أتذكر أنني كتبت عن برنامج "لعب عيال" حين شاهدته مصادفة منذ فترة وبهرتني الطريقة التي يقدم بها أحمد حلمي ضيوفه من الاطفال ومادة برنامجه المعتمدة علي التعبير العفوي والتلقائي عن مواهب الذين يختارهم. وأهم ما يميز هذا البرنامج أنه يقدم الاطفال كما هم ببراءتهم وقدرتهم المباشرة علي التعبير. ويعكس ملامحهم المعنوية الحقيقية ويفجر طاقاتهم. وما يميزه أيضا أنه برنامج متميز فعلا وفريد يتماهي مع روح العصر. ومع الطفل في زمن الكمبيوتر والبلاي ستيشن والالعاب المتطورة التي تقوم علي اعمال الذكاء وتحريك ملكة الخيال عند الطفل. أطفال السينما مساخيط. وصور مشوهة لاسوأ ما في الكبار.. "قراشانات" باختصار. و"عيال" برامج أحمد حلمي.. عيال فعلا ولكن اذكياء. أجمل ما فيهم براءتهم. وعدم تصنعهم وبعدهم عن تقليد الكبار.. براعم تخفي الواناً جميلة من المواهب ونوعاً محبباً من الترفيه النقي المبتكر المعتمد علي ما تجود به اللحظة. وما يستطيعه مقدم البرنامج الذي عليه أن يتفاعل ويطرح الاسئلة التي تفتح الباب للدخول إلي موضوعات "كبيرة" ولكن بأبسط الاساليب. هذا البرنامج الذي يستعير أجمل ما في فن الارتجال يصنع المواقف مباشرة. والحكايات التي لا تحدها قيود وتفتح المجال لحرية التعبير وتمنح للطفل أهمية وحضوراً يتساوي مع مقدم البرنامج "الكبير" الذي يمتلك ملكة الخيال المؤثر في وعي الطفل وذلك باختياره للمواضيع وطريقته البسيطة الطريفة في ادارة الحوار. أطفال "شوية عيال" مختارون بعناية وان كنت اتطلع إلي توسيع الدائرة الاجتماعية التي يختار منها أحمد حلمي ضيوفه حتي يصبح البرنامج أكثر "ديمقراطية" وتعبيرا عن الشرائح المختلفة التي ينتمي اليها الاطفال في مصر.. ومن ثم يضاعف الفائدة الفنية والمعنوية من تقديمه. نحن في حاجة ماسة إلي برامج أطفال تسهم في تنشئة أجيال صغيرة يمكن أن تستوعب عمليا من خلال مثل هذه البرامج. قيمة "الانتماء" في أبسط معانيها وأيضا فالطفل الذي يظهر علي الشاشة ويراه مئات الآلاف قد يشعر بامتياز خاص ولكن حين يضم البرنامج فئات مختلفة ومستويات اجتماعية متنوعة في نفس العمر وان اختلفت البيئة ونوعية التعليم ولكنها تحظي بنفس هذا الامتياز يكون البرنامج قد انتصر لقيمة المساواة وأيضا وليس فقط الانتماء. برنامع لعب عيال يصلح لاكتشاف المواهب وتفريخ الافكار التي تتوجه إلي أجيال سوف تصنع المستقبل وهو أيضا فرصة للتواصل والتفاهم والانسجام بين الصغار والكبار بحرية وعفوية ودون افتعال يكسر هالة الاندماج الضرورية مع الشاشة الصغيرة أثناء الفرجة.