«مشاجرة عنيفة واتهامات بالتزوير».. تفاصيل القبض على إبراهيم سعيد وطليقته    لازاريني: 1.6 مليون شخص فى غزة يعانون انعدام الأمن الغذائى    د. خالد سعيد يكتب: ماذا وراء تحمّل إسرائيل تكلفة إزالة أنقاض غزة؟!    فصل مؤقت للكهرباء عن مناطق بالحي الترفيهي في العبور لأعمال صيانة اليوم    الأرصاد توجه تحذير شديد اللهجة من «شبورة كثيفة» على الطرق السريعة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    «ترامب» يعلن حربًا مفتوحة على داعش.. ضربات عنيفة تستهدف معاقل التنظيم في سوريا    وزير الدفاع الأمريكى: بدء عملية للقضاء على مقاتلى داعش فى سوريا    مقتل عروس المنوفية.. الضحية عاشت 120 يومًا من العذاب    غارات أمريكية مكثفة على تنظيم داعش | وزير الحرب يصف العملية بأنها إعلان انتقام.. وترامب يؤكد استمرار الضربات القوية بدعم الحكومة السورية    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    المسلسل الأسباني "The Crystal Cuckoo".. قرية صغيرة ذات أسرار كبيرة!    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    كيف تُمثل الدول العربية في صندوق النقد الدولي؟.. محمد معيط يوضح    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة فى فندق بالتجمع    محمد عبدالله: عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في مباريات الزمالك    إصابة 4 أشخاص في انقلاب موتوسيكل بطريق السلام بالدقهلية    مصرع شاب على يد خاله بسبب نزاع على أرض زراعية بالدقهلية    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    بحضور رئيس الأوبرا وقنصل تركيا بالإسكندرية.. رحلة لفرقة الأوبرا في أغاني الكريسماس العالمية    محمد معيط: لم أتوقع منصب صندوق النقد.. وأترك للتاريخ والناس الحكم على فترتي بوزارة المالية    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة تطالب بإنهاء مشكلات الضرائب وفتح استيراد الليموزين    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    أرقام فينشينزو إيتاليانو مدرب بولونيا في آخر 4 مواسم    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: برنامجنا مع صندوق النقد وطنى خالص    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    عمرو عبد الحافظ: المسار السلمي في الإسلام السياسي يخفي العنف ولا يلغيه    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق يوسف عفيفي: هكذا حققنا نهضة سياحية وعمرانية بالبحر الأحمر
نشر في المصريون يوم 21 - 02 - 2015

في الفترة الأخيرة شغل فريق من الناس بالكشف عن أخطاء الماضي وسرد أفعاله، وجاء أناس ممن شاركوا في صنع هذا الماضي، وشغلوا أيضا بالتبرؤ من هذا الماضي، علما بأنهم استفادوا استفادة مطلقة من هذا العصر، وتولوا أرفع المناصب لمدة زادت عن العشر سنوات، وكرموا، وحصلوا على جوائز الدولة التقديرية لمرات، بل منهم من تم تكريمه وحصل على قلادة النيل، لم يشغلوا أنفسهم بالحديث فقط عن فساد الماضي عندما واتتهم الشجاعة فجأة بعد أن أكثروا من تعاطي حبوب الشجاعة، والتخلص من حبوب النفاق – وإنما شغلوا الناس معهم بهذا الماضي، حتى كثرت المطالب الفردية والإعتصمات الفئوية ... فكان لزاماً أن نذّكر الناس بالتجارب العظيمة التي أنجزت بالماضي، فلم يكن الماضي كله سواد، ومنها تجربة السياحة في محافظة البحر الأحمر التي أنجزها أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، الفريق يوسف عفيفي، بأقل التكاليف ودون الاعتماد التي عارضت المشروع في بداية الأمر، وأستطاع يوسف عفيفي الاستعانة بأصحاب الخبرة ومنهم المعماري العالمي سيد كريم الذي صمم المدينة بلا مقابل ، جذب الاستثمار بأن أقنع مجموعة من المستثمرين الجادين الذين أنجزوا المشروع أوصلوا إليه المرافق على حسابهم الخاص، وساهم المشروع في جذب العاملة الهائلة وأن الآلاف منها من جميع المحافظات.
تعالوا معاً نتعلم الدرس من تجربة يوسف عفيفي ونعممها - لأنه الوحيد الذي لم يتكلم بعد، بالرغم من ماضيه المشرف، فالرجل مازال في جعبته الكثير - ونصنع العشرات مثلها في المستقبل، ولكن متى يحث هذا إذا تخلصنا من الأهواء، وأكثرنا من العمل وقللنا الكلام الغير ذي فائدة، وأخلصنا النية، وتركنا مكاتبنا ونزل نحارب في الميدان بعزم ونية، فالكثير من أرض مصر مازالت بكر، لم تطرق بعد .
جاء الفريق يوسف عفيفي ليتسلم مهام منصبه في بداية العام 1981م، فإذا به يصطدم بالواقع الأليم التي كانت تحياه المحافظة، الخدمات تكاد تكون منعدمة تماماً، بالرغم من تمتع المحافظة بكل منابع الخير الوفير الذي لو أحسن استغلاله لتصدرت المحافظة مكاناً رئيسياً في خارطة الدخل القومي، وبالفعل بدأ رحلة الألف ميل بالرغم من وجود عقبات صادفته كانت من الممكن أن تقوض أي مشروع تنموي جبار كهذا، وبدأت رحلة التنمية بأن أحضر كل الكوادر المخلصة والمستثمرين المغامرين الجادين، الذين ساعدوا في هذه النهضة، وأرسوا لها قواعد قوية ...
والفريق يوسف عفيفي أحد رموز العسكرية المصرية العظام ، فقد اشترك في كل الحروب التي خاضتها مصر منذ حرب 1948م وحتى تم النصر العظيم في أكتوبر1973م ، حيث كان قائداً للفرقة 19مشاة ، هذه الفرقة العظيمة البطلة التي أدت دورا حيوياً خلال معارك الحرب، ودمرت النقاط القوية لخط بارليف، ودافعت عن مدينة السويس خلال لحظات حرجة في هذا التوقيت، واستحق أن يطلق عليه "بطل السويس وحاميها" ، وبعد هذه الحرب، خاض حرباً أخرى أشد وطأة، هنا في الغردقة ومدن البحر الأحمر ، الذي أرسى دعائم السياحة في هذا المكان النائي ، وجعل منه مكان جذب عالمي يؤمه الناس من كل مكان، وخطط ودرس جيداً مستعيناً بكل بيوت الخبرة والرأي، كان لا يعقد أي رأى دون الرجوع للمجالس المختصة التي تدرس الموضوع جيداً، لم يمنح الأراضي والمشاريع لمن لا يستحق، اعتماداً على فرد العضلات والدكتاتورية، وإنما كان رجلاً بسيطاً يستخدم كل القنوات التشريعية في قراراته، ومن هنا نجح في بناء قواعد التنمية والرخاء اعتماداً على الجهود الذاتية.
التقينا الفريق يوسف عفيفي في منزله العامر بالقاهرة، لسرد وقائع هذه المرحلة المهمة من تاريخنا القومي، فهي مازالت ماثلة في ذهنه، يفرح كثيراً ويسعد عند تذكرها، يعيش على هذه الذكريات الجميلة ، ولم يبخل علينا بأي جواب.

كيف كانت الغردقة ومدن البحر الأحمر عندما توليت مهام منصبك؟
عندما صدر قرار تعييني محافظاً للبحر الأحمر في يناير عام 1981م ، غمرني إحساساً قوياً أن هذا القرار كان تعبيراً عن ثقة القيادة السياسية وتقديرها لجندي مقاتل ظل يقاتل بإخلاص ، ويكافح في سبيل بلاده أكثر من ثلث قرن من الزمان ، وعاهدت ربى عز وجل وعاهدت مصر أن أقاتل ما تبقى من عمر ، وأن أواصل مشوار الكفاح مقاتلاً في زمن السلم ، فأجعل من محافظة البحر الأحمر النائية مثلاً يحتذي وتجربة فريدة في تحقيق التنمية والرخاء ، ووجدت أنه لزاماً علىّ أن انحي جانباً كل السلبيات التي يمكن أن تعترض طريق أي تنمية ، فمواطنو البحر الأحمر نوع من البشر عاشوا ظروفاً كان من المستحيل أن تحقق لهم ما استطاعوا فيما بعد تحقيقه ، وحتى وجودهم كمجتمع كان يفتقر في الواقع إلى مقومات قيام مجتمع ، فهم قبائل متفرقة ، تسيطر عليهم النزعة القبلية ، وليس لهم وزن يذكر كقوة سياسية أو اقتصادية ، ثم أنهم كقوة عددية كانوا من أقل المحافظات عدداً .
لم تكن الغردقة عندما شرفت بالمجيء إليها سوى مدينة عسكرية بها مواطنين محدودي المهام .. الخدمات تكاد تكون منعدمة ، كانت قوات حرس الحدود لا تسمح بإقامة أي منشات على الشاطئ ، الذي كان عبارة عن كتلة صخرية ملوثة بالنفط ويكسو بعض أجزائها مقذوفات البحر بروائحها الكريهة ، ويتكلف تطهيرها ملايين الجنيهات ، وكذلك كانت الشعب المرجانية أثر هذا التلوث في طرقها إلى الهلاك والدمار ، وكانت أحياء المدينة هي: الدهار السقالة (ميناء الصيد) ، وكانت الغردقة أشبه بنجع في أعماق الصعيد، فالمواطنون كان يضطرون للنوم مبكراً بعد توقف تشغيل محطة توليد الكهرباء ذات طاقة 400كيلو وات / ساعة ، والتي كانت تعمل لمدة ساعتين فقط ، وتغطى منطقة ديوان المحافظة ... وبطبيعة الحال يحل الظلام الدامس بعد توقفها ... وكانت الحياة بدائية ، وكانت وسائل التنقل داخل المدينة فقيرة وبدائية ، وكان الجهاز التنفيذي ينقصه الكوادر العليا المهنية والفنية والحرفية ، وأيضا الكوادر القاعدية من العمال في كافة المجالات، بالإضافة إلى قلة الكفاءة والخبرة لدى الكثير من الموظفين، وكان بسبب البطء الشديد في التنمية. وكانت مياه الشرب تأتى عن طريق قنا – سفاجا، وتوزع على المواطنين بواسطة عربات المياه مرتين في الأسبوع في أحسن الأحوال .
ما هي الخطط والرؤى التي أعددتها قبيل مجيئك الغردقة؟
لقد ظللت في القاهرة مدة ثمانية عشر يوماً، قرأت كل ما كتب عن البحر الأحمر تاريخياً وجغرافياً وإدارياً ، كما التقيت بالمحافظين السابقين الذين أمدوني بحقائق أنارت أمامي دوريا كثيرة، ودونت ملخص هذا واعتبرته هادياً لي في عملي المقبل في هذا الإقليم النائي الذي تشرفت بتولي مسئوليته، واعتبرت نفسي أنى قادم للدخول معركة ضارية لا تقل أثراً عن الحروب التي اشتركت فيها .
كيف ابتدأ المشوار؟
عندما رأيت البحر الأحمر وجدته لا يقل أهمية وجمالاً عن شواطئ (الريفيرا) بفرنسا، الذي قمت بزيارته ضمن مأمورية وزارة التخطيط والتي تضم محافظات (الإقليم السابع السياحي) وهى: أسوان، وقنا، وسوهاج، والبحر الأحمر لدراسة التخطيط السياحي بفرنسا منذ خمسين عاماً، أيقنت أن شاطئ الغردقة يفوق ويمتاز عن الشاطئ الفرنسي بإمكانيات كثيرة فمن حيث الموقع فهو يمثل إحدى زوايا مثلث السياحة الذهبي، فالغردقة تتميز بالسياحة الترويحية والعلاجية، والقاهرة متحف الحضارات الإنسانية، ومدينة الأقصر متحف الآثار الفرعونية، وبعد عودتي من هذه الجولة ، طلبت جميع الدراسات التي قامت بها وزارة السياحة، وصادف أن زارني في مكتبي الدكتور سيد كريم خبير التعمير بالأمم المتحدة ، عارضاً علىّ المساعدة في تخطيط المدينة ، وظهرت مشكلة توفير الخرائط الجوية التي طلبها ، والتي كانت ستتكلف 600 ألف جنيه، وهذه مشكلة ، وبينما أنا مهموم في إيجاد حل ومخرج ، وجدت نسور مصر من القوات الجوية يقومون بالطلعات التدريبية في سماء الغردقة ، وهداني التفكير بالاتصال بالفريق طيار محمد حلمي قائد القوات الجوية ، مثنياً على أداء نسوره الأبطال طالباً منه المساعدة في تصوير الغردقة ، فقدم الرجل صوراً جوية للغردقة وسفاجا ومرسى علم، وأخذها للدكتور سيد كريم وعمل منها خرائط مساحية ، ورجع بعد ستة شهور، ومعه دراسات تخطيطية كاملة التفاصيل للتنمية الشاملة لمدينة الغردقة لمدة خمسون عاماً، وكانت تشمل هذه الخطة لوحات وماكيتات مجسمة لمواقع القطاعات التنموية بالمحافظة، وأعطيت تعليماتي بتجهيز الغرفة المجاورة لمكتبي لكي تكون غرفة الاستثمار للتنمية الشاملة بالمحافظة ، وهكذا أصبحت مزاراً للمسئولين والزوار والمستثمرين، فمن خلالها يطلعون على مستقبل مدينة الغردقة، ثم قمت بعد ذلك باستدعاء اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة من القاهرة وقامت بإجراءاتها في يسر طبقاً للتخطيط العلمي والموضوعي السليم.
توجهت بعد ذلك للمرحوم عادل طاهر وزير السياحة عام 1982م، ومعي دراسة كاملة من التخطيط، وعرضت عليه تبنى خطة التنمية السياحية بالغردقة، ولكنه رفض حسب تقديره بحجة استحالة التنفيذ بسبب عدم توفير المرافق وتكرر ذلك مع وزراء السياحة التاليين بعد ذلك مثل: توفيق عبده إسماعيل، ووجيه شندى، وأرسلت للعرض على مجلس الوزراء وكنت على يقين من الموافقة، وتمت الدعوة العامة للمشاركة في إرساء حجر أساس أول مركز سياحي على مستوى الجمهورية بالغردقة بتاريخ 25مارس 1982م، اطلع المدعون على ماكيتات المشروع وأثنوا على التخطيط ، وغمرت الفرحة نفوسهم، وخاصة المستثمرين الذين كانوا يأملون فتح مجال الاستثمار أمامهم في هذه المحافظة الواعدة ...وهكذا أصبحت فرصة الاستثمار متاحة أمام المصريين العاملين في مجال السياحة، وأيضا أمام الأخوة العرب.
ما هو دور المستثمرين في التنمية، وكيف تم إقناعهم بالمغامرة والاستثمار في البحر الأحمر؟
صنفت محافظة البحر الأحمر ضمن تعداد المحافظات الصحراوية النائية ، فلم يكن بها نشاط اقتصادي سوى النفط والفوسفات ، وهى نشاطات تتبع الحكومة المركزية مباشرة ولا تتبع المحليات، وعلى ذلك كانت المحافظة خارج الذين يخططون لتنمية مصر، حيث كانت الإعتمادات المالية المحدودة خارج حسابات الذين يخططون لتنمية مصر، لقد أدركنا أن هناك فجوة واسعة بين واقع المنطقة وإمكانياتها ...فالمنطقة بكل ما تملك من ثروات طبيعية، وآثار تاريخية ، ومناخ رائع طول العام .. كان لابد أن تتحول مدينة الغردقة كمرحلة أولى إلى مركز سياحي عالمي يجذب المستثمرين والسائحين من كافة أنحاء العالم، وخاصة تميز الغردقة بطقس مثالي من حيث درجات الحرارة والرطوبة، وساعات إشراق الشمس، وأثر أشعتها من الناحية الطبية ..هذا المناخ جعل من السهل للغردقة كأول مركز سياحي عالمي أن يستقبل السائحين شتاء وصيفاً، فليس هناك موسم للاستمتاع بالغردقة ، وإنما ذلك متاح على امتداد العام، وهى ميزة لا يوفرها أي شاطئ في أي منطقة سياحية أخرى فى العالم .. ثم أن شاطئ الغردقة له شهرته العالمية، بشعبه المرجانية، وأحيائه المائية التي تعتبر المكان النموذجي لهواة الغطس في كافة أنحاء العالم.
وكذلك هناك عاملاً حاسماً هو العنصر الحاكم الذي أتاح تضافر كل العوامل السابقة ، وتفاعلها إيجابياً تجاه حركة التعمير السياحي ... ذلك العامل هو: القيادة الإدارية العليا للمحافظة، والتي أقنعت المستثمرين على إقامة مشروعاتهم فوق أرض صحراوية في منطقة نائية، مع تحميلهم كافة أعباء تسوية الأرض، وإنشاء الشواطئ السياحية وتجهيزها، وأيضا المرافق اللازمة لها ، لقد كانت هذه المبادرة (من جانب المحافظة) هي نقطة الانطلاق للمستثمر الجاد ، الذي قدمت له المحافظة كل المعاونة، التي تذلل له كل المصاعب، فأقيمت على أرض المحافظة أول مركز سياحي على مستوى الجمهورية وأسرع إنشاءات وبالتالي أسرع تنمية .. فأدرجنا العالم الغربي ضمن أجمل المناطق السياحية في العالم ، وأدرجتنا الأمم المتحدة في أعلى نسبة نمو في العالم. وقد كان ذلك بفضل قدرة المواطن المصري المتفاني في عمله الذي صنع المعجزات كما أن مشاركة القدوة من رواد المستثمرين الذين تحملوا المخاطرة عن طيب خاطر في إنشاء المرافق العامة والبنية الأساسية في منطقة تفتقر لهذا النوع من الخدمات كانت من أهم المقومات العلمية التي أدت إلى نجاح خطة التنمية السياحية على أرض البحر الأحمر.
بعد أن وافقت الجهات التنفيذية على مشروع المركز السياحي بالغردقة، بشرط عدم تحمل الدولة أية تكاليف للمرافق، فلم أجد أمامي سوى إقناع الرواد الأوائل المغامرين والمستثمرين في تحمل تكاليف المرافق، رغم شمول بنود عقود تخصيص الأرض بالمرافق، وكنت أطلب مجموعة تلو مجموعة من المستثمرين لمقابلتي، استفسرت منهم بكم تقدر تكاليف إنشاء الغرفة السياحة بخدماتها؟ وكانت إجابتهم ما بين 30- 40ألف جنيه، علماً أن وزارة السياحة تقدرها مابين 100-150جنيه ، وأنتم تعرفون أن عدد الليالي السياحية في الغردقة لا تقل عن 300 ليلة سنوياً، وبفرض أن الحجرة بها سريران وبسعر إقامة 100 جنيه ، فعليه يكون دخل الغرفة سنوياً 30 ألف جنيه ومعنى هذا أن رأس المال المستغل في إنشاء حجرة سياحية يسترد خلال سنة واحدة .. بالله عليكم هل هناك استثمار أسرع من ذلك ؟ . فقبلوا الفكرة بصدر رحب، وقاموا بتوريد حصصهم من التكلفة وتم تنفيذ أعمال المرافق المطلوبة في زمن أقل من شهر. وكانت مفاجأة لهم ... لدرجة أن قرية (الجفتون)، وهى أول قرية تمت بالمشروع وأول قرية سياحية شيدها القطاع الخاص في مصر – تم إنشاؤها بطاقة 350غرفة في اقل من تسعة شهور، وتوالى إنشاء القرى بعد تخصيص الأراضي للمستثمرين، ومد الخدمات لهذه القرى ورصف الطرق.
كيف كان للقيادة السياسية دور في دعم المشروع؟
لقد وقفت القيادة السياسية متمثلة في الرئيس السابق محمد حسنى مبارك إلى جانب التنمية ودعمها، وقد زار الغردقة كثيراً يتفقد المشروعات بنفسه، فقد وجه الرئيس جهده لمتابعة المشروع ورعايته له، واختص الغردقة بأكثر من زيارة ميدانية، وفى كل مرة كان يقوم بافتتاح مشروعاً جديداً، ويوجهه توجيهاً سديداً، يعلم قبل غيره أنه سيرى النتائج في الزيارة التالية، كان الرئيس يعلم أيضا أن الاهتمام الذي يعطيه للغردقة ، وكل مدن المحافظة يفجر الحماس ليس فقط للمسئولين ولكن لكل إنسان يعيش على أرضها ، وقد طلب السيد الرئيس في إحدى جولاته من وزيري الإسكان والتعمير الاهتمام بتوصيل المياه للمشروعات السياحية قبل تنفيذها، لأن المياه هامة وحيوية لتلك المشروعات ولتشجيع الاستثمار السياحي، وطلب أيضاً من وزير الكهرباء العمل على تخفيض أسعار توصيل الكهرباء إلى المشروعات السياحية بنسبة 50 % عند الإنشاء، ولمدة سنة من تاريخ الإنشاء دعماً للنشاط السياحي، وطلب الرئيس أيضاً استغلال الطاقة الشمسية في توليد الطاقة لتوفير الكهرباء والبترول، وأكد خفض تكلفة استخدام الطاقة الشمسية ليصبح استخدامها ميسوراً، وطلب الرئيس تذليل العقبات أمام رحلات السياحة الجماعية المباشرة (الشارتر) القادمة من أوروبا إلى مناطق الجذب السياحي في مصر ، وضرورة الاهتمام بتطوير المطارات لتنشيط السياحة، والاهتمام بطائرات نقل البضائع (الكارجو) وتنشيط السياحية للمواطنين.
* *الفريق يوسف عفيفى وأولاد عبد الظاهر: تم تخصيص قطعة أرض لهؤلاء الشباب الثلاثة، وهم من أبناء الإقليم، وكانت نواة لقرية "مون فالي"، وبنو خياماً مستخدمين مخلفات بيوت الصيادين، وكانت الليلة تتكلف 6 دولار، وأثناء جولة الرئيس الأسبق مبارك في فبراير 1986م تفقد مشروع هؤلاء الشباب الذين أكدوا للرئيس أنهما يحصلون على ربح وفير من مشروعهم هذا ، أنهم يقدمون خدمات سياحية متكاملة للسائحين وبأسعار رخيصة حيث لا تتجاوز تكلفة إقامة وإعاشة السائح الكاملة ستة دولارات في اليوم، ومن أثر زيارة الرئيس جاءت طائرة "شارتر" من ايطاليا لتنزل في قرية "مون فالي".
ما هي أهم الإنجازات التي تمت؟
لقد تم العديد من الإنجازات ومنها: البدء في إنشاء أول مركز سياحي عام 1982م على مستوى الجمهورية في الغردقة بتخطيط عمراني لمدة 50عاماً، والانتهاء من إقامة حي سكنى متكامل المرافق متكامل بالغردقة ليكون نموذجاً للتعمير، تم إنشاؤه بالجهود الذاتية ويطلق عليه جوازاً (المركز السياحي) عام 1985م، وتحويل مركز الشباب إلى قرية شدوان السياحية بتكلفة مليون جنيه منحة من وزارة البترول للشباب – تم تأجيرها لأحد المستثمرين أوصل تكاليفها الإنشائية وخدماتها إلى أكثر من 18 مليوناً، ويعود ريع الإيجار المتزايد لدعم موازنة الشباب بالمحافظة – وهى القرية الوحيدة المملوكة للمحافظة على مستوى الجمهورية، وإنشاء قرية أبى الحسن الشاذلي لتكون قرية سياحية دينية فريدة على مستوى الجمهورية، مع إنشاء الطرق الموصلة إليها من مرسى علم بطول 150كم بالجهود الذاتية.
إنشاء عشرة قرى لتوطين بدو قبائل: العبابدة ، والمعازة البشارية، وإمدادها بالخدمات المختلفة، مع إنشاء طريق القصير والشلاتين بطول 403كم بواسطة الهيئة العامة للبترول، وقد تبرع هؤلاء البدو بمبلغ مليون ونصف من الجنيهات مساهمة منهم في تنمية المحافظة، وقد تغير نمط النشاط الإقتصادى لأبناء البدو بعد استقرارهم في قرى التوطين الجديدة، فانتعشت تجارة الأعشاب الطبية، والفحم النباتي، والصناعات البيئية والجلود، مع قيام أجهزة المحافظة بنقلها وتسويقها لحسابهم بعيداً عن الاستغلال لبعض التجار.
إنشاء مطار الغردقة الدولي الذي يستقبل 40 طائرة يومياً تصل مباشرة إلى الغردقة من دول العالم شرقاً وغرباً ، وإنشاء ميناء حضاري متكامل الخدمات لصائدي الأسماك واللنشات السياحية بالغردقة.
إنشاء محطة تحليه لمياه البحر بواسطة القطاع الخاص على مستوى الجمهورية في مدينة الغردقة في الوقت التي كانت المرافق من اختصاص القطاع العام طبقاً للقوانين الاشتراكية ، وقتئذ تكلفت 18 مليون جنيه وبطاقة 5000 طن يومياً ولم تتكلف المحافظة أو الحكومة مليماً واحداً ، وتُسلم المحطة للمحافظة بعد عشر سنوات هدية من الشركة، وقد كان للشيخ الشعراوى دوراً أساسياً في إتمام انجاز هذا الموضوع من شركة " دله " السعودية التي يمتلكها رجل الأعمال الشيخ صالح كامل، والحق يقال إن هذه المحطة تعتبر الشريان الحيوي للتنمية في المحافظة .. وكذلك تم إدخال البث التليفزيوني على مستوى المحافظة ، وتقوية الإرسال الإذاعي الضعيف ، وإنشاء فرعاً لشركة بيع المصنوعات لخدمة المواطنين ، موفرة بذلك الجهد والوقت الذي كان يضيع هدراً في السفر إلى القاهرة أو السويس أو قنا لشراء الاحتياجات .
إنشاء مشروع الثروة السمكية لخدمة جمعيات صائدي الأسماك، وإقراضهم مليون جنيه لتطوير وحدات الصيد مع تسديد القرض بتوريد ربع كمية الأسماك المصطادة وتسويقها للمحافظة بسعر مجزى.
البدء في إقامة المسابقات كرياضة الألواح الشراعية على مستوى الجمهورية، وأيضاً أول مسابقة لصيد الأسماك ، فكانت فاتحة للمسابقات الدولية في كافة الشواطئ.
لماذا لم يترك الشاطئ ككورنيش مفتوح مثل:كورنيش الإسكندرية؟
الإسكندرية ليست مدينة سياحية، ولكنها تجارية وثقافية، ولمّا ذهبنا إلى فرنسا لمشاهدة السياحة هناك عن كثب، والاستفادة من التجربة الفرنسية ولم نجد هناك كورنيشاً أمام القرى السياحية، لأن السائح النزيل يريد الاستمتاع بالشاطئ، فلابد أن يكون بالقرب منه ، وكذلك بناء القرى السياحية على الشاطئ مباشرة يوفر الأمان الأكيد للسائح منه إذا وجد مفتوحاَ وتردد عليه النزلاء.
لماذا لم يتم إنشاء منطقة حرة في سفاجا؟
تم اختيار سفاجا لأن ميناءها نادراً ما يغلق لأنها تطل على بحر مفتوح بعكس أي مناطق في الخليج ، حيث أن الخليج من الممكن أن يغلق كله مثل مدن الخليج العربي التي من الممكن أن تتأثر بأي أحداث تتعرض لها المنطقة ، وتقع سفاجا في موقع متوسط يربط الشرق العربي بأفريقيا ، وكنت أخطط لها أن تكون بديلا عن "هونج كونج " ، وتم التخطيط لذلك ، وكانت من المخطط أن تكون حق انتفاع للمحافظة ، وإيراداتها تعود للدولة ونقلت محافظاً للجيزة ، وتوقف المشروع .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.