«إذا أمطرت السماء حرية.. رفع العبيد مظلاتهم»!!. أتفهم أن يسعد مريدو وأحباء الرئيس المخلوع حسني مبارك بحكم محكمة جنوبالقاهرة بإخلاء سبيل المتهم «مبارك» بعد نظر التظلم من استمرار حبسه، وشخصيًا لم يعد يعنيني أمر استمرار حبس مبارك أو الإفراج عنه، فأمره الآن بين يدي القضاء، أما ما يعنيني، ويؤلمني، فهو أمر «مصر» بلدي وما يحدث لها وبها على يد فصيل من أبنائها. ولست مهتمًا إن كانت «ساعة» يد «أبوعيلاء» ثمنها يتجاوز 2 مليون جنيه، أو أن «نظارته» الشمسية بألف دولار، وكوافير خاص صبغ شعره ونفذ «ماسكات» شد وتنظيف لوجهه.. ليفعل مبارك بنفسه ما يشاء، ولينفذ فيه القضاء مشيئة الله، فقد قامت ثورة حقيقية، وضحى مصريون بأرواحهم لينتهي عصر فاسد ويبزغ فجر مستقبل جديد لأبنائنا، لا ليأتي أبدًا عصر أكثر فسادًا!! أريحوا أنفسكم، فلن يعود مبارك للحكم، وأيضًا لن يحكم مصر فصيل واحد أطول من ذلك، وقريبًا سيقضي الله أمرًا كان مفعولًا، وسيبين الحق من الباطل، مهما لبس الباطل مسوح الرهبان أو عباءات المشايخ، ووضع «ماسكات» البراءة والطيبة.. وسيزهق الباطل فقد كان دائمًا زهوقًا. لست معنيًا الآن برئيس أمره بين يدي القضاء، ولكني معني ببلد أمره بين يدي الله عز وجل، بلد يتحول أمام أعيننا جميعًا من واحة للأمن والأمان إلى مرتع للبلطجية وصبية الشوارع وأعضاء العصابات. مَعْني ببلد تسلمه الإخوان وبه 36 مليار دولار احتياطيًا نقديًا، تبخر أغلبها، وتحولت إلى الاقتراض و«مد اليد» لكل قادر على العطاء والإحسان، وأصبح من الواجب علينا أن نشكر الأشقاء في «قطر» و«الإمارات» و«تركيا» والسودان، وصندوق النكد الذي ما انصاعت له دولة إلا خربها، وما انحنت لأوامره حكومة إلا أطاح بها شعبها. معني ببلد كانت يده دائمًا هي اليد العليا على الجميع، والشقيقة الكبرى التي يلجأون إلى حكمة وقوة رؤسائها عندما تلم بهم النوائب أو يكشر لهم الأعداء عن أنيابهم، فأصبحنا – للأسف – ننتظر «إحساناتهم»، وبقايا موائد طعامهم، وتحول وزننا السياسي بين الأمم إلى «وزن الريشة»، يمر رؤساء الدول الكبرى ومبعوثوهم على أجوائها دون أن يتوقفوا ليسألوها رأيًا، أو يطلبوا منها تحركًا، أو يستميحوا وساطتها لحل أزمة.. أو حتى يلقوا السلام!! حدث ذلك منذ عهد مبارك؟.. صحيح لا أنكر ذلك، ولهذا سالت دماء الشهداء، لكنه استمر.. وازداد.. فهل سننتظر مزيدًا من الدماء الطاهرة؟! ماذا سيحدث لمصر لو تم سجن مبارك أو حتى إعدامه؟ وماذا سيجري لها لو وجده القضاء غير مذنب في التهم المنسوبة إليه، وأفرج عنه ليقضي ما تبقى له من عمر في شرم الشيخ؟ ما الفرق؟.. فكروا قليلًا بعيدًا عن نزعة الانتقام؛ لماذا نشغل أنفسنا بما يحدث لشخص أمره بين يدي القضاء حتى لو كان مبارك، وننشغل عن بلد ضحى أبناؤه بدمائهم من أجل رفعته، وها هو يهوي أمام أعيننا، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ورياضيًا.. والجميع يقف فوق أرض البلد الجريح متهمًا «الآخر» بالخيانة والعمالة والقبض، ولا أحد يحاول أن يضمد جراح الوطن أو يأخذ بيد مصر لتقف مرة أخرى عروس العرب، وقبلة العالم، وتاج العلاء في مفرق الشرق. ودعكم مما سيحدث لمبارك وغير مبارك فقد ارتضيتم القضاء حكمًا بينه وبين شعبه، فانتظروا حكم القضاء. وركزوا اهتماماتكم ومجهوداتكم وعرقكم وفكركم كله لإنقاذ مصر، وإعادتها إلى المكانة التي تستحق، والمكان الذي نتمنى. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66