رغم فرار آلاف المهاجرين من موجة الهجمات الأخيرة المعادية للأجانب في جنوب أفريقيا، يواصل العديد من الزيمبابويين السفر إلى البلد الذي يسمى "أمة قوس قزح"، حيث كانت تعيش كافة المكونات والأعراق والمعتقدات في وئام ومساواة. وفي زيارة لمحطة "رودبورت"، في زيمبابوي، وهي مركز نقل إقليمي تنطلق منه الحافلات لنقل المسافرين إلى جنوب أفريقيا، تفقد مراسل وكالة الأناضول حركة السفر والتقى بعض المواطنين الذين قرروا السباحة ضد التيار، مولين وجوههم شطر جوهانسبرغ. كان المفتشون مشغولين في فحص تذاكر الركاب، بينما يشول الحمالون البضائع، ويعرض الباعة خطوط محمول لشبكات جوال في جنوب أفريقيا، ومنفذ الطعام الوحيد وهو مطعم "تشيكن إن" يعج بالعملاء. وفي غضون ذلك، كانت تستعد الحافلات الفاخرة، التي تحمل لوحات وجهة، كتب عليها "هراري-جوهانسبرغ" للانطلاق في رحلاتها. "أبيع مختلف خطوط المحمول في جنوب أفريقيا للمسافرين إليها".. هكذا استهل حديثه لوكالة الأناضول حسن (22 عاما). ورد قائلا "العمل كالمعتاد"، عندما سئل عما إذا كانت الهجمات الأخيرة على الأجانب في جنوب أفريقيا قد منعت الزيمبابويين من السفر جنوبا. والثلاثاء الماضي، نشرت الحكومة قوات من الجيش لمساعدة الشرطة في وقف العنف المناهض للمهاجرين، وألقي القبض على مئات الأشخاص بعد الموجة الأخيرة من العنف. وقبل أكثر من أسبوع، داهمت حشود ممن تصفهم السلطات المحلية ب"الغوغاء" منازل ومتاجر للمهاجرين الأجانب في ديربان (أكبر مدن مقاطعة كوازولو ناتال)، بدعوى أنهم يقومون ب"سرقة فرص العمل، وارتكاب الجرائم ووضع أعباء على الخدمات الاجتماعية". وقاموا بنهب المتاجر والمنازل، وطردوا عددا من المهاجرين من مساكنهم، فيما يجري حاليا استضافة العديد منهم في مخيمات مؤقتة للاجئين. وحتى اليوم، قتل 7 أشخاص في أعمال العنف المستمرة، بينهم إثيوبي رشقت حشود "الغوغاء" متجره بالقنابل الحارقة. وعندما بدأت تتواتر الأنباء بشأن الهجمات إلى مجتمعات زيمبابوي، سادت حالة من الخوف والانزعاج في البلاد لفترة وجيزة. إلا أن الأمور لم تعد لسابق عهدها بالنسبة لكثير من الزيمبابويين الذين هاجر أقاربهم منذ فترة طويلة إلى جنوب أفريقيا. وكانت حكومة زيمبابوي استأجرت 6 حافلات من جنوب أفريقيا لنقل رعاياها الراغبين في العودة إلى موطنهم، وعبر المئات منهم بالفعل الحدود ويقيمون الآن في مركز رعاية اجتماعية في بيتبريدج، وهي بلدة حدودية في إقليم ماتابيليلاند جنوبيزيمبابوي. إلا أنه رغم أسبوعين منذ بدء أعمال العنف، يواصل العديد من الزيمبابويين للسفر إلى جنوب أفريقيا. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال أحد حراس الأمن الذي فضل عدم ذكر اسمه "لا يسمح لي بالتعليق، وكل ما يمكنني قوله هو إن الأوضاع استمرت على طبيعتها". وفي غضون 30 دقيقة، شاهد مراسل الأناضول 5 حافلات على الأقل تستعد للانطلاق إلى جوهانسبرغ. وفي حديث لوكالة الأناضول من داخل إحدى الحافلات، قالت روزلين زفيتا، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال، "السفر إلى جنوب أفريقيا مخاطرة في ظل هذه التقارير حول الهجمات المعادية للأجانب، إلا أن هذا البلد كان دائما محفوفا بالمخاطر". وأضافت "لكني مضطرة إلى السفر لبيع منتجات التريكو التي أحيكها". من جانبه، أعرب غاريكاي مايتي،( 25 عاما) وهو خريج إحدى كليات العلوم، عن أمله في العثور على وظيفة في جوهانسبرغ. وقال "مايتي" للأناضول "كان من المفترض أن أذهب لإجراء مقابلة في شركة للكيماويات في جنوب أفريقيا، ولكن اضطررت لتأجيلها". وأضاف "لكنني تلقيت مكالمة صباح يوم الإثنين الماضي، تطلب مني الحضور لإجراء مقابلة اليوم الجمعة". هو الأخر، قال تونديراي موتيرو، (42 عاما)، وهو سائق شاحنة من هراري إنه كان على وشك العودة إلى العمل بعد قضاء عطلة. وأضاف موتيرو للأناضول الذي كانت يستعد للصعود إلى الحافلة "عدت إلى موطني لرؤية عائلتي، ومنذ ذلك الحين كان يطمئنني أرباب العمل (بجنوب أفريقيا) بأنني أستطيع العودة إلى العمل" وتابع: "أحتاج أيضا لتلقي راتبي الشهري في جنوب أفريقيا". وبينما يقول البعض إن هناك ما لا يقل عن 5 ملايين مهاجر أجنبي في البلاد، من بينهم 3 ملايين من مهاجر زيمبابوي، تشير تقديرات "معهد أفريقيا للهجرة والمجتمع" إلى تواجد ما بين 1.6 و 2 مليون مهاجر سواء يحملون وثائق أو لا يحملون وثائق يعيشون في جنوب أفريقيا. وأجبرت أعمال العنف عشرات المهاجرين من مالاوي وموزمبيق وزيمبابوي ودول أفريقية أخرى على مغادرة البلاد. ويعيش مئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة في جنوب أفريقيا، ويشارك الغالبية العظمى منهم في قطاع الأعمال غير الرسمي، والفئة الأخيرة كانت هي الأكثر تضررا من أعمال العنف الأخيرة، في ظل نهب السكان المحليين متاجرهم ومنازلهم كلما اندلعت احتجاجات على تقديم الخدمات.
وقبل 7 سنوات، فقد أكثر من 50 مهاجرا أفريقيا أرواحهم، عندما هاجمتهم حشود من الغاضبين في جميع أنحاء البلاد، فيما يقول خبراء إن الدافع وراء تلك الهجمات هو "كراهية الأجانب".