على مدى أكثر من شهر ، كتب المفكر الكبير د. محمد يحى في زاويته اليومية ب"المصريون" ، سلسلة مقالات استشرف خلالها مستقبل الحياة السياسة في مصر في المرحلة المقبلة أو في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة . كانت توقعاته مثيرة ومدهشة .. البعض اعتبرها رجما بالغيب .. والبعض الاخر حسبها مبالغة تسرف كثيرا في استشرافها للمستقبل . غير أن الاحداث في تتابعها ... تشير إلى صدق حدس كاتبنا الكبير .. سيما فيما يتعلق بمستقبل الحياة الحزبية في مصر . كان من الواضح بحسب رؤيته أن دوائر صناعة القرار ، تتجه نحو عمليات فك وتركيب للأحزاب القائمة : فك "القديم" .. وتركيب ل"الجديد" .. على النحو الذي ، يؤدي إلى تركيبة حزبية تتلائم ،والترتيبات التي تجري خلف كواليس النظام لمستقبل مقعد الرئاسة في مرحلة ما بعد الرئيس مبارك . إذ تواترت الروايات عن اتجاه رجال نجل الرئيس لترك "الحزب الوطني" وتأسيس حزب جديد .... ليلعب دور إدارة التأسيس لتك المرحلة .... والدفع ببعض القيادات الليبرالية ليتصدروا منصات النشاط الليبرالي الجديد .. تمهيدا لتأسيس حزب ليبرالي خلفا ل"الوفد" ... وفي الوقت ذاته يجري تحريك قوى يسارية جديدة .. لتجميع فلول اليسار المكسور والمتشظي ... لعمل حزب بديل ل"التجمع" ... وهو ذات السيناريو الذي يجري متزامنا مع تلك الجهود على صعيد أكثر من تيار . من الواضخ أن ثمة منظومة سياسية جديدة يجري تخليقها أو طبخها .. من قبل النظام لتشكل الرحم الذي يستقبل "نطفة التوريث" واحتضانها وحمايتها إلى أن تستوي على سوقها محمية بهذه الاطر السياسة الجديدة والبديلة لما هو قائم التي ادت دورها في ارساء دعائم عهدي السادات ومبارك . عندما نشرت "المصريون" مانشتا عن عزم د. أحمد كمال أبو المجد" عن نيته وبدافع من جهات سيادية عليا ، تأسيس "حزب اسلامي" ليكون بديلا عن الاخوان ولينضم إلى الاطر المخلقة في معامل النظام السياسية لاستقبال نطفة التوريث .. لاحظ صحفيو المصريون .. دهشة كبيرة بلغت حد الصدمة في رد فعل الصديق العزيز والسياسي الواعد المهندس ابو العلا ماضي ، وكيل مؤسسي حزب الوسط ! فالخبر عشية نشره .. بالتأكيد أزعج ماضي .. الذي كان ينتظر رأي المحكمة في حزبه بعد أسبوعين بالكثير من نشر الخبر .. وكانت كل التوقعات تشير إلى أن اعضاء الحزب سيخرجون من المحكمة ليحتفلوا بافتتاح مقر أول حزب اسلامي وسطي ومعتدل . ورغم أن الخبر كان دلالة على أن النظام يتجه نحو احالته إلى "ثلاجة " محكمة الاحزاب .. وأنها بصدد صناعة حزب اخر بديل على عينه ولا يوجع قلبه ومناهدته بشأن التوريث .. غير أن ابو العلا ماضي هذا السياسي النبيل الذي يذكرنا بعبق الزمن الجميل والمحب لبلده والذي ذاق مرارة السجن مثله مثل عشرات الآلاف من المناضلين المصريين .. لم يكن ليتوقع أن يصل النظام إلى هذا الحد من المعاندة .. معاندة الواقع وطبيعة الامور .. والمشي عكس التيار .. وعكس سنن الله .. وتحدي ارادة شعب بحجم وفي وزن شعب مصر الكبير . اعتقد أنه بعد قرار تجميد مشروع "حزب الوسط" أمس ووضعه بجانب أقرانه من الاحزاب المجمدة في ثلاجات حكومة الوطني ... لم يعد ثمة امل في الاصلاح أو التغيير .. وأن على المصريين المقموعين والمنهوبين أن ينتظروا أن يأتي الله بفرج من عنده .. ولا يأمن مكر الله إلا الحمقى و الاغبياء [email protected]