عاد القضاة لتصعيد مواقفهم من جديد ، بعد فترة هدوء استمرت طوال هذا الشهر ، في ضوء تباطؤ الحكومة والمجلس الأعلى للقضاء في إقرار قانون السلطة القضائية الذي أعده نادي القضاة ، حيث حذر قضاة بارزون من أن تجاهل الحكومة لإصدار القانون ، إضافة إلى مماطلة المجلس الأعلى للقضاء في تحديد موقفه من القانون المعرض عليه منذ فترة طويلة ، قد يدفعهم لاتخاذ موقف بعدم الإشراف على الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في نوفمبر القادم ، مشيرين إلى أن القضاة يعتزمون في حال عدم صدور القانون خلال الأيام المقبلة عقد جمعية عمومية طارئة في 21 أكتوبر المقبل لاتخاذ موقف حاسم ، قد يصل إلى حد الاعتصام في مقر نادي القضاة لحين صدور القانون . واتخذ تصعيد القضاة هذه المرة شكلا جديدا ، بتوجيه اتهامات للمجلس الأعلى للقضاء بالمسئولية عن تأخير إصدار قانون السلطة القضائية وإبقائه في أضابير المجلس رغم إدراكه أن موافقته علي القانون تتجاوز جميع الاعتراضات الحكومية وتفرض علي الحكومة عرضه علي البرلمان. وأوضحت مصادر قضائية أن نوادي القضاة تنتظر موقف المجلس الأعلى للقضاء الذي حدد اليوم الأخير من هذا الشهر موعدا لإبداء رأيه في مشروع القانون ، وأنه حدد يوم الحادي والعشرين من أكتوبر القادم لعقد جمعية عمومية بمقر نادي القضاة بالقاهرة لتقييم موقف المجلس الأعلى للقضاء. ولم تستبعد المصادر لجوء القضاة إلي سلاح الاعتصام أو العودة للمطالبة بمقاطعة انتخابات مجلس الشعب القادم إذا لم تتخذ الحكومة موقفاً إيجابياً وتنفذ تعهدات الرئيس مبارك الذي أشار في برنامجه الانتخابي إلي تبني مشروع السلطة القضائية في الفصل التشريعي الأول من عمر مجلس الشعب القادم. ولم يستبعد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أن يطفو على سطح الأحداث التهديد بمقاطعة الإشراف على الانتخابات التشريعية القادمة إذا لم تستجيب الحكومة لمطالب القضاة بالإصلاح وتحقيق استقلالهم وتتوقف عن تجاهل قانون السلطة القضائية ، مشيرا إلى أن القضاة أنفسهم لا يتمنون الوصول إلى هذه المرحلة. وأكد مكي أن مشروع قانون السلطة القضائية مازال حبيس أدراج المجلس الأعلى للقضاء ويمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارا جمهوريا بهذا القانون بدون رأي المجلس لأن رأيه غير ملزم وقد سبق للرئيس مبارك أن أصدر قرارات بقوانين جديدة منها التعديلات الدستورية الأخيرة . واعتبر مكي أن الوضع الحالي لا يبشر بخير ، ولا توجد مؤشرات عن وجود نية لإصدار القانون في القريب العاجل ، مشيرا إلى أنه من ضمن مقترحات القضاة تنظيم اعتصام مفتوح في يوم 21 أكتوبر ما لم تستجب الحكومة لمطالبهم وقد يكون اعتصام في البداية لساعة أو ساعتين والتهديد بتحويله إلى اعتصام مفتوح بعد ذلك . من جهته ، انتقد المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية تراخي المجلس الأعلى للقضاء في اتخاذ موقف جاد من قانون السلطة القضائية وإعطاء الحكومة ذريعة لتأخير عرض القانون على مجلس الشعب في دورة انعقاده القادم. ولم يستبعد الخضيري إمكانية لجوء القضاء إلى الاعتصام أو معاودة التهديد بمقاطعة الانتخابات إذا لم تتخذ الدولة موقفا جادا يلبي طلبات القضاة ، مشددا على أنه إذا لم تجر الانتخابات القادمة بأساليب نزيهة وشفافة فلا اعتقد بإمكانية إقرار البرلمان الجديد لقانون سلطة قضائية متوازن. ونفى الخضيري ، الذي قاد الحملة المطالبة بتعزيز استقلالية القضاء والقضاة ، وجود أي ضغوط حكومية على القضاة لتأخير إصدار التقرير الخاص بتقييم الانتخابات الرئاسية ، لافتا إلى أن اللجنة المشكلة و المناط لها الأمر مازالت تستمع إلى الشهادات وتفحص العديد من التقارير التي وصلت إليها. من جانبه ، أكد المستشار أحمد مكي المستشار بمحكمة النقض ونائب رئيس نادي القضاة عدم تراجع القضاة عن مطالبهم بإقرار وتمرير قانون السلطة القضائية ، مشددا على أن القضاة ينتظرون فقط موقف المجلس الأعلى للقضاء من القانون وفي حالة عدم اتخاذ المجلس موقفا إيجابيا فجميع الخيارات متاحة بدءا من الاعتصام وانتهاء بمقاطعة انتخابات مجلس الشعب. وأضاف مكي أن القضاة سيحددون خياراتهم في الاجتماع الذي تمت الدعوة له بمقر نادي القضاة في يوم 21 أكتوبر القادم. وفيما يتعلق بتقرير القضاة الخاص بالانتخابات الرئاسية ، أوضح مكي أن العديد من منظمات المجتمع المدني لم تصدر تقاريرها النهائية بعد ، وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان ، ومن غير اللائق أن يصدر القضاة تقريرهم قبل إصدار هذه التقارير حيث إن كلمة الفصل النهائية يجب أن تكون صادرة من القضاة محددا نهاية أكتوبر كموعد نهائي لإصدار التقرير الخاص بالنادي. في سياق متصل، وجه المستشار محمود الخضري رئيس نادي قضاة الإسكندرية في رسالة وجهها إلي المستشار فتحي عبد القادر خليفة رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ، انتقادات حادة للمجلس ، مشيرا إلى أنه خالف المادة 62 من قانون السلطة القضائية بتنازله عن حقه في ندب القضاة للقيام بإعمال قضائية أو قانونية غير أعمالهم أو بالإضافة إليها ، حيث ترك سلطات الندب وتحديد قيمة المكافآت التي يستحقها القضاة للإشراف علي الانتخابات الرئاسية إلي لجنة الانتخابات وهو ما يتنافى وسيادة القضاة واستقلاله ، بل يشكل إساءة كبيرة لجميع القضاة سواء من ندب منهم ومن لم يندب ، فضلا عن شمول الندب لقضاة متوفيين وتفاوت المكافأة بحسب اللجنة التي أشرف عليها القاضي . من ناحية أخري ، حددت اللجنة التي يشكلها نادي القضاة للإشراف علي الانتخابات البرلمانية القادمة عدة ضوابط لهذه الانتخابات يأتي علي رأسها تسليم نسخة من الكشوف للمرشحين في نفس يوم ترشيحهم حتى تتحقق العدالة بين المرشحين ، وضمان حق المرشح في اختيار مندوبيه في اللجان الفرعية بشرط أن يكون مقيداً في كشوف اللجنة الفرعية وتوفير حماية للمندوبين وحظر اعتقالهم أو القبض عليهم وإعطاء القضاة الإشراف الكامل خارج وداخل اللجان لمنع تدخل أي جهة لصالح أي مرشح. وتضمنت التعديلات ضرورة إلزام الجهة الإدارية بتنقية الكشوف وتجنب السلبيات التي حدثت أثناء الانتخابات الرئاسية ومنع رؤساء المحاكم الابتدائية والمفتشين من إدارة العملية الانتخابية وقصر ذلك على القضاة الحاليين .