** أقولها بالفم المليان.. أقولها وأنا غير نادم عليها لكل من كان في يوم من الأيام وعلي مر العصور والتاريخ مسئولاً عن السياحة في مصر.. ولم يرع الله في عمله.. تاركاً الأمور تسير وحدها اعتماداً علي أن مصر بلد سياحي وسوف يأتي إليها السياح بلا مجهود.. وبالفهلوة والشطارة سيتم التعامل مع السائحين وإبهارهم.. وكفاية عليهم زيارة الأهرامات..!! أقول هذا الكلام وأنا قادم لتوي من زيارة للعاصمة الإيطالية روما برفقة بعض الزملاء من محرري البنوك المصرية بدعوة من مجموعة "أنتيزا سان باولو" الإيطالية المالكة لنسبة 25.70% من أسهم بنك الاسكندرية.. وقد انبهرنا جميعا بما شاهدناه من نشاط سياحي متدفق يشهده كل ركن من أركان "روما" بداية من المطارات والفنادق والمطاعم مروراً بالشوارع.. وانتهاء بالمزارات والأماكن السياحية التي تعتبر عادية وفقيرة نسبياً مقارنة بما تتمتع به مصرنا الغالية من ثراء أثري وسياحي مع الفارق الكبير الذي يمكن لأي إنسان ان يلحظه فهو لا يحتاج إلي مجهود لاكتشافه ألا وهو وبكل بساطة النظام.. والنظافة.. والالتزام في كل شيء.. وسلوكيات البشر في التعامل مع البشر ومع الأشياء المحيطة وغير ذلك كثير والأهم من ذلك كله الاستقرار السياسي والأمني. نعم لقد انبهرنا بأعداد ونوعيات السائحين الذين يتدفقون علي العاصمة الإيطالية روما.. وايضا بالسلاسة التي تسير بها الأمور.. ولكن هذا الانبهار تحول في لحظة إلي تفكير عميق في حال بلدنا الغالية مصر التي حباها الله بكل شيء من مقومات السياحة.. وعجز أبناؤها عن استغلال هذه المقومات الطبيعية منها والصناعية وأقصد بالصناعية هذا الكم الهائل من التراث الأثري والحضاري الذي تركه لنا أجدادنا الفراعنة ومازلنا حتي الآن عاجزين عن اكتشافه وتقدير قيمته الحقيقية. رأيت آثار بلدي موجودة في كل بلدان العالم وقد خصصت لها الدول أماكن خاصة بها في أعظم المتاحف العالمية مثل متحف "اللوفر" بباريس الذي يضم قسماً للآثار المصرية يعرفون قيمتها جيداً ويحافظون عليها لكنها آثارنا وتاريخنا في بلاد العالم.. رأيت المسلات المصرية في كل مكان وميدان بدول العالم.. رأيتها ناطقة بعظمة الحضارة المصرية في أعظم وأكبر ميادين العالم بميدان الكونكورد بالعاصمة الفرنسية باريس تقف عملاقة شاهقة الارتفاع في مكان تم اختياره بعناية وأمام عمق كبير لأحد أكبر الشوارع وهو شارع "الشانزليزيه".. وتساءلت: هل هذه المسلة رغم أنها مصرية أكان من الأفضل لها ان تظل داخل المخازن المصرية وفوقها ركام من التراب. أم أنها في الآن في وضع أفضل لها يزورها الملايين ويشاهدونها ويعترفون أنها شاهدة علي عظمة التاريخ والحضارة المصرية؟!.. لكني في النهاية أقول إنها مصرية وحق أصيل لبلدي تم التفريط فيه. في روما وجدت أناساً يقدرون قيمة السياحة والسائحين ويعرفون جيدا أنها تدر عليهم وعلي بلادهم دخلاً مهماً لا يجب التفريط فيه. ومن هنا فالمعاملة والتعاملات محسوبة.. ولذا فالسياح يأتون إليها من كل مكان ويجدون كل الرعاية من الدولة ومن الناس حيث كل شيء يشجع علي الرواج السياحي. عندما زرنا الفاتيكان شاهدنا آلاف السائحين يزورونها لكن انتباهي تحول إلي مسلة مصرية تقف شامخة داخل أسوارها.. فتساءلت عنها فقالوا لي: إنها واحدة من كثير.. فالمسلات المصرية منتشرة في كل مكان مختلفة الارتفاعات فمنها الطويل ومنها القصير. يقصدها السائحون من كل مكان. في أحد المعابد الشهيرة التي تقف علي أعمدة شاهقة الارتفاع قوية البنيان. قالوا لنا: إن هذه الأعمدة جاءت من مصر.. وهنا تساءلت من جديد لماذا لم يفكر أي مسئول في وضع مسلة في ميدان التحرير وأخري في رمسيس وغيرها من الميادين المصرية مثلما يحدث في أوروبا؟ وقلت لنفسي لماذا هي موجودة في كل بلدان العالم المتقدم ولا توجد في الميادين المصرية؟.. هل لأن أجدادنا صنعوها ولم نعرف نحن أو نقدر قيمتها التاريخية. بينما الغرب يقدرونها ويضعونها في الأماكن اللائقة بها وبمن صنعوها لتزين ميادينهم وتكون إحدي وليس كل وسائل الجذب السياحي الذي فشل أباطرة مصر علي مر العصور والتاريخ في معرفة سر هذا الجذب رغم توافر مقومات كثيرة طبيعية وأثرية تفتقر إليها غالبية دول العالم.. لذا قلت وأقول لا سامح الله كل من كان مسئولاً عن السياحة أو الآثار في مصر علي مر العصور. إن بلادنا تستحق الكثير ونحن نشعر بالغيرة من أجلها ولما آل إليه حالها وما أصبحت فيه من إهمال متعمد سوف يأتي علي البقية الباقية من مقدراتها السياحية التي هي في حاجة إلي الرعاية حتي تنتعش من جديد وتصل إلي الوضع اللائق بها وبأهلها الطيبين. * إلي رئيس المجلس الأعلي للآثار: لم أعرفك إلا من خلال المعارك التي تخصصت فيها بجميع القنوات الفضائية أراك تتحدث بأسلوب لا يليق - أري ان تترك هذا المكان الهام لغيرك ممن يحبون هذا البلد ولا تنتظر حتي يغيروك.. فمصر ياسيدي تحتاج للمخلصين من أبنائها.. وأنا لا أدري متي تتفرغ لعملك إذا كنت تجد الوقت لكل هذه المعارك التي تخوضها علي الشاشات.. نريد من يهتم بآثار مصر أهم وسائل الجذب السياحي بعيداً عن الشو الإعلامي!! * إلي بروتوجامبا والمسئولين عن بنك الاسكندرية: البنك ملئ بالكفاءات..ولا داعي لزرع الإحباط ** أقول لبروتو جامبا الرئيس الإيطالي لبنك الاسكندرية ابحث عن قيادة مصرية تعاونك من بين العاملين بالبنك الذي يضم كفاءات كثيرة ليكون نائباً لك يعرف فنون التعامل مع المصريين.. ولا داعي للبحث عنه خارج البنك حتي لا تزرع بذور الشقاق والإحباط بين العاملين والقيادات الشابة بالبنك.. فما عليك إلا ان تنظر حولك وستجد الكثير من الكفاءات التي تستحق ان تجلس علي مقعد القيادة ليكون نائباً ثانياً لك يفهم لغة قومه. ويعرف كيف يتعامل معهم ليكون حلقة وصل بين القيادة الإيطالية والعاملين بالبنك.