العاقل عندما يخطئ يتأسف فيخفف تأسفه من وقع خطئه،.. والأحمق عندما يخطئ يتفلسف فيزيد «تفلسفه» خطأه تعقيدًا. ويقول الشيخ الشعراوى – رحمه الله -: لا تجد أبدًا معركة بين حق وحق لأن الحق واحد،.. ولا تطول معركة بين حق وباطل لأن الباطل دائمًا «زهوقًا». لا يمكن لعاقل أن يتصور دولة دون شرطة، تضبط الأمن وتنشر الأمان، كما «تضبط» مخالفى القانون وتسلمهم للنيابة ومن ثم القضاء ليلاقوا جزاءهم، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، وقد طالبت بضرورة دعم جهاز الشرطة لاستعادة الأمن والأمان اللذين بدونهما لا يستقيم أى شىء آخر.. وسمّ من الأشياء ما شئت. لكن عودة الشرطة يجب أن تكون بروح جديدة، ومفاهيم تحترم حقوق الإنسان، أى إنسان، وكم طالبنا بأن يطهر الجهاز الشرطى نفسه من «أدران» و«أوساخ» تراكمت طوال 60 عامًا، ووصلت بنا إلى «الدولة البوليسية» التى كان يحكمها حبيب العادلى، وأمن الدولة، والتى لم يقم فيها وزنًا لكرامة المصريين فى الداخل والخارج، وكانت تجاوزات الشرطة أهم أسباب قيام ثورة 25 يناير، ولا أحد ينسى ما حدث مع خالد سعيد، أيقونة الثورة، وسيد بلال شهيد الإسكندرية، وقبلهما الكثيرون، ولا أحد «يتناسى» مشهد «النقيب محمد» و«أقلامه» على وجه المحتجز المسكين، ولا «عصا» عماد الكبير، وعشرات الفيديوهات للتعذيب داخل أقسام الشرطة، فماذا كان رد الفعل؟ تفتقت عقلية جهابذة حبيب العادلى عن قرار سيادى يقضى فورًا على التعذيب وانتهاك حقوق المصريين داخل الأقسام فكان قرار الداخلية الحاسم والقاطع ب .. «منع دخول التلفونات المحمولة إلى إقسام الشرطة ومديريات الأمن»!! هل اختلف الأمر كثيرًا؟.. بصراحة بعد ما حدث لحمادة صابر، ومحمد الجندى.. لا أعتقد أن الأمر تغير كثيرًا، فبدلًا من منع كاميرات الفضائيات من تصوير التجاوزات، خرج المواطن «شخصيًا» على الفضائيات مكذبًا ما رآه الملايين بأعينهم فى مشهد كوميديا سوداء، ولن أكرر ما قاله فقد «عشنا» جميعًا الموقف، وكفى هذا «الصابر» ما حدث له. ما يعنينى هو معالجة وزارة الداخلية للموقف، والتى بدأت بداية صحيحة بالاعتذار الفورى عما حدث بعد بث الفيلم المصور بدقائق، والإعلان عن إحالة الأمر للنيابة العامة فورًا، إضافة إلى تكليف «إدارة التفتيش» بالتحقيق، وإسناد الملف إلى مساعد الوزير لحقوق الإنسان، والتعهد بالإعلان عما ستسفر عنه التحقيقات فورًا.. إلى هنا والأمر عبارة عن «خطأ فادح وجسيم» تم الاعتراف به، وجارٍ معالجته. المأساة الحقيقية فيما حدث بعد ذلك من تغير «درامى» فى موقف الداخلية التى قال وزيرها بعد الشجب والاستنكار أنه «حدث تجاوز عند «اصطحاب» المواطن إلى سيارة الشرطة»!! .. نعم يا سيدى - اصطحاب؟! وتجاوز؟! - ثم تأكيده أن المواطن برأ الشرطة أمام النيابة؟!.. نعم مرة أخرى؟!.. معالى الوزير.. إذا كان بعض ضباطك وجنودك قد «انتهكوا» آدمية مواطن مصرى، فأنت انتهكت «عقول» 90 مليون مصرى، ولو واصلت الاعتراف بالخطأ والتأكيد على المحاسبة العاجلة للمتسبب فيه، فربما كنت حافظت على احترامك فى عيون المصريين. لن أطيل أكثر فى هذه القضية، فالأيام القادمة كفيلة بمعالجتها وكشف تفاصيلها. وإن كانت واقعة «المسحول» لا يجب أن تطغى على واقعة اختطاف الشاب محمد الجندى، الذى اختطف يوم 28 يناير، وعثر عليه بعد ذلك بمستشفى الهلال الأحمر بين الحياة والموت نتيجة التعذيب الوحشى، وهى نفس العقلية لم تتغير. خلاصة الأمر أن دولة القمع لا يمكن أن يسمح أحد بعودتها، وسلوك الشرطة القديم لن يزيد الناس إلا عنفًا، وكل مصرى وطنى يرفض استخدام العنف بكل صوره ضد أى مصرى، كما يرفض تأكيدًا «مظاهرات» المولوتوف والخرطوش، ويتمنى لو قامت أجهزة المباحث بدورها فى ضبط كل «البلطجية» الذين ألقوا العبوات الحارقة على قصر الاتحادية، والذين تسلقوا أسواره، والذين حاولوا خلع أبوابه والذين اعتدوا على حرمة أى مبنى أو ممتلكات حكومية أو خاصة، وتسليمهم للقضاء لإنزال أقصى عقوبة عليهم، وليتها تصل لحد الحرابة حتى تستريح مصر من أمثالهم بدلا من انشغال أجهزة المباحث بإعداد تقرير بأن «حمادة» كان يصطحب زوجته وابنتيه وابنه، ويحمل 18 زجاجة مولوتوف وجركنى بنزين!! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66