ثم في اكتشاف نقاط الضعف فيها ، ثم في اكتشاف نقاط القوة المهملة فيما تآمرت عليه ، وهو نشاط ممكن لكل متآمر عليه وإن ضعف
......
ونظرا لأن المؤامرة إنما تعتمد اعتمادا أساسيا إن لم يكن كليا على طابورها الخامس المدسوس في كيان المتآمَر عليه فقد تقدمت العلمانية لتقوم بدورها العصري الذي تخلقت له في العالم الإسلامي : دور التغطية الفكرية والعقدية والسياسية والدعوية والإعلامية على المؤامرة
ومن هنا قلنا : العلمانية هي المشكلة
وكشف مظاهر العلمانية هو في الوقت نفسه كشف أطراف المؤامرة
المؤامرة ضد العالم الإسلامي حتى فيما أصبح يسمى الإصلاح خداعا وكذبا وتضليلا
ولذا قلنا ونقول : العلمانية هي المشكلة
إنها العلمانية المحلية بالذات

ولا يعني هذا تجاهل العدو الرئيسي والفاعل الأصلي ( الاستعمار بأشكاله المختلفة : أسبانيا كان أو برتغاليا أو إيطاليا أو فرنسيا أو بريطانيا أو أمريكيا أو صهيونيا أو صليبيا ) كما لا يعني اعتذارا له بمقولة سخيفة تتداولها أفواه مضللة : من مثل "هذا حقهم " إلا كما يكون لأحدهم أن يعتذر للشيطان بمثل ذلك " هذا حقه " ولذلك كان هو ( الجن ) الذي لابد من فضحه : إنها العلمانية
وهي العلمانية المحلية بالذات
ولا يعني إظهار الدور الفاعل للمؤامرة تجاهل طرو عنصر القابلية عند المهزومين بها ، وهنا يظهر دور العلمانية المحلية في تصنيع القابلية وتجذيرها ، وهو الدور الذي يفسر لماذا أنتج المجتمع الإسلامي في مسرح النهضة خشبا مسندة عصرية تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى : بأسماء عربية أو إسلامية كمصطفى وعصمت ولطفي وعفلق وعلاوي وجعفري وكارازاي وبرويز ؟

إنها العلمانية في حدها الأدنى باستبعاد الدين
إنها العلمانية التي أدرك قبح فعلها - وإن لم يدرك دلالة اسمها - عامة المسلمين الذين درجوا منذ زمن بعيد على تشخيص كل انحراف بأنه إنما نشأ من " البعد عن الدين "
ونظرا لأن الجواب هو " العلمانية " فهم يجفلون من أن يقال لهم كفوا عنه لأنه مسموم بعد أن أدمنوا كما يدمن متعاطي الهيروين ، وما هلكوا بعد ، وغاب عنهم أن هلاك المتعاطي يختلف موعده باختلاف عزمه على الإقلاع ، أو باختلاف مناعته ضد المرض ، أو باختلاف عمره المفترض : فإذا كان شخصا فردا حسب له بقاؤه بسنوات بعدد أصابع اليدين ، وإذا كان مؤسسة – كالأزهر – حسب له بقاؤه أو مقاومته بحسب العقود ، وإذا كان أمة حسب لها بقاؤها أو مقاومتها بحساب القرون
إنها العلمانية في حدها الأدنى باستبعاد الدين ، ومن ثم استبعاد الالتفاف حوله ، وتجريم الاعتصام بحبله ، وهجر الانتصار بنصره ، وإغفال سنته في العمل الصالح بشريعته ، وإسقاط الجهاد وشروط الجهاد ، وتسخيف الدعاة إليه وإهمال تعبئة الجماهير به ، واستئجار المناصب والسلطات والفتاوى التى تحيا في رحابه ، وتفريغ مؤسساته أو القضاء عليها
إنها العلمانية وكفى نبشا في ملفات فارغة
إنها العلمانية وكفى تساؤلا ساذجا أو تساؤلا خبيثا
إنها العلمانية المحلية بالذات

ولا يعني هذا كما قلنا سابقا : تجاهل العدو الرئيسي والفاعل المستفيد : الاستعمار" الإفرنجي " بمناهجه المختلفة عسكرية كانت أو تعليمية أو سياسية أو اقتصادية أو إعلامية أو ثقافية .
: إنها العلمانية
وهي العلمانية المحلية بالذات
ويغيب عن بال الكثيرين من غير العلمانيين أنه لكي يكون المرء علمانيا يمكنه أن يكون أي شيء غير أن يكون ملتزما بالدين ( الإسلام ) ،
يمكنه أن يكون أزهريا أو أن لا يكون أزهريا ، يمكنه أن يكون وطنيا وألا يكون وطنيا ، يمكنه أن يكون قوميا وألا يكون قوميا ، يمكنه أن يكون اشتراكيا وألا يكون ، يمكنه أن يكون ليبراليا وألا يكون ، يمكنه أن يكون عنصريا وألا يكون ، يمكنه أن يكون صهيونيا أو فرعونيا وألا يكون ، يمكنه أن يكون ديموقراطيا أو بلشفيا أو شوفينيا أو فاشستيا أو نازيا أو تحرريا أو محافظا إنجيليا أو مثليا أو " بيدوفيليا " أو ساديا أو مازوشيا وألا يكون ، يمكنه أن يكون لصا أو بلطجيا أو مزورا أو ديوسا أو تطبيعيا وألا يكون ، يمكنه أن يكون أي شيء ما عدا أن يكون مسلما حقيقيا
وهو مادام قد أصبح من حقه أن يكون علمانيا فأنت لم يعد من حقك أن تتهمه باعتناق أي شيء من هذه المذاهب والسلوكيات أو من غيرها ، ولا من حقك أن تتهمه بالوفاء لأي من هذه المذاهب أو غيرها ، ولا أن تتهمه بخيانة أي من هذه المذاهب أو غيرها . فتلك كلها بعض تجليات العلمانية مقبوحة بقبح البعد عن الدين ممسوحة بمسحة الشيطان ، ونحن عند ما نصفه بالوفاء لشيء منها ، أو نتهمه بخيانة أي شيء منها نعلم أننا نستعمل إحدى المفردات غير الواردة في قاموسه وأننا نلزمه بما لا يلتزم ، وأننا نحتكم إلى ما تحرر منه بالعلمانية ، وأننا نتحاور معه حوار الطرشان ، ، وهو عندما يغضب ضد اتهامه بشيء منها فهو إنما يتصنع الغضب صونا لخطته من فضيحة مبكرة لم يستعد لها بعد ، ، أو حرصا على الاستفادة من وضع مؤقت يستحلبه من تقاليد أو قوانين .. ما أسهل أن يخرج لها لسانه بعد أن يمتصها ، بينما هو في أعماق علمانيته الماكيافيلية النفاقية يبتسم ابتسامة من يتهمنا بالبلاهة ، وعلينا نحن أن نواجه نتائج ما يفيض علينا بعد ذلك من تجلياته .
ومن تجلياته الشيطانية ضياع أوطاننا بالخيانة: ومن خان فلسطين ليس يهودياً إنما هو عربي باع الحق والمقدسات والأرض والدماء والأعراض من أجل كرسي ومنصب زائل ...) وفي المقابل نجد من كان ما يزال ملتزما بدينه : ( السلطان عبد الحميد آخر خلفاء الدولة العثمانية ... عندما أوفد إليه اليهود .. قره صو لمقابلته وفى المقابلة قال قره صو للسلطان " إني قادم مندوباً عن الجمعية الماسونية لتكليف جلالتكم بأن تقبلوا خمسين مليون ليرة ذهبية هدية لخزينتكم الخاصة ومائة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة لمدة مائة سنة على ان تسمحوا لنا ببعض الامتيازات فى فلسطين " فلم يتم قره صو كلامه حتى نظر السلطان عبد الحميد الى مرافقه بغضب ، وقال له : هل كنت تعلم ماذا يريد هذا الخنزير ؟ فارتمى المرافق على قدمي السلطان مقسماً بعدم علمه فالتفت السلطان الى قره صو وقال له : اخرج من وجهي يا سافل )
لم يكن السلطان علمانيا
وللأسف لم يسطر التاريخ بعد عبد الحميد من يرفض بيع فلسطين لأن عصر العلمانيين قد بدأ وفيه جرى الاستقواء بغير المسلمين – ومنهم الصهاينة – على المسلمين ومنهم أبناء الوطن .
وتمضى قضية فلسطين بأحداث واتهامات بالخيانة متعددة فى لبنان وسوريا والأردن ما بين اتهامات لحكومات عربية بتصفية الفلسطينيين فى صبرا وشاتيلا ، وأيلول الأسود وتل الزعتر، وبين اتهامات للفلسطينيين أنفسهم
.
والتفسير عندي لا يكفي فيه إسناد الأمر إلى الخيانة ، فهل تكون الخيانة على هذا المستوى بغير مرجعية عقدية ؟ إنها العلمانية التي تمهد وتجعل الأمر مقبولا عند أصحابه وأتباعه وأدواته. إننا يجب أن نصرح هنا أن الخيانة في فلسطين أو في غيرها من البلاد الإسلامية أو المؤسسات الإسلامية المكلومة – إنما تأسست على عقيدة في العلمانية والتنكر الصريح للإسلام باعتباره في تصور الخونة أخطر عوامل التخلف في المنطقة ، فصارت من ثم أعتى أنواع الخيانة وأشدها على المسلمين
إن من كان متسلحا من المسئولين آنذاك بعقيدته الإسلامية لم يقبل مجرد المفاتحة في خيانة فلسطين أو ما يلامسها
طبعا دون غمط لحقوق الرغالات الصغيرة من أمثال شلبي والسستاني وما أدراك
وأبو رغال هذا رمز للخيانة تكرر اسمه في التاريخ العربي القديم مرتين، مرة في عهد سيدنا صالح عليه السلام والمرة الثانية في حادث الفيل .
وما كان أبو رغال ليفعل فعلته لولا أنه يعيش في حضانة آلاف الأبي رغالات ممن دبروا وأرشدوا وجهزوا : مرة من ثمود ومرة من ثقيف ومرات من علمانيين أو أذيال لهم
هكذا نجد أبا رغال قد تناسخ في ألف ألف أبي رغال كلهم تراهم هناك يرقصون رقصة الشيطان فوق قلاعنا المدمرة ، ، كما تراهم واقفين على رءوس مقابرنا السياسية والحضارية وعلى أكتافهم ألف ألف أبي رغال :
بدءا من محاولة الاعتداء على البيت الحرام قبل ظهور الإسلام
متناسخا بعد ظهور الإسلام في مُؤَامَرَةُ ابْنِ العَلْقَمِيِّ
متواصلا بعد دس العلمانية في البيئة العربية والإسلامية لتقوم بدورها المرسوم في القضاء على المؤسسات الإسلامية
ولمن يريد أن يستدل عليهم ليقرأ ما كتبه فيهم الشاعر د.عثمان مكانسي في قصيدته "أبورِغال" حيث يقول :
أَلَسْتَ تدْري يا أخي أنّ أبا رِغالْ
فيما مضى كان فريداً
لا يُرى لهُ مثالْ
لم يرضَ " مُشْرِكٌ " سواه أن يكونْ
في زمرةِ التَّهريجِ والْعبيدِ والأنْذالْ
.....
لكِنَّنا ونحن مسلمونْ
مُوَحِّدونَ مُؤمِنونْ
للهِ عابدونْ!!!
أنَّى التفَتَّ لليمينِ للشِّمالْ
وجدْتَ فينا ويْحهُم ألفَ أبي رِغالْ
....
تراهُمُ في كلِّ مَنْ تأنَّقا في حُلَةٍ مَكْوِيَّةٍ ، كُوفِيَّةٍ معقوفةٍ
دشداشةٍ وغِترةِ ثمَّ عِقالْ
وفي الْقُصورِ الفاخِرهْ ، وفي الْخِيامِ السَّاهرهْ
يُدْلونَ بالرَّأيِ الْعقيمِ ويدَّعُونْ حُسْنَ المقالْ
وكلُّهمْ أبو رِغالْ
باقُونَ هُمْ ، لنْ يَْرْحلوا ، مادامَ شعبي خائفا ، مادام شعبي خائبَا
سَهْل القيادِ والْمنالْ
أما إذا كُنَّا الرِّجالْ في قولَة الْحقِّ وفي ساحِ الْقتالْ
في وَحْدة الصفِّ وفي أرْضِ النِّزالْ
نشْدو بآي ربِّنا في كلِّ حالْ مِنْ سورة الإخْلاصِ من هواتفِ الأنْفالْ
شَدُّوا الرِّحالْ
ولنْ ترى الدَّجَّالَ فينا لنْ ترى الدَّجَّالْ
ولنْ ترى أبا رِغالْ اه
المصدر: موقع " اللجنة السورية لحقوق الإنسان " بتاريخ 17من ذي القعدة 1423 ه20 من يناير 2003 م

وعلى كل حال فأنت تعرفهم بسيماهم فيما يلبسون من ثوب تنظيري يسمونه " التنوير " تارة ، و" الديموقراطية تارة " والحداثة تارة أخرى " أثواب كلها كاذب كالح يغطون بها مباذل العلمانية : غطاءَهم الصفيق الذي يمذهبون به رذيلة الخيانة ، وقد تم تطريزها جميعا في دهاليز المؤامرة الكبرى ضد الإسلام
إنها العلمانية المشكلة التي تأتي في تجليات شيطانية
إنها هي المشكلة
.
إنها العلمانية التي أدرك قبح فعلها - وإن لم يدرك دلالة اسمها أو مقر شيطانها - عامة المسلمين الذين درجوا منذ زمن بعيد على تشخيص كل انحراف بأنه إنما نشأ من " البعد عن الدين "
نقول وما نمل من التكرار : إنها المؤامرة ؛ وفي العالم الإسلامي الحديث تقوم العلمانية - المشكلة العصية بصورها المختلفة – بدورها الخبيث بالتغطية العصرية للمؤامرة على الإسلام !! وما كان من الطبيعي أن يقابل المسلمون هذا الموقف –- بمثل هذه السلبية المخزية واللامبالاة المهينة والانسحابية الانتحارية والانبطاحية الحقيرة لولا مسة من علمانية أصابتهم وزرعت في أعماقهم مبدأ استبعاد الدين من السياسة ،أصابت بدنسها جميع الأطراف وإن بدرجات متفاوتة

نقول وما نمل من التكرار : لولا العلمانية لما تهيأ المناخ لهذه الكوارث والانهيارات
العلمانية المحلية إنها هي المشكلة، إنها العلمانية المحلية بالذات
نعم فلولا علمانية الثورة عام 1952 ما انحرف بيدهم مشروع تطوير الأزهر بقانون 1961
الذي ذهب في اتجاه معاكس تماما لما كان الأزهر بحاجة إليه من تطوير ، ومن ثم دخل في نفق البنية العلمانية الأساسية لاستكمال ما يراد اليوم في مناخ الضغوط الأمريكية ،
ولاتكتمل الصورة فيما يخص تدمير الأزهر بغير نظرة إلى الوراء في كل ما يخص التربية الإسلامية في الأزهر وفي غيره بوجه عام
وهنا نستشهد بكلمة اللورد لويد التي جاءت عن الأزهر في كتابه الذي ألفه عام 1933 حيث يقول :( إن التعليم الوطني عندما قدم الإنجليز إلى مصر كان في قبضة الجامعة الأزهرية شديدة التمسك بالدين .. وكان الطلبة الذين يتخرجون في هذه الجامعة يحملون قدرا عظيما من غرور التعصب الديني ، فلو أمكن تطوير الأزهر لكانت هذه خطوة جليلة الخطر، ولكن إذا بدا أن مثل هذا الأمل غير متيسر تحقيقه فحينئذ يصبح الأمل محصورا في التعليم اللاديني الذي ينافس الأزهر حتى يتاح له الانتشار والنجاح ، وعند ذلك سوف يجد الأزهر نفسه أمام أحد أمرين : إما أن يتطور ، وإما أن يموت ويختفي )
ثم يقول اللورد لويد بعد ذلك ( إن أهمية الأزهر بوصفه مركزا من مراكز الدعاية المعادية لبريطانيا متعددة الإمكانات .. وقد أدرك الوطنيون ذلك فحاولوا استغلاله لتأييد مآربهم وترتب على ذلك نمو المعارضة الشديدة لسيطرة الإنجليز على التعليم !! ) [1]

ولقد بدأ استهداف التعليم الديني في الأزهر منذ بداية القرن العشرين وفي هذا الشأن أبدى الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر آنذاك تخوفه في مقال حذر فيه الحكومة من بعض مظاهر يمكن أن تجر مصر إلى العلمانية على مثال تركيا حيث قال :
( هناك جامعة مصرية – جامعة القاهرة الآن – يأوي إليها شبان الإسلام التماسا للثقافة العصرية كما يقولون ، ثم نرى من كبار أساتذتنا من يقول في بعض تعاليمه " إن الدين في نظر العلم الحديث ظاهرة كغيره من الظواهر الاجتماعية " وهناك لجنة ألفتها الحكومة لإصلاح الأزهر ، من أعضائها رئيس تلك الجامعة المصرية ، أما تحديد الغرض من الإصلاح المنشود فقد أعرب عنه أحد أساتذة الجامعة المصرية على صدر الأهرام حيث يقول " إن الشكل الذي تواجهه اللجنة اليوم قد وجد في أوربا نفسها حين بدأت العلوم الحديثة أو الروح الجديدة تنتشر فيها في أواخر القرون الوسطى ، وبداية العصر الحديث ... كانت السربون قديما أكبر كلية دينية ، ثم أخذت تغزوها العلوم الحديثة شيئا فشيئا حتى انقلب نظامها الأول تدريجيا ، وحلت كلية الآداب محل الكلية الدينية "
إلى أن قال " فنحن الآن بين أمرين : إما أن نكتفي بإنشاء كراسي للعلوم الدينية بالجامعة المصرية ، وإما أن نجعل الأزهر كلية آداب ثانية ، فيجب العمل على إصلاح الأزهر ، والقضاء على روح الجمود التي لا تزال في بعض نواحيه )
هنا انتهى ما أشار إليه الشيخ محمد شاكر من تحركات تدعو إلى الخوف على الأزهر من خطط العلمانية إزاءه .[2]
وجاء طه حسين فدعا في مقالاته وكتابه مستقبل الثقافة في مصر الصادر عام ( 1938) إلى توحيد المرحلة الأولى من التعليم والتي تسبق التخصص وإنهاء الثنائية المتمثلة في التعليم الأزهري والتعليم المدني ، ثم استأنف دعوته في بداية ثورة 1952 في مصر ليدعو إلى تطوير الأزهر بعد إلغاء المحاكم الشرعية ، وسمى تطوير الأزهر " الخطوة الثانية " حيث كانت الخطوة الأولى هي إلغاء المحاكم الشرعية .
يتبع

------------------------------------------------------------------------
[1] أنظر الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد محمد حسين ج 2 ص 285 ، 308 -309نقلا عن كتاب " القضية العربية في نظر الغرب " للجنرال كايير ترجمة ميشال حجار ، ونقلا عن مجلة المقتطف عدد مايو 1926
[2] أنظر كتاب " دور الأزهر في السياسة المصرية للدكتور سعيد إسماعيل نشر كتاب الهلال من ص 278- 279 ، 285- 290


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.