نواب ينتقدون الحكومة بسبب عدم الاستفادة من القروض بشكل أمثل: 400 مليون يورو "والحسابة بتحسب"    أسعار الذهب منتصف تعاملات اليوم الأربعاء.. الجنيه يسجل 24.8 ألف جنيه    رئيس مركز ومدينة سمالوط يتابع توريد القمح بالشونة المركزية    عشرات الشهداء والجرحى في قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه ال215    منتخب مصر الأولمبي يفاضل بين عدة عروض ودية استعداداً لمعسكر يونيو    مرشح جديد لتدريب مانشستر يونايتد خلفاً لتين هاج    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    وكيل تعليم شمال سيناء يتابع سير امتحانات النقل    حجز مجدي شطة على ذمة قضايا أخرى بعد إخلاء سبيله بقضية المخدرات    تحمل اسم عايدة عبد العزيز.. مهرجان «إيزيس للمسرح» يُعلن تفاصيل دورته الثانية غدا    وزير النقل يترأس الجمعية العامة العادية للشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق    إسرائيل تعيد إغلاق معبر كرم أبو سالم بعد إدخال شاحنة وقود واحدة لوكالة أونروا إلى غزة    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 477 ألفا و430 جنديا منذ بدء العملية العسكرية    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    زعماء العالم يهنئون فلاديمير بوتين بعد تنصيبه رئيسا لولاية خامسة    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية بالكويت    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    وزيرة البيئة: مشروعات الهيدروجين الأخضر تحقق استثمارات ب770 مليار دولار سنويا    تعرف على حد الاستخدام اليومي والشهري للمحافظ الإلكترونية للأفراد والشركات    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى يوم الجمعة 10 مايو 2024    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    بسبب إدمانه .. الأب والأم قتلا نجلهما    المشاط تبحث مع سفير أذربيجان استعدادات انعقاد الدورة من اللجنة المشتركة بالقاهرة    ياسمين عبدالعزيز وأبناؤها بمداخلة على الهواء في «صاحبة السعادة».. والجمهور يُعلق    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ذكرى رحيل أحمد مظهر.. نهاية حزينة لفارس السينما المصرية ومريم فخر الدين تكشف الأسباب    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح للشباب مقومات الشخصية المصرية    الكشف على 10 آلاف مواطن بالمنيا في 8 قوافل طبية خلال شهر    النواب يستكمل مناقشه تقرير لجنة الخطة والموازنة    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مصادر: شركة أمريكية خاصة ستتولى إدارة معبر كرم أبوسالم لحين تولي السلطة الفلسطينية المهمة من الجانب الفلسطيني    فولكس فاجن ID.3 موديل 2024 الكهربائية تنطلق رسميًا    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    سحر فوزي رئيسا.. البرلمان يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة.. يتألف من 13 عضوا.. وهذه تفاصيل المواد المنظمة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا مصرية (4)
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2006


بقلم: هشام الناصر
[email protected]
http://www.maktoobblog.com/Alnasser_Hesham
قبل أن نبدأ ....... شاذ من المثليين النفايات يهاجم حجاب المصريات الفاضلات (!!)
بعد سلسلة منظمة ممنهجة من الهجوم على عفة المرأة المصرية وحجابها بأشكاله المختلفة من أبواق مشبوهة أتسع نطاقها ليشمل شخصية نسائية هرطقية مريضة نفسيا، وأخرى أكاديمية مطعون فى مصداقية شهاداتها لغياب أبسط الأساسيات العلمية فى خطابها، وبضع نساء "غير أخلاقيات" يفسح لهن الإعلام المسموع والمرئى رواقه وينشر ثرثرتهن الفاجرة فى فضائه، وهن محسوبات على قطاعى الفن التمثيلى والإعلامى ومعروفات بأشياء نستحى من ذكرها لهول توصيفها وتصنيفها، فأعمالهن منشورة بصفحات الفن والحوادث وسيرتهن مسجلة بأرشيف الآداب والمباحث، وقبل هذا كله (وهو ما يغنى عن التوصيف) فسماتهن فى وجوههن وفحش القول يظهر جليا فى كلامهن. يأتينا هذه الأيام هجوم من شخصية عامة مُسجل "كذكر" فى هويته وهو ليس كذلك فى حقيقته، وهو (رغم أن الضمير "هو" غير ملائما) معروف بثقافته الأجنبية وبشذوذه المثلى الصريح. هذا الشاذ يهاجم حجاب المرأة المصرية المسلمة ويصفه بالإنكفائية (!!) وبأنه يعود بها من "أوربتها" الأصلية (نسبة إلى أوربا) إلى غياهب الجهل والتخلف بمحاكاة العادات العربية الدخيلة (!!). ولا تعليق .. فهذا ليس غريبا فى دولة تم احتلالها من فئة متمصرة متعددة الجنسية، يلوكون العربية بثقافة أعجمية، جذور انتماءهم هوائية تطير وتحط حيث المنفعة المادية. ومصر المحروسة بلاد العجب، أرباب ساستها وأولياء النعم يشكلون وحدهم عصبة أمم.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد جاء على لسان إحدى المعاديات لفضيلة الحجاب والداعيات إلى التحرر والسفور (الطبيبة "نوال السعداوي") وهى من المحسوبات على فصيل "المتنورين والمتنورات" قولها فى برنامج فضائى عن "اللوطيين والجنس الثالث" (الجزيرة، سرى للغاية ، بتاريخ 2/4/1999): أتذكر قصة ظريفة جداً حدثت وأنا في "ريودي جانيرو" (البرازيل)، وكنا نرقص في حفلة فنية كبيرة فيها أدباء وفنانين. وكان نفسى أراقص شاعر برازيلي. وأثناء الرقص قال لى لقد انجذبت إلى جزءك الذكري (!).فرديت عليه: وأنا انجذبت إلى جزءك الأنثوي (!). وتدافع السيدة الهرطقية عن الفنانين الشواذ (وهو ما يصب فى صالح هذا الشاذ صاحب تصريح الهجوم على الحجاب) بقولها: العباقرة والفنانين دائماً يختلفوا عن القطيع (!!!)، إنما الغنم (!!) يمشي كله في صف واحد، فلما تلاقي واحد فنان ومختلف وفيه جزء أنثوي أو العنصر الأنثوي ظاهر فيه يقولون عليه إنه "خنثى" - ولا تعليق. كما لا ننسى واقعة قيام سيدة حاكمة (من أصول غير مصرية، على غرار "شجر الدر" الأرمينية) بتحريض المطربة "ياسمين الخيام" (إفراج الحصرى) على خلع حجابها لأنه يؤثر على تناغم وجمال صوتها (!!!)، وبعد فترة أدركت السيدة الفاضلة "إفراج" أخطاءها فعادت لصحيح أحضان حجابها. وتمر السنون (أكثر من عقدين) وفى "رمضان" الماضى تصادف ظهور الاثنتين فى برنامجين فضائيين منفصلين. ظهرت السيدة "أفراج" بوجه يتلألأ نورا وإشراقا وطمأنينة، أما الثانية "المحرضة" فرغم طبقات المعاجين والألوان المتعددة الصاخبة إلا أن وجهها يشي بسوء حالها وينفر الناظرين لها. والشذوذ ظاهرة اجتماعية مرضية تم رصدها فى ممارسات فصيل من فصائل القرود، وهذا الشاذ المِثلىّ المنكوب خدم "فضيلة" الحجاب بطريق غير مقصود، فالله (عز وجل) إذا أراد نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود، ولولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف عرف طيب العود. وعفونة وقذارة هؤلاء الشواذ والداعرات حولنا تظهر عفة وطهارة وطيب عود حجابنا.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
الإصلاح لن يأتى طبيعيا – إما إجهاض أو قيصرية
لم يعد السؤال هو إن كانت "مصر" تحتاج لإصلاح أم لا، فالكل أجمع على ضرورته وإن اختلفت السلطة الحاكمة مع المعارضة الوطنية فى أتساع نطاقه وأولوياته ومقداره وجرعته وفترته الزمنية. السؤال الحيوى بات الآن: هل يحتاج هذا الإصلاح المنشود لعملية قيصرية أم سيتم وأده وإجهاضه أم سيأتى حقيقيا طبيعيا يفرح الكل بميلاده ؟؟. السؤال تم طرحه منذ أكثر من العام والنصف (أبريل 2005) فى مقال(1) "لعبة الدمقرطة فى مصر– الإصلاح ولادة طبيعية أم عملية قيصرية ؟؟"، أى قبل أن يستخدم الأستاذ "هيكل" هذه المصطلحات فى توصيف ولادة نظام يوليو 1952 بأحاديثه على قناة الجزيرة الفضائية فى النصف الثانى من العام 2006.
الإجابة التى نراها وفى تأكيد يقينى هى "لا" !!. لا لن يأتى الإصلاح المصرى السوى المنشود سلسا طبيعيا، والخيارات المحتملة ثلاث: أن يتم وأده كلية أو أن يأتى مسخا "توفيقيا" (!)، وكلاهما إجهاض للوليد المأمول، أو (وهو الإحتمال الثالث) أن تتغلب "الأصالة العربية الإسلامية" على "الخنوع والخضوع والمذلة الموروثين من التراث الفرعونى" فى النفوس المصرية وأن تتولى الأمة زمامها وتحزم أمرها بنيل حريتها وحقوقها وتنتزع مولودها بعملية إصلاح قيصرية.
الإصلاح ببساطة هو الانتقال من حال فاسد دنىّ إلى حال صالح سوىّ بينهما مانع أشد ضراوة من خطوط ماجينو وسيجفريد وبارليف(2)، (!) مليء بالعواقب وينذر بالنوائب، وهو فى الحالة المصرية ليس كموانع المتاريس والألغام بل من جهات وشخوص مجرمين لئام، تماما كمن ينتقل من "ضفة" إلى أخرى أكثر أمانا وسلاما عبر عائق مليء بالمخاطر والعوائق. المعوقات كثيرة بل أكثر مما نعتقد، تبدأ من رأس السلطة والفئة النفعية (الأولجاركية) إلى قطاع من الشعب (غير قليل) بين جاهل ومغيب بمخدرات سياسية ونعرات زائفة وطنية (شوفينية)، مرورا بمنظومة أمنية فاقت جهاز "السافاك" الإيرانى الشهير فى وحشيتها وضراوتها ولا آدميتها. ويضاف إلى ذلك تكتلات وعصابات من حثالة مجرمين تحالفوا مع المنظومة الأمنية على قطعان الرعية، أولئك خلقتهم السلطة الأمنية ببرجماتيتها وغباءها لتنفيذ أعمالها القذرة. وهناك أيضا عدد ليس بقليل من بعض المنتمين للجهاز الحكومى الذين تحوروا إلى حشرات تعيش وتعشش بين خرائب ودهاليز البناء الهيكلى البيروقراطى وأجادوا أكل خبزهم من معاناة ودماء إخوانهم، هؤلاء نراهم فى بعض المواقع الحكومية وكثير من التنظيمات المحلية (المحليات). وأخيرا وليس أخرا هناك "مافيا" التجار من صغار وكبار الذين يطيحون بالمواطن المنكوب بلا رقيب ولا حسيب فى ضروراته اليومية ومتطلباته المعيشية. ونظرا لقيود الشكل البنائى للمقال الذى يحدّ من التوسع والإسهاب نستعرض النقاط الدالة الآتية:
1 – المنافقون لا يصنعون إصلاحا :
إن أشر خلق الله هم المنافقين ، لا نعرفهم ولكن نعرف سماهم، فهم من يكذبون عندما يتحدثون (إذا حدث كذب)، وهم يخلفون الوعود (إذا واعد أخلف)، وهم يخونون أمانات ربهم وشعبهم (إذا أؤتمن خان)، وهم قساة القلب لئام يَفجرون في الخصام (إذا خاصم فجر). وإذا ما أسقطنا الخصال الأربعة على رموز النظام بدأ من "الكذب" الفاضح على الشعب فى أمور شتى والحنث بالوعود (المعسولة) وخيانة أمانة الحكم والرعية إلى الفجور الصارخ فى الخصام مع أفراد الشعب (الفتك بالمعارضين السياسيين – قمع المظاهرات السلمية بالقوة المفرطة – السلخانات الأمنية – التضييق الرخيص على نادى القضاة الأحرار .. الخ) لعرفنا حقيقة سماتهم وصحة صفاتهم.
ونعيدها ونكررها، إن غاية السلطة الحالية هى "دفن نفاياتها المالية والسياسية" عن طريق إستراتيجية التوريث أو حل توفيقى (كخيار بديل). وغاية القوى الوطنية هى الإصلاح الذي سيؤدى بالتبعية إلى كشف المستور والحساب وحتمية العقاب. الغايتان متضاربتان ومتعارضتان، ولا أمل فى التقاء. يوجد طوفان من المخالفات المالية والسياسية (اتفاقيات وتعهدات) لا يعلم بها سوى أفراد قلائل بعيدا عن مؤسسات الدولة الديكورية. مثال بسيط يظهر فيما أثاره "هيكل" عن موضوع المائة وخمسين مليار دولار (حوالى 900 مليار جنية مصرى) التى حصلت عليها السلطة المصرية خلال العقود الثلاث الماضية إضافة إلى حصيلة حقل "مرجان" البترولى دون عائد على شعبها، وقد تصدى له الدكتور "عاطف عبيد" (رئيس الوزراء الأسبق ومهندس تصفية القطاع العام منذ أن كان عضوا فى وزارة "الجنزورى") فى رد صحفى "عنترى" واعدا بأنه سيتولى تفنيد هذا الإدعاء .. ولم يتم ذلك (!!)، ولن يتم. فلماذا لم يثار هذا الاتهام فى البرلمان ؟؟. ولماذا لم يتم التحقيق مع "هيكل" نفسه وهو صاحب الإدعاء عن طريق لجنة برلمانية أو قضائية لمعرفة الحقائق ؟؟؟. وماذا نتوقع من تحقيقات وإجراءات فى هذا الملف الصغير نسبيا إن حدث إصلاح حقيقى بالمقارنة بملفات أخرى أكبر حجما وأكثر بشاعة (!!؟؟). من المستحيل أن يتم إصلاح سياسى طوعىّ (!!).
2 – الأمن هو الرئيس :
هو مصطلح أستخدمه الإعلامى الشهير "حمدى قنديل" فى حوار صحفى، وهو محق تماما. فعندما كان عدو "مصر" الرئيسي خارجيا (متمثلا فى إسرائيل) كانت السلطة العليا لطائفة "العسكر" واستطاعت تكوين دولة داخل الدولة (خاصة فى الفترة من 1962 – 1967). وعندما أنتقل العدو من الشمال الشرقى حيث إسرائيل إلى الإسكندرية ومدن القناة ودمنهور والشرقية والغربية والصعيد والقاهرة، وخاصة وسط البلد وميدان التحرير، أصبح العدو الرئيسى داخليا متمثلا فى الشعب الكاره لسلطته والشرفاء من نخبته، ومن ثم تم اختزال مفهوم حماية "النظام" ككيان سياسى (دولة وشعب) إلى مجرد حماية الرموز الحاكمة، وتحولت بالتالى مهام الحماية من العسكر المقاتلين إلى الأجهزة الأمنية الداخلية التى نمت وتوحشت سرطانيا. فهيئة "الشرطة" كمثال تتجاوز المليون ومائتى ألفا من المنسوبين إليها (مقابل ثلاثمائة ألفا من العسكر) حصدت من ميزانية البلاد ومن الامتيازات ما جعلها أكثر فئات البلاد أهمية وتميزا، وأصبحت تشكل إطار من الحراب والأسلاك الشائكة لتوفير الدعم لرموز السلطة الحاكمة، فإن تقوض هذا الإطار وقعت السلطة وإن ألتفت لمهامه الأصلية (الخدمة الأمنية للشعب) سقطت الرموز. بمعنى أن غياب رأس السلطة كمحتوى لا يسقط هيكل السياج الأمنى كحاوىّ والعكس صحيح. وبذلك بات الأمن هو الدولة وهو النظام الحقيقى والمسيطر الفعلىّ والباقى "خيال مآتة" شكلىّ. هذا الأمر جعل للأمن الكلمة العليا والقول الفصل فى كافة مفاصل الدولة من الشئون الثقافية والتعليم المدرسى والجامعى إلى الوظائف الدينية وتنظيم ورقابة المساجد وتعيينات الوظائف الحكومية والصحفية والإعلام .. الخ. وهذا يظهر رمزيا فى تغيير شعار منظومة الشرطة والإصرار عليه (رغم صدور حكم قضائى بتغيره) من "الشرطة فى خدمة الشعب" إلى "الشرطة فى خدمة سيادة القانون"، فالنظام الحاكم هو القانون وهو الأولي بالحفظ والصون!!. علما بأن "جهاز الشرطة" هو جزء من المنظومة الأمنية الكلية.
3 – كيف يؤدى الأمن مهامه ؟؟. تحالف الأمن مع المجرمين على الرعية (!!)
فارق كبير بين ممارسات الأفراد وممارسات الحكومات (أجهزة الحكومات)، فالأولى تحكمها طبائع أخلاقية وأحكام دينية وقوانين وضعية، ومهما حدث تجاوز وانتهاكات فالعواقب تتسم بالمحدودية من حيث شدة الأثر ونطاق التأثير، أما الثانية فمن المفترض أن تُحكم بجهات رقابية علي كافة الممارسة التنفيذية وفي إطار قوانين تنظيمية ومبادئ دستورية لكون عواقب أفعالها ممدودة غير محدودة تمس منظومة الدولة ككل وتهدد أمنها وسلامتها. لذا فمن الممكن تفهم السلوك الإجرامى للأفراد نظرا للطبيعة البشرية لكن لا يمكن إيجاد العذر لأجهزة الدولة الحكومية إذ ما سلكت نفس السلوك الإجرامى أو تحالفت معه أو تغاضت عنه.
والتاريخ مليئ بتحالفات حكومات نظامية مع العصابات الإجرامية، بدأ من الولايات المتحدة الأمريكية التى تحالفت مع المافيا الإيطالية (بوساطة من زعماء مافيا "نيويورك") إثناء عملية الإنزال فى "صقلية" أثناء الحرب العالمية الثانية (عام 1942) مقابل مبالغ مالية وامتيازات مستقبلية فى الشارع الأمريكي، إلى تحالفات بعض رؤساء جمهوريات الموز مع عصابات صناعة وتهريب المخدرات.
وبالنسبة لمنظومة الأمن المصرى فإنه وبالرغم من الميزانية الضخمة التى يستنزفها نظاميا واستثنائيا فإنه يعانى من قصور فى الإمكانيات وضعف فى مستويات الأداء الوظيفى. ولعل هذا مرجعه أن معظم الأموال تنفق كمكافآت مباشرة ورد نماذج وأمثلة منها فى مذكرات ضابط شرطة مستقيل أظهرت أن الدخل الشهرى لمساعد الوزير ومن فى مستواه من مائتين ألف إلى أربعمائة ألف جنية مصرى شهريا، ويقارب المليون جنية شهريا على مستوى الوزير (مع ملاحظة أن الدخل الشهرى للرئيس الأمريكى "بوش" شامل الراتب وعائد أسهمه وسنداته يعادل تقريبا 372 ألف جنية شهريا(3)). وفي ظل تواضع الإمكانيات وتضاعف المسئوليات لا يمكن للجهاز الأمنى الإيفاء بكافة مسئولياته فى حماية سلطة النظام وحماية المواطن العادى فكان لابد من التقصير الذى يجيء علي حساب الأخير.
وفى دراسة جامعية منذ سنوات أظهرت باحثة أكاديمية فى أطروحتها أن الشرطة المصرية هى المصدر الأساسى للمجرمين والخارجين عن القانون (!!). فعمليا وفعليا تقوم أجهزة "المباحث" بتجنيد "المرشدين" وأغلبهم من المجرمين السابقين أو العاملين للمساعدة فى حل القضايا الجنائية والإرشاد عن زملائهم أو أعدائهم. ومن آداب المهنة البوليسية وخاصة المباحثية ألا يتعدى ضابط أو إدارة علي مقطوعية زميله أو مثيله، فكل وحدة لها مصادرها الأساسية لأداء مهامها الوظيفية. أى أن المرشد المجرم يتم تجنيده "حصريا" لصالح جهة ما. وإذا ما أحصينا الوحدات المباحثية فى الهيكل التنظيمى لهيئة الشرطة بدأ من الإدارة العامة بالوزارة إلى المديريات بالمحافظات إلى المراكز والأقسام إلى مستوى "النقطة" لأدركنا حجم المجرمين الذين يرفلون فى حماية جهاز الشرطة المصرى وخاصة المباحث.
وقد تطور أسلوب العمل المشترك (!) بين أجهزة المباحث والمجرمين من مستوى جرائم "الأمن العام" إلى مستوى "الجرائم السياسية"، فحدثت تحالفات بين قيادات أمنية عليا وبين تكتلات عصابية (وخاصة فى منطقة الصعيد) لمساعدة أجهزة الأمن فى الإرشاد أو حتى فى قتال الجماعات الإسلامية الهاربة والمختبئة فى أحراش الصعيد، وهو الأمر الذى كشفته أحداث "النخيلة" منذ أكثر من عامين (مارس 2004). و"النخيلة" هي شبة جزيرة في صعيد مصر عبارة عن لسان من طرح النيل ذات موقع حصين أستوطنها حثالة مجرمين استرقوا أهلها وحولوها إلى دويلة لزراعة وتجارة المخدرات والسلاح، واعتمدوا على سابق تحالفاتهم مع قيادات أمنية ضد أفراد الجماعات الإسلامية – حتى حدث الصدام.
وقد استمر هذا التعاون الإستراتيجى بين القيادات الأمنية المصرية وبين التكتلات العصابية الإجرامية والداعرات والمسجلات آداب وتطور بأشكال عديدة منها استخدامهم واستخدامهن فى قمع المظاهرات السياسية (حادثة الأربعاء الأسود فى 25 مايو 2005)، ومنها الاعتداء على رموز المعارضة ومعاونيهم فى العمليات الانتخابية (كما حدث فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وحتى على مستوى الانتخابات الطلابية الحالية فى الجامعات المصرية)، وبحيث تبدو الصورة أمام الإعلام أنه مجرد "تشاحن" بين المواطنين بعضهم البعض يدور فى إطار "ديمقراطى" حر (!!!) لا شأن للمنظومة الأمنية به. أى لم تكتف المنظومة الأمنية "السافاكية" بما لديها من قوات خاصة من قطعان الأمن المركزى (ما يسمون بفرق الكاراتيه) الذين يتنكرون فى ثياب مدنية ويندسون وسط الحشود لضربهم وسحلهم، بل واستعانت بفرق تعزيز من قوات "الأعمال القذرة" التى يقوم بها المجرمون والمرشدون والداعرات والمسجلات آداب، المتحالفون والمتحالفات مع السادة ضباط الجهاز الأمنى المصرى، وهو الأمر الذى أظهره إقرار من اللواء شرطة متقاعد "كمال حافظ" وهو علي سرير مرضه منتظرا لقاء ربه (شفاه الله وعفاه) وجاء فى رسالة مفتوحة منه إلي زملائه وأبنائه من رجالات الشرطة (تضمنها مقال(4) سابق لنا) نكتفى منها بالعبارة الآتية: أطالبكم فقط برفض الاشتراك فى عملية التزوير الشائنة، يستطيع كل قائد منكم صغر أو كبر أن يسر إلى رجاله قراره بحماية الناخبين والقبض على البلطجية الذين توظفهم الدولة لمطاردة شعبها. لا تقبلوا إخراج الساقطات من حجز المراكز والأقسام لفرش الملاءات لسيدات مثقفات خرجن لأداء حقهن وحق بلادهن وصمموا على أداء واجبكم بكل الإخلاص والرجولة.
وإذا كان هذا التحالف الإستراتيجى بين الأمن المصرى وبين المجرمين والساقطات يتم تكتيكيا فى الشوارع والميادين فلنا أن نتخيل ماذا يدور فى أقبية السلخانات الأمنية المقفلة مع "المأسورين" من نشطاء المعارضة المصرية وغيرهم حيث ينعدم الاتصال مع العالم الخارجى (!!). فمنذ أيام تم القبض على ناشطين من حركة "كفاية" وهم الأبن الشاب "وليد صلاح" والابنة الشابة " نادية مبروك" أثناء وقفة احتجاجية على حادث ما يسمى "بالسعار الجنسى" الذى حدث وسط البلد فى غياب تام للأمن. وبعد عرض الناشطين على النيابة قامت بالإفراج عنهما تمهيدا لمحاكمة بحزمة تهم منها الترويج بالقول والكتابة لتعطيل أحكام الدستور والقوانين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وحيازة مطبوعات ومحررات من شأنها تكدير الأمن العام، وتهمة إحراز مطبوعات معدة للتوزيع من شانها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة العامة، وتهمة التعدى والتهديد باستعمال القوة على القائمين على تنفيذ إحكام القانون (!!!!). وبعد نقل الناشطين إلى قسم البوليس (قسم قصر النيل) لتنفيذ أمر الإفراج قامت الشرطة بتنفيذ عقوبتها الشخصية بطريقتها الخاصة بوضع الناشطين فى زنزانة مع المجرمين الخطيرين وتحريض حلفائهم المجرمين العتاة المحجوزين بضرب الأبن الشاب "وليد صلاح" ضربا مبرحا تأديبا وتهذيبا وإصلاحا (!!!).
وهناك العشرات بل المئات من الأمثلة التى تؤدى إلى نتيجة لخصتها مقولة الإعلامى "حمدى قنديل": إن هناك حقدا شديدا وشخصي بين الإخوان والجهاز الأمني، وحقيقة المقولة أن هناك أكبر مما هو حقد شخصى بين الجهاز الأمنى المصرى وبين كل الناشطين السياسيين أو من بين الذين وضعهم حظهم فى مجرد دائرة الاشتباه، هناك ثأر دم وهناك ثار شرف وثار كرامة عرض منتهك وثأر إذلال نفس ومهانة. وهو الأمر الذى يؤكد أن المنظومة الأمنية كما السلطة السياسية تعى جيدا أن الإصلاح السياسى الحقيقى فى مصر يعنى أنه سيكون هناك حساب وحتمية العقاب. أى أن الإصلاح سيؤدى إلى محاكمات أشد قسوة من "محاكمات نورمبرج" الشهيرة. فقد يكون للألمان النازيون عذرا فى قتال غيرهم من أعداءهم ولكن ما هو عذر هؤلاء "الوحوش الآدمية" فى قتل وضرب وتعذيب أخوانهم وإشباع ساديتهم المريضة بإذلالهم وهتك عرضهم !!؟؟.
والخلاصة .. إنه من المستحيل أن يأتى إصلاح سياسي من سلطة دلست على جرائم سابقتها السياسية والمالية (الأمر الذى يفضحه ظهور ثروة السيد "جمال السادات(5)" فى سوق الأعمال الآن)، وانغمست خلال أكثر من ربع قرن من حكمها فى العشرات والمئات من الأعمال المالية والسياسية المخالفة للشرعية القانونية والأخلاقية والوطنية التى تسببت فى نهب موارد البلاد وتهديد أمنها القومى، ومن ثم بات همها الأكبر هو دفن نفاياتها وإخفاء جرائمها وهو الأمر الذى لن يتم إلا بالتوريث أو بالحل التوفيقى مع جهات "موالية" داخل النظام ذاته.
ومن المستحيل أيضا أن يأتى إصلاح سياسى من جهاز أمنى أشد قسوة وأكثر وحشية من جهاز "السافاك" الإيرانى الشهير (الجهاز الأمنى للشاهنشاه "محمد رضا بهلوى"). هذا الجهاز الأمنى الذى آتى فى أهلنا ونساءنا وبناتنا وشبابنا ما لم يأت به المحتلون عبر قرون وقرون. وليس أمام القوى الوطنية إلا أن تستدعى وتستنهض "أصالتها العربية الإسلامية" لتقضى على "الخنوع والخضوع والمذلة الموروثين من التراث الفرعونى"، وان تتولى زمامها وتحزم أمرها بنيل حريتها وحقوقها وتنتزع مولودها بعملية إصلاح قيصرية – وإلا فالبديل وبيل.
وللحديث بقية . . . . . . . . . . . .
(1) هشام الناصر، "لعبة الدمقرطة فى مصر (5) – الإصلاح ولادة طبيعية أم عملية قيصرية ؟؟" – جريدة الشعب المصرية – الجمعة 8 أبريل 2005م.
(2) خطوط ماجينو وسيجفريد وبارليف: هى خطوط عسكرية تتسم بالقوة والمناعة. الأول كان لحماية "فرنسا" وأستطاع الألمان اقتحامه فى بدايات الحرب العالمية الثانية. والثانى لحماية المانيا وأستطاع الحلفاء اجتيازه فى نفس الحرب. أما الثالث وهو أشد الخطوط مناعة وتحصينا فقد استطاعت قواتنا المسلحة الباسلة عبوره واجتيازه فى ساعات قلائل محققة إعجازا عسكريا عالميا غير مسبوق (فى السادس من أكتوبر 1973).
(3) الدخل السنوي للرئيس الأمريكي (بوش) وزوجته يبلغ 784 ألف دولار سنويا (المرتب زائد عائدات أسهم وسندات – طبقا لما ورد بقناة الجزيرة يوم السبت 16 أبريل 2005 نقلا عن وثائق أمريكية)، وهو ما يساوى تقريبا حوالي 65.3 ألف دولار شهريا، أي 372.21 ألف جنية مصري شهريا – أي اقل من الدخل المذكور لبعض رؤساء الهيئات المصرية (طبقا لتقرير الرقابة الإدارية بمجلس الشعب المصرى) البالغ 400 ألف جنية مصرى بحوالي 18 ألف جنية شهريا. ويساوى 12% من الدخل الشهرى لرئيس أحدى المؤسسات الصحفية القومية السابقين (البالغ 3 مليون جنية مصرى شهريا فقط لاغير).
(4) هشام الناصر، "سلطة فقدت الأهلية فوجب الحجر عليها" – جريدة الشعب المصرية – الجمعة 27 مايو 2005م.
(5) تقرير جريدة "الميدان" المستقلة المصرية تحت عنوان " بالأرقام: ثروة أبناء رؤساء مصر" - 18 أكتوبر 2006 – جاء فيه "أن جمال السادات يساهم في 26 شركة تعمل في مجالات البترول و السياحة و البورصة و المحمول و الملاحة" – وقد أثير فى الصحف المصرية مؤخرا وفى البرلمان المصرى عن طريق النائب "طلعت السادات" استفسارات عن ثروة جمال فى شركة "المحمول" الثالثة التى فاقت المليار جنية مصرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.