سعْيُ الفَتى فى عَيْشِهِ عِبادَهْ.. وقائِدٌ يَهديهِ للسعادهْ.. لأَنّ بالسَّعى يقومُ الكوْنُ.. والله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ.. بهذه الكلمات مدح أمير الشعراء أحمد شوقى الساعين للعمل، وقال الفيلسوف الفرنسى فولتير: «العمل يبعد عن الإنسان ثلاثة شرور: السأم والرذيلة والحاجة»، ووصف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر العمال بأنهم القوة التى تبنى الأوطان، وبسواعدهم ترسم طريق المستقبل، نتذكر هذه الأبيات والمقولات، فى العيد السنوى مطلع شهر مايو من كل عام. بدأت مسيرة نضال العمال لانتزاع حقوقهم مع بداية الثورة الصناعية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث كانت ظروف العمل مروعة والأجور متدنية وساعات العمل طويلة، مما دفع اتحاد نقابات العمال للدعوة لإضراب فى أول مايو 1886 للمطالبة بثمانى ساعات عمل يوميا، وشارك وقتها فى هذه الفعالية أكثر من 300 ألف عامل فى المصانع التى يعملون فيها فى جميع أنحاء البلاد. تصاعدت الأحداث عقب ذلك ففى 3 مايو، قتل عدد من العمال المضربين فى مدينة شيكاغو، أحد مراكز حركة الاحتجاج، على أيدى الشرطة، وفى اليوم التالى، انفجرت قنبلة فى ختام تجمع عمالى وأدت إلى مقتل 7 من رجال الشرطة وعدد من العمال المضربين فى ساحة هيماركيت فى مدينة شيكاغو. تجمع العمال المضربون للتجمع سلميًا، دعمًا لمطلب تحديد سقف ساعات العمل اليومى بثمانى ساعات واحتجاجًا على مقتل زملائهم قبل يوم على يد قوات الأمن، أعقب ذلك محاكمة ثمانية من القادة النقابيين بتهمة الضلوع فى الهجوم، وأعدم أربعة منهم عام 1887، بينما عفا حاكم ولاية إيلينوى عن البقية عام 1893. وطالب رئيس اتحاد نقابات العمال الأمريكى فى عام 1889 المؤتمر الأول للأممية الثانية الذى عقد فى باريس، داعيًا إلى توحيد نضال العمال حول العالم لتحديد عدد ساعات العمل بثمانى ساعات فى اليوم. وقرر المؤتمر الاستجابة لهذا المطلب عبر الدعوة إلى «مظاهرات حول العالم» فى الأول من شهر مايو فى العام التالى أى عام 1890، وأصبح هذا اليوم منذ ذلك العام عيدًا للعمال حول العالم. جاء اختيار هذا اليوم من قبل الأممية أيضًا بمثابة تكريم لضحايا ساحة هيماركيت فى شيكاغو وغيرها من الاحتجاجات والإضرابات العمالية التى شهدتها المدينة عام 1886. نضال العمال المصريين بدأت مسيرة نضال العمال المصريين منذ عام 1924 حيث نظم عمال الإسكندرية احتفالًا كبيرًا فى مقر الاتحاد العام لنقابات العمال ثم ساروا فى مظاهرة ضخمة حتى وصلت إلى سينما «باريتيه» حيث عقد مؤتمر ألقيت فيه الخطب، ورغم ما كان يوجد من صعوبات أمام هذه الحركة النقابية المصرية فقد واصلت الاحتفالات بالمناسبة وتنظيم المسيرات والمؤتمرات طوال الثلاثينيات والأربعينيات لكن مع وصول الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلى السلطة أخذت المناسبة شكلًا رسميًا وتم استيعاب المناسبة وفى عام 1964 أصبح الأول من مايو عطلة رسمية يلقى فيها رئيس الجمهورية خطابًا سياسيًا أمام قيادات هؤلاء النقابيين. يقود الاتحاد العام الحركة النقابية المصرية، ويرسم سياساتها العامة المحققة لأهدافها داخليا وخارجيا، من خلال الدفاع عن حقوق عمال مصر، ورعاية مصالحهم المشتركة، والعمل على رفع مستواهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، والمشاركة فى مناقشة مشروعات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة، وإبداء الرأى فى مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بتنظيم شئون العمل والعمال، والتنسيق بين النقابات العامة ومعاونتها فى تحقيق أهدافها. ومن بين اختصاصات اتحاد العمال وضع ميثاق الشرف الأخلاقى للعمل النقابى فى إطار المبادئ والقيم السائدة، وإنشاء وإدارة المؤسسات العمالية الثقافية والعلمية والاجتماعية والتعاونية والصحية والائتمانية والترفيهية التى تقدم خدماتها على مستوى الجمهورية وتحقق أهدافه وتكون لهذه المؤسسات الشخصية المعنوية الاعتبارية، والمشاركة فى المجالات العمالية العربية والإفريقية والدولية وتأكيد دور الحركة النقابية المصرية فى هذه المجالات. زيادة الحد الأدنى وتراجع البطالة منذ تولى الرئيس السيسى السلطة، حصد العمال عددا من المكاسب على رأسها زيادة الحد الأدنى للأجور عام 2017 من 1200 إلى 7000 جنيه هذا العام، ومضاعفة منحة العمالة غير المنتظمة من 500 جنيه إلى 1500 جنيه على أن يتم صرفها 6 مرات خلال العام لمستحقيها. وانخفض معدل البطالة فى مصر خلال عام 2024 إلى 6.6 %، بانخفاض 0.4 % عن العام 2023 الذى سجل 7 %، حيث بلغت قوة العمل بلغ 32.041 مليون فرد بنهاية العام 2024، مقابل 31.149 مليون فرد خلال العام 2023 بحسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء. الأدب والسينما والعمال أكد الأديب الراحل توفيق الحكيم فى مسرحية «الأيدى الناعمة» أن العمل أساس الحياة وأن الأصل الرفيع والقصور الموروثة ما هى إلا من صنع أياد كادحة وليس كل منتج غنيًا، ولا كل غنى منتجًا المهم من العمل النفع والفائدة لا تكديس الأموال، وهى تلك المسرحية التى تحولت لفيلم سينمائى من إنتاج 1963 من بطولة صباح، وأحمد مظهر، وصلاح ذو الفقار. وصور يوسف إدريس فى روايته «الحرام» حياة عمال التراحيل الفقراء الذين يأتون من بلادهم إلى العزبة للعمل فى الموسم الزراعى، من أجل الحصول على بضعة قروش، وتحولت الرواية إلى فيلم من إنتاج سنة 1965 من بطولة فاتن حمامة وعبدالله غيث، ليتم ترشيح الفيلم لنيل جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائى عام 1965، كما تم تصنيفه فى المركز الخامس ضمن أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية فى استفتاء النقاد.