كان تحرير الإعلام هو أحد الأسباب التي قامت لأجلها ثورة 25 يناير، قد نجحت هذه الثورة بالفعل في إلغاء وزارة الإعلام وتحرير الهيئات والمؤسسات التي كانت تابعة لها بعد استجابة وزارة أحمد شفيق لهذا المطلب وتعيين اللواء طارق المهدي مشرفا علي اتحاد الإذاعة والتليفزيون ود. سامي الشريف رئيساً للاتحاد. وقد تمخض عن ذلك فكرة كانت مطروحة من قبل الثورة وهي إلغاء وزارة الإعلام وتحويلها إلي هيئة جديدة للبث المرئي والمسموع تتولي إدارة الهيئات ومؤسسات الإعلام القومي خاصة الإذاعة والتليفزيون. وقد اقترح البعض اعتماد الصيغة الإعلامية المتبع بها في هيئة الإذاعة البريطانية ال «بي بي سي» لتطبيقها في مصر باعتبارها مملوكة للدولة لكنها تحررت من أي رقابة أو تدخل في السياسات التحريرية أو العامة ويشرف عليها أجهزة إعلامية حرة ومستقلة وبعيدة عن التدخل الحكومي. وبالحديث فيما يخص الملكية ستكون هذه الهيئة مستقلة وتابعة لمجلس الوزراء كما في ال «بي بي سي» وبدون أي تدخل أو فرض رقابة حكومية علي السياسات التحريرية أو العامة للهيئة أو القنوات أو الإذاعات التباعة لها، بمعني ان هناك استقلالية تامة بما يتيح لهذه القنوات انتقاد الحكومة وسياسات الدولة وأي سلبيات موجودة في الدولة، وليس هناك خطوط حمراء تضعها الحكومة- اللهم- إلا الخط الخاص بالأمن القومي للدولة وهو يأتي ذاتياً من إدارة الهيئة، إذن العلاقة بين المالك والإدارة هي علاقة دعم فقط لاغير. أما فيما يخص التحويل فمن المتقرح ان تكون هيئة مساهمة يدخل فيها العاملون باتحاد الإذاعة والتليفزيون بأسهم يشترونها، بحيث يتحولوا إلي ملاك مشاركين مع رئاسة الوزراء، أو يكون هناك تمويل من قيمة الاشتراكات في هذه القنوات إذا كنا سنطبق نموذج ال «بي بي سي» الذي يعتمد في تمويله علي اشتراكات المشاهدين في القنوات المشفرة التابعة للهيئة بالإضافة إلي الإعلانات والمواقع الإلكترونية وما شابه. ويذكر ان هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» هي هيئة إعلامية مستقلة مقرها المملكة المتحدة تأسست عام 1927، أما قبل ذلك فكان اسمها شركة الإذاعة البريطانية، وتأسست علي يد مجموعة من الشركات الخاصة. وتضم الهيئة الآن شبكة من القنوات ومؤسسات الإنتاج، وتمتلك إذاعات باللغة الإنجليزية والعربية ولغات أخري، ومواقع إنترنت باسم «بي بي سي أون لاين» ومحطة تلفزة باللغة الإنجليزية منها محطة واحدة موجهة للعالم وتسمي «بي بي سي وورلد»، وأخري موجهة لآسيا وتسمي «بي بي سي أسيا»، كما تمتلك في الوقت الحالي 10 محطات محلية للراديو، أربع منها تتوفر فقط علي شكل بث رقمي. وتتسم سياسة تناول وتقديم الأخبار في هيئة الإذاعة البريطانية بالشفافية والحياد إلي حد بعيد في تناول القضايا العالمية، في أجواء يسودها اختلاف شديد في الآراء والقناعات السياسية ويعود ذلك لحياد بثها كمؤسسة إعلامية وعدم تلقيها أي دعم حكومي لا من الحكومة البريطانية ولا من حكومة أخري بل ان تمويلها الضخم بشبكة قنواتها التليفزيونية الفضائية والمحلية والإذاعات التي تديرها والتي تأتي بشكل مباشر من المواطن البريطاني، ومن خلال الضرائب التي تضعها الدولة. وبتحرر ال «بي بي سي» من أي تبعية مادية من الحكومة البريطانية، فإنها بذلك تتمتع باستقلالية مادية تامة تتيح لها حرية تناول السياسة الإعلامية وفق ما يريده منها المواطن البريطاني، مما يجعلها تحظي بثقة مشاهديها.