تناقش اللجنة التشريعية بمجلس الشورى خلال اجتماعاتها المقبلة مشروع القانون الذي أحالته الحكومة مؤخرًا إلى المجلس لتعديل بعض مواد قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 والتي أدخلت فيها الحكومة عدة تعديلات جوهرية لمواجهة العديد من ظواهر الانفلات و السلبية التي يعانى منها الشارع عقب أحداث الثورة ويأتي على رأسها تجريم عمليات تمويل ارتكاب الجرائم "الطرف الثالث" والتي تهدف إلى زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى وتشديد العقوبات في جرائم الخطف لتصل إلى السجن المؤبد كذلك تضمنت التعديلات معاقبة من يقوم بالقبض أو احتجاز شخص بدون وجه حق بالسجن الذي قد يصل إلى عقوبة القتل العمد حال موت المختطف، وشددت العقوبة إذا كان مرتكب جريمة القبض أو الاحتجاز موظف عام أو من رجال الضبط. كما جرمت التعديلات دخول المنازل بدون رضاء أصحابها، وأدخل مشروع القانون تعديل جوهري لجريمة التعذيب لتشمل ما يمكن أن يقوم به الموظف العام أو رجل الضبط من سلوك يترتب عليه إحداث إيذاء جسدي أو نفسي لأي إنسان لحمله هو أو غيرة على الاعتراف أو الحصول على أية معلومات أو لمعاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه. ويهدف مشروع القانون طبقًا لما تضمنته المذكرة الإيضاحية المقدمة من وزارة العدل إلى حماية حرية الأشخاص وكرامتهم الإنسانية وحرمة حياتهم الخاصة ولعلاج الظواهر السلبية التي أفرزتها المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورة وما لابسها من ظروف اقتصادية واجتماعية متردية استغلها البعض لتحقيق مصالح غير مشروعة عن طريق تمويل الجرائم بشتى صورها بهدف نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، وقد ساعد على ذلك قصور نصوص العقوبات عن عقاب بعض صور تمويل الجرائم ورؤى لذلك تشديد العقوبات على كل من يطلب لنفسه أو لغيرة أو يقبل أو يأخذ مباشرة أو بالواسطة أو بأي طريقة أخرى أموالا أو منافع من أي نوع كانت لارتكاب أي جناية أو جنحة وذلك لعلاج القصور في القانون في التصدي لمثل تلك الجرائم حيث كان القانون يقتصر على تجريم الأفعال الإرهابية. ونص القانون على معاقبة فاعل تلك الجرائم بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه دون تخير بينهما كما نص القانون على معاقبة كل من أعطى أو عرض أو وعد بتقديم أو تسليم تلك الأموال أو المنافع بقصد وقوع الجريمة المراد ارتكابها أو توسط في ذلك بذات عقوبة الطالب أو القابل أو الأخذ وذلك لتجفيف منابع التمويل والضرب على أيدي العابثين بأمن واستقرار البلاد مستغلين في ذلك حالة العوز والفقر والبطالة السائدة بين قطاع غير قليل من أفراد المجتمع واستحدث القانون حكمًا هامًا يجعل من مجرد اقتراف أي فعل من الأفعال التي يتشكل منها النشاط الإجرامي في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون جريمة تامة قائمة بذاتها حتى لو لم يترتب عليها وقوع الجريمة التي تم التمويل من أجلها وتوفيرًا للحماية الجنائية لأموال الشركات المساهمة والمساواة بينها وبين حماية المال العام فقد تضمن مشروع القانون تعديلاً لإضافة صور أخرى للاعتداء على أموال الشركات المساهمة لتجريمها مثل حصول أي رئيس أو عضو مجلس إدارة لإحدى هذه الشركات أو مديرها أو أي عامل بها على ربح أو منفعة له أو لغيرة عن طريق الإساءة في استعمال سلطات وظيفته بالشركة تحقيقًا لهذا الربح وتضمنت التعديلات تشديد العقوبة عن ارتكاب هذه الأفعال إلى السجن إذا ارتبطت تلك الأفعال بجرائم تزوير أو استعمال محررات مزورة كما تضمن مشروع القانون تعديلاً آخر يهدف إلى حماية حقوق الإنسان من خلال إدخال تعديل على تعريف وتحديد جريمة التعذيب ليتماشى تعريف جريمة التعذيب مع التعريف الوارد لها في اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من صور المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، فقد نص التعديل على أن تشمل جرائم التعذيب ما يمكن أن يقوم به الموظف العام أو رجل الضبط من سلوك يترتب عليه إحداث إيذاء جسدي أو نفسي لأي إنسان بهدف حمله هو أو غيره على الاعتراف أو للحصول منه على أية معلومات أو لمعاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو غيره بسبب التمييز أيًا كان نوعه وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أنه وفقًا لهذا التعديل يكون قد تم الإلمام بأوجه الانتهاكات والممارسات غير الإنسانية التي كانت ترتكب في الماضي وتقع على شخص المتهم أو أحد ذويه دون إمكانية ملاحقة مرتكبها نتيجة قصور النص التجريمي عن الإحاطة بها وهو ما كان ينقص جريمة التعذيب السارية قبل تلك التعديلات وقد رؤى تغليظ العقوبة على مقترف جريمة التعذيب ليعاقب بالسجن المشدد و معاقبة كل من حرض على التعذيب أو سكت عنه رغم قدرته على إيقافه بذات عقوبة الفاعل الأصلي، كما تضمنت التعديلات تقيدا حق القضاة في استعمال الرأفة عند الحكم بالإدانة في جريمة التعذيب بالنص على عدم إجازة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة كما تضمن التعديل تغليظًا لجريمة دخول المنازل بغير رضا أصحابها وأشار مشروع القانون في مذكرته الإيضاحية أن التطبيق العملي لنص المادتين 128و 129 من قانون العقوبات كشف عن عدم التناسب بين الجرائم والعقوبات الواردة بها وعدم كفاية هذه العقوبات في تحقيق الردع كهدف تتوخاه السياسة العقابية ولذلك رؤى جعل الحبس وجوبيا عن جريمة دخول المنازل دون رضاء أصحابها سواء كان مقترف هذه الواقعة موظف أو مستخدم عمومي أو مكلف بخدمة عمومية وذلك اعتمادًا على سلطات وظيفته وكان ذلك دون مراعاة القواعد المقررة لتنظيم دخول المنازل كما تضمن مشروع القانون معاقبة كل من استعمل القسوة مع الناس أو أمر بها اعتمادًا على وظيفته فاخل بشرف المعتدى عليه أو أحدث به آلامًا بدنية بان يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه وتتضمن مشروع القانون معاقبة كل من قبض على إنسان أو حبسة أو حجزه في غير الأحوال التي يصرح بها القانون وذلك بالحبس وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز 30 ألف جنيه وتكون العقوبة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز عشر سنين و بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه إذا قام الجاني بإخفاء مكان المجني عليه وتشدد العقوبة حال ارتكاب الجريمة من قبل موظف عام أو أحد رجال الضبط إذا نتج عن أفعال القبض أو الحبس أو الإخفاء إيذاء بدني أو نفسي بالمجني عليه تكون العقوبة السجن و الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنية ولا تتجاوز 200 ألف جنيه أما إذا أفضى ذلك إلى موت المجني عليه يعاقب الجاني بعقوبة القتل العمد، كما استحدث مشروع القانون مادة جديدة لمعاقبة كل من خطف بالتحايل أو الإكراه إنسانًا بنفسه أو بواسطة غيره بالسجن المؤبد ويحكم على فاعل هذه الجريمة بالإعدام إذا اقترنت بها جناية إتيان المخطوفة بغير رضاها.