أكدت مصادر قضائية مطلعة أن قرار وزير العدل بإحالة اثنين من نواب رئيس محكمة النقض يعدان من ابرز رموز الجناح المطالب باستقلال القضاء إلى مجلس تأديب ليس سوى " قنبلة دخان " لتمرير المحاولات الحكومية المحمومة لتأمين التجديد لاثنين من رؤساء محاكم الاستئناف في منصبهما وهم المستشار أحمد خليفة رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة والمستشار زكا بقطر رئيس محكمة استئناف طنطا ، عضوا مجلس القضاء الأعلى ، بعد بلوغهما سن التقاعد خلال شهر مايو القادم ، وذلك بمد سن تقاعد القضاة إلى 72 عاما ، وهو ما رفضه القضاة بأغلبية ساحقة خلال الجمعية العمومية الأخيرة لنادي القضاة . وأوضحت المصادر أن حرص الحكومة على التجديد لهذين القاضين بالإضافة إلى المستشار فتحي خليفة رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى يعكس رغبتها في استمرار هيمنتها على المجلس وإخضاعه للرغبات الحكومية خصوصا في ظل اشتداد الصراع مع نادي القضاة حيث يعتبر النظام أنه من خلال الهيمنة على المجلس يستطيع سحب البساط من تحت أقدام نادي القضاة والجناح المطالب باستقلال القضاء. وكشفت المصادر أن الحكومة ستدفع أحد نواب الحزب الوطني الحاكم لتقديم اقتراح بمشروع قانون لرفع سن تقاعد القضاة إلى 72 عاما بحجة الاستفادة من خبرة هؤلاء القضاة وأن هناك اطمئنانا كبيرا لدى القضاة المراد مدة الخدمة لهم تجاه نجاح المحاولات الحكومية لدرجة أنهم أرجأوا البت في قرارات حيوية وتم تأجيلها إلى شهر يوليو القادم لتأكدهم من أن التجديد مضمون وأن النظام سيضرب باعتراضات نادي القضاة عرض الحائط. وتوقعت المصادر أن يتسبب هذا الموقف من جانب النظام في إشعال حدة المواجهة بين الحكومة ونادي القضاة خصوصا أن النادي أبلغ السلطات المصرية في أكثر من مرة اعتراضه الشديد على مساعي الحكومة لرفع سن التقاعد للقضاة لدرجة أن النادي رفض عرضا حكوميا بالموافقة على تمرير مشروع السلطة القضائية كما تقدم به النادي إذا وافق النادي على المد للقضاة حتى سن 72 عاما. وعلى صعيد متصل ، أكد المستشار أحمد صابر المتحدث باسم نادي القضاة أن النادي دعا جموع القضاة لاجتماع طارئ مساء اليوم الثلاثاء لمناقشة تداعيات قرار وزير العدل محمود أبو الليل بإحالة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي نواب محكمة النقض إلى التحقيق أمام لجنة الصلاحية تمهيدا لإحالتهما للتقاعد . وقال صابر إن قرار التحقيق مع المستشارين اتخذ لأنهما كشفا عن الانتهاكات التي شابت الانتخابات الأخيرة ، مشيرا إلى أن القضاة مصرون على السير في طريقهم دون تراجع حتى انعقاد اجتماع نادي القضاة في 25 مايو القادم. وأكد المتحدث باسم النادي أن استقلال القضاء حق دستوري للشعب المصري ولا يجوز لأي جهة مهما علا شأنها أن تنقص من هذا الحق. وتعتبر الإحالة إلي مجلس الصلاحية أشد إجراء يمكن أن يتخذ ضد أي قاض، باعتبار أن الإحالة قد تنتهي بإقالة القاضي من منصبه القضائي أو نقله إلي وظيفة غير قضائية، أو رفض طلب الإحالة لأسباب موضوعية وقانونية، ويتكون مجلس الصلاحية من سبعة من شيوخ القضاة برئاسة رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى ، وعضوية أقدم ثلاثة من مستشاري النقض وأقدم ثلاثة من رؤساء الاستئناف . من جانبه ، أكد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أنه لم يتم إخطاره بهذا القرار حتى الآن ولكنه يعتقد أنه تمت إحالته هو والمستشار هشام البسطويسي إلى مجلس التأديب وليس مجلس الصلاحية لأن الأخير لا يجمع بين قاضيين مرة واحدة أما مجلس التأديب يمكن أن يجمع بين القاضيين. وشدد مكي على أن من سلطة وزير العدل أن يطالب النائب العام بإحالة القضاة إلى مجلس التأديب وفي حالة امتناع النائب العام عن إصدار مثل هذا القرار فإن مجلس التأديب يملك من تلقاء نفسه بعد 30 يوم من امتناع النائب العام التحقيق مع القضاة المحالين للتحقيق . ولفت مكي إلى أن هناك إشكالية تواجه قرار الإحالة فيما يتعلق بتكوين مجلس التأديب الذي يتكون من 7 مستشارين ويضم رئيس محكمة النقض كرئيس للمجلس وأقدم ثلاث رؤساء محاكم استئناف وهما رؤساء محاكم القاهرة والإسكندرية وطنطا إضافة إلى 3 مستشارين من محكمة النقض فهناك أربعة قضاة يعتبرون خصوما لنا حيث وصفنا رئيس محكمة النقض ب "القلة المارقة "وكذلك أساء لنا ما يسمى بمجلس رؤساء محاكم الاستئناف فلا يوجد ضمانة للتحقيق معنا بحيادية ومن المفروض أن يتنحى هؤلاء القضاة عن الفصل في هذه المسألة ، مشيرا إلى أن هذا القرار هو محاولة لإسكات القضاة عن مطالبهم الإصلاحية. وأشار مكي إلى أن هناك 3 خيارات أو قرارات يمكن أن تصدر عن المجلس وهي رفض التحقيق لعدم وجود سبب لذلك أو توقيع عقوبة اللوم أو العزل من الوظيفة والأخيرة أشدهم على الإطلاق ولا يستبعد مكي أن يتخذ اجتماع مجلس إدارة نادي القضاة اليوم قرارا بتنظيم اعتصام احتجاجا على هذه القرارات. من جانبه ، أكد المستشار هشام البسطويسي أنه سيحضر وقائع المحكمة لإثبات بطلان الإجراءات المتخذة ضده وزميله ، مؤكدا أن ذلك يثبت أن السلطة القضائية مرهونة لدى السلطة التنفيذية وأنه لا توجد رغبة حقيقة لإصلاح النظام القضائي في مصر واصفا القرار بأنه مذبحة جديدة وأن استدعاءه والمستشار محمود مكي يعتبر مقدمة ستطال أشخاصا آخرين. في سياق متصل ، أعرب مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز عن استيائه من قرار وزير العدل بإحالة المستشارين مكي والبسطويسي إلى مجلس الصلاحية سبب ممارستهما حقهم في الرأي والتعبير والمطالبة باستقلال السلطة القضائية. واعتبر المركز ، في بيان تلقت "المصريون" نسخة منه ، أن الإحالة إلى مجلس الصلاحية أشد إجراء يمكن أن يتخذ ضد القضاة باعتبار أن الإحالة قد تنتهي بإقالة القاضي من منصبه القضائي أو نقله إلى وظيفة غير قضائية أو رفض طلب الإحالة لأسباب موضوعية وقانونية. ورأى المركز أن هذا الإجراء الحكومي يعد من أخطر التصعيدات التي اتخذتها السلطة التنفيذية ضد القضاة الإصلاحيين ، الذين يعبرون عن جموع قضاة مصر في مطالبهم باستقلال القضاء ، مطالبا مجلس القضاء الأعلى بمراعاة مطالب القضاة بشأن التحقيق في أحداث التزوير والاعتداءات على القضاة في الانتخابات البرلمانية 2005 ولمشروعهم لتعديل السلطة القضائية.