تتجه العلاقة بين القضاة والحكومة إلى حالة من التهدئة إثر تقدم المستشار أحمد مدحت المراغي رئيس محكمة النقض الأسبق بمبادرة وساطة بين نادي القضاة ووزارة العدل ، تستجيب لبعض مطالب القضاة وتؤجل دفع الحكومة بمشروع قانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى. وكشفت المصادر عن أن المراغي تعهد لنادي القضاة بأن يتضمن المشروع الجديد تفعيل دور مجلس القضاء الأعلى في اختيار رؤساء المحاكم، واختيار بعض أعضاء المجلس بالانتخاب ، وإلغاء ندب القضاة للعمل في القطاعات الحكومية، وهي المطالب التي تشكل جزءًا مهمًا من مجمل المطالب التي يصر نادي القضاة على ضمها إلى مشروع السلطة القضائية. وألمحت إلى أن مبادرة المراغي أثارت اختلافات في الرأي بين القضاة حول أساليب التعاطي مع المماطلات الحكومية في إطلاعهم على مشروع قانون السلطة القضائية ، حيث يرى فريق ضرورة التزام التهدئة بعد أن أحال مجلس الوزراء مشروع القانون إلى اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء ، مما يعني أن هناك ميلاً حكوميًا إلى وضع رأي النادي في الاعتبار. واعتبر الفريق الآخر أن قرار مجلس الوزراء بتأجيل طرح مشروع القانون على مجلس الشورى خدعة حكومية جديدة تستهدف إثارة الفتنة بين القضاة، وكسب الوقت قبل طرح المشروع في الأيام الأخيرة من الدورة البرلمانية الحالية ، مستغلة أغلبيتها النيابية لتمرير المشروع. وأشارت المصادر إلى أن الخلافات بين القضاة تدور حول ردود الفعل حيال تصرفات الحكومة، بعد أن طالبت مجموعة من القضاة وخصوصًا الشباب بتحديد أساليب التصعيد مع الحكومة في المرحلة القادمة، بداية من الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات أمام مقر النادي ودار القضاء العالي ، وانتهاء بتعليق الجلسات لمدة معينة واستخدام سلاح الإضراب، بينما تحفظ شيوخ القضاة على هذا الأمر وطالبوا بالانتظار حتى تنجلي الصورة. من جانبه، اعتبر المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض الخلافات مع الحكومة أمرًا طبيعيًا بين كيانين مستقلين، رافضًا بحث اتخاذ خطوات تصعيدية في الفترة الحالية مادام هناك حوار ومساع لتقريب وجهة النظر بين الطرفين . وأشار إلى وقوف العديد من شباب القضاة وراء مساعي التصعيد وتحفظ الشيوخ على ذلك، انتظارًا لتبلور موقف حكومي واضح من القضية، مشددًا على أن الاختلافات في صفوف القضاة تعد أمرًا طبيعيًا ودليل صحة وتفاعل داخل النادي. وأضاف أن مبادرة المستشار المراغي تضمنت العديد من الإيجابيات ، وخصوصًا تعهده بتقديم نسخة كاملة من مشروع قانون السلطة القضائية للنادي ، مطالبًا بالانتظار حتى تقديم هذا المشروع وبعدها يكون لكل حادث حديث. من جهته، قال المستشار أحمد صابر المتحدث الإعلامي لنادي القضاة إن النادي طلب من المستشار المراغي نسخة من مشروع القانون لدراسته ومناقشته مع وزارة العدل وإبلاغها بآراء القضاة فيه. وأرجع المبادرة التي طرحها المراغي وتراجع مجلس الوزراء عن مناقشة مشروع القانون قبل عرضه على النادي إلى رد الفعل القوي الذي أبداه القضاة عبر إرسال خطابات إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ، طالبوا فيها بعدم مناقشته قبل عرضه على القضاة أصحاب الشأن، وكذلك بعد تحديد موعد انعقاد الجمعية العمومية للقضاة بنهاية شهر يونيو الجاري لمناقشة إجراءات تصعيدهم واحتجاجهم ضد إقرار المشروع بهذا الشكل ، لافتًا إلى أن القضاة لن يوافقوا على مشروع قانون ينال من الاستقلال الكامل للقضاة.