قد يتصور البعض أن وزارة الإعلام ما هي إلا مبني ماسبيرو الشهير الرابض علي كورنيش نيل القاهرة، وقد يتخيل البعض أن مبني ماسبيرو ما هو إلا اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأن وزارة الإعلام- بعد قرار إلغائها من الممكن اختزالها في الهيئة المصرية للإذاعة والتليفزيون المزمع إنشاؤها لتحل محل الاتحاد.. الحقيقة أن وزارة الإعلام تمثل 4 هيئات هي اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهيئة الاستعلامات وجهاز المطبوعات والصحافة إلي جانب ديوان عام الوزارة وكل هيئة من هذه الهيئات بها هيكل كامل من الموظفين والمسئولين، هذه الهيئات كلها أصيبت بالشلل بمجرد إعلان قرار إلغاء الوزارة، خاصة بالنسبة للقرارات المتعلقة بموافقة وتوقيع وزير الإعلام عليها والذي ألغي منصبه بإلغاء الوزارة، استثني من كل هذا فقط اتحاد الإذاعة والتليفزيون والذي يضم 45 ألف موظف وقد يكون هذا من أهم أسباب الحرص علي عدم ترك منصب رئيس الاتحاد خاليا لفترة طويلة بعد القبض علي المهندس أسامة الشيخ رئيس الاتحاد وحبسه علي ذمة التحقيق 15 يوما وهذا ما دفع المجلس العسكري لتكليف اللواء طارق مهدي للقيام بتسيير أعمال الاتحاد والذي تولي مهام منصبه يوم السبت الماضي، والذي أكد أنه جاء كمرحلة انتقالية لمدة شهرين بعدها تكون الأمور قد استقرت ويكون مشروع إنشاء الهيئة قد تم عرضه علي مجلس الوزراء ليتم رفعه بعد ذلك إلي مجلس الشعب لإقراره بعد أن تتشكل هيئة برلمانية من خلال الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها خلال الشهور القليلة القادمة والتي لم تتحدد حتي الآن عما إذا كانت قبل انتخابات الرئاسة أم بعدها. قرار تكليف طارق مهدي بتسيير أعمال الاتحاد يعد من القرارات التي اتخذها المجلس العسكري لإنقاذ الموقف، وقد أدار مهدي عجلة العمل منذ اللحظة الأولي التي تولي فيها المسئولية، لدرجة أنه لم يهمه المكان الذي سيباشر من خلاله مهام عمله بعد أن رفض تسيير العمل من مكتب رئيس الاتحاد السابق أسامة الشيخ والذي تم التحفظ عليه لما فيه من أوراق ومستندات مهمة ليتم فحصها أثناء مسيرة التحقيق معه، سمية زغلول رئيس الإدارة المركزية لمكتب رئيس الاتحاد كانت قد اتصلت ب مصطفي الوشاحي رئيس الإدارة المركزية للإعلام بالاتحاد ليخلي مكتبه بالدور التاسع والمجاور لممر رئيس الاتحاد لتخصيصة إلي اللواء طارق مهدي كان ذلك في يوم الخميس السابق لمجيء مهدي لاستلام مهام عمله، وبالفعل أمر الوشاحي أفراد مكتبه بإخلائه وتجهيزه، وفي صباح السبت وعند مجئ مهدي لاستلام مكتب الوشاحي وجد أن المكتب ضيق ولا يتسع للاجتماعات المزمع عقدها مع قيادات الاتحاد وفي النهاية استقر علي قاعة اجتماعات رئاسة الاتحاد التي أمر بتحويلها إلي حجرة مكتب مع الاستعانة بمكتب الوشاحي الذي يجلس عليه لكبر حجمه ولعدم توافر مكاتب بالحجم الكبير وتم وضع مكتب صغير ل وشاحي بدلاً منه وهو أمر لم يزعج الوشاحي الذي يؤمن بأن الذي يريد أن يعمل يبحث عن النتائج ولا يهمه أبداً المظاهر. مهدي الذي وضع خطة عمل لبحث مشاكل وقضايا وأطروحات العاملين في جميع قطاعات الاتحاد بدأها فور مجيئه حيث عقد اجتماعا مع قيادات الاتحاد لبحث أهم اسباب الخلل المالي والإداري والذي أدي إلي كل هذا الفساد، وهو الدور الذي جاء من أجله لتهدئة الناس وكشف الفساد ونقل وجهات النظر للمجلس العسكري الذي يمثله في الاتحاد البرنامج الذي وضعه مهدي لمناقشة العاملين بالاتحاد ومعرفة مشاكلهم تم تحديده بأسبوعين من 1 مارس وحتي 16 مارس وكانت كما يلي: الثلاثاء 1 مارس مع قطاع التليفزيون بقناتيه الأولي والثانية، الأربعاء كان مشغولاً ومرتبطاً بمهمة مع المجلس العسكري خارج ماسبيرو، الخميس مع قطاع الهندسة الإذاعية، السبت مع قطاع المتخصصة، الأحد مع قطاع الإذاعة، الاثنين مع الأمانة العامة للاتحاد، الثلاثاء مع العاملين برئاسة الاتحاد، الأربعاء مع قطاع الإنتاج، الخميس مع مجلة الإذاعة والتليفزيون، السبت مع قطاع القنوات الإقليمية، الأحد مع قطاع الأخبار وقناة النيل الدولية وقناة النيل للأخبار، الاثنين مع قطاع الأمن، الثلاثاء مع القناة الفضائية المصرية، الأربعاء 16 مارس مع القطاع الاقتصادي علي أن تعقد كل هذه الاجتماعات بقاعة المدرج بمبني س بالدور التاسع بماسبيرو. مهمة مهدي هي مهمة صعبة لدرجة أنه انزعج بشدة من أول يوم تولي فيه المسئولية بسبب كم الفساد الذي انكشف أمامه بداخل المبني والذي وصله من خلال كم الشكاوي عن طريق العقيد محمد لبيب مدير مكتبه والزي استلمها من أصحابها لعرضها علي اللواء طارق المهدي والذي رفض مقابلة أي شخص مؤكداً أن لقاءاته بالناس ستكون من خلال الاجتماعات المجمعة التي سيعقدها لكل قطاع ولن يقابل أي أحد علي حدة وإلا سيحتاج إلي 48 ساعة في اليوم لتكفي كل هذه المقابلات دي لو كفت علي حد تعبيره الغريب أن طارق المهدي بمجرد أن اطلع علي أدلة الفساد من مستندات وميزانيات بالملايين اندهش للغاية من كل هذه الأموال المهدرة والتي خرجت ممن لا يملك وذهبت لمن لا يستحق، وهو الأمر الذي دفعة لإصدار أوامره لإدارة الكسب غير المشروع بالاتحاد لتتبع خيوط الفساد والكشف عن كل فاسد وتقديمه للمحاسبة، وعلي ذكر الكسب غير المشروع رابضت إدارة الكسب غير المشروع بالاتحاد بمكتب هالة حشيش رئيس قطاع القنوات المتخصصة يوم الخميس الماضي في انتظار الكشف عن مستندات سمير يوسف المنتج المنفذ لمعظم برامج القطاع الرياضي والتي وصلت المبالغ التي حصل عليها من خزينة الاتحاد أكثر من 72 مليون جنيه وهو بالمناسبة زوج مني الشاذلي مذيعة برنامج العاشرة مساء بقناة دريم المهمة التي يتولي مسئوليتها اللواء طارق المهدي ثقيلة ولذلك أشيع أنه يوم الأربعاء الماضي وقع مغشيا عليه من شدة الإجهاد وتم نقله إلي المستشفي، وهي شائعة نفت نفسها بنفسها عندما اجتمع في اليوم التالي «الخميس» بقطاع الهندسة الإذاعية رغم ظهوره في حالة إرهاق نتيجة عناء العمل المتواصل الذي يصل إلي 81 ساعة يوميا، خاصة «المناهدة» مع أكثر من 4 آلاف - هم قوة كل قطاع - يوميا، ويبدو أن المجلس العسكري أشفق عليه من تحمل المسئولية وحده، سواء المسئولية الانضباطية للاتحاد أو المسئولية الإدارية، خاصة في ظل الظروف العصيبة الآنية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري رأي المجلس العسكري الأعلي الحاكم أنه من الصعب أن تظل شئون الإعلام بهيئاته الأخري متوقفة دون تسيير في ظل غياب من يقوم باختصاص الوزير لحين تأسيس كيانات شرعية تحل محل الوزارة، خاصة أن هيئة الاستعلامات التابعة لوزارة الإعلام تعاني من مشاكل عديدة، وبالتحديد فيما يتعلق بالملحقيات الإعلامية في سفاراتنا بالخارج، وخاصة فيمن قربت مدة خدمته علي الانتهاء - 4 سنوات - مما يحتاج إلي قرارات إما بالمد أو بانتهاء المدة وترشيح البديل، وهي قرارات لا يجوز أن يوقع عليها سوي الوزير المختص أو من يحل محله، أو ينوب عنه. وهو ما يترتب عليه في حالة عدم ترشيح البديل غلق مكاتبنا وملحقياتنا الإعلامية في كثير من الدول التي ستنتهي مدة خدمة ملحقينا الإعلاميين بها، أما بالنسبة لديوان عام الوزارة فلا توجد صلاحيات للواء «طارق مهدي» أو تفويض باختصاصات الوزير المختص بالإعلام، وهو ما يعني أنه لا يستطيع التوقيع علي قرارات السفر الخاصة بالعاملين، ولا يجوز البت في قرارات الترقي أو اختيار الوظائف القيادية من الدرجة الممتازة وهي لجنة كان يرأسها قانونا وزير الإعلام وبعضوية المهندس أسامة الشيخ - رئيس الاتحاد السابق - واللواء سامي سعيد - وكيل أول وزارة الإعلام - ود. ثروت مكي - أمين الأمانة العامة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون- والسفير إسماعيل خيرت - رئيس هيئة الاستعلامات، وهذه اللجنة فقدت صلاحياتها بخروج اثنين منها هما وزير الإعلام لاستقالته أولا ثم إلغاء الوزارة ثانيا، ورئيس الاتحاد بسبب عزله من منصبه للقبض عليه والتحقيق معه هو ووزير الإعلام السابق بسبب تهم الفساد وإهدار المال العام المنسوبة إليهما، ولا يجوز أن ينضم إلي هذه اللجنة أو يرأسها اللواء طارق مهدي لأنه قانونا يحمل صفة مشرف علي الاتحاد وليس رئيسا له وليست له صلاحيات رئيس الاتحاد ولا صلاحيات الوزير المختص، كذلك لا يمكنه تصريف أمور الإعلانات المباشرة الخاصة بالوزارة التي كان «أنس الفقي» قد أمر بنشرها في الجرائد القومية، ولا يوجد الآن من يقوم بتسديد مبالغها، لدرجة أنه من الممكن أن تعتبر هذه المبالغ ديونا معدومة لفك الكيان المتعاقد بشأنها وهو وزارة الإعلام، كذلك وزير الإعلام كان مسئولا بوجه عام عن الإشراف علي محتوي القنوات الفضائية الخاصة ومحاسبة أي قناة تخرج عن المألوف أو تخدش الحياء أو تشوه صورة الآخرين وتسيء لهم مثلما حدث مع أحمد شوبير عندما تم اتخاذ قرار بإيقاف برامجه وعدم الظهور علي قناة «الحياة» تنفيذا لحكم المحكمة بسبب تشويه صورة المستشار مرتضي منصور والإساءة إليه، كذلك لفت نظر «مدحت شلبي» عندما ألقي نكتة «جنسية» أثناء برنامجه «مساء الأنوار»، علي قناة مودرن سبورت، أيضا أي قناة تقوم بتغيير المحتوي الخاص بها، الذي حصلت به علي ترخيصها، يوجه إليها إنذار واثنان وفي الإنذار الثالث يتم إغلاقها مؤقتا لحين توفيق الأوضاع ولو استمرت يتم إغلاقها نهائيا، ويتم إرسال خطاب موجه من وزير الإعلام إلي وزير الاستثمار المسئول عن المنطقة الحرة التي تتبعها القنوات الفضائية والمسئولة عن تراخيص بثها لاتخاذ إجراءات الإيقاف المسموح بها قانونا. يأتي بعد ذلك «جهاز المطبوعات والصحافة» وهو أحد الأجهزة التابعة لوزارة الإعلام - التي تم إلغاؤها - وهو الجهاز المنوط بمنح تراخيص الصحف الأجنبية وطبعها في مصر عن طريق المؤسسات الصحفية القومية من خلال مطابعها في المنطقة الحرة، وتحديدا في السادس من أكتوبر، كذلك يقوم الجهاز بدور إشرافي وليس دورا رقابيا من خلال فحص المطبوعات الواردة إلينا عن طريق المندوبين التابعين للجهاز والموجودين عبر المنافذ المختلفة سواء البرية أو البحرية أو الجوية لطمس أو حذف أو نزع أي مواد منشورة تسيء للوطن أو تهاجمه أو تعمل علي زعزعة أمن مصر، أما بالنسبة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون فعلي الرغم من تكليف اللواء طارق مهدي بالإشراف عليه إلا أنه لا يجوز له اتخاذ أي إجراءات تخص الشركات السبع التي يسهم فيها الاتحاد لعدم وجود صلاحيات تفوضه لذلك، وهي الصلاحيات التي كانت مخولة إلي وزير الإعلام مباشرة، وهذه الشركات هي صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات بنسبة 100%، إلي جانب 6 شركات استثمارية تتراوح نسبة المساهمة فيها من 25% - 51%، وهي الشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات» ومدينة الإنتاج الإعلامي وشركة CNE وقناة المحور وشركة النيل لشبكة الاتصالات NCN وشركة الأنظمة الرقمية للإعلام DMS وهي شركات مساهمة تدار وفقا للقانون 8 لحوافز الاستثمار باستثناء شركة «صوت القاهرة» فتدار بقانون القطاع العام، من هنا لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار عند تأسيس الهيئة القومية أو الهيئة المصرية للإذاعة والتليفزيون أو الهيئة القومية للإعلام أو الجهاز القومي للإعلام - أو الهيئة العامة لشئون الإعلام - حسب المسمي الذي يتم الاستقرار عليه بعد موافقة مجلس الشعب - أن تتولي هذه الهيئة أو يتولي هذا الجهاز الاختصاصات التي كان يقوم بها وزير الإعلام، وأن تخدم الهيئة أو يخدم الجهاز جميع قطاعات وزارة الإعلام الملغاة، وهي هيئة الاستعلامات وجهاز المطبوعات والصحافة، إلي جانب اتحاد الإذاعة والتليفزيون وديوان الوزارة الذي سيتحول إلي رئاسة الهيئة أو رئاسة الجهاز. يبدو أنه في إطار المرحلة الانتقالية الحرجة والحرص علي عدم تعطيل شئون الإعلام بعد إلغاء الوزارة، اتخذ المجلس العسكري الأعلي الحاكم خطوة جيدة بتعيين د. سامي الشريف وكيل كلية الإعلام - جامعة القاهرة رئيسا لمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وقد صدر القرار يوم الخميس الماضي ونص علي ما يلي: «تعيين د. محمد سامي ربيع الشريف رئيسا لمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون ويكون له اختصاصات الوزير المختص بالإعلام، فيما يختص بجميع الأجهزة والقطاعات والهيئات التابعة لوزارة الإعلام سابقا». والله الموفق والمستعان. رئيس المجلس العسكري الأعلي الحاكم هذا القرار يتيح الفرصة لتسيير جميع الأمور التي أصيبت بالشلل في جميع هيئات وزارة الإعلام الملغاة، ويعيد إليها الحياة مرة أخري خاصة في الأمور المصيرية التي تحتاج إلي قرارات سريعة، وهذا القرار لن يلغي وجود اللواء طارق مهدي الذي جاء من أجل توفير الانضباط في ماسبيرو إلي جانب كشف الفساد وتهدئة العاملين في التليفزيون ونقل مطالبهم إلي الجهة السيادية العليا، الآن لن يحتاج الأمر سوي لتنسيق عام وتعاون بين اللواء طارق مهدي ود. سامي الشريف لتسيير شئون الإعلام علي أكمل وجه لإعادة الوجه المشرق للإعلام المصري بجميع هيئاته.