كتاب على شكل بحث لمؤلف جزائري يغوص في المنطلقات الفكرية ومسيرة التنظيمين، من أجل الإجابة على التساؤل أعلاه، ليصل في النهاية إلى نتيجة، أن الجماعة بريئة من هذا "الفكر المتوحش" ، بل وكانت ضحية له في بعض الأحيان، وعلى قادتها القيام بعملية "تجديد" لمواجهة هذا المد حسب المؤلف. عُرض الكتاب في المعرض الدولي للكتاب، الذي نظم بالجزائر بين 28 أكتوبر/ تشرين الأول و7 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، وكان من أكثر المؤلفات مبيعًا، بحسب "دار الأمة للنشر" التي صدر عنها. وجاء الكتاب، في 334 صفحة، حاول خلالها المؤلف، فاروق طيفور، وهو باحث وأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر العاصمة، في المنطلقات الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش الذي يحتل واجهة الحركات المقاتلة في الأشهر الأخيرة. ويتوزع البحث على ثمانية فصول، تبدأ بإلقاء الضوء على هوية الإخوان المسلمين ومشروعهم في العالم، وصولا إلى بحث قضية فكر داعش الذي وصفه ب "المتوحش" في سياقه التاريخي الغامض والتساؤلات حوله، مرورًا بموقف التيار السلفي الجهادي من الإخوان المسلمين، مع الاستعانة بدراسات لباحثين عرب وغربيين حول فكر التنظيمين. و قال مؤلف الكتاب ل "الأناضول" إن" من أهم دوافع التطرق لهذا الموضوع في الوقت الراهن هو الالتباس الحاصل حاليا، في كتابات الإعلاميين وحتى الباحثين حول فكر الإخوان المسلمين وعلاقته بالإرهاب، بداية من مؤسسه حسن البنا وبعده سيد قطب وعبد الله عزام، وصولًا إلى الأزمة في مصر". وتابع "كما أن النظام المصري الحالي، يحاول تعميم صفة الإرهاب على الإخوان المسلمين في الداخل، مع السعي لتسويقها خارجيًا، رغم منهجهم السلمي في مواجهته وكذا تأكيداتهم المتكررة على سلمية نهجهم". وعن الدافع وراء إصدار الكتاب، بحسب طيفور "هو خطورة داعش وسرعة انتشارها بشكل يطرح تساؤلات، حول عدم وجود فكر وسطي لمواجهة هذا النهج المتوحش الذي شوه الدين الإسلامي". وسرد الكتاب بالتفصيل، وقائع تاريخية وُجهت فيها تهم ممارسة العنف لجماعة الإخوان المسلمين، حتى في فترة نشاط مؤسسها حسن البنا، في أربعينيات القرن الماضي، لكن التنظيم كان في كل مرة ينفي صلته بها، رغم وجود عناصر محسوبة عليه، نفذتها دون الرجوع للقيادة، إلى جانب جماعات انشقت عنها لرفضها منهج الإخوان السلمي. ويعرج الكتاب على مرحلة ما بعد مؤسس الجماعة حسن البنا، الذي اغتيل عام 1949 والزج بقيادات الجماعة في السجون، وظهور أفكار سيد قطب، التي وُصفت أنها تكفير للمجتمع، غير أن المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي نفى تهمة العنف عن التنظيم في كتابه "دعاة لا قضاة" بحسب المؤلف. كما يذكر طيفور، سيرة القيادي الإخواني عبد الله عزام، الذي بدأ عمله "الجهادي" في أفغانستان عام 1982 ضد الوجود الروسي لكنه يشدد أنه في وصيته الأخيرة حصر الجهاد في مواجهة العدو الخارجي. واستشهد المؤلف، بتصريحات سابقة لمسؤولين مصريين، تنفي صفة العنف والإرهاب، عن تنظيم الإخوان المسلمين، منها تصريح للرئيس الأسبق حسني مبارك، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أثناء زيارته فرنسا عام 1993 جاء فيه "إن هناك حركة إسلامية في مصر، تفضل النضال السياسي على العنف، وقد دخلت هذه الحركة لبعض المؤسسات الإجتماية، واستطاعوا النجاح في انتخابات النقابات المهنية مثل المحامين والأطباء". وبالنسبة لتنظيم داعش، الذي يتساءل الكاتب عن نموه المتسارع ومن يسهّل له ذلك؟ يعود ظهوره، كما يرى، إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عن طريق تأسيس فرع القاعدة بالعراق، من قبل أبو مصعب الزرقاوي، ليظهر بعده أبو بكر البغدادي، كقائد لميليشيات مسلحة تتبنى فكرًا سلفيًا جهاديًا، هو "الأكثر وحشية" على الإطلاق. وبعد سرد مسيرة ونهج داعش، يقول الكاتب إننا "أمام تطور داخل العالم المفاهيمي للجهاد العالمي، والانفلات من القيود المفروضة من القيادة المركزية، تجاوبًا مع ما تفرضه الأوضاع على الأرض، والاختلاف حول الوسائل الأجدى لتحقيق المشروع". ويصل المؤلف في خاتمة الكتاب، إلى نتيجة تقول إن "المقارنة الموضوعية بين الفكر الذي يقف وراء الممارسات الوحشية، التي تنفذها داعش وفكر الإخوان المسلمين، تخلص إلى نتيجة غير قابلة للطعن، مفادها أن فكر الجماعة ومهما التبس على البعض في كتابات وتصريحات هنا وهناك، مثل سيد قطب، وعبد الله عزام، يبقى فكرًا بعيدًا كل البعد عن العنف والإرهاب أو أنه أنتج هذا الفكر المنحرف". ويرى الكاتب أن "الإخوان قاوموا الفكر الداعشي في كل مكان، وكانوا أيضًا من ضحاياه، وهناك أمثلة في عدة دول مثل سوريا ومصر وتونس". ورغم انتمائه فكريًا للتيار الإسلامي المعتدل في الجزائر، يؤكد الكاتب للأناضول، أن فكر الإخوان المسلمين بحاجة إلى مراجعة. ودعا قادة الفكر الإخواني "بما يملكونه من تجربة وخبرة وتاريخ سياسي، إلى التجديد الإسلامي، لمواجهة هذا الفكر الداعشي، الذي ينتشر بدعم من جهات في الغرب". وختم طيفور كتابه بالقول إن "التجديد يكون بمراجعة المضامين الأساسية، في آلية التغيير السياسي، وكيفية التعامل مع الأنظمة الحاكمة، في البلاد العربية وخاصة المؤسسة العسكرية، ثم الموقف من الغرب وفهم عمق العلاقات الدولية".