قال الدكتور عباس شراقى، الخبير المائى، ورئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الأفريقية، إن إثيوبيا سوف تبدأ فى بناء سدود أخرى عقب انتهاء سد النهضة الذي تقوم بتشييده حاليًا، ومن المحتمل الإعلان عن بناء سد جديد خلال العام القادم. وأشار في تصريحات إلى "المصريون"، إلى أن "تلك المشروعات ليست سرية ولكن موعد العمل فيها هو ما يعد أمرًا سريًا تتخذه إثيوبيا بشكل مفاجئ، وبمخالفة كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تقتضى إعطاء مصر تفاصيل المشروع لدراسته وإقرار ما إذا كان له تأثير سلبى على مصر أم لا، وهو ما انتهكته إثيوبيا دون إعطاء أى اعتبار للجانب المصري". ولفت إلى أن "هناك العديد من الدراسات الأمريكية الأثيوبية التى أجريت عام 1953وتم الانتهاء منها عام 1964 بشأن إقامة 33مشروعًا مائيًا بحوض النيل وإثيوبيا والتى من بينها سد النهضة، وإثيوبيا لديها خطة اقتصادية متعلقة ببناء السدود وأولويات تقوم بها فى ال10 أعوام الحالية والتى من بينها سد النهضة". وذكر أن "هناك عجزًا مائيًا فى مصر، حيث وصل نصيب الفرد من المياه إلى 600 متر مكعب بدلاً من 1000متر مكعب، وأن مصر بدأت فى وضع خطة لاستخدام مياه الصرف الزراعى لرفع نسبة الفرد من المياه إلى 800 متر مكعب". وحذر الخبير المائي من أن "إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى له تأثيرات سلبية على خصوبة التربة وسلامة المحاصيل من الأمراض". وقال إن "مصر قد تعوض ذلك النقص عن طريق استيراد المحاصيل التى تستهلك كميات كبيرة من المياه من خارج مصر، لكن السؤال: هل ظروف مصر الاقتصادية تسمح باستيراد المحاصيل من الخارج، فإن لم تكن مصر قادرة على ذلك فإنها سوف تتعرض إلى العجز المائى والنقص الغذائى وانتشار المجاعات، وهو ما يتوجب بالضرورة البحث عن مصادر دخل لتغطية هذا العجز وتمويل عمليات الاستيراد". وأوضح رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الأفريقية، أن "جهود السيسى الأخيرة فى أوغندا بشأن تعديل اتفاقية عنتيبى أو ضم مصر والسودان للاتفاقية قد باء بالفشل، وإثيوبيا رفضت كافة الاتفاقيات التى عقدت قبل اتفاقية عنتيبي، بحجة أنها عقدت فى عهود الاستعمار، و"بيقولوا إحنا ولاد النهاردة"، ولا يوجد فى اتفاقية عنتيبى أية بنود تجبر أى من دول المنبع عند إقامة مشروعات على نهر النيل بإعلام دول المصب". وأشار إلى أن "سد النهضة له خطر جسيم على حصة مصر من المياه، حيث من المفترض إقامة بحيرة ثابتة طوال الوقت تشغل ثلث الخزان يطلق عليه بال"تخزين الميت"، ويبلغ حجم هذا الخزان من 15 إلى 25 مليار متر مكعب، ومن المعلوم أن حصة مصر تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب، أى أن هذا الخزان يهدد 40% من حصة مصر المائية، وذلك فى حالة ملء الخزان فى مدة سنة أو ثلاثة، كما أن الخوف الأكبر يتمثل فى انخفاض الأمطار". وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى ومدير مركز الدراسات الاقتصادية، إن "مصر فقدت كل أوراقها لمنع الكارثة التى سوف يخلفها سد النهضة على مصر، وذلك بعد التوقيع على وثيقة الخرطوم فى 2015 والتى كان يجب أن تترجم إلى بروتوكولات تنفذ على أرض الواقع، ومراهنة مصر على "الحب بين البلدين"، كما أنها تعد اعترافًا صريحًا بالسد سمح لإثيوبيا بالحصول على تمويل من المؤسسات العالمية". وأضاف صيام ل"المصريون"، أنه "لم يعد أمامنا سوى الشكوى للأمم المتحدة، والتجهيز للكارثة بإعداد مشروعات لتحلية مياه البحار والصرف الصحي، حيث تنقسم خطورة سد النهضة إلى شقين فالخطر الأول يتمثل فى فترة ملء بحيرة السد التى تبلغ سعة تخزينها نحو 74 مليار متر مكعب، فكلما كانت الفترة طويلة وفى حدود 10 سنوات فإن التأثير السلبى يكون أقل مقارنة بثلاث سنوات وهو ما تسعى إليه إثيوبيا، حيث سيتم خصم 25 مليار متر مكعب سنويًا، من أصل حصة مصر التى تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب". وأشار إلى أن "الخطر الثانى يتمثل فى فترة ما بعد ملء الخزان ففى ظل حاجة الفدان الزراعى ل 7000 متر مكعب، فإن منسوب الفيضانات متغير من سنة لأخرى، وهو ما يعنى عدم الاستقرار على نصيب مصر من المياه وبالتالى القضاء على ما يقرب من 4 ملايين فدان من الأراضى الزراعية والتى تمثل نحو 50% من رقعة مصر الزراعية". وأوضح مدير مركز الدراسات الاقتصادية، أنه "بداية من الفيضان القادم سوف تمر مصر بظروف عصيبة خاصة وأنه سيتم بدأ ملء الخزان وحجز المياه لإنتاج الكهرباء، فى ظل تجاهل المسئولين لتلك الحقائق والتكتيم عليها".