طوابير الحرية.. والعزة والكرامة التى شهدتها المحروسة خير دليل على وعى الشعب بأهمية الانتخابات الرئاسية، وثقة الناس فى استحالة تزويرها، ومعرفة المصريين أنه وللمرة الأولى فى تاريخهم أصبح لصوتهم الانتخابى قيمة ومعنى. ما يحدث الآن على أرض مصر هو بحق إنجاز كبير للثورة، وكتابة منيرة لتاريخ بلد لم يعرف من قبل انتخاب رئيس مصرى يحكمه بدستوره وشروطه وقواعده ورقابته. ما يحدث الآن فى بلادى، هو ميلاد لمبدأ جديد يحكم مستقبل مصر، وأسلوب جديد للحياة السياسية لم نعرفه من قبل، ننتخب الرئيس، ونرضى بما يكشف عنه صندوق الانتخاب، وننسى كلمة تزوير، ونشطبها من قاموس الحياة السياسية المصرية، ثم نمنحه الفرصة 4 سنوات كاملة لينفذ ما وعد به فى برنامجه الانتخابى، وهو يعلم أن العيون مفتوحة، والألسن ممدودة، والأقلام مسنونة، والكاميرات جاهزة، والصحف مشرعة، فى انتظار خطأ هنا أو غلطة هناك.. لتجهز على «فخامة» الرئيس!! وطوال سنوات حكم «فخامة» الرئيس لن يكون بمعزل عن النقد المباح، خاصة أن المتوقع ألا يفوز أحد المرشحين بأغلبية كاسحة من طراز %99.999!! لذلك فسيكون الرئيس القادم منتخبًا من أكثر – قليلاً - من نصف المصريين الذين أدلوا بأصواتهم، لذا سيكون «مدعومًا» من هؤلاء فقط، وإن كان بالطبع له علينا «حق الاحترام» كرئيس لمصر حتى لو اختلفنا معه.. الله ما أحلى الديمقراطية! مع إعلان اسم الرئيس الجديد، وبالرغم من حصانة المادة 28 سيئة السمعة، فإن مصر ستكون قد أكملت استقلالها الذى لم يتحقق كاملاً أبدًا، فدائمًا هناك استعمار ما، وحتى عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، كان ينبغى الخضوع للقائد الثورى، ثم لنائب الزعيم – بعد أن تحول الثائر إلى زعيم – ثم انتهى بنا الأمر للقبول 30 عامًا بمن اختاره لنا السادات نائباً له.. حتى تم «خلعه» وإجباره على التخلى، ليصبح اختيار الرئيس المصرى فى يد المصريين لأول مرة فى التاريخ. لذلك يحبس العالم كله أنفاسه فى انتظار من ستأتى به إرادة المصريين، ليعرف العالم كيف سيتعامل مع النظام الجديد، وفى أى اتجاه ستمضى مصر، نعم هذا هو السؤال الذى ينتظره العالم. نعم إلى أين سنذهب؟ خائف أنا؟! لا بل مرتعب، حتى يظهر الحق، ويبين الخيط الأبيض من الأسود، وأعلم كما تعلمون أن خبرتنا – كمصريين – فى لعبة الانتخابات الديمقراطية.. محدودة جدًا، وأن التركيبة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع المصرى ليست نموذجية بعد ما تعرضت له من «عبث» على مدى 60 عامًا، وأعلم كما تعلمون أن من فقدوا مكتسبات منحها لهم نظام «المخلوع» لن يتركوا مكتسباتهم تضيع هكذا ببساطة، وأن القوى الخارجية المستفيدة من «مصر الضعيفة الخانعة» فى عهد «المتخلى»، تتمنى استمرار الوضع على ما هو عليه.. نعم.. كل ذلك صحيح.. ولكن صوت «شهيد» يصدح فى أذنى كلما أغمضت عينى هاتفًا: «ثق بالله قبل كل شىء فهو لا يرضى بضياع دمى هباء، وثق بالله أنه سيحمى مصر حتى من شر «بعض» أبنائها.. فهو من أنزل: {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}.. صدق الله العظيم، وليظل الناس على أرض مصر آمنين بإذن الله إلى يوم الدين. وحفظ الله مصر من كل سوء.. وكفاها شرور الكارهين. [email protected] twitter@hossamfathy66