أغلق كثير من المهاجرين الأفارقة، وخاصة الإثيوبيين، متاجرهم في جوهانسبرغ أكبر مدن جنوب أفريقيا بينما امتنع آخرون عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، ونشرت قوات الشرطة بكثافة، وسط مخاوف من أن تمتد إليها موجة أعمال العنف المعادية للأجانب المستمرة في مدينة ديربان الساحلية. "نعيش في خوف شديد، ولا نعرف ماذا سيحدث لنا لاحقا".. هكذا استهل حديثه لوكالة الأناضول عبدي، وهو تاجر منسوجات إثيوبي ، وأحد المتضررين بعد أن قرر إغلاق متجره في جوهانسبرغ. وأشار إلى أنه شاهد صورا (لم يوضح مصدرها) لأشخاص ينهبون المحلات التجارية المملوكة للأجانب في مدن في جميع أنحاء البلاد، معربا عن خوفه في الوقت الراهن من امتداد أعمال العنف إلى جوهانسبرغ. متحدثا من أمام متجره المغلق، أضاف "عندما سمعت عن تقارير على وسائل الإعلام الاجتماعي، قررت إغلاق متجري والعودة الى الوطن". ويدير المهاجرون الأفارقة معظم المحلات التجارية في الحي التجاري في جوهانسبرج، الذي يشغل تجار النسيج الإثيوبي قرابة 3 من شوارعه. من جانبه قال يوهاني منغستو، وهو تاجر إثيوبي آخر "نحن خائفون للغاية، ولا أرغب في التعرض للنهب أو الاعتداء، ولهذا لم أفتح متجري".
وأضاف في حديث للأناضول: "لا يمكننا القيام بممارسة أنشطتنا التجارية في سلام بعد الآن. وينبغي على الشرطة أن نحمي الأرواح والممتلكات".
وتابع "منغستو"، الذي كان يستعد لمغادرة الحي التجاري: "جئنا إلى هنا بحثا عن حياة أفضل. ونمارس أعمال شريفة، ولكنهم سيواصلوا مهاجمتنا".
واليوم الخميس، شوهدت شاحنات تنقل البضائع من بعض الشركات المملوكة للأجانب إلى أماكن مجهولة لحمايتها.
من جهته، قال إلياس علي، وهو تاجر آخر: "نضطر إلى أخذ مخزوننا (من السلع) من المخازن إلى مستودعات في مناطق آمنة، حيث لا يقدر هؤلاء الأفراد على مهاجمتها".
وبينما كان يصدر تعليماته للعمال أثناء تحميل البضائع على الشاحنات، أضاف "كنت أدير أعمالي هنا لأكثر من 10 سنوات، جنوب أفريقيا هي وطني الآن، وليس لدي مكان آخر أذهب إليه".
وأغلقت المحلات التجارية أيضا في ضاحية "مايفير" في جوهانسبرغ، التي تشتهر باسم "ليتل مقديشو"، نظرا لأعداد الصوماليين الكبيرة التي تقطنه وعددهم نحو 150 ألف.
كما منع الكثير من السكان أطفالهم من الذهاب إلى مدارسهم، وفضلوا إبقائهم في منازلهم طوال اليوم.
وفي حديث للأناضول، قال عبدي عمر، وهو رجل أعمال صومالي: "عندما سمعنا بأمر إغلاق هذه المتاجر في الحي التجاري بجوهانسبرغ، قررنا نحن، أيضا، إغلاق متاجرنا".
من جانبه، قال علي محمد علي، (40 عاما)، وهو أب لثلاثة أبناء: "نعيش الآن في رحمة الله، والشرطة لا تستطيع أن تحمينا إذا هاجمت حشود الغوغاء حينا".
وأشار "علي" إلى أنه سيعيد عائلته إلى بلده الأصلي الصومال، وأنه سيبيع ممتلكاته في جنوب أفريقيا قبل أن يلحق بهم.
واختتم بالقول "ليس هناك خيار سوى العودة إلى الديار. لقد أصبح هذا المكان (جنوب أفريقيا) جحيما لا يطاق بالنسبة لنا".
وفي تصريح لوكالة الأناضول، أمس الأربعاء، قال عبدي هالان هيرسي، الملحق الثقافي الصومالي في بريتوريا، إن السفارة ستسهل ترحيل المواطنين المتضررين من أحداث العنف الأخيرة إذا كانو يرغبون في العودة إلى وطنهم.
كما عجز حلاقو الشوارع الزيمبابويين، أيضا، عن الخروج إلى الشوارع لممارسة عملهم هذا الأسبوع، وبدت شوارع المدينة التي عادة ما تكون مزدحمة وكأنها مهجورة، حيث يسود التوتر والخوف بين معظم الرعايا الأجانب.
من جهته، قال بليسينغ مازيبوكو، وهو أحد الحلاقين: "سوف أعود إلى زيمبابوي حتى تهدأ هذه التوترات".
ولكن مجموعة من الباعة المتجولين الكونغوليين في ضاحية روزيتنيفيل، التي تقع على بعد 5 كلم جنوبي جوهانسبرغ لديهم خطط مختلفة.
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال الكونغولي كوفي كوبيل: "نحن خائون بعض الشيء، ولكن ذلك لن يحمينا".
رافعا قبضته في الهواء، أضاف: "سنعيد تنظيم صفوفنا ونتصدى للهجوم، لماذا يجب علينا أن نجلس مكتوفي الأيدي، وننتظر حتى يتم قتلنا؟"
واعتبر أن التصدي للهجمات من شأنه أن يخدم لردع المهاجمين كارهي الأجانب، مضيفا: "المجرمون، أيضا، يستغلون الوضع، وإذا لم نرد، سوف ينهبوننا".
ومن جهته، أدان الرئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، الذي ينحدر من محافظة "كوازولو ناتال "الهجمات المعادية للأجانب التي تجري في مسقط رأسه، وأوفد عدة وزراء إلى ديربان لتفقد أوضاع الاضطرابات.
والأسبوع الماضي، داهمت حشود ممن وصفتهم السلطات المحلية ب"غوغاء" منازل ومتاجر للمهاجرين الأجانب في ديربان، واتهموههم ب"سرقة فرص العمل، وارتكاب الجرائم ووضع أعباء على الخدمات الاجتماعية".
وقاموا بنهب المتاجر والمنازل، وطردوا عددا من المهاجرين من مساكنهم، فيما يجري حاليا استضافة العديد منهم في مخيمات مؤقتة للاجئين.
وحتى الوقت الراهن، قتل 5 أشخاص في أعمال العنف المستمرة، بينهم إثيوبي قذف متجره بالقنابل الحارقة.
وجاءت هذه الهجمات بعد وقت قصير من تصريحات نسبت إلى ملك قبائل الزولو "غودويل زويليثيني"، اقترح فيها أن يعود الرعايا الأجانب في جنوب أفريقيا إلى بلدانهم الأصلية، ولكن الأخير نفى أنه أدلى بهذه التصريحات، مصرا على أن تصريحاته ترجمت بشكل خاطئ.
ويعيش مئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة في جنوب أفريقيا، ويشارك الغالبية العظمى منهم في قطاع الأعمال غير الرسمي، كانوا هم الأكثر تضررا من أعمال العنف الأخيرة، في ظل نهب السكان المحليين متاجرهم ومنازلهم كلما اندلعت احتجاجات على تقديم الخدمات.
وقبل 7 سنوات، فقد أكثر من 50 مهاجرا أفريقيا أرواحهم، عندما هاجمتهم حشود من "الغوغاء" الغاضبين في جميع أنحاء البلاد، فيما يقول خبراء إن الدافع وراء تلك الهجمات هو "كراهية الأجانب".