رغم انحسار موجة الهجمات التي استهدفت مهاجرين أفارقة في جنوب أفريقيا، رفض العشرات من المهاجرين النازحين من ديارهم العودة إليها ومغادرة مخيمات الإيواء المؤقتة وآثروا البقاء فيها، حتى يتم ترحيلهم إلى بلادهم. وفي زيارة لأحد مخيمات الإيواء المؤقتة التي تحتضن مئات المهاجرين الأفارقة، في ضاحية مايفير، بمدينة جوهانسبرغ، التقى مراسل الأناضول عددا منهم أشاروا إلى أنهم ما زالوا يخشون الهجمات المعادية للمهاجرين. "لا يمكنني العودة إلى منطقتي السابقة لأنني لا أشعر بالأمان بينهم بعد الآن".. هكذا استهل حديثه لوكالة الأناضول آدم مصطفى، (21 عاما) وهو مهاجر مالاوي كان يعمل في مخزن صيني عند اندلاع العنف. وقال مصطفى "فقدت كل ما أملك خلال الهجمات الأخيرة في مدينة دربان الساحلية.. والشيء الوحيد الذي أريده هو العودة إلى الوطن". معربا عن أسفه، أضاف "الناس هنا يكرهوننا. كيف يمكنك العودة إلى مجتمع حيث أرادوا قتلك". وخلال الأسابيع الأخيرة، داهمت حشود ممن تصفهم السلطات المحلية ب"الغوغاء" منازل ومتاجر للمهاجرين الأجانب في ديربان (أكبر مدن مقاطعة كوازولو ناتال)، بدعوى أنهم يقومون ب"سرقة فرص العمل، وارتكاب الجرائم ووضع أعباء على الخدمات الاجتماعية". وقاموا بنهب المتاجر والمنازل، وطردوا عددا من المهاجرين من مساكنهم، فيما يجري حاليا استضافة العديد منهم في مخيمات مؤقتة للاجئين. وقتل 7 أشخاص على الأقل في أعمال العنف الأخيرة، بينهم إثيوبي رشقت حشود "الغوغاء" متجره بالقنابل الحارقة. والأسبوع الماضي، عندما زار مراسل وكالة الأناضول هذا المخيم، الذي أسسته قبل أسبوعين مؤسسة "هدية المانحين"، وهي منظمة إنسانية محلية، كان هناك أقل من 40 مهاجرا نازحا. وفي حديث لوكالة الأناضول، قالت إميلي توماس، المتحدثة باسم الجماعة الإنسانية "في الوقت الراهن لدينا أكثر من 90 مهاجرا نازحا معظمهم من مالاوي". وأضافت "جاء معظم المهاجرين النازحين من بريمروز، وهو مخيم مؤقت للاجئين شرقي جوهانسبرغ وديربان". وأشارت "توماس" إلى أن المؤسسة، استأجرت حافلتين لنقل النازحين إلى موطنهم في مالاوي يوم الأربعاء المقبل. وأعربت عن أملها في أن "يكون المخيم مغلقا بحلول يوم الخميس المقبل". وأشار العشرات من المهاجرين في المخيم، الذي يقع داخل مجمع كنسي محاط بسياج إلى أنهم ما زالوا يعانون تأثير الصدمة، ولا يمكنهم العودة إلى المجتمعات (المناطق) المضيفة لهم. من جانبه، قال سليم كاندولو، (32 عاما)، وهو مواطن مالاوى، للأناضول "نجوت برحمة الله، ولكن الغوغاء، كانوا سيقتلونني عندما هاجموا منزلنا في ديربان". وأشار إلى أنه خسر أيضا جميع ممتلكاته، ولن يخاطر بمواصلة البقاء في جنوب أفريقيا. وعلى وجهه ابتسامة، بينما كان يجلس مع مواطنيه في الخيمة، اختتم بالقول "أنتظر بفارغ الصبر ركوب الحافلة التي تقلنا إلى الوطن". وبينما يقول البعض إن هناك ما لا يقل عن 5 ملايين مهاجر أجنبي في البلاد، من بينهم 3 ملايين من مهاجر زيمبابوي، تشير تقديرات "معهد أفريقيا للهجرة والمجتمع" إلى تواجد ما بين 1.6 و 2 مليون مهاجر سواء يحملون وثائق أو لا يحملون وثائق يعيشون في جنوب أفريقيا. وأجبرت أعمال العنف عشرات المهاجرين من مالاوي وموزمبيق وزيمبابوي ودول أفريقية أخرى على مغادرة البلاد. ويعيش مئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة في جنوب أفريقيا، ويشارك الغالبية العظمى منهم في قطاع الأعمال غير الرسمي، والفئة الأخيرة كانت هي الأكثر تضررا من أعمال العنف الأخيرة، في ظل نهب السكان المحليين متاجرهم ومنازلهم كلما اندلعت احتجاجات على تقديم الخدمات. وقبل 7 سنوات، فقد أكثر من 50 مهاجرا أفريقيا أرواحهم، عندما هاجمتهم حشود من الغاضبين في جميع أنحاء البلاد، فيما يقول خبراء إن الدافع وراء تلك الهجمات هو "كراهية الأجانب".