تباينت ردود فعل الصحف الإسرائيلية إزاء مؤتمر إعادة إعمار غزة, الذي عقد بالقاهرة في 12 أكتوبر, حيث ركز بعضها على عدم مشاركة تل أبيب, فيما دعت أخرى إلى عدم إيصال المساعدات لحركة حماس. وتطرقت صحيفة "هآرتس" في خبرها الرئيسي في 13 أكتوبر إلى أن عدم مشاركة إسرائيل في المؤتمر, جاء بناء على طلب مصري, خشية عدم حضور دول عربية, على رأسها السعودية. ونسبت الصحيفة إلى مسئول إسرائيلي -لم تشر إلى اسمه- قوله :"إنه قبل بضعة أسابيع, بدأ مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نقل رسائل إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقنوات مباشرة وغير مباشرة، تفيد بأن مصر لا تعتزم دعوة إسرائيل إلى المؤتمر، وتطلب من إسرائيل تفهم الأمر". وفي تقرير منفصل، أشارت "هآرتس" أيضا إلى لقاء جمع على هامش المؤتمر وزير الخارجية الأميركي جون كيري والرئيس الفلسطيني محمود عباس في محاولة لإقناع الأخير بتأخير أو تغيير محاولته تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية في غضون سنتين. ونسبت الصحيفة إلى مسئول أميركي قوله إن الولاياتالمتحدة تؤكد التزامها بمحاولة السعي إلى حل الدولتين من خلال المفاوضات, وخلصت "هآرتس" إلى اعتبار عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة, وزيارة عباس المرتقبة إلى القطاع، فرصة لإعادة استئناف المفاوضات على إنهاء النزاع. أما صحيفة "إسرائيل اليوم"، فاعتبرت أن أموال إعمار غزة ستكون كمن يرمي ماله، إذا لم تحقق الإنجاز السياسي, الذي يحاول كيري أن يعيد تحريكه. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 13 أكتوبر أن كيري حث عباس على استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وتابعت أنه على إسرائيل عدم الاكتفاء بتشجيع ذلك, بل أن تسهم في تحقيقه، بتوجه معتدل يشجع عباس على العودة إلى طاولة المحادثات, بدل الشجارات في الأممالمتحدة ومؤسسات القضاء الدولية. واستطردت "إسرائيل اليوم" أن نجاح مؤتمر إعادة إعمار غزة مشروط بمنع حماس من الاستمتاع بسخاء العالم والحصول على أموال المانحين, وذلك عبر ما سمته التعاون المصري - الإسرائيلي في هذا الصدد. وبدورها, ذكرت صحيفة "هآرتس" أن مؤتمر إعادة إعمار غزة هو سلاح ذو حدين بالنسبة للرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 13 أكتوبر أن تنفيذ قرارات هذا المؤتمر سوف يعيد لمصر دورها الريادي عربيا وإسلاميا, كما من شأنه أن يزيد شعبية كل من السيسي وعباس. وتابعت " أما في حالة فشله وعدم تنفيذ قراراته, فإن ذلك سيكون بمثابة الضربة القاضية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما ستُدمر كذلك مكانة الرئيس محمود عباس كزعيم للشعب الفلسطيني". واستطردت الصحيفة "مصر تسعى لأن تكون في طليعة الدول العربية والإسلامية، وعدم السماح لقطر أو تركيا بأخذ هذا الدور منها، وفي حال عدم تنفيذ قرارات مؤتمر إعادة إعمار غزة, فإن الحرب قد تتجدد بين حماس وإسرائيل, وهذا ما سيعكس حينها فشلا خارجيا لنظام السيسي, ويفاقم من الأزمات الداخلية, التي يواجهها". وكان المشاركون في مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة, تعهدوا بالمساهمة بنحو 5.4 مليارات دولار، ساهمت فيها قطر بمليار دولار لإعادة إعمار القطاع بعد التدمير الذي تعرض له جراء العدوان الإسرائيلي الأخير. وقال وزير خارجية النرويج بورغ بريندا في مؤتمر صحفي في ختام المؤتمر، إن الدول المانحة التي حضرت مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة تعهدت بتقديم هذه المساهمة، مشيرا إلى أن عدد الدول المشاركة في المؤتمر يعكس حجم التعاطف والتعاضد الدولي مع الشعب الفلسطيني. وأضاف بريندا أن نصف هذه المساعدات سيخصص لإعادة إعمار غزة وسيتم تقديمها بأسرع ما يمكن من أجل تحسين مستوى المعيشة للشعب الفلسطيني. وأكد المشاركون في المؤتمر مساندتهم للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة, وشددوا على أن عملية إعادة الإعمار, لا يمكن أن تتم إلا بفتح إسرائيل المعابر, كما دعوا إسرائيل لإزالة القيود بما يسمح للفلسطينيين بالتجارة بين غزة والضفة الغربية والدخول إلى أسواق العمل. ورحب المؤتمرون بإنشاء آلية قوية وفعالة للمراقبة، ترعاها الأممالمتحدة ويقبل بها الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني. وأعاد المؤتمرون تأكيدهم ضرورة العمل من أجل التوصل إلى حل يقضي بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية استنادا إلى المرجعيات الدولية, كما دعوا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى الامتناع عن أية أعمال أحادية الجانب من شأنها تقويض مفاوضات السلام مستقبلا. وقد تعهدت قطر بتقديم مليار دولار لجهود إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، كما وعدت الكويتوالإمارات بتقديم أربعمائة مليون دولار. وقال وزير خارجية قطر خالد بن محمد العطية في كلمة في المؤتمر :"إن دولة قطر تعلن عن مساهمتها بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة" الذي تعرض لعدوان إسرائيلي خلف أكثر من 2100 شهيد وآلاف الجرحى الفلسطينيين و73 قتيلا إسرائيليا". ومن جهته، قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح بكلمة في المؤتمر :"إنه انطلاقا من دور بلاده الإنساني وشعورها بمسؤوليتها تجاه أشقائها، تعلن تقديم مائتي مليون دولار للثلاث سنوات القادمة، مساهمة منها لإعادة إعمار غزة، يتولى متابعتها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية". وبدورها, قالت وزيرة التنمية والتعاون الدولي الإماراتية لبنى بنت خالد قاسمي :"إنه من منطلق دور الإمارات الإنساني تعلن الإمارات تبرعها بمبلغ مائتي مليون دولار". وكانت الولاياتالمتحدة الأميركية تعهدت من ناحيتها بتقديم 212 مليون دولار. وأكد وزير خارجيتها جون كيري في كلمته أن التحديات الإنسانية "هائلة"، وقال :"إن شعب غزة بحاجة ماسة إلى مساعدة ليس غدا وليس الأسبوع المقبل وإنما الآن". وفي افتتاح المؤتمر, طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتوفير أربعة مليارات دولار لإعادة إعمار قطاع غزة، وناشد المجتمع الدولي دعم الجهود الفلسطينية الرامية لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يضع سقفا زمنيا للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ومن جانبه، كشف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن "خطة الأممالمتحدة بدعم إعمار قطاع غزة تقدر بنحو 2.1 مليار دولار"، مشيرا إلى أن "نجاح إعادة إعمار غزة يتطلب توفر أسس سياسية قوية". وبدوره, دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "إسرائيل حكومة وشعبا لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون إبطاء"، وحث أيضا إسرائيل على إطلاق جهود جديدة للسلام, استنادا إلى المبادرة العربية. وشارك في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة, الذي استمر يوما واحدا, ثلاثون وزير خارجية وخمسون وفدا من دول مختلفة، وأشرف على تنظيمه كل من مصر والنرويج.