رئيس الوزراء يهنئ «الرئيس السيسي» بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    الرقابة النووية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الأيزو    الفريق أول محمد زكى: الاهتمام بأساليب التدريب القتالى وفقاً لأحدث النظم العسكرية    توجيهات الرئيس استراتيجية عمل الحكومة| الدولة تواجه ارتفاع الأسعار.. والمواطن يشعر بالتحسن    مصنع لمواسير حديد الزهر ب«اقتصادية القناة»    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    انعقاد جلسة مباحثات ثنائية بين مصر واستونيا    وزير الخارجية الفرنسي: سنطالب بفرض عقوبات جديدة ضد إيران    كاتب صحفي يبرز أهمية زيارة أمير الكويت لمصر    ريال مدريد يهاجم بايرن ميونخ ب«فينيسيوس ورودريجو وبيلينجهام»    الأهلى والزمالك وأفريقيا    الأهلي يتأهل لنهائي كأس مصر للسلة بفوز مثير على الجزيرة    حالة وحيدة تقرب محمد صلاح من الدوري السعودي    السيطر على حريق شب بإحدى «سيارات الإسعاف» المتهالكة بالقاهرة    العثور على جثة طالب ملقاة بالطريق الزراعي في المنيا    بعد أحداث الهرم.. تعليم الجيزة تطالب الشرطة بتأمين المدارس بدورية ثابتة    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    3 أغاني ل حميد الشاعري ضمن أفضل 50 في القرن ال 21    بعد طرح البوستر الرسمي..التفاصيل الكاملة لفيلم«عنب» بطولة آيتن عامر    صبري فواز يقدم حفل ختام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. الليلة    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    نادين لبكي: فخورة باختياري عضو لجنة تحكيم بمهرجان كان السينمائي    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    بعد اعترف الشركة المصنعة له.. هل يسبب لقاح «أسترازينيكا» متلازمة جديدة لمن حصل عليه؟    قبل شم النسيم.. جمال شعبان يحذر هؤلاء من تناول الفسيخ والرنجة    بالفيديو.. خالد الجندي: هناك عرض يومي لأعمال الناس على الله    مفاجأة بأقوال عمال مصنع الفوم المحترق في مدينة بدر.. تفاصيل    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    طرد السفير الألماني من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية    كتائب القسام تفجر جرافة إسرائيلية في بيت حانون ب شمال غزة    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    وزير المالية: مصر قادرة على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قرن شطة» من الخلف
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 12 - 2010

الحكومة تتسلطن والمعارضة تتلكأ والسودان يتفكك، فخلال ما يقرب من ثلاثة أسابيع (بالتحديد يوم 9 يناير) سوف يعلن رسمياً عن تفكيك السودان وقسمته على دولتى الشمال والجنوب، أقول سوف يعلن رسمياً، لأن السودان تحول منذ زمن إلى دولتين ولم يبق سوى أن يعلن ذلك رسمياً، وليس أدل على ذلك من وجود ممثل للجنوب فى مصر قبل عدة سنوات، وقد صرح مؤخراً بأن الانفصال أمر لا مفر منه، وأن حصة مصر فى مياه النيل لن تتأثر بعد الانفصال من طرف حكومة الجنوب، بل سوف يأتيها الخطر من حكومة الشمال، وافتخر بأن مصر كانت من أوائل الدول التى سمحت بإنشاء مكتب تمثيلى لحكومة الجنوب على أرضها، إذن العجلة تدور والأيام تمضى والانفصال قادم، ولن تستطيع مصر أن تفعل شيئاً فى مواجهة ما يحدث، فالحكومة مش فاضية لأنها تسلطن رموزها الآن على كراسى السلطة التشريعية التنفيذية، أما المعارضة فمشغولة هى الأخرى، لأنها مازالت بتقدم رجلاً وتؤخر أخرىا بشأن ما يجب أن تفعله من أجل مواجهة الأوضاع القائمة.
ويبدو أن السودان لا يأتى على بال أحد! ومن يراجع برامج مرشحى الرئاسة فى مصر عام 2005، سوف يجد أنها تكاد تخلو تماماً من أى حديث عن السودان أو تأمين مياه النيل عند الحديث عن سياسة مصر الخارجية، خاصة برامج مرشحى الحزب الوطنى والوفد والغد، والأمر نفسه ينطبق على برامج الأحزاب السياسية المصرية التى تكاد تخلو، إلا فيما ندر، من أى حديث أو تصور عن العلاقات المصرية السودانية، والسبب فى ذلك يرتبط برسوخ فكرة أن الخطر الذى يهدد مصر يأتى دائماً من الشمال (من ناحية إسرائيل) فى العقل السياسى المصرى، وهو كلام صحيح فى ظاهره، لكنه يغض الطرف عن التحركات المبكرة لإسرائيل فى الجنوب، خصوصاً خلال الفترة التى أعقبت توقيع اتفاقية السلام عام 1979، حين بدأت فى التفكير فى أن تأتى مصر من مؤخرتها فى الجنوب وليس من الشمال!.
والحقيقة فإن أسلوب إدارة ملف العلاقات المصرية السودانية يعد مثالاُ نموذجياً على الأسلوب الذى انتهجته الحكومات المصرية المتعاقبة على مدار ثلاثين سنة فى إدارة العديد من الملفات الداخلية والخارجية، وهو أسلوب يعتمد على الإهمال والانتظار حتى تقع البلوى، ثم التعامل معها بسياسة رد الفعل، ثم اقتراح حلول غير عملية فى مواجهة الأزمة، تعكس قدراً من عدم الوعى بأبعادها، ثم التسليم فى النهاية بالأمر الواقع، فقد تم إهمال التحركات الإسرائيلية فى أدغال أفريقيا، حيث تقع الدول التى ينبع منها نهر النيل، ولم يتم الالتفات إلى التحركات الأخطر فى جنوب السودان، ثم فوجئت الحكومة بعد ذلك بتوقيع اتفاقية حوض النيل التى تدعو إلى مراجعة حصة مصر من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، ورغم أن استفتاء الانفصال تم تقريره منذ أكثر من عام فإن الحكومة لم تتحرك للتعامل مع فعالياته إلا خلال الأشهر الأخيرة، مما قلل من تأثير هذه التحركات لأنها اعتمدت على سياسة رد الفعل، وليس أدل على ذلك من اقتراح إقامة دولة كونفيدرالية بين الشمال والجنوب، والذى جاء على لسان وزير خارجيتنا أحمد أبو الغيط، ذلك الاقتراح الذى كان مثار تندر وسخرية الصادق المهدى، رئيس حزب الأمة السودانى.
ومن يتصور أن المسألة سوف تتوقف عند حد تقسيم السودان إلى دولتين واهم، ولنا فى تجربة تقسيم شبه القارة الهندية مثلاً وعبرة، فالأمر لن يتوقف عند ظهور دولة الجنوب السودانى ودولة الشمال، فمن المتوقع أن ينفصل إقليم بدارفورا فى دولة (كما حدث عندما انفصلت بنجلاديش عن باكستان)، ومن المؤكد أن منطقة أبيى هى الأخرى سوف تشكل دولة تشبه إقليم كشمير يتنازع عليها كل من دولتى الجنوب والشمال، خصوصاً أن أبيى منطقة غنية بثروتها البترولية التى يسيل لها لعاب الحكام والحكومات! كما أن هناك خطورة أخرى ترتبط بوقوع السودان الجنوبى على محطة أسبق من الشمالى على خريطة مجرى النيل، وإذا لم يستغل الجنوب هذا التميز فى الموقع من أجل الضغط على مصر لحساب إسرائيل فسوف يستغله بالبداهة فى صراعه مع الشمال السودانى، مما سيكون له بالغ الأثر علينا.
فالحديث عن أن السلام سوف يسود دولتى السودان الشمالى والجنوبى بمجرد الانفصال هو حديث فارغ من أى قيمة أو مضمون، فأطماع الجنوب لن تتوقف بحال، وسوف تمتد من المنطقة البترولية فى أبيى إلى ما بعد أبيى أيضاً، مما يعنى أن الخطر يزحف نحونا!، لذلك لابد أن تسارع مصر- بطريقة أو بأخرى- إلى التنسيق مع دولة الشمال السودانى بهدف الترتيب لإحياء فكرة دولة وادى النيل، ولابد أيضاً من التحرك على أعلى مستوى صوب الدول الأفريقية، التى ينبع منها النيل لتطويق أى خطر يمكن أن يأتى من دولة الجنوب، والعاقل من لا يأخذ بالكلام المعسول الذى يردده مسؤولو الجنوب السودانى حول عدم وجود أى مخاطر تهدد مصر نتيجة الانفصال، وهل تتوقع منهم حكومتنا غير هذا الكلام؟!، فالكلام المورد شىء والواقع المر شىء آخر، وحكومتنا ست العارفين بأمارة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، التى سبقتها تصريحات تؤكد إجراءها فى جو من الشفافية والنزاهة ثم كان ما كان من أمرها.
إن إسرائيل تريد المياه منذ سنين من أجل زراعة صحراء بالنقب، وأخشى ما أخشاه أن اليوم الذى سوف تتدفق فيه مياه نيل مصر إلى إسرائيل لم يعد بعيداً، خصوصاً أن رجال الأعمال لدينا ليس لهم فى مسألة الزراعة أو الفلاحة، بدليل تبوير الأراضى الزراعية وتجريفها من أجل بناء العمارات الشاهقة فوقها، فى الوقت الذى تتحدث فيه الحكومة عن تخضير الصحراء !، تخضير للصحراء إيه فى دولة تجرف الأرض الزراعية؟!، رجال الأعمال فى مصر- وهم جزء من الحكومة- مطالبون بالالتفات إلى الاستثمار فى المجال الزراعى، وكفانا استثماراً فى الاتصالات والعقارات والقرى السياحية والفنادق وأسياخ الحديد! ولنلتفت قليلاً إلى قرن الشطة السودانى، الذى سوف يأتينا من الخلف!.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.