حصلت «المصري اليوم» على حيثيات حكم القضاء الإداري، الصادر الأربعاء بإلغاء القرار السلبي لمجلس الوزراء بالامتناع عن وضع حد أدنى لأجور الصحفيين، وهو الحكم الذي يعد آخر أحكام المستشار يحيى دكروري، رئيس محاكم القضاء الإداري، قبل ترقيته لمنصب النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، أول أغسطس المقبل. وقالت المحكمة إن الدستور المصري يقيم البنيان الاجتماعي والاقتصادي على عدد من الأسس والمبادئ التي تتمثل في العدالة الاجتماعية وإقامة التوازن بين الملكية والعمل، فكما كفل الملكية وأوجب حمايتها وصونها، جعل لها وظيفة اجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي دون انحراف أو استغلال أو تعارض مع الخير العام للشعب، كما أعلى الدستور من قيمة العمل، واعتبره حقا واجبا وشرفا، وأوجب على الدولة كفالته، والحفاظ على حقوق العمال بضمان المقابل العادل لأعمالهم وضمان حد أدنى للأجور، وكفل للعاملين نصيبا في إدارة المشروعات وفي أرباحها، ولم ينطلق من فكرة الصراع بين العمال وأصحاب رأس المال، وإنما من فكرة التعاون والتكامل بينهما، بما يحقق خدمة الاقتصاد الوطني وزيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وتحقيق زيادة فرص العمل، كل ذلك بما لا يهدر حقوق العمال أو يخل بها. وأضافت المحكمة أن المواثيق والاتفاقيات الدولية كلفت حق العاملين وعلى قمتهم الصحفيين في الحصول على أجر عادل وضمان حد أدنى للأجور، موضحة أن العمل الصحفي يعتمد على الجهد الذهني والبدني، واختلفت النظريات الاقتصادية حول أسس تحديد الأجر، إلا أن التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهده العالم وانعكس صداه إلى كل الأنظمة الاقتصادية، وامتد أثره إلى الدساتير ومنها الدستور المصري، كشف ضرورة الالتزام بمبدأ عدالة الأجر ومبدأ الحد الأدنى للأجور. وذكرت المحكمة أن المشرع أنشأ المجلس القومي للأجور برئاسة وزير التخطيط، وأسند إليه الاختصاص بوضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة، وبإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى التي حددها المشرع له أو التي يحددها رئيس مجلس الوزراء في قرار تشكيل المجلس، لافتة إلى المشرع نص في قانون العمل على إنشاء مجلس قومي للأجور يختص بوضع الحد الأدنى للأجور، وأن دور الدولة في هذا الشأن إيجابي وليس سلبيا، فلا يجوز لجهة الإدارة أن تترك تحديد أجور العمال لهوى أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون التزام منهم بحد أدنى للأجور، مستغلين حاجة العمال للعمل، وإجبارهم على تقاضي أجور غير عادلة، لا تتناسب مع الأعمال التي يؤدونها، ولا تساير ارتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة. وتابعت المحكمة: «على جهة الإدارة ممثلة في المجلس القومي للأجور أداء الالتزام المنوط بها دستوريا وقانونيا بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم، وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدنى لأجور العمال، فلا يجوز لها أن تتخلى عن واجبها إهمالا أو تواطؤا، وهو ما يوجب على المجلس القومي للأجور المبادرة إلى الالتزام بأحكام الدستور». وأضافت: «لا حجة في القول بأن النصوص الدستورية والتشريعية المشار إليها هي من النصوص التوجيهية التي تستنهض عزم الحكومة على تحديد حد أدنى للأجور مجازاة للدول المتقدمة، لأن من شأن هذا القول إهدار هذه النصوص الآمرة التي تتظاهر على تصميم كل من الدستور والقانون، على إلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور، ضمانا لتحقيق العدالة بين العاملين، ومن ثم فإن عليها أن تهب لتحديد هذا الحد الأدنى وإجراء الدراسات اللازمة في موعد لا يجاوز ثلاث سنوات المنصوص عليها في قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل المجلس القومي للأجور، ضمانا لاستمرار موافقة الأجور للظروف الاقتصادية والاجتماعية، لأن رئيس مجلس الوزراء تنفيذا لمقتضى القانون، قد شكل المجلس القومي للأجور لتحقيق غايتين، الأولى هي الإشراع بوضع حد أدنى للأجور والثانية الاستمرار في الدراسات لإعادة النظر في مدة لا تجاوز ثلاث سنوات».