"هذه من مذكرات فقير وليست بالضرورة مذكراتي" ...أعظم من مرآكِ لا,وأجمل من ستارك لا,وأروع من رهبتك لا,وأجمل منكِ لم تر قط عيني,وأرفع منك لم يصعد بناءُ.وأمانة يا كل من تقرأ كلامي الركيك بين يديك الدعاء لي .وقبلي: الدعاء للمحروسة.والدعاء لسيدي وسيد كل من أحب الشعر واكتوى بلهيبه أميرنا أحمد بك شوقي,وما الضرر لو تركنا السياسة والمشاهد اليومية وذهبنا إلى ما وراء البحر الأحمر,وشربنا مدامة من حب الأولين.والأولون زاروا البيت واحتموا بحماه,وانهاروا بكاء عند لقياه,وشعراء كثر حملونا على صحاف أبيات من الفضة إلى دنيا غير دنيانا,ورائحة ذكية انتشت بها جيوبنا الأنفية وقلت: يا صديقي أخاف لو كشفت لك - ثم لا تعذرني على التشبيه- لو صرحت بأني والله إني لأشم ريح الجنة دون كلام شوقي. إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ عَلَيكَ سَلامُ اللهِ في عَرَفاتِ عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ تَزُفُّ تَحايا اللهِ وَالبَرَكاتِ هل صعيد طيب أطيب من عرفات؟وهل جبل الرحمة يدانيه جبل خيرا وبركة وسفرا إلى الرفيق الأعلى وأنت حي ترزق. العام الماضي رُزقتُ حَجا ,ويوم عرفة أحاطتني الدعوات من أصدقاء عديدين أن اترك قافلتك واعقل راحلتك وهلم إلينا في مخيماتنا,فمخيماتنا خمس نجوم,واخترت من بينها مخيما صلى فيه الشيخ محمد حسان وألقى خطبة عرفة,وثم انتقلت فدخلت خيمة طيبة بها جمبري وتفاح وماء مثلج وعصائر وتكييف ودورات مياه نظيفة.وكنت قليل خبرة بفقه الحج.وخلال نصف ساعة اشتبك الحضور في أحاديث لا تخلو من النميمة,ودققت النظر فوجدتني محاطا بحكماء الرومان كما نشاهدهم في فيلم سبارتكوس يلتحفون الثياب البيضاء مكشوفي الكتف والذراع,فصرخت في نفسي .ضاع الحج يا كثير الذنب,وأصابني الغم,وأسرعت إلى الهاتف وطلبت أختي وأحسبها على خير وفقه واتباع للصالحين,وشرحت لها الموقف,فعنفتني وقالت اخرج بسرعة .عرفة هو يوم الذكر يوم إعلاء لفظ الجلالة ولو كنت وحدك والأولى أن تكون وحدك. وخرجت وسرت وحدي أردد:وعجلت إليك ربي لترضى,فهل تقبل من أنت أعلم بمثاقيل مواجيع فضائح ذنب لا يبلى,وإساءات لا تنسى,وغفوات لا تهدأ,وعجلت إليك ربي لترضى.و وجدت مجموعة أغلبها أفارقة يسيرون في اتجاه واحد.تبعتهم حتى وجدتني وحدي ولا أحد حولي أراه,مع أن مئات الآلاف حولي,وارتفعت دقات قلبي كلما ارتفع بصري على درجات جبل الرحمة.ونور على نور,والملائك تلف وتدور. تكاد تلمحهم وتحس حضورهم.هنا حج آدم وموسى والنبيون وهنا طبعُ أقدامٍ مطوية لخير من وطيء الحصى,وهنا أقدام مذنب ومبتلى مثلي تطبع آثارها. يا ألله,لقد صعدت الحجارة والتصقت بجبل الرحمة,وأسفل مني شيخ كبير اقترب من الثمانين,ينادي :خذ بيدي فنزلت ورفعت وقلت اصعد,وارتفعنا محلقين في فضاء ملكوت غير مصدقين أننا هنا.التقط الرجل يدي وبكيت وقلت يا سيدي ومولاي أنت كأبي والله العظيم أرى فيك وجه أبي .من أين يا (يابا)؟من المنصورة.أحسن ناس يا حاج. ودنت السماء كما لم تدنو لأحد-هكذا هيأ لي-ودق في خاطري مرآى النبيين يهبطون من عرفة يجأرون بالتلبية.يجأرون يجأرون.لهذه الدرجة يخافون ربهم .لهذه الدرجة يعرفون جبروته ورهبوته .لقد خبت وخسرت وندمت على ما أسلفت وقدمت إن لم أقتل نفسي اليوم زعيقا وجأرا وجؤارا لمن يباهي بمن حولي ملائكته اليوم,ورحت في توسل أؤكد يا ربي أنا معهم أنا مع هؤلاء وإن كنت لا أستحق أن أكون بينهم .وإن كنت أحقر شأنا من أن أكون هاهنا.وأنت رب كريم وأنا عبد لئيم,ولكني عليم بأن لي ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب,فاغفر,فلا أحد غيرك يغفر,يا ولي العفو..امح بناصع من الصفح ما سودتٌ من صفحاتي..ويا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ فأمانة يا كل زائر الدعاء الدعاء .وقل: رَبِّ وَفِّق لِلعَظائِمِ مصرنا وَ زَيِّن لَها الأَفعالَ وَالعَزَماتِ [email protected]