حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    الخارجية الروسية: أوكرانيا ستحاسب على أعمالها الإرهابية    نتنياهو: لن يكون لدينا صديق أقرب من الرئيس ترامب    نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، البنتاجون يعلن عن صفقة ضخمة لتسليم مقاتلات "إف-15" لإسرائيل    جون إدوارد يكشف تفاصيل سقوط الزمالك في بيان رسمي    منها خطف طفل كفر الشيخ وأزمة سيدة الدقهلية، الداخلية تكشف ملابسات 4 فيديوهات أثارت الجدل في مصر    تفاصيل مثيرة في واقعة محاولة سيدة التخلص من حياتها بالدقهلية    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    حسام حسن يمنح لاعبى المنتخب راحة من التدريبات اليوم    بينهم 4 دول عربية، تعرف على المنتخبات المتأهلة لدور ال 16 في كأس أمم إفريقيا    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    أزمة القيد تفتح باب عودة حسام أشرف للزمالك فى يناير    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة ببطن الهوى لصالح المستعمرين    الرئاسة الإسرائيلية تنفي ادعاء ترامب بشأن العفو عن نتنياهو    النيابة تأمر بسرعة ضبط المتهمين بقتل مالك مقهى عين شمس    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    فرح كروان مشاكل على حفيدة شعبولا يتحول إلى تحرش وإغماء وعويل والأمن يتدخل (فيديو وصور)    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    فوضى السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا مصرية (3)
نشر في الشعب يوم 11 - 11 - 2006


بقلم: هشام الناصر
الكل ثائر والكل ساخط والكل غاضب، وهذا طيب وأمر جيد كمؤشر لحسن تمييز الوضع وكينونته وإدراك حقيقته وبأنه فعلا توجد مشكلة كبرى هى أقرب إلى "النكبة" من كونها أزمة. حشود غاضبة تتجمع فى نقاط التقاء مادية (ندوة أو اجتماع فئوى أو أيديولوجى) أو افتراضية (مقال إعلامى أو سجال إنترنتى). والملاحظ دائما أنه وسط الحشود والزحام يندس اللئام، فيروسات بشرية مهمتها الأساسية إفراغ الحديث مما يفيده وعكس "فكرة" الموضوع إلى نقيضه. وفى هذا المشهد المتكرر تتجلى ظاهرتان: الأولى هى "حالة الغضب" ذاتها والثانية نموذج مبسط لكيفية قيام سلطة ما (هى سبب الغضب) باحتواء أزمة ما أو حالة الغضب. والمقصود بأزمة الإخوان فى رأس المقال هى أزمة للنظام ومن فى معيتهم.
1 – الغضب :
الغضب هو شعور إنفعالى نتيجة الإحساس بالظلم والضيم ويخلق نوعا من "الحث" العدائى الذي يبحث عن متنفس يترجم إلى فعل يتسم غالبا بالعنف وقد يوجه إلى هدفه الصحيح (سبب الغضب)، وهذا هو المفترض حدوثه، أو قد يرتد لصاحبه فى انفجار ذاتى (ظُلم فغَضب وكَمد ولم يجدّ متنفسا له فمات بكمده منفجرا)، أو قد يطيش عن مقصده الخارجى إلى هدف آخر تُلقى عليه اللائمة للاعتقاد بوجود علاقة سببية. والنتيجة أن الغضب قد يدفع إلى الانتحار، أو قد يجعل أظافر الضحايا تنهش بعضها وتذبح أهلها وإخوانها بعيدا عن خصمها المقصود وعدوها اللدود، أو قد يدفع المظلومين كقطعان الحيوانات أو أسراب الحشرات نحو كامن مترقب وقاتل مترصد ليسحق عظامهم ويسفك دماءهم ويرد غضبهم فى نحورهم ملتحفا "بشرعية قانونية"، ومهما تمادى القاتل فى قتله وتجاوز فى انتهاكه فلن يُحاسب أو يُلام بدعوي استتاب الأمن والنظام وقل على الشعب الغاضب وعلى "أمل" أجياله القادمة السلام.
الغضب الجماعى يؤدى إلى الحشد، والحشد إن لم يكن منظما يرتد على أصحابه. هل نسى الغاضبون نكسة "سبعة وستين" مع العدو الخارجى (يونيو 1967) أم تناسوا نكبة "سبعة وسبعين" مع الاستعمار الداخلى (يناير 1977) ؟؟؟؟. الأولى نكسة لكونها أصابت "الجدار الخارجى"، ولأن شعب المحروسة بصبره وصموده وبمصريته وعروبته وإسلامه وبقياداته ونخبته قد نجحوا فى تجاوز آثارها، والثانية نكبة لأن تفاعلاتها ونتائج إجهاضها (منها "زيارة القدس") أصاب "القلب والوجدان" (المبادئ الأساسية والمفاهيم)، ولأن الشعب وحده هو الذى اكتوى بنارها ومازال يتجرع مرارة نتائجها وأولاده وأحفاده هم الحاصدون لثمار مقصدها الحقيقى وغايتها فى أن يكون الشعب المصرى "لحوما رخيصة وآلات بشرية وأسواقا استهلاكية فى المنظومة الشرق أوسطية". وكلاهما (سبعة وستين وسبعة وسبعين) كانتا حشودا غفيرة ينقصها الكثير أهمهم: الهدف الواضح والإعداد الجيد والأدوات والوسائل والنظامية والقيادة "الوطنية" التنظيمية، وفوق كل هذا، قراءة جيدة للمتغيرات الداخلية والخارجية.
2 – فن احتواء الأزمة :
الغضب الجماهيرى الجمعى يمثل أعراض "أزمة" للسلطة الحاكمة، رغم أن الشعب ذاته يعيش فى نكبة لا مجرد أزمة (!)، فتراكم الأزمات وإهمالها وإساءة حلها تؤدى بالقطعية إلى نكبة. وقبيل الاسترسال يجب أن يتم الإقرار بحقيقتين هامتين تتعلقان بقمة هرم السلطة المصرية: الأولى: إن الجمهورية الثالثة قد انتهت فعليا، على الأقل سريريا، ولكن لم يتم الانتقال الرسمى للجمهورية الرابعة. هناك شواهد عديدة منها تعاظم صراعات الأجنحة على رأس النظام، ومنها القرارات المتضاربة والتصريحات المتناقضة، ومنها ما يتسرب من أحاديث الصالونات المقفلة، ومنها طبياً حالة (Attitude) رأس النظام ومحوره التى تظهر فى نوعين اثنين هما الشكلى (Morphologic) والتصرف الفعلى (Verbal). الحالة العامة تظهرها الوعكات الصحية المتكررة المعلنة والمتسربة، و"الشكل" يمكن تميزه بسهولة فى الحالات التى يغيب فيها "الدعم الطبى والتجميلى" المكثف"، والأمثلة كثيرة: منها ما ظهر أثناء اللقاء الصحفى مع المستشارة الألمانية (زيارة المانيا الأخيرة)، ومنها أثناء صلاة عيد الفطر الماضى، ومنها أخير أثناء تفقد حرس الشرف الروسى. أما اللفظى فيظهر فى صدور العديد من التصريحات المرتجلة الغير جيدة والغير حكيمة والتى سرعان ما يتم تنقيحها وإعادة صياغتها ومحاولة تبريرها من قبل أطقم السكرتارية والمستشارين.
فى مقال سابق منذ حوالى العامين نادينا بضرورة وأهمية توقيع الكشف الطبى على فخامة الرئيس لمعرفة صلاحيته ومدى الملائمة لممارسة الحكم، وقلنا أن "الطيار" نظاميا يتم إخضاعه لكشف طبى سنوى لتحديد مدى صلاحيته للطيران، حفاظا على الطائرة التى يقودها والمهمة التى ينفذها، ولذا فمن الأهم أن يتم تحديد صلاحية من يقود شعبا يقدر بخمسة وسبعين مليونا ويتحكم بمقدرات بلد عريق مثل "مصر" يتعدى تأثيرها إلى غيرها (عربيا وإسلاميا).
أما الحقيقة الثانية فهى إن المجموعة الحاكمة الجديدة التى تلعب فى المنطقة الفاصلة بين الجمهوريتين (الثالثة والرابعة) تتميز بمميزات أمريكية وغربية كالتى نراها فى إدارة الجمهوريين فى أمريكا، مثل الأداء السياسى المتعدد الوسائط (Multimedia) بخلط السياسة مع السينما مع الإعلام وإخراج الأحداث وصناعتها وتأليفها، ومنها الكذب والخداع والتلفيق وقلب الحقائق، ومنها وهو الأهم حسن استخدام التقنية والوسائل والأساليب العلمية لأغراض ذاتية وشخصية وبأساليب برجماتية - وفى هذا المضمار يأتى فن احتواء الأزمات الذي يمكن أن يأخذ الأشكال الآتية:
أ – محاولة إنهاء و تدمير حالة الأزمة بالقوة الخارجية – باستخدام ترسانة القوانين القمعية وبنود الدستور المطعون فيه وبقانون الطوارئ الشهير وأرتال قطعان أمنية نسيت هويتها وإنسانيتها.
ب – محاولة تدمير الأزمة ذاتيا وتفجيرها من داخلها – أو تفريغها من مضمونها – أو التحايل لتفتيتها، عن طريق استقطاب بعض عناصرها أو تحوير أهدافها بعكس ما قامت لها.
ج – افتعال أزمة مضادة تقضي علي الأزمة الأصلية – فإضرام النيران علي حدود الغابات المشتعلة يمنع الأكسجين عن النيران الأصلية المنتشرة في قلب الغابة، وإطفاء حرائق البترول يأتي باستخدام التفجيرات والمفرقعات.
د – احتواء الأزمة بوضع حلول وقتية زائفة أو وهمية، منها كمثال افتعال تحسن صرف الجنية المصري للإيهام بتحسن الاقتصاد، وهو في حقيقته تحسن مفتعل وهمي لعدم انعكاسه علي القوة الشرائية للجنية المصري، ومنها أيضا الحوارات الوهمية مع الأحزاب الكرتونية التي لا تمثل إلا شريحة نفعية أو مجموعة موظفين يدورون في فلك السلطة الرسمية، ومنها الحديث عن إصلاح سياسى وهمى يحمل عنوان الإصلاح "بالتعديل" وحقيقة جوهره عوار وبيل.
وفى هذا السياق وتطبيقا على المشهد المصرى يمكن تفهم المحاولات الحثيثة التى تتم بطرق مباشرة وغير مباشرة لدفع جماعة "الإخوان المسلمين" – وهم أهم وأكبر قوة تنظيمية للمعارضة المصرية (وهى التى تشكل قلب الأزمة للسلطة أو ما يعتبرها كذلك) – إلى "صدام" لم يحن أوانه ولم تتوفر مقوماته بحيث تكون النتيجة الطبيعية هى أكبر من "تكسير عظام" وتكون المحصلة هى تكرارا للقالب التاريخى لأحداث يناير 1977 التى بدأت كثورة "جياع" احتجاجا على محاولة السلطة انتزاع مكاسب اشتراكية وصلت إلى "ضروريات الحياة"، وانتهت الانتفاضة "بإخصاء" تام للشعب وقتل روح المقاومة فيه وتوريط مؤسسة العسكر فى أكبر خطيئة فى تاريخها (أكبر من فضيحة نكسة 1967) وترسيخ المفهوم الفرعونى الديكتاتورى فى رئاسة النظام وهو الأمر الذى أتاح له فعل ما يريد دون أدنى ممانعة أو مقاومة أو مساءلة، فأعاد تطبيق القرارات الاقتصادية المجحفة رغم أنف الشعب وإرادته، وتوج عبثه بقراره المنفرد بزيارة "الكنيست الإسرائيلي" وما تبعها من أتفاق عودة سيناء منزوعة السلاح مقابل تحييد مصر وعزلها فيما سمى بمعاهدة السلام، تلك المعاهدة السابق إعدادها وطبخها والذى من أجلها تم تتويجه وتم تلميعه وتم قتله أيضا.
3 – والآن .. أين الحل ؟؟
يسخرون من "العرب" بأنهم يديرون صراعاتهم بأسلوب الطاولة والدومينو والسلم والثعبان، بينما الغرب يديرها بأسلوب الشطرنج، ولكن هذا كان زمان فى غابر الأيام، فبعد اختراق العقول لعقود فقد عاد إدراكهم واستعادوا وعيهم. النكبة (لا المشكلة) الحالية تستلزم النقاط الآتية لحلها: توصيف الحالة الحالية ومعرفة أسباب الداء (لماذا تم الوصول لتلك الحالة)، وما هى الحالة المراد الوصول إليها (المقصد والغاية)، وتحديد خيارات الآليات المتاحة (أو إيجادها) للوصول إلى الحالة المنشودة، وتقييم الخيارات (المخاطر والمكاسب)، وأخيرا تحديد الأدوار والمسئوليات والتفويضات (Authority and Responsibility) ثم التوقيت والتنفيذ. التفصيلات تحتاج لأضعاف هذا المقال والقليل من النقاط الآن يمكن أن تقال:
أ – غاية السلطة الحالية هى "دفن نفاياتها المالية والسياسية" وإستراتيجيتها التوريث أو حل توفيقى. غاية القوى الوطنية هى الإصلاح الذي سيؤدى بالتبعية إلى كشف المستور والحساب وحتمية العقاب. الغايتان متضاربتان ومتعارضتان، ولا أمل فى التقاء. وهناك مقوله شهيرة "لإرنست همنجواي" حينما ترك أسبانيا إلي الولايات المتحدة، تقول: "أن وعود القوي الفاسدة المستبدة ليست إلا شيكا بدون رصيد".
ب – تقييم قوى المعارضة الوطنية المصرية يجب أن يتم على عدة معايير منها القوة (مقدار ما تملكه من قوة مادية ومعنوية فى الشارع)، المصداقية وحقيقة النوايا، كفاءة الأداء (المقدرة على إحداث الفعل)، والفاعلية (تحقيق المراد بأقل التكاليف والخسائر).
ج – الحكمة هى وضع الشيء فى موضعه وتقييمه بحقيقته. يجب عدم الشطوح فى تقييم فصائل المعارضة، فمنها من هو أقرب للتوجيه المعنوي أو للقنابل الصوتية غير الانفجارية، ومنها كالمدفعية التى تدك الحصون دون احتلال، ومنها من يملك المشاة والفرسان. وفى المؤسسة العسكرية يقولون "إن المشاة هم أسياد المعارك"، وقادة العسكر دائما من المشاة إلا قليلا.
د - يوجد على الساحة السياسية العديد من الطبول الجوفاء وأكياس الهواء سقط فكرهم وماتت إيديولوجيتهم وباتوا يتسولون المكانة والأضواء. بسبب أمثال هؤلاء تعجب "أبو الطيب المتنبى" من الشعب المصرى فى قصيدته التى احتوت على البيت الشهير"وما ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا"، حين قال: "وقد ضل قوم بأصنامهم وأما بزقِّ رياحٍ فلا" – أى أنه (وبصيغة مبالغة) يرى للكفار مبررا ما فى عبادة الأصنام أما إتباع هؤلاء الهراء المنفوخين هواء فهو من العجب العجاب – وهذا من ضمن المضحكات المبكيات فى مصر المحروسة.
ه – الرغبة فى معرفة الأسباب التى أوصلت "مصر" بعناصرها المختلفة (الشعب – النخبة – السلطة – الحالة الاقتصادية والسياسية .. الخ) إلى هذه الحالة المتردية هو أمر طيب، فعلى الأقل يتم تحاشيها مستقبلا، ولكن الحديث التفصيلى فى هذا الأمر قد يخلق صراعا جانبيا يقلل من الفاعلية فى اتجاه المجهود الرئيسى. من الأفضل أن يتم التجميع من الاتجاهات المختلفة وانتقاء ما يفيد لتلك المرحلة وتأجيل الجدلية لمرحلة تالية – بعد الخلاص. وكمثال، فإنه وكرأي شخصى لأحد الأسباب التى وصلتنا إلى ما نحن فيه الآن هو "اختراق العقل المصرى" فى بداية الجمهورية الثانية (!) وترسيخ مفهوم عدم قدرة الشعب بقاعدته ونخبته على التمييز والتقييم عن طريق الطعن فى التجربة الاشتراكية بل والطعن فى نزاهة وكفاءة شخصية رئيس الجمهورية الأولى نفسه (ناصر) بالتناقض مع الحب الجارف لمعظم الشعب له - وبالتالي تم وضع "الشك" في سلامة القدرة العقلية علي "الملاحظة" و"التصور" و"الحكم"، أو قل ميكانيزم الإدراك، وفقد الكثيرون الثقة في سلامة التفسير والتقدير، وتسبب ذلك فى انهيار العقل وإعلان خوائه، وبذلك بات مستعدا لما هو قادم وآت مهما كان مخالفا أو مناهضا لسابق إيمانه واعتقاده !! ومن هنا بدأ الاختراق وبرمجة الإدراك، للحقبة الساداتية وما تبعها من تبعات - والجدير بالذكر أن هذا ما حاولته القوى الأمريكية فى "الصين" بعد وفاة "ماوتسى تونج" – ولكنهم فشلوا فى ذلك فشلا ذريعا. ولكن الإدراك قد عاد للشعب العربى بالعموم والمصرى بالخصوص، وأزعم أن سقوط "بغداد" فى العام 2003 كانت من أهم الأسباب وتتويجا لإرهاصات ما قبلها، وأكدها ما جاء بعدها.
و – الغضب من جماعة الإخوان المسلمين ولومهم وعتابهم هو أمر طيب ومحمود (!!)، فهذا يُنظر إليه على أنهم أصحاب القوة ومصدر الأمل للخلاص، وبالرغم من العديد من التعبيرات الغير مسئولة إلا أن المحصلة هى إقرار بالقيادة ونوع من "المبايعة" الغير مباشرة.
ز – يجب ألا ينسى الشعب المصرى أن الإخوان المسلمين هم نواة "الخلافة الإسلامية" الأممية بشكلها الحديث لا بتطبيقاتها التاريخية السابقة. فجماعة الإخوان تاريخيا هم أكثر الحركات الإسلامية تنظيما وتأثيرا واستفادة مما سبقها فى العصر الحديث (وأولهم الوهابية التى تم تحجيمها جغرافيا). وقيادة الإخوان المسلمين فى مصر لهم "البيعة" الصريحة وغير الصريحة من تجمع الإخوان فى العالم العربى والعالم. ولهذا فإن الترصد لهم هو عالميا قبل أن يكون محليا مصريا.
ح – الحديث عن تحالفات الإخوان مع السلطة المصرية لتمرير التوريث مقابل امتيازات هو جهل وجهالة تامة لا يستحق الالتفات إليه، فلو فرضنا جدلا أن مشروع التوريث قد نجح (وهذا لن يتم)، فلن ينعم بالاستقرار حتى يكسر عظام جماعة الإخوان (وهذا لن يكون ولن يمكنهم ذلك).
ط – مع احترامنا لكم ونوع و"مصداقية" الدرجات العلمية والخبرات الوظيفية لكوادر أطياف قوى المعارضة المصرية فإن المتوافر فى جماعة الإخوان المسلمين هو الأكبر والأفضل. هؤلاء الكوادر يدركون جيدا أسس ومفاهيم وكيفية "إدارة الصراع" – وهو علم وفن استخدام الإستراتيجيات المتاحة والممكنة ضد إستراتيجيات الخصم فى ظروف ملائمة ومواقف معينة بحيث تكون المحصلة أعلى عائد وبأقل تكلفة. أبسط المفاهيم بألا تنساق لصدام فى ظروف غير مواتية أو ملائمة وألا تخضع لاستفزاز الخصم (كما حدث فى 1967) وألا تظهر كامل قوتك ونوياك (كما حدث من السادات صباح 7 أكتوبر 1973)، وتأكد من نوايا الحلفاء ومصدقياتهم وألا تخدع بخطط وهمية كما خُدع السوريون بخطة حرب أكتوبر الزائفة التى قدمها لهم "السادات" وعليها أقاموا إستراتيجياتهم فكان فيها خسارتهم. إنه صراع البقاء والمصير وليس مبارة كرة قدم.
ى – التركيبة الأمريكية الجديدة سيكون لها تأثير على السلطة المصرية بالسلب. الديمقراطيون سيطالبون "السلطة المصرية" بمزيد من التنازلات مقابل الحماية والمعونة وسيطالبون "الرئيس الأمريكى (الجمهورى) بتطبيق أجندة الدمقرطة فى العالم العربى لإحراجهم وتوريطهم. إمكانيات أرباب السياسة وأهل الرئاسة فى مصر اضعف من أن تتعامل مع كم المتناقضات والمتغيرات وخاصة فى ظل أعباء وعودهم الداخلية بإصلاح مزعوم. الوقت (على المدى القصير) سيكون فى صالح المعارضة المصرية بالعموم والإخوان بالخصوص. قريبا سيفجع الشعب المصرى بنوعية التعديلات الدستورية التى ستقوم بها السلطة، فحتى لو أرادوا فلن يستطيعون. الحل "البيولوجى" قد يحل المشكلة بأبسط مما نتصور. وكما قلنا سابقا: سيكون شتاء مصريا ساخنا وبامتياز.
ك – الحل الأمثل وطنيا أو الذى قد يكون مرضيا (Plausible) الآن هو إيجاد مساحة تقاطع بين دوائر أطياف وقوى المعارضة المصرية. من الممكن أن يتجسد ذلك فى "شخصية" مصرية تحظى بالإجماع تقود التعبئة الجماهيرية بمساعدة إمكانيات القوى ذات الوجود المادى والقدرة التنظيمية. الشخصية يجب أن يكون مشهودا لها بالوطنية وسابق التضحية والاعتدال وبألا يكون ملوثا بأى حال وألا يكون له أى ماض سياسى مهما كان وألا تحسب على أى طيف سياسى أو أيديولوجى. خيار حركة "كفاية" صائب تماما فكلمة السر يمكن أن تكون "هشام البسطويسى" (نائب رئيس محكمة النقض والناشط الشهير فى فاعليات نادى القضاة وقد تم تلفيق قضية ضده وصدر حكم باللوم والتأنيب). قيام جماعة الإخوان بقوتها وقدرتها التنظيمية بدعم ومساندة هذا الخيار سيؤدى إلى تفعيله مصريا وعالميا. "قاض مصرى وطنى معارض" يقود الإصلاح فى مصر. الشخص والمبدأ مقبولان – مصريا وعربيا وعالميا (وخاصة غربيا وأمريكيا) ....... توكلوا على الله .
وللحديث بقية . . . . . . . . . . . .
[email protected]
http://www.maktoobblog.com/Alnasser_Hesham


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.