إن ما يكتنف المشهد من تداعيات بلغت في تعاظمها مبلغًا خطيرًا لم تكن هذه التداعيات ذات خطر وليدة انفعال طارئ أو رد فعل عفوي وإنها هى مآلات حتمية ونتائج طبيعية لجملة من المؤثرات والمثيرات والمثورات بالإضافة إلى عوامل مساعدة. وعلى رأس هذه المثيرات الإخطبوط الجاثم على قلوب وأفكار هذه الأجيال. أن الإعلام الخائن المأجور المضلل وانفراده بعقول الناس رجالًا ونساءً يسمم أفكارهم ويسقط هيبة الدولة وقيادتها السياسية فى قلوبهم ويؤنبهم ويعبئهم ويجيشهم ضد أمتهم ليحرقوا الأخضر واليابس وليدمروا ما بنوه بأيديهم وعرقهم ودمائهم حتى يقوضوا أركان الدولة ويذهبوا بمقدرات الأمة. ولطالما ناشدنا السيد الرئيس بضرورة إلجام هؤلاء المضللين وقطع ألسنتهم عن التعرض لشخصه بالإهانات التى لم يتعرض لمثلها ولا لبعضها رئيس دولة حتى أسقطوا هيبته من قلوب العامة. وإنما الدولة سلطان وهيبة وسطوة ونظام وقانون وإلزام وأن الخلق تستقيم أحوالهم فى ظل الهيبة التي يرقبونها بأعينهم فإن هي غابت أكل بعضهم بعضًا. لم ندع وسيلة إعلام إلا وأكدنا فيها أن حسم بوادر الفساد قبل أن يستفحل حتم لازم وأن قطع مبادي الشر قبل أن يتعاظم فرض واجب وأن حياطة مقام الرئاسة من الابتذال والامتهان شرط لقيام الدولة وأن غياب هذه الهيبة كفيل بأن ينفرط معه عقد الأمور فب الدولة كافة. لقد استقبل الناس قرارات السيد الرئيس بالاستبشار والفرح لأنهم كانوا يتطلعون إلى رؤية قرارات حاسمة ومواقف وإجراءات قوية لمواجهة أولئك المتلاعبين بالنار والعابثين بمصير الأمة, ولكن عند التمعن فيما أقدم عليه السيد الرئيس من قرارات وإخضاع هذه القرارات للنظر والتمحيص وحكم العواقب نجد أن هذه القرارات التفات إلى الظاهرة مع بقاء أسباب الظاهرة كما هي ذلك لأن التخريب الدائر على مستوى الدولة إن هو إلا ظاهرة للأسباب آنفة الذكر وعلى رأسها الإعلام المضلل الذي قصرت الدولة تقصيرًا بالغًا في حماية الأمة منه. إن فرض حالة الطوارئ لبعض المحافظات لم يزد على كونه مادة جديدة أهديناها إلى الإعلام المأجور الفاجر ليبالغ فى منحنى إهانة الرئيس والتأليب عليه وتثوير الناس ضده ولم يزد على أنه إتاحة لفصل جديد من الحرب التى يشنها هذا الإعلام الذى هو أقوى سلاح تمتلكه الثورة المضادة ذلك أن الكلمة في هذا الزمان أشد وقعًا من السيف فكيف إذا أضفنا إليها التضليل والبهتان بالصوت والصورة. الفريضة الغائبة هنا والواجب المتحتم هو قطع السن هؤلاء وردعهم عن سبيل الغي, هذا إذا أردنا أن نعالج الأسباب. فإذا كان رئيس الدولة لا يتحمل أن يقال إنه يضيق على الإعلام وهو يرى الإعلام يحرق الأخضر واليابس فعليه أن يترك المجال لمن يطيق هذا ويقدر عليه. إن دعوة الجبهة الضالة الآبقة والفئة الباغية المارقة والعصابة الأفاكة المنافقة إن دعوة هؤلاء المجرمين للحوار وهم يحرقون الوطن لهو دليل قاطع على أننا قابلون للابتزاز على نحو مخجل وبرهان ساطع على استعدادنا للترويض حتى على أيدي سفلة مفسدين. إن هذه الدعوة هي مكافأة وتكريم لهؤلاء الخونة على ما قدموه للأمة من التخريب والتحريق والتدمير والترويع والتحريض والأذى, وإنه لدعوة أيضًا إلى غيرهم بأن يصنعوا صنيعهم حتى يكافأوا مثلهم, ماذا ننتظر من حوار مع هؤلاء وأي مصلحة متوخاة للرضوخ للمجاهرين بالسعي لتدمير الأمة؟ نعم لقد قال الشاعر الحكيم ومن لم يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم ولكن هذه المصانعة والمضارعة لا تكون إلا إذا كان يبتغى من ورائها جلب مصلحة أو دفع مفسدة وكلا المعنيان مفقود هنا تمامًا. إن كافة ما يرفعه أعداء الوطن من مطالب وما يبدونه من المآخذ وما يدعونه من التقصير وما يزعمونه من الأسباب لا يبيح بحال نزع يد من طاعة فضلًا عن الخروج عن الرئيس فضلًا عن خطيئة التخريب والتدمير وترويع الأمنيين وتعطيل مصالح الخلق. إن المتعرضين للأملاك العامة أو الخاصة والقاطعين للطرق سواء كانوا من أعداء الدين والوطن أو أصحاب المطامع في السلطة أو من الشباب المتحمس المغرر به المنخدع بزخرف القول هؤلاء جميعًا يشمله حكم الصائل (المعتدى) الذي يصول على الأمة ومقدراتها العامة والخاصة وأن دفع الصائل واجب بكل ممكن وهو مسؤولية رئيس الدولة والمؤسسات القائمة على حماية الأمن فى الدولة.