هو من الكوادر العبقرية التي استفاد منهم الفريق يوسف عفيفي في بناء مدينة الغردقة والتحول الهائل لها الذي تم في بداية الثمانينيات، هو أعظم معماري العالم، وخبير تخطيط المدن في اليونسكو، ورائد العمارة الحديثة في الشرق الأوسط، وكان صاحب فكرة ورؤية سابقة لزمانه خاض بسببها معارك كثيرة، ولكن روح المناضلة صمدت لإثبات وجهة نظره التي اثُبت الزمان صحتها بمشروعه لتخطيط القاهرة الكبرى الذي تم منذ خمسون عاماً، والذي بدأ تنفيذه الآن في أواخر القرن العشرين بعد أن تفاقمت مشاكل القاهرة، وقد جمع إلى جانب اهتمامه بالعمارة حبه للحضارة الفرعونية والاستفادة من الروح المعمارية لها ، وتلقى الدرس مباشرة من أستاذه العلامة سليم حسن، صاحب الدراسات القيمة فى علوم المصريات ومنها: "موسوعة مصر القديمة"، و"الأدب الفرعوني"، و"أهرامات مصر" وترجمة الكتاب الشهير "فجر الضمير"، وقد تعلم بسبب هذا الحب اللغة الهيروغليفية، وهذه الاهتمامات العلمية لم تمنعه من حبه للفن والأدب والموسيقى، فكان صالونه الشهير منذ الخمسينيات وحتى رحيله يجمع فيه صفوة المجتمع من المفكرين والباحثين والفنانين ..هو الأستاذ الدكتور سيد كريم (أمنحوتب) القرن العشرين.. في أحضان الدلتا نبع الخير، ورمز الخصوبة والنماء والعطاء كان مولده بقرية ميت بره، مركز قويسنا، بمحافظة المنوفية في16فبراير 1911، تعلم في مدارسها وذهب للقاهرة لتلقى تعليمه الثانوي، ويلتحق بكلية الهندسية ليتخرج منها عام 1933 وكان ترتيبه الأول في قسم العمارة، بعدها أُرسل في بعثة دراسية إلى زيورخ بسويسرا، وحصل منها من جامعتها على شهادتي الماجستير في التخطيط العمراني عام 1936، والدكتوراه فى العمارة 1938، وكان أول مهندس مصري يحصل على الدكتوراه في العمارة ، بعدها عمل بنفس الجامعة عضواً بهيئة التدريس وتدرج في الدرجات العلمية حتى أستاذ مساعد، حتى عاد للقاهرة ليعين أستاذاً للعمارة بكلية الهندسة بجامعة القاهرة ، وقد سجل أول مكتب استشاري في مصر للعمارة والتخطيط عام 1939م، وقد سجل هذا المكتب ضمن المكاتب الدولية لتخطيط المدن بهيئة الأممالمتحدة ، وتعاقدت معه الهيئة على تنفيذ ست مدن في كل من: المملكة العربية السعودية ، والأردن ، والكويت ، وأبوظبى ، والجزائر ، والمغرب ، وامتد نشاطه الفني والعملي ليشمل مجالات التخطيط والتعمير مما رشحه للعمل في هيئة المساعدات الفنية ، والتعمير بهيئة الأممالمتحدة، وأمتد نشاطه ليشمل التخطيط السياحي القومي في عدة دول عربية وأجنبية. انجازاته: خطط وعمّر مدناً في الشرق والغرب مثل: بغداد الجديدة، ومدينة جدة، ومكة، وتخطيط طريق الحاج، وتخطيط الرياض وتحويلها إلى عاصمة المملكة، والمدينة المنورة، ومدينة الكويت، والعقبة، وأبوظبى، وفى مصر كانت له النصيب الأوفر من اهتماماته العمرانية مثل: مشروع القاهرة الكبرى عام 1952م، وتعمير المناطق العسكرية ثكنات قصر النيل وبناء العديد من المنشآت الرائعة مكانها مازالت شاهد عيان على روعة العمارة الحديثة في مصر وهى: مباني الجامعة العربية ، وفندق المؤتمرات ، ومتحف الحضارة، وكذلك تطوير ضاحية المعادى وتحويلها إلى مدينة عام 1942م، وفى مجال الثقافة كان له الدور البارز فقد نفذ وصمم قصور الثقافة في: المنصورة، وأسوان ، وأسيوط ، والسويس، والإسماعيلية ، وفى مجال الآثار والتاريخ أعد موسوعة "لغر الحضارة "، وهى تبحث عن الحقيقة وتاريخ ما أهمله وتجاهله التاريخ واستغرق في إعدادها خمسين عاماً من 1930: 1980م، وكذلك مشروع حماية آثار مصر من السد العالي مثل: مشروع رفع معبد أبو سمبل، وإنقاذ جزيرة فيلة، ونقل الآثار التي سيغمرها السد إلى مشروع المتحف المكشوف، وإنقاذ آثار مصر من ارتفاع منسوب مياه الرشح المتوقع وفى مقدمتها: الأعمدة والهياكل الإنشائية لمعابد الأقصر والكرنك وأسوان، وصيانة معابد شواطئ النيل من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وصيانة وحماية مباني التراث الإسلامي في مدينة القاهرة من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وحماية أبو الهول وإطلاق شعار "مشروع أنقذوا أبو الهول رغم أنفه" وغيرها. التخطيط لمدينة الغردقة وجعلها عاصمة السياحة وضع الدكتور سيد كريم العديد من البرامج للتخطيط القومي للسياحة بمصر منذ وقت مبكر فوضع البرنامج الشامل لبرامج السياحة الثقافية والدينية والأثرية والنيلية عام 1954م، والتخطيط السياحي للشاطئ الشمالي (ريفيرا البحر الأبيض) عام 1976م، والتخطيط السياحي لشمال سيناء في العريش ورفح ورمانة، وكذلك التخطيط السياحي لمحافظة السويس في مركز السويس السياحي وعيون موسى ووادي سدر، والتخطيط السياحي لشواطئ النيل ، وتحويل الجزر إلى محميات سياحية، وتحويل وراق الحضر إلى متحف مكشوف للحضارة والفنون، وكذلك تحويل جزيرة الذهب إلى مركز للسياحة والترفيه، وتحويل حلوان الجديدة وتحويلها إلى مركز عالمي للسياحة العلاجية، ولم يقتصر دوره في التخطيط السياحي في مصر وإنما تعداه إلى الدول العربية في الجزائر والمغرب. وعندما تولى الفريق يوسف عفيفي مهام منصبه في بداية عام 1981، كانت الغردقة بالرغم من وقوعها على أجمل شواطئ العالم، وجوها الخلاب، وبحرها الذي يحوى بجوفه آيات الجمال من الشعاب المرجانية، فلِم لا تستغل هذه الخيرات، وتساهم في عجلة التنمية، وصادف أن زار الغردقة الدكتور سيد كريم هذا الرجل صاحب الإنجازات، فعرض عليه خطة لتطوير الغردقة وطلب منه خريطة، فأحضر له الفريق يوسف خريطة طبوغرافية، ولكن الدكتور سيد طلب صوراً جوية كي يحولها إلى خرائط مساحية دقيقة تسهل عملية التخطيط، ومن المعلوم أن تكلفة هذه الصور الجوية لمدينة الغردقة لا تقل عن ستمائة ألف جنيه (سنة 1981)، ومن أين تدبير هذا المبلغ والخزينة خاوية ووزارة السياحة لا تدعم المشروع، وشاء القدر أن تقوم بعض الطائرات التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية العسكرية ببعض الطلعات التدريبية، فاتصل الفريق يوسف عفيفي بالفريق طيار محمد حلمي قائد القوات الجوية، ومدح له حسن أداء الطيارين نسور مصر الأجلاء والأوفياء، فما من قائد القوات الجوية أن وعده بإمداده بنسخة من الصور الجوية لساحل سفاجا والغردقة، وتم حل مشكلة تكاليف التصوير الجوى، وبعد عشرة أيام قدم اللواء طيار نبيل قدري قائد المطار الحربي بالغردقة لتسليم الفريق يوسف الصور الجوية المطلوبة هدية من القوات الجوية الباسلة، وهكذا كانت القوات المسلحة أول من شارك في الصحوة التنموية والسياحية في محافظة البحر الأحمر . وتم إرسال الصور الجوية للدكتور سيد كريم في القاهرة، فعمل منها خرائط مساحية وعاد بعد ستة شهور ومعه دراسات تخطيطية كاملة التفاصيل للتنمية الشاملة لمدينة الغردقة لمدة خمسين عاماً، وكانت تشمل تلك الخطة لوحات، وماكيتات مجسمة لمواقع القطاعات التنموية المختلفة، وجهز الفريق يوسف ما يلزم لبدء هذا التنمية فأنشأ غرفة عمليات فى المكتب المجاور لمكتبه لكي تكون غرفة الاستثمار للتنمية الشاملة في المحافظة، وأصبحت مزاراً للمسئولين والزوار والمستثمرين فمن خلالها يطلعون على مستقبل مدينة الغردقة (مدينة الأمل) ومراحل تنميتها الشاملة، وأضيف إليها بعد ذلك تخطيط : مدينة سفاجا، والقصير، ومرسى علم ولقد سهلت هذه الغرفة على الجميع تفهم التخطيط المستقبلي، وأزالت مخاوف المستثمرين عن تلك المحافظة النائية، والتي لم تعنى بالنسبة لهم سوى محافظة البترول والفوسفات، وصيد الأسماك . لقد نفذ الدكتور سيد كريم هذا المشروع بدون مقابل، عن طيب خاطر ليحول الصحراء إلى جنات عدن، والأماكن النائية إلى مناطق جذب تعج بالآلاف من البشر، أصبحت الغردقة بفضل المخلصين مثل: الفريق يوسف عفيفي، والدكتور سيد كريم، والمستثمرين المغامرين الذين تحدوا الصعاب والروتين العفن، وقاموا النفوس التي لا تبغي الإصلاح وتستفيد من الأحوال المعوجة – إلى مورد رئيسي للدخل القومي ومتنفس للشباب في تدبير عيشه وتحقيق طموحاته .