رجحت مصادر قضائية مطلعة قيام الحكومة بعرض مشروع قانون السلطة القضائية على مجلس إدارة نادي القضاة خلال الأيام القليلة القادمة لإبداء الرأي فيه قبل إحالته إلى مجلس الشعب لإقراره ، رابطة بين تلك الخطوة المرتقبة وتدخل جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم على خط الأزمة. وأوضحت المصادر أن أزمة القضاة مع النظام تمت مناقشتها في لجنة السياسات لبحث الاعتراضات التي أبدتها جموع القضاة على التعديلات التي أدخلها مجلس القضاء الأعلى على مشروع القانون الذي أعده النادي منذ عشر سنوات. وأشارت إلى أن نجل الرئيس يسعى من وراء تدخله في الأزمة التي أثارت لشهور أجواء من الاحتقان بين القضاة والحكومة إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؛ حيث يسعى إلى توسيع رقعة تواجده على الساحة السياسية مستغلاً أزمة القضاة التي تشغل بال الرأي العام في الوقت الراهن، إلى جانب تحسين صورته هو ولجنة السياسات وخلق إيحاء لدي الرأي العام بأنه مؤيد لاستقلال وإصلاح القضاء، وسحب البساط من تحت أقدام الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، الذي تدخل مؤخرًا في الأزمة بهدف حلها. وكشفت عن أن جمال مبارك أيد مطالب القضاة بتحقيق الاستقلال المالي ، وإلغاء مد سنة التقاعد للقضاة الذين بلغوا سن المعاش، مع تخفيف وطأة تدخل الدولة في شئون القضاء، إلا أنه رفض اقتراح انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى ، ودعا للإبقاء علي مبدأ التعيين بالأقدمية كما هو متبع حاليًا. وتوقعت المصادر أن يؤدي ذلك إلى تفجر الأزمة من جديد بين النظام والقضاة؛ خاصة أن مطلب انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى يشكل أهمية قصوى للقضاة ولا يمكن التراجع عنه. وعلمت "المصريون" أن نادي القضاة سيطلب عرض المشروع بصيغته النهائية عليه قبل عرضه على مجلس الشعب، وأنه لن يقبل أي حجج حكومية أو فرض أي نوع من السرية عليه. في المقابل، ينتظر أن تلجأ الحكومة للاعتماد على الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها الحزب الوطني لتمرير مشروعها، وهو ما دعاها إلى أن تحظر مؤخرا على أعضاء الحزب المشاركة في الندوات التي يدعو إليها نادي القضاة لمناقشة بنود المشروع وومحاولة إقناعهم بمطالب القضاة الاستقلالية والإصلاحية. وحسبما أكدت المصادر، فقد لعب أحمد عز أمين التنظيم والمقرب من جمال مبارك دورًا مهمًا في إصدار هذه الأوامر للنواب، وبخاصة بعد أن أبدى عدد منهم تأييده لمطالب نادي القضاة. من جانبه، أكد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أن القضاة ينتظرون بالفعل عرض المشروع عليهم لمناقشته على مائدة حوار تجمع بين القضاة والوزارة، مشيرا إلى أن المستشار محمود أبو الليل وزير العدل تعهد بعرض المشروع على النادي قبل عرضه على مجلس الشعب لإقراره. واعتبر مكي أن هذه التعهدات جادة؛ لأن الحكومة ترغب في عدم التصعيد مع القضاة وتسعى لامتصاص غضبهم خلال المرحلة القادمة، مشيرا إلى أن عرض المشروع ومناقشته على هذا النحو هو مكسب في كل الأحوال للقضاة ، لأنهم سيتمكنون من عرض وجهة نظرهم على الرأي العام بغض النظر عن النتائج. وأكد أن القضاة سيتخذون مواقف تصعيدية إذا ما صدر القانون من مجلس الشعب على غير رغبتهم. من جهته، استبعد المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية تقديم القضاة لأية تنازلات حول مشروع السلطة القضائية الذي قدمه النادي منذ عام 1991م؛ ولاسيما فيما يتعلق بإجراء انتخابات أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وهو المطلب الذي ترفضه الحكومة وتصر على إبقاء نظام تعيين أعضاء المجلس المتبع حاليًا. وأشار الخضيري إلى أن هناك شكوكًا عديدة لدي القضاة من مواقف النظام في ظل حالة عدم الثقة الراهنة ، مشددا على أن تلاعبها في مشروع السلطة القضائية يمكن أن يفجر الأزمة من جديد. ورجح أن يدعو القضاة إلى جمعية عمومية للبحث في صورة المشروع النهائية في حالة تقديمه إلى النادي ، وذلك لاستطلاع رأي القضاة وإدخال التعديلات التي تتوافق مع المشروع الأصلي ، وعدم السماح للحكومة بفرض أمر واقع.